تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مخالفة الأصحاب للإمام أحمد –رحمه الله-

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي مخالفة الأصحاب للإمام أحمد –رحمه الله-

    مخالفة الأصحاب للإمام أحمد –رحمه الله-

    يقف الناظر في كتب الأصحاب على عبارات تتضمن وصف علماء أو كتب بمخالفة الأمام –رحمه الله-, وقد تكون مثل هذه العبارات ذات تأثير في التفقه, لما تتضمن من إشكالات حتى تبلغ بالطالب الشك في ما تقرر في كتب الأصحاب, وهذا بطبيعة الحال يحتاج إلى إجابة من خلال تفسير الكلام الوارد وبيان ما صح من معانيه وما هو مردود, وفي بداية الكلام لا بد من تقرير مسألة مهمة وهي علاقة الكتاب بالعلم وتطوره, فهو مما تعرف به المراحل التي مرّ بها العلم ويكشف عن المناهج المؤسسة له, بل الكتاب صورة من صور سند العلم التي يعتمد عليها, وقد اتخذ العلماء طرقا متعددة لتوثيق الكتب حيث كانت تنقل من أصحابها بطرق السماع المتعددة مع توثيق ذلك بما لا يعرف في أمة سبقت, وكان يجاز بها الطلاب, فينقلونها ويعملون بها.
    مثلت نصوص الوحيين أساس التفقه والأصل الذي ينطلق منه الفقيه, ومن هنا ازدهرت العناية بهما في وقت مبكر, وقد ظهر هذا في صور متعددة من ذلك, التفسير وبيان الغريب, واستنباط الأحكام وبيان المعاني, وقد اتسع هذا الأمر مع توسع البلاد الإسلامية واحتياج الناس, حتى انتشرت النصوص وعمل الناس بها, فتنوعت اجتهاداتهم التي تعبر عن صحيح النظر, فنشأت المدارس العلمية في عهد الصحابة ثم في عهد التابعين ثم في عهد الأئمة أصحاب المذاهب المتبوعة, ولما استقر الأمر وتفقهت الناس على طريقة المذاهب وبدا لكل مذهب علماؤه الذين ينقلونه ويهذبونه ويخرّجون عليه, فوضعت الكتب التي تعبر عن كل مذهب, وتناقلها الناس واعتمدوا عليها جيلا بعد جيل, فلا يحصى كم حافظ لها وشارح ومختصر ومهذب, وقد تميزت كل طبقة من طبقات المذهب بوجود علماء تمثل أقوالهم صحيح المذهب وكتبهم أصح الكتب وإليها المرجع في معرفة الصحيح من الأقوال, فإذا تقرر هذا علمنا أن سبيل التعامل مع كتب المذهب هو قبولها والرجوع إلى ما تقرر فيها على ما سيأتي بيانه, وأما بخصوص ما ورد عن بعض أهل العلم فقد جاء عن بعض الأئمة أقوال مشكلة قد يفهم منها نقد لبعض الكتب المهمة في المذهب بما يكون من شأنه التقليل من قيمتها أو ترك الرجوع إليها, من ذلك ما ورد عن الإمام ابن القيم –رحمه الله- قوله :" وَإِنَّمَا الْمُتَأَخِّرُو نَ يَتَصَرَّفُونَ فِي نُصُوصِ الْأَئِمَّةِ، وَيَبْنُونَهَا عَلَى مَا لَمْ يَخْطِرْ لِأَصْحَابِهَا بِبَالٍ، وَلَا جَرَى لَهُمْ فِي مَقَالٍ، وَيَتَنَاقَلُهُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، ثُمَّ يَلْزَمُهُمْ مِنْ طَرْدِهِ لَوَازِمُ لَا يَقُولُ بِهَا الْأَئِمَّةُ "( الطرق الحكمية ص194).
