قال عروة لابن عباس : ألا تتقي الله ترخص في المتعة ؟! فقال ابن عباس : سل أمك يا عُرَيَّةُ، فقال عروة : أما أبو بكر وعمر فلم يفعلا، فقال ابن عباس: والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله، أحدثكم عن رسول الله، وتحدثونا عن ابي بكر وعمر، فقال عروة: لهما أعلم بسنة رسول الله ، وأتبع لها منك.


علق الخطيب البغدادي في: (الفقيه والمتفقه): (1/378) على كلام عروة بن الزبير : قلتُ: قد كان أبو بكر وعمرُ على ما وصفهما به عروة إلا أنه لا ينبغي أن يُقَلَّدَ أحدٌ في ترك ما ثبتت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم).

وعلق الذهبي في: (السير): (15/243) في إيجاد العذر لعروة بن الزبير: (قُلْتُ : مَا قصد عُرْوَة مُعَارَضَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمَا ، بَلْ رَأَى أَنَّهُمَا مَا نهيَا عَنِ المُتْعَة إِلاَّ وَقَدِ اطّلَعَا عَلَى نَاسِخ).


قلت ولا ناسخ: والظاهر أن أبا بكر وعمر رضى الله عنهما كانا ينهيان عن العمرة فى الحج بقصد التمتع، لا لأن ذلك حرام لا يجوز فعله، بل لأن الأكمل أن يأتى بالعمرة فى غير أشهر الحج لتكون عمرة مستقلة يتحمل مشقتها فيكون ثوابها أعظم، ويؤيد ذلك ما ثبت عند الأمام أحمد، عن سالم بن عبد الله بن عمر قال كان ابن عمر يفتى بالذى أنزل الله عز وجل من الرخصة بالتمتع وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فيقول ناس لابن عمر: (كيف تخالف أباك وقد نهى عن ذلك)؟
فيقول لهم عبد الله ويلكم ألا تتقون الله، إن كان عمر نهى عن ذلك فيبتغى فيه الخير، يلتمس به تمام العمرة، فلم تحرّمون ذلك وقد أحله الله وعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفرسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبعوا أم سنة عمر؟
إن عمر لم يقل لكم إن العمرة فى أشهر الحج حرام؛ ولكنه قال أتمُّ العمرة أن تفردها من أشهر الحج).

يريد عروة أن صحبتهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم أقدم من صحبته فهما أعلم به منه، وليس بلازم فانه قد يصادف الصغير فى الزمن القصير ما لم يصادف الكبير فى الزمن الطويل، والله أعلم.