السلام عليكم ورحمة الله

مقال فيه عبرة لمن يعتبر...

دكتور يرعى الغنم

كتبه الأستاذ محمد الهادي الحسني الجزائري وفقه الله
منقول

علمتنا تجارب الحياة أن الجاهلين لأهل العلم أعداء، لما يجدون في أنفسهم من حسد على أولئك العلماء على ما آتاهم الله من فضله، والله يؤتي فضله من يشاء من عباده.

وإذا خدمت الظروف أولئك الجاهلين، وقُدّر لهم أن ينالوا شيئا من السلطة تجسد حسدهم على أهل العلم تعسفا وبغيا وبطشا بأولئك العلماء، لأن خستهم تنحط بهم رغم علو مناصبهم، لأنه يستيقنون أن "علوّهم" اصطناعي، وعلو العلماء طبيعي، وهو تكريم من الله –عز وجل- الذي يقول: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات".

لقد ابتلي الشعب الليبي الشقيق في آخر ستينات القرن الماضي بمجموعة من الشبان بضاعتهم من العلم مزجاة، ونصيبهم من الأخلاق والحكمة أخف من الهباء..وأسلموا أنفسهم لكل مُحرم من الأعمال.. فعاثوا في ليبيا فسادا..وبرز من بينهم واحد تخلّص من أكثرهم..وتفرعن لما تمكن ..وغرّه المتملقون من داخل ليبيا ومن خارجها.. فصفقوا له، وأسبغوا عليه من الأوصاف والألقاب ما لم ينله حاكم من قبله..فهو قائد، ثائر، مفكر، زعيم، ملك ملوك إفريقيا وهو الذي ثار على ملك واحد.. ومن عبثه واستهتاره أن منح ابنته رتبة "جنرال" التي لم ينلها هو نفسه.. كما فعل فرعون في مصر فمنح مطربا رتبة جنرال!!!

رأى الليبيون تلك المنكرات فحاولوا تغييرها، فمنهم من حاول تغييرها بالقوة فكان جزاؤه الموت، ومنهم من حاول تغييرها بالقول فعذّب عذابا نكرا..

من هؤلاء الذين توسلوا إلى تغيير المنكر باللسان الدكتور عمرو بن خليفة النامي، الذي نال بجده واجتهاده شهادة الدكتوراه في جامعة كامبريدج في بريطانيا..

وما أن رجع إلى بلده مملوءا بالأمل والإصرار على العمل للإسهام في بناء ليبيا حت تلقفه طاغية ليبيا الجاهل فزجّ به في السجون والمعتقلات.. ثم بدا للـ "فرعون" – الذي من معانيه "التمساح" – أن ينفيه من ليبيا .. حيث عاش بضع سنين غريبا عن أهله ووطنه.. ولما لم يستطع صبرا على ذلك عاد إلى الوطن، فاشترى قطيعا من الغنم يقتات منه ويَعُول من هم في كفالته.

ولكن الطاغية لم يهدأ له بال وهو يرى الدكتور"مرتاحا" لعمله، بعيدا عن النفاق والتملق، فسلّط زبانيته على الدكتور عمرو بن خليفة، فاعتقل مع من اعتقل من أحرار ليبيا لتخلو له ولأولاده الفاسدين المفسدين، الذين جعلوا ليبيا "مزرعة" خاصة.. فبذروا –كالشياطين- أموالها، وأهانوا رجالها، ودنّسوا شرف حرائرها..(انظر بعض المخازي في كتاب: رجال حول القذافي، لعبد الرحمن شلقم).

وقد ترك الدكتور النامي علما نافعا ينتفع شباب الأمة الإسلامية.. ولحد الآن لا يعرف مصير النامي.. فرحمه الله، ورحم كل الشرفاء.. وأذّل كل طاغية جهول..

ومن أجمل ما قال النامي:
إنا شمخنا على الطاغوت في شمم *** نحن الرجال وهم، يا أم، أشباه

راجع تفاصيل حياة الدكتور النامي في كتاب "محنة نفوسة" للدكتور محمد موسى بابا عمي.

*****
الله المستعان
والحمد لله ربّ العالمين