قال العلامة المعلمي في كتابه يسر العقيدة الإسلامية ص 23

اعلم أن للمتفلسفة وأتباعهم وأشياعهم أسلحة بها يصولون، وبها اضطروا أكثر الناس إلى تقليدهم، حتى كثيرًا من أكابر العلماء، فلنكشف لك عن حقيقتها بعون الله.

السلاح الأول: دعوى أوائلهم تصريحًا وكثيرٍ [الأصل: كثيرًا] ممن بعدهم تعريضًا أنهم غير متقيدين بهوى ولا دين وإنما غرضهم الحق من حيث هو.

السلاح الثاني: براعتهم في الطبيعيات والرياضيات، فيتوهم الإنسان أنهم كما فاقوا في ذلك وأدركوا حقائق لا ريب فيها، وأبانوا عن لطف نظر ودقة إدراك، فكذلك ينبغي أن يكونوا في الإلهيات. وإذا تمكن هذا الأمر من نفسه صار يأخذ أقوالهم في الإلهيات قضايا مسلّمة, كما يفعل مثل ذلك في أقوالهم في الطبيعيات والرياضيات.

السلاح الثالث: استدلالهم في الإلهيات بقضايا طبيعية أو رياضية، وأكثر الناظرين لا يتقن الطبيعيات والرياضيات ولا يتنبّه للمغالطات فيها، فيضطر إلى أخذ قضاياها مسلّمة، أو قل: إلى أن يقلدهم فيها، ويجرّه ذلك إلى أن يقلدهم فيما زعموا من الدلالة.
السلاح الرابع: تهويلهم في شأن المنطق، وأنه لا يوثق بعلم من لا يعرفه ولا يفهمه ولا يعقله.

السلاح الخامس: أنهم يقررون قضايا خاصة كإبطال الدور وإبطال التسلسل وما يسمونه برهان التطبيق وغير ذلك، فمنها ما هو باطل في نفسه ولكنهم يدعون أنه برهان قطعي وأنه بديهي ويكثرون من إيراد الشُّبه عليه, فيكثر أن يوافقهم الناظر عليه ثم يحتجون به في مسائل أخرى، ومنها ما هو حق في نفسه في أمر خاصّ يمثلون به عند الاحتجاج على حقيقة تلك القضية في مواضع غير ما هي حق فيه, فيأخذها الناظر على أنها برهان قد سبق منه أن أدرك بنظره أنه حق ولا يتنبه للفرق.

السلاح السادس: البراعة في وضع الأسماء، فيختارون للمعاني التي يريدون إثباتها أسماء مقبولة، وللتي يريدون نفيها أسماء منفّرة، وكذلك يسمون أنفسهم بأسماء =مقبولة ومخالفيهم بأسماء مكروهة.
السلاح السابع: تعريفهم بعض الأشياء تعريفات أوسع من مفهوماتها اللغوية أو أضيق، وبذلك تسهل لهم المغالطة في تلك الأسماء.

السلاح الثامن: أنهم يقدمون بيان أغلاط الحسّ والقياس والوهم، ثم يعمدون إلى ما يريدون تقسيمه من الأمور التي يرى الإنسان أنها ضرورية فيدّعون أنها وهمية أي من جملة الأغلاط. وإلى ما يريدون إثباته فيحتجون بالضرورة ولا يتعرضون لاحتمال الغلط، فإذا أُجيبوا بمثل جوابهم فيما نفوه قالوا (الأصل: قالوه): هذه سفسطة أو مكابرة.
السلاح التاسع: تدقيق الكلام وتكثير الأقسام وحشد الشبهات على ما قال أوحد الزمان "فقالوا لهم إن هذه ... " المعتبر ج 3 ص 34.

السلاح العاشر: قد علموا أن أعزّ شيء على المتدينين دينهم، فيأتونهم من طريقه فيقولون لهم: لو صحّ ما تقولونه لزم أن يكون الخالق محدثًا، أو أن يكون معدومًا، أو نحو ذلك من الأوصاف المنافية للدين. هذا من أنفذ أسلحتهم، فإن المتديّن إذا سمع مثل هذا اضطرب ومُلئ رُعبًا ونفرت نفسه عن ذلك القول. وربما تمتنع من تدقيق النظر خوفًا أن يجرها ذلك إلى الكفر.

السلاح الحادي عشر: زعمهم أن الكلام لا يمكن أن يعلم منه قطعًا أن المتكلم أراد كذا.
السلاح الثاني عشر: سعيهم في تفخيم شأن متبوعيهم ومن يوافقهم، وتعظيم كتبهم، واطلاق الألقاب الضخمة عليهم.