تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: ليس كل لحوم العلماء مسمومة بقلم عصام بن مسعود الخزرجي الانصاري

  1. #1

    افتراضي ليس كل لحوم العلماء مسمومة بقلم عصام بن مسعود الخزرجي الانصاري

    ليس كل لحوم العلماء مسمومة

    مقولة : "لحوم العلماء مسمومة "
    هذه العبارة من كلام بعض أهل العلم، وهو كلام حق, فإن تعظيم العلماء الربانيين من تعظيم شعائر الله تعالى, والمتعرض لتنقصهم والزراية عليهم متعرض لخطر عظيم .
    وإن تعظيم العلماء غير الربانيين ليس من تعظيم شعائر الله تعالى, والمتعرض لتنقصهم والزراية عليهم والنكاية بهم وكشفه حقيقتهم وفضحهم من النصح في الدين والذود عنه .

    جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب.

    ونقل النووي رحمه الله في "التبيان في آداب حملة القرآن" عن أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله أنهما قالا: إن لم يكن العلماء أولياء الله، فليس لله ولي.
    وقال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر رحمه الله: اعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته، أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، فإن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب، ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب، "فليحذر الذي يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم".

    العلم أعلى درجات الشرف والعلماء أعلى رتبة في الناس :

    و رَفَع الله منازل علماء الشريعة، وجعل لهم القدر الرفيع في الدُّنيا والآخرة؛ ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]

    العلم هو خشية الله تعالى :

    قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]

    فالخشية من العلماء لله خوفٌ مقرونٌ بمعرفة، وعلى قَدرِ العلم الحقيقي والمعرفة الحقَّة يكون الخوف والخشية؛ فلذا كان أكمله خشيةً لله النَّبِي؛ قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ أَتقاكُم وأعْلَمَكُم باللَّه أنا))؛ رواه البخاري من حديث عائشة .

    ، وأخبر الله تعالى أنَّ كلَّ من يخشى الله فهو عالِمٌ؛ فالعلم الحقيقي هو الخشية يقول ربنا تعالى: ﴿ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9]

    تحريف العلم و انحراف العلماء :

    انحراف علماء أهل الكتاب مثلا عن انحراف أهل العلم ، فلم يَكُن العلم الذي معهم مانعًا للكثير منهم من الانحراف عن الصِّراط المستقيم؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ ﴾ [التوبة: 34]

    مثل العالم المنحرف كمثل الحمار :

    بل وصف ربُّنا عزَّ وجلَّ العلماء المنحرفين من اهل الكتاب وضربهم مثلا بوصْفٍ مُنفِّر؛ ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الجمعة: 5]

    العلم علمان :

    علم ممدوح يورث العمل الصالح .
    وعلم مذموم يورث العمل الضال .

    فلذا استعاذ منه النَّبيُّ؛ فعن زيد بن أرقم، كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول: ((اللَّهم إنِّي أعوذُ بك من عِلْم لا ينفعُ، ومن قَلب لا يَخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها)) . رواه مُسلم.

    تحريف العلم هو الضلال المبين وإساءة ظن بالله يستحق الذم في الدنيا والعذاب في الآخرة :

    من ضلَّ من عُلماء هذه الأمَّة هم من أوَّل النَّاس عذابًا يوم القيامة؛ ففي حديث أبي هريرة في أوَّل الناس يُقضى - يوم القيامة - عليه: ((رجُلٌ تعلَّم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتى به فعَرَّفه نِعَمه فعَرفها؛ قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلَّمت العلم وعلَّمته، وقرأت فيك القرآن؛ قال: كَذَبْتَ، ولكنَّك تعلَّمت العلم؛ ليُقال: عالم، وقرأت القرآن؛ ليقال: هو قارئ؛ فقد قيل، ثمَّ أمر به فسُحب على وجهه حتَّى ألقي في النَّار))؛ رواه مسلم (1905)

    العلماء قسمان :

    الأول : علماء ربانيون وبعضهم سماهم بعلماء مِلَّةْ ، و هؤلاء لحومهم مسمومة ، و هم قليل أما مقتولون أو مسجونون أو منفيون .
    وصفتهم لا تأخذهم في الله لومة لائم يؤمنون بالله ويكفرون بالطاعوت ، ويحكمون بما أنزل الله ويتحاكمون الى ما شرع ، ويعملون ليكون الدين كله لله
    لسان حال الواحد منهم يقول: ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود: 88]