    ما ذكره الإمام جاء في سياق مسألة فقهية تتعلق بالقيافة, حيث حقق الخلاف فيها, من ذلك هل القائف حاكم أو شاهد ؟ وهل هو شاهد أم مجرد مخبر ؟ وهل يلزم في الشهادة أن يأتي بلفظها أم مجرد الإخبار يكفي ؟ وبعيدا عن الخلاف في المسألة, إلا أن المراد بيان سياق الكلام للوصول إلى معناه, حيث يعود إلى مسألة تحرير مراد الأئمة من كلامهم, كما يتعلق بتخريج الفروع على الفروع أو تخريجها على الأصول, وهذه المسألة من المسائل الاجتهادية التي يختلف الناس فيها, فما من مذهب من المذاهب إلا وحصل فيه خلاف بين أصحاب إمامه, وقد وضع العلماء قواعد للتعامل مع هذا النوع من الخلاف, وفي بيان هذه المسألة يقول الدكتور عبد الله التركي –حفظه الله- :" في عصر أحمد –رحمه الله- لم تكن المصطلحات التي وضعها المتأخرون للأحكام الخمسة مستعملة من قبل الجميع, بل كانوا يستعملون الألفاظ حسب مدلولها اللغوي من جهة, أو ما ورد به الشرع, وكان الإمام أحمد –رحمه الله- أكثر ما يستعمل في فتاواه الألفاظ والأساليب التي يستعملها الرسول صلى الله عليه وسلم, أو صحابته من بعده.
    ولما جاء أصحابه من بعده ليجددوا رأيه ومذهبه, لم يكن أمامهم سوى تلك الفتاوى والروايات والأقوال, فأخذوا في البحث فيها وفيما تدل عليه, ولجأوا إلى استعمال الألفاظ في اللغة أحيانا, ومدلولها الشرعي أحيانا أخرى, أو ما يقتضيه العرف والعادة, أو تتبعوا القرائن, فإن لها دورا كبيرا في تحديد مفهوم الكلام, كما أنهم يفسرون الأحاديث إذا تعددت بعضها ببعض, ويحملون بعضها على بعض إذا وجد له محمل, وألفاظ الإمام –رحمه الله- منها ما هو صريح واضح, ومنها ما يحتمل أكثر من معنى "( أصول مذهب الإمام أحمد ص799), ثم ذكر الدكتور –حفظه الله- جملة من القواعد وطرائق الأصحاب في التعامل مع أنواع الألفاظ الواردة عن الإمام أحمد –رحمه الله- وبناء على ما يصدر عن هذه المسألة من خلاف يكون كذلك الخلاف في التخريج على المسائل الواردة عليها, وبالعودة إلى كلام ابن القيم -رحمه الله- فهو يصف ما وقع فيه المتأخرون من أخطاء, على أن كلامه لا يخرج عن دائرة الاجتهاد, خصوصا أن الاتفاق على أصل المسألة حاصل والنقل فيها ثابت عن الإمام, وإنما النقاش في مسألة النسبة للإمام, فهذه الأقوال تصح نسبتها للمذهب, وأما للإمام فلا تصح النسبة له على الصحيح من أقوال العلماء, يقول ابن تيمية –رحمه الله- :" ... أَنَّ جَمِيعَ الْمَذَاهِبِ فِيهَا أَقْوَالٌ قَالَهَا بَعْضُ أَهْلِهَا لَيْسَتْ قَوْلًا لِصَاحِبِ الْمَذْهَبِ وَفِيهَا جَمِيعِهَا مَا هُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْأَرْبَعَةِ وَهُمْ يَحْكُونَ ذَلِكَ قَوْلًا فِي الْمَذْهَبِ وَلَا يَحْكُمُونَ بِبُطْلَانِهِ إلَّا بِالْحُجَّةِ؛ لَا سِيَّمَا إذَا خَرَجَ عَلَى أُصُولِ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ وَبَيَّنَ مِنْ نُصُوصِهِمْ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُهُ أَتْبَاعُهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ "( الفتاوى 27\304), ومع هذا تبقى هذه المسائل قليلة لا تؤثر على نسبة مسائل المذهب إلى المذهب, وأما عن السبب الذي أوجب مثل هذا من ابن القيم –رحمه الله- فقد أوضحته في مقالي " موقف العلماء المجتهدين من المذاهب الفقهية " فهذا المسلك هو مسلك الشيخ تقي الدين بن تيمية -رحمه الله-.
