((( المصاحبة برهان )))
كان كثير من الصحابة رضوان الله عليهم يعرفون بالسورة التي يحفظونها ويصاحبونها، وقد نادى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يوم حنين فقال: ((يا أصحاب سورة البقرة))، رواه العلامة أحمد شاكر في عمدة التفسير.
وهذه المصاحبة لها مظاهر منها: مداومة قراءتها وحفظها عن ظهر قلب، وحب سيرتها وعلمها، والعمل بما تحث عليه من أعمال، ومنها كذلك حب قربها وحب مناجاة الله بها.
وهذه المصاحبة قد يعقبها هجران، فمن حفظ يحسن به ألا يهجر أكثر من أسبوع، فإن كان وقته لا يسمح فيتوقف عن حفظ الجديد، بل عليه أن يتعهد حفظة القديم أولى، وأوفى، وأبرك.
ومن مظاهر الهجران أن يهجر تفسيرها فيحسن به كل سنة أن يعاود ويقرأ في تفسيرها، وهو من مدارسة العلم، فإن العلم آفته النسيان.
ومن مظاهر الهجران أن يهجر العمل ببعض ما تحث عليه السورة، بعد أن علم، وعمل.
أما التدبر ومنجاة الله بالسورة والخشوع وكون جلدك يقشعر عند قراءتها، فبعد طول المصاحبة سيأتي بإذن الله، وقد يتأخر سنوات وسنوات، فإن أحسست بشيء من ذلك فهذا برهان على صدق حبك للسورة، فالزمها تنل منازلها في الآخرة، فهو عطاء الله يعطيه من يشاء.