هذه المسألة يسميها بعض الفقهاء : إذا طرأ المانع بعد دخول وقت الصلاة وقبل أن يصلي .
كما لو طرأ جنون أو إغماء أو حيض أو نفاس بعد دخول وقت الصلاة ، فهل يجب قضاء تلك الصلاة بعد ارتفاع المانع ، أي بعد أن يفيق المجنون والمغمى عليه ، وتطهر الحائض والنفساء ؟
والذي يعنينا هنا الحيض والنفاس .
اختلف العلماء في ذلك إلى ستة أقوال :
الأول : لا يجب عليها مطلقا ، سواء حاضت في أول الوقت أو آخره ، وهذا مذهب الحنفية (1)، وهو مذهب ابن حزم (2) وغيره .
الثاني : إن كان الباقي من الوقت يسع ركعة وجب قضاء تلك الصلاة ، وهو مذهب المالكية ، ولهم تفاصيل في المسألة (3) .
الثالث : إن أدركت من الوقت قدرا يسع تلك اصلاة ، وجب القضاء ، وإن كان الذي أدركته من الوقت لا يسع تلك الصلاة فلا يجب عليها القضاء . وهو مذهب الشافعية (4).
الرابع : إن أدركت من الوقت مقدار ركعة كاملة ، وجب القضاء وإلا فلا ، وهو مذهب بعض الشافعية (5).
الخامس : إن دكت من الوقت قدر تكبيرة الإحرام ثم حاضت ، وجب عليها القضاء ، وهو المشهور من مذهب الحنابلة (6) .
السادس : إن كان الباقي من الوقت حين حاضت مقدار ما يمكنها أن تصلي فيه فليس عليها قضاء تلك الصلاة ، وإن كان دون ذلك فعليها القضاء وهو اختيار زفر من الحنفية (7)، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية (8) رحمه الله .
حيث قال رحمه الله في الاختيارات :
ومَنْ دخل عليه الوقت ثم طرأ مانع من جنون أو حيض: لا قضاء إلا أن يتضايق الوقت عن فعلها ثم يوجد المانع وهو قول مالك وزفر رواه زفر عن أبي حنيفة.اهــ
والراجح بأن هذا يحدث لنساء الصحابة ولو كان يجب على المرأة القضاء لأمرها النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو أمرها لنقل ، فلما لم ينقل علم أن القضاء ليس بواجب.
واستدل بحديث أبي هريرة مرفوعا : "ذَرُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ ، فَإِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِم ْ عَلَى أَنْبِيَائِهِم ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ ... اهــ
وهو عند البخاري أيضا .
واستدل به البيهقي رحمه الله على مسألتنا هذا ، وهذا ذهاب منه إلى أنه لا يرى وجوب القضاء على الحائض إذا حاضت في وقت الصلاة ، وهو القول الراجح ، والله أعلم .
--------------------
(1) المبسوط للسرخسي 2 / 14 - 15 ، وشرح فتح القدير 1 / 171.
(2) المحلى 2 / 175.
(3) منح الجليل 1 / 189 ، وحاشية الدسوقي 1 / 185 ، ومواهب الجليل 1 / 411 .
(4) المجموع 3 / 71 ، ومغني المحتاج 1 / 132 .
(5) المصدران السابقان .
(6) الكافي 1 / 98 ، والفروع 1 / 306 ، والإنصاف 1 / 312 .
(7) لمبسوط 2 م 14 - 15 .
(8) الاختيارات ص 53.