    ومما ورد في هذا الباب –كذلك- كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- حيث قال :" أكثر ما في المنتهى والإقناع مخالف لمذهب أحمد ونصه فضلا عن نص رسول الله صلى الله عليه وسلم, يعرف ذلك من عرفه "( حاشية ابن قاسم ص18).
    ما ذكره الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- يأتي في سياق قريب لما ذكره ابن القيم –رحمه الله- إلا أن هذا الكلام أكثر إشكالات لتعلقه ببعض كتب المذهب بل في أفضلها عند الطبقة الثالثة من طبقات المذهب وهي طبقة المتأخرين, وهنا أحب أن أنبه على أن هذه الطبقة لا تكاد تستقل في مسألة من مسائل التصحيح المذهبي, وإنما يظهر أثرها في الاختيار والترجيح, والمعلوم عند كل دارس أن هذه الطبقة تبدأ بفقيه المذهب علاء الدين المرداوي –رحمه الله- صاحب كتاب " الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف " الذي هو درة كتب المذهب, وعليه المعول في تحرير الأحكام في المذهب كما سيأتي تقريره, وبالعودة إلى كلام الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- لا بد من تحرير أصل مهم في هذا الباب, وهو أن الأصل في كتب المذهب السلامة و صحة المعلومة والنسبة, ولا يعدل عن هذا إلا بدليل واضح, وفي تقرير هذه المسألة يقول الدكتور بكر أبو زيد –رحمه الله- :" ... إن الأصل في الفطرة هو السلامة، والانحراف طارئ عليها وان الأصل في البدن هو الصحة، والمرض عارض له، فكذلك الأصل في العلوم الصحة وفي الكتب الثبوت والسلامة من الغلط والوهم والخطأ والسهو والسقط وعبور النظر وغيرها من الأمور العارضة . ..
    ثم قال : وهنا اقتصر فيما يتعلق بالغلط على مذهب الإمام أحمد على ما يأتي :
    لا تغلط فتجعل الأصل في كتاب من كتب المذهب هو الغلط بل الأصل هو الصحة والسلامة من جهة نسبته إلى مؤلفه وسلامة مسائله وقضاياه من التحريف والتصحيف وصحة نسبة ما فيه إلى المذهب رواية أو تخريجا .
    والغلط عارض يعرفه البصير ويقف عليه الخبير بالرجوع إلى الأصول وكتب تصحيح المذهب ، لا سيما الحواشي "( المدخل إلى فقه الإمام أحمد 1\121), وهذا الأصل هو المعتمد لدى أهل العلم, وهو من الطرق الصحيحة في الوقوف على المذهب بأصوله وفروعه, يقول الشيخ تقي الدين بن تيمية –رحمه الله- :" وَهَذَا مِثْلُ غَالِبِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ مِثْلِ الْقُدُورِيِّ وَالتَّنْبِيهِ وَالْخِرَقِيِّ وَالْجَلَّابِ، غَالِبُ مَا فِيهَا إِذَا قِيلَ: ذَكَرَهُ فُلَانٌ، عُلِمَ أَنَّهُ مَذْهَبُ ذَلِكَ الْإِمَامِ، وَقَدْ نَقَلَ ذَلِكَ سَائِرُ أَصْحَابِهِ، وَهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ يَنْقُلُونَ مَذْهَبَهُ بِالتَّوَاتُرِ.
    وَهَذِهِ الْكُتُبُ فِيهَا مَسَائِلُ انْفَرَدَ بِهَا بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَفِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَهُمْ، لَكِنْ غَالِبًا هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ "( منهاج السنة 7\217), فهذا أصل معمول به في كل مذهب, بل في كل فن من الفنون العلم, وقد وضح الشيخ تقي الدين –رحمه الله- تعدد أنواع الفقه المودعة في كتب المذاهب, من جهة النسبة للمذهب من جهة الاعتبار بها, كما بين أن المذهب يعرف بالرجوع إلى هذه الكتب وما كان في معناها, وهذا يقودنا للنظر في الكتب التي وردت في كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- وهما كتابا :" منتهى الإرادات " و " الإقناع ", والوقوف على هذين الكتابين يذهب بنا إلى أصلهما على النحو الآتي :
    يمثل توارد العلماء في علم من العلوم على كتاب معين قيمة تعود عليه بالصحة وترتفع بمنزلته, كما تدل على جودة مسائله, وهذا بدوره يجعل من الكتاب مقصدا للشرح والاختصار والتضمين والتهذيب, وقد تعود مكانة الكتاب لمنزلة مؤلفه؛ كأن يكون إماما من أئمة المذهب, أو يكون في طبقة عليها المعول في بيان المذهب وتحريره, وقد تبوأت مجموعة من الكتب منزلة عالية حيث دارت عليها علوم المذهب واشتغل بها الأصحاب, من هذه الكتب : كتاب " منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التصحيح وزيادات ", وهو كتاب عظيم القدر, قال فيه ابن بدران :" هو كتاب مشهور, عمدة المتأخرين في المذهب, وعليه الفتوى فيما بينهم "( المدخل ص439), ويقول ابن النجار في بيان سبب تأليفه له :" ...إلا أنه –أي التنقيح- غير مستغن عن أصله الذي هو المقنع؛ لأن ما قطع به في المقنع أو صححه أو قدمه أو ذكر أنه المذهب, وكان موافقا للصحيح, ومفهومه مخالفا لمنطوقه, لم يتعرض له التنقيح غالبا "( مقدمة ابن النجار), ولتوضيح هذا الأمر أكثر نذكر ما يتعلق بكتاب " المقنع " للموفق بن قدامة, وقد قال في مقدمته :" اجتهدت في جمعه وترتيبه, وإيجازه وتقريبه, وسطا بين القصير والطويل, وجامعا لأكثر الأحكام عرية عن الدليل والتعليل "( مقدمة المقنع), وقال ابن بدران :" ثم ألف المقنع لمن ارتقى عن درجتهم ولم يصل إلى درجة المتوسطين, فلذلك جعله عريا عن الدليل والتعليل , غير أنه يذكر الروايات عن الإمام؛ ليجعل لقارئه مجالا إلى كدِّ ذهنه؛ ليتمرن على التصحيح "( المدخل ص434), وقد مثلت شهرة كتاب المقنع بابا دخل منه كثير من الأصحاب حيث اعتنوا بالكتاب عناية فائقة, ومن أجلِّ ما كتب حول الكتاب, كتاب " الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ", فقد جعل المرداوي –رحمه الله- من كتابه هذا تصحيحا للمذهب, حيث جمع شتات مسائله, وقيد مطلقه, وضبط مهمله, وصحح الروايات وبين الراجح منها, حتى أصبح الكتاب مرجعا مهما في معرفة المذهب , ثمّ جرّد هذا السفر العظيم في مصنف سماه :" التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع " وهو كتاب جليل القدر لا يماثله كتاب, وقد قال المرداوي في بيان منزلة كتابه :" وهو في الحقيقة تصحيح وتنقيح وتهذيب لكل ما في معناه, بل وتصحيح لغالب ما في المطولات ولا سيما في التتمات, وهذه طريقة لم أر لأحد ممن يتكلم على التصحيح سلكها, وإنما يصححون الخلاف المطلق من الروايات والأوجه والاحتمالات فقط, ففاتهم شيء كثير جدا مع مسيس الحاجة إليه أكثر مما فعلوه "( مقدمة التنقيح ص31).