    والثاني : علماء غير ربانيين وبعضهم سماهم وقسمهم بعلماء دولة، وعلماء أمة ، و هؤلاء لحومهم غير مسمومة وهؤلاء أكثر من الذباب في زرائب السلاطين وهم أما منافقون أو مرتدون:
    وصفتهم تأخذهم في الله لومة لائم يكفرون بالله ويؤمنون بالطاغوت لا يحكمون بما أنزل الله ولا يتحاكمون إلى ما شرع ولا يعملون ليكون الدين كله لله
    و يتتبعون الرخص لاوليائهم ويتقنصون الشبه لمخالفيهم .
    يأتون بالمتشابهات، ويلوُون أعناق النصوص لتوافق أهواء الطواغيت .
    وحالهم كما قال الله عز وجل: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [لأعراف: 175-176].

    فعلماء الشريعة مُتباينون في علمهم، فهم أيضًا مُتباينون في مَقاصدهم؛ فهم أقسامٌ بحَسَبِ مقاصدهم ونظرتهم

    أما عالم الْمِلَّة: فهو الذي ينشر دين الإسلام، ويفتي بدين الإسلام عن علم، ولا يبالي بما دل عليه الشرع أوافق أهواء الناس أم لم يوافق.

    وأما عالم الدولة ( علماء السلاطين ) الاكلون بآيات الله دما : فهو الذي ينظر ماذا تريد الدولة فيفتي بما تريد الدولة، ولو كان في ذلك تحريف كتاب الله وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم-.

    وأما عالم الأمة ( الاكلون بآيات الله ثمنا قليلا ): فهو الذي ينظر ماذا يرضي الناس، إذا رأى الناس على شيء أفتى بما يرضيهم، ثم يحاول أن يحرف نصوص الكتاب والسنة من أجل موافقة أهواء الناس. نسأل الله أن يجعلنا من علماء الملة العاملين بها) .
    (4/307-308/شرح رياض الصالحين

    وقال : العلماء ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: الأول: علماء دولة، والثَّاني: علماء أمَّة، والثالث: علماء ملَّة؛ فعلماء الدولة هم الذين ينظرون ماذا تريد الدولة، فيلتمسون لهم أدلَّة متشابهة، أيْ: يتبعون ما تشابه من الأدِلَّة؛ إرضاء للدَّولة، ولهم أمثلة كثيرة عَبْر الزَّمان، وحينما ظهرت الاشتراكية في بعض الدُّول العربية؛ فصار علماء الدولة يأتون بالمتشابهات، ويغرسون النُّصوص، ويلوُون أعناق النصوص؛ من أجل أن تُوافقَ رأي الدولة، أمَّا علماء الأمة، فهم ينظرون ماذا تريد الأمَّة، ويمشون به، أمَّا عُلماء الملَّة، فهم الذين لا يريدون إلاَّ أن يكون دين الله هو الأعلى، وكلمته هي العليا، ولا يبالون بدولة ولا بعوام". اهـ؛ فعلماء الأمَّة الذين هَمُّهم إرضاء العامة؛ طلبًا للحَظْوة عندهم، والتقدير تارة، أو خوفًا من ثلبهم وتنقصهم والتشهير بهم تارة أخرى.

    من صفات عُلماء الأمَّة أنَّهم إذا كان الحكم الشرعي يوافق هوى العامة وما النَّاس يعملون عليه، صرَّحوا به وأذاعوه، وإذا كان يُخالف هوى النَّاس، حادوا عن التصريح بالجواب؛ فتارة يقولون المسألة من مسائل الخلاف، وتارة يحيدون عن الجواب إلى جواب آخر؛ فهؤلاء علماء السوء يحرفون دين الله تعالى وشرعه؛ ففيهم شبه من أحبار اليهود، ومثلهم عُلماء الدولة، فكلتا الطائفتين لا يُقتدى بهم، ولا يقلدُّون في مسائل العلم، باعوا دينهم بعرض من الدنيا؛ فخابوا وخَسِروا إن لم يتداركهم الله بتوبة قبل الموت.
    "الشرح الممتع" (9/293) .

    وكتب عصام بن مسعود الخزرجي الانصاري

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  3. #3

    افتراضي

    والحمد لله لا يخلو زمان من العلماء الربانيين كالشيخ ابن باز والألباني وابن عثيمين والفوزان وعبد المحسن آل عباد وغيرهم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •