تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: أريد تعليق الأخوة طلبة العلم أو تنبيهاتهم على هذا الكلام ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    المشاركات
    1,054

    افتراضي أريد تعليق الأخوة طلبة العلم أو تنبيهاتهم على هذا الكلام ؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    هذه كلمات للشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى .. من كتابه " الخلافة " (ص: 51)
    استغربت جدا من كلامه في معاوية رضي الله عنه ... !!
    قال :
    كَيفَ سنّ التغلب على الْخلَافَة :
    كَانَ سَبَب تغلب بني أُميَّة على أهل الْحل وَالْعقد من الْأمة أَن قُوَّة الْأمة الإسلامية الْكُبْرَى فِي عَهدهم كَانَت قد تَفَرَّقت فِي الأقطار الَّتِي فتحهَا الْمُسلمُونَ وانتشر فِيهَا الْإِسْلَام بِسُرْعَة غَرِيبَة وَهِي مصر وسورية وَالْعراق، وَكَانَ أهل هَذِه الْبِلَاد قد تربوا بمرور الأجيال على الخضوع لحكامهم المستعمرين من الرّوم وَالْفرس، فَلَمَّا صَارَت أزمة أُمُورهم بيد حكامهم من الْعَرَب استخدمهم مُعَاوِيَة الَّذِي سنّ سنة التغلب السَّيئَة فِي الْإِسْلَام على الخضوع لَهُ بِجعْل الْوُلَاة فيهم من صنائعه الَّذين يؤثرون المَال والجاه على هِدَايَة الْإِسْلَام، وَإِقَامَة ماجاء بِهِ من الْعدْل والمساواة، وَصَارَ أَكثر أهل الْحل وَالْعقد الحائزين للشروط الشَّرْعِيَّة مَحْصُورين فِي البلدين الْمُكرمين (مَكَّة المكرمة وَالْمَدينَة المنورة) وهم ضعفاء بِالنِّسْبَةِ إِلَى أهل تِلْكَ الأقطار الْكَبِيرَة الغنية الَّتِي تعول الْحجاز وتغذيه.
    أَخذ مُعَاوِيَة الْبيعَة لِابْنِهِ الْفَاسِق يزِيد بِالْقُوَّةِ والرشوة، وَلم يلق مقاومة تذكر بالْقَوْل أَو الْفِعْل إِلَّا فِي الْحجاز، فقد روى البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره - وَاللَّفْظ لَهُ - من طرق أَن مَرْوَان خطب بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ على الْحجاز من قبل مُعَاوِيَة فَقَالَ: إِن الله قد أرى أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي وَلَده يزِيد رَأيا حسنا، وَإِن يستخلفه فقد اسْتخْلف أَبُو بكر وَعمر، وَفِي لفظ سنة أبي بكر وَعمر، فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر: سنة هِرقل وَقَيْصَر، إِن أَبَا بكر وَالله مَا جعلهَا فِي أحد من وَلَده الخ، وَفِي رِوَايَة سنة كسْرَى وَقَيْصَر، أَنا أَبَا بكر وَعمر لم يجعلاها فِي أولادهما، ثمَّ حج مُعَاوِيَة لِيُوَطِّئ لبيعة يزِيد فِي الْحجاز فَكلم كبار أهل الْحل وَالْعقد أَبنَاء أبي بكر وَعمر وَالزُّبَيْر فخالفوه وهددوه إِن لم يردهَا شُورَى فِي الْمُسلمين، وَلكنه صعد الْمِنْبَر وَزعم أَنهم سمعُوا وأطاعوا وَبَايَعُوا يزِيد، وهدد من يكذبهُ مِنْهُم بِالْقَتْلِ. وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق مُحَمَّد بن سعيد بن زمانة أَن مُعَاوِيَة لما حَضرته الْوَفَاة قَالَ ليزِيد: قد وطأت لَك الْبِلَاد ومهدت لَك النَّاس وَلست أَخَاف عَلَيْك إِلَّا أهل الْحجاز فَإِن رَابَك مِنْهُم ريب فَوجه إِلَيْهِم مُسلم بن عقبَة فَإِنِّي قد جربته وَعرفت نصيحته. . قَالَ فَلَمَّا كَانَ من خلافهم عَلَيْهِ مَا كَانَ دَعَاهُ فوجهه فأباحها ثَلَاثًا، دعاهم إِلَى بيعَة يزِيد وَأَنَّهُمْ أعبد لَهُ وقن فِي طَاعَة الله ومعصيته وَأخرج أَبُو بكر بن خَيْثَمَة بِسَنَد صَحِيح إِلَى جوَيْرِية بن أَسمَاء سَمِعت أَشْيَاخ أهل الْمَدِينَة يتحدثون أَن مُعَاوِيَة لما احْتضرَ دَعَا يزِيد فَقَالَ لَهُ: إِن لَك من أهل الْمَدِينَة يَوْمًا فَإِن فعلوا فَارْمِهِمْ بِمُسلم بن عقبَة فَإِنِّي عرفت نصيحته الخ ذكره الْحَافِظ فِي الْفَتْح، أَبَاحَ عَدو الله مَدِينَة الرَّسُول ثَلَاثَة أَيَّام فَاسْتحقَّ هُوَ وجنده اللَّعْنَة الْعَامَّة فِي قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] عِنْد تَحْرِيمهَا كمكة
    من أحدث فِيهَا حَدثا أَو آوى مُحدثا فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ لَا يقبل الله مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة صرفا وَلَا عدلا " أَي فرضا وَلَا نفلا - مُتَّفق عَلَيْهِ - فَكيف بِمن استباح فِيهَا المَاء والأعراض وَالْأَمْوَال؟
    وَكَانَ الْحسن الْبَصْرِيّ يَقُول أفسد النَّاس اثْنَان: عَمْرو بن الْعَاصِ يَوْم أَشَارَ على مُعَاوِيَة بِرَفْع الْمَصَاحِف، وَذكر مفْسدَة التَّحْكِيم، والمغيرة بن شُعْبَة، وَذكر قصَّته إِذْ عَزله مُعَاوِيَة عَن الْكُوفَة فرشاه بالتمهيد لاستخلاف يزِيد فَأَعَادَهُ، قَالَ الْحسن فَمن أجل هَذَا بَايع هَؤُلَاءِ النَّاس لأبنائهم وَلَوْلَا ذَلِك لكَانَتْ شُورَى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة أ. هـ مُلَخصا من تَارِيخ الْخُلَفَاء.
    وَهَذَا الَّذِي قَالَه الْحسن الْبَصْرِيّ من أَئِمَّة التَّابِعين مُوَافق لما قَالَه ذَلِك السياسي الألماني لأحد شرفاء الْحجاز من أَنه لَوْلَا مُعَاوِيَة لظلت حُكُومَة الْإِسْلَام على أَصْلهَا، ولساد الْإِسْلَام أوربة كلهَا، وَقد تقدم. .
    ************
    وهل ثبت كلام الحسن البصري أعلاه بالسند الصحيح ؟!

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    المشاركات
    1,054

    افتراضي

    بحثت فوجدت هذا ... فأحببت أن أنفعكم معي
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=281527

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم العليوي مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    وهل ثبت كلام الحسن البصري أعلاه بالسند الصحيح ؟!
    بحثت عن كلام الحسن البصري هذا فلم أقف عليه، وما أظن له أصل عنه، وقصة التحكيم مكذوبة، قال ابن العربي في القواصم والعواصم: (صـ 178 - 180): : (هذا كله كذب صُراح، ما جَرى منه حرف قطّ، وإنما هو شيء أخبر عنه الْمُبْتَدِعة، ووضَعَتْه التاريخية للملوك، فتوارثه أهل المجانة والمجاهرة بمعاصي الله والبِدَع.
    وإنما الذي روى الأئمة الثقات الأثبات أنهما لَمَّا اجتمعا للنظر في الأمر – في عُصبة كريمة من الناس منهم ابن عُمر ونحوه – عَزَل عمروٌ معاوية، ثم ذَكَر ابن العربي ما رواه الدراقطني بسنده إلى حُضَين بن المنذر ، وهو مِن خواصّ علي رضي الله عنه ، وما كان من أمْر عمرو بن العاص وأبي موسى ، وأنهما جعلا الأمر في الـنَّفَر الذين توفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ .
    ثم قال ابن العربي رحمه الله : فهذا كان بدء الحديث ومُنتهاه ، فأعرِضُوا عن الغاوين ، وازجروا العاوين ! وعرّجوا على الناكثين ، إلى سُنن المهتَدِين . وأمسِكوا الألسنة عن السابِقين في الدِّين .
    وإياكم أن تكونوا يوم القيامة من الهالكين بِخصومة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد هَلَك من كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خَصْمه . ودَعُوا ما مضَى ، فقد قضى الله ما قضى).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    إبطال قصة التحكيم الشهيرة بين أبي موسى وعمرو بن العاص رضي الله عنهما


    سليمان بن صالح الخراشي

    قصة تحكيم أبي موسى وعمرو بن العاص في الخلاف الذي كان بين علي ومعاوية – رضي الله عن الجميع – مشهورة ذائعة في كتب الإخباريين وأهل الأدب ، وفيها ما فيها من لمز الصحابة رضي الله عنهم بما ليس من أخلاقهم . وقد فند هذه القصة الباطلة: ابن العربي في العواصم ، والدكتور يحيى اليحيى في " مرويات أبي مخنف " .
    وقد وجدتُ الشيخ
    محمد العربي التباني قد أجاد في إبطالها في رده على الخضري المؤرخ؛ فأحببتُ نشر رده باختصار ليطلع عليه القراء ، وينتشر بينهم ؛ لاسيما وهو في كتاب شبه مفقود .
    قال الشيخ التباني:


    لا صحة لما اشتهر في التاريخ من خديعة
    عمرو بن العاص لأبي موسى في قضية التحكيم
    ( قال – أي الخضري - في ص 72 : ( فتقدم أبو موسى فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة فلم نر أصلح لأمرها ولا ألم لشعثها من أمر قد أجمع عليه رأيي ورأي عمرو وهو أن نخلع علياً ومعاوية وتستقبل هذه الأمة هذا الأمر ؛ فيولوا منهم من أحبوا عليهم وأني قد خلعت علياً ومعاوية فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من رآيتموه لهذا الأمر أهلاً ثم تنحى وأقبل عمرو فقام مقامه فحمد الله وأثنى عليه وقال : إن هذا قال ما قد سمعتم وخلع صاحبه وأنا أخلع صاحبه كما خلعه وأثبت صاحبي معاوية فإنه ولي عثمان والطالب بدمه وأحق الناس بمقامه ، فتنابزا، ويروي المسعودي أنهما لم يحصل منهما خطبة وإنما كتبا صحيفة فيها خلع علي ومعاوية وأن المسلمين يولون عليهم من أحبوا ، وهذا القول أقرب في نظرنا إلى المعقول وإن لهج كثير من المؤرخين بذكر الأول اهـ ) .
    أقول: هذه الأسطورة الموضوعة في خديعة عمرو لأبي موسى في التحكيم شبيهة بالأسطورة الموضوعة على علي وابن عباس والمغيرة بن شعبة في إشارة هذا على أمير المؤمنين بإبقاء عمال عثمان ، فإن المقصود من وضعها الطعن في حيدرة ببعده عن الدهاء والسياسة وتبريز المغيرة وابن عباس فيهما عليه ، وقد تقدم إبطالها ، والمقصود من هذه إظهار بلاهة حكمه وتبريز حكم معاوية عليه فيهما.

    فهذه الأسطورة باطلة بثمانية أوجه.
    الأول: رواها أبو مخنف المتفق أئمة الرواية على أنه أخباري هالك ليس بثقة.

    الثاني: الطعن في أبي موسى بأنه مغفل طعن في النبي صلى الله عليه وسلم الذي ولاه على تهائم اليمن زبيد وعدن وغيرهما وهو مغفل.

    الثالث: الطعنُ فيه بما ذكر طعنٌ في الفاروق الذي ولاه أميراً على البصرة وقائداً على جيشها فافتتح الأهواز وأصبهان، وكتب في وصيته لا يقر لي عامل أكثر من سنة وأقروا الأشعري أربع سنين وهو مغفل ، فأقره عثمان عليها قليلاً ثم عزله عنها فانتقل إلى الكوفة وسكنها وتفقه به أهلها كما تفقه بها أهل البصرة وقرأوا عليه. ثم ولاه عثمان على الكوفة بطلب أهلها ذلك لما طردوا عاملهم سعيد بن العاص . قال الشعبي : انتهى العلم إلى ستة فذكره فيهم، وقال ابن المديني: قضاة الأمة أربعة عمر وعلي وأبو موسى وزيد بن ثابت، وقال الحسن البصري فيه