    وأما كتاب " الإقناع " فهو لا يقل منزلة عن كتاب " منتهى الإرادات " وقد قال فيه ابن بدران :" مجلد ضخم, كثير الفوائد, جم المنافع, للعلامة المحقق موسى بن أحمد بن موسى الحجاوي المقدسي, بقية المجتهدين والمعول عليه في مذهب أحمد في الديار الشامية "( المدخل ص442), وقد ذكر الدكتور بكر أبو زيد –رحمه الله- في كتابه " المدخل " جملة من مزايا كتاب " الإقناع ", وفي بيان فضله ومنزلته, قال ابن العماد –رحمه الله- :" لم يؤلف أحد مؤلفا مثله في تحرير النقول, وكثرة المسائل "( الشذرات 8\327, نقلا عن المدخل), وأما عن أصل الكتاب, فقد قال ابن بدران –رحمه الله – عند كلامه على كتاب " المستوعِب " للسامري :" وقد حذا حذوه الشيخ موسى الحجاوي في كتابه :" الإقناع لطالب الانتفاع " وجعله مادة كتابه, وإن لم يذكر ذلك في خطبته ولكن عند تأمل الكتابين يتبين ذلك –رحمهما الله تعالى –"( ص430), وقال :" وكذلك الشيخ موسى الحجاوي ألف كتابه " الإقناع " وحذا به حذو صاحب " المستوعب " بل أخذ معظم كتابه منه, ومن " المحرر", و " الفروع", و " المقنع" وجعله على قول واحد "( ص434), وهذه المؤلفات من أجل ما كتب في المذهب وأصحابها من كبار الأئمة والفقهاء, فإذا تقرر هذا وتبين لنا منزلة أصول الكتابين – المنتهى والإقناع – علمنا أنهما من أجلّ الكتب, و مما يضاف إلى ما تقدم أن الأصحاب لهم جهد كبير في نقد كتب المذهب ورواياته, من ذلك قول الحافظ ابن رجب –رحمه الله- عن كتاب الرعاية الكبرى : " وفيها نُقُول كثيرة جدا، لكنها غَيْر محررة"(ذيل طبقات الحنابلة 4\266), وقد امتلأت كتب التراجم بوصف الرواة عن الإمام أحمد بما يعين على تميز رواياتهم ومعرفة مراتبهم.
    ما تقدم لا يعني بحال غياب هذا القدر من المعلومة عن الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله-, وإنما محاولة للوقوف على سياقات الاستشكال الوارد في كلامه, وعليه فقد بقيت لنا باقية من كلام الشيخ –رحمه الله- أبينها على النحو الآتي :
    من نظر في كتب الأصحاب ومنهم المتأخرون وجد أن الفقه فيها على أنواع :
    منها: ما هو منقول بنصه عن الإمام أحمد رحمه الله, وهذا يقتصر دور الأصحاب على تصحيحه من جهة النقل, وبيان مراتبه الحكمية, والاستنباط منه, والتخريج عليه، وهذا ليس للمتأخرين فيه كثير عمل على اعتبار الحقبة الزمنية, إلا ما يكون من اختيار أحدهم، وأكثر ما يشار إليه هنا الخطأ في مرتبة حكمية مثل ما ورد عن الإمام من ألفاظ تنص على كراهته لأشياء ومراده التحريم, فحملها المتأخرون على الكراهة بمعنى النهي غير الجازم.
    ومنها : ما هي تخريجات للأصحاب على مختلف الأطوار الفقهية التي مر بها علماء المذهب، وهذه لها مقاييسها التي تعرف من خلالها صحتها، وهذه كذلك ليس للمتأخرين فيها تفرد.
    ومنها : ما هو من اجتهادات الأصحاب على غير أصول المذهب إلا أنها لم تتميز وهذه هي محل النظر ولعل كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب يتنزل على هذا القسم، وأما تلك الأقسام فلا يسوغ إطلاق الخطأ عليها من حيث العموم، على أن كلامي هنا متعلق بالإطلاق الوارد في كلام الشيخ، وأما في بعض المسائل فلا ينكر وقوع خطأ فيها .
    إذن, هذه محاولة للوقوف على الاستشكال الوارد في كلام اثنين من أئمة المذهب, حيث حرصت على توجيه الكلام بما يتوافق وحقيقة المذهب ومنهجه وما تقرر عند الأصحاب.

    كتبه:
    د. عصر محمد النصر

    صفحة الدكتور على الفيسبوك:

    www.facebook.com/asur.naser
    صفحته على تويتر:
    http://twitter.com/ibnmajjah77

    __________________
    صفحتي على الفيس بوك
    صفحتي على تويتر

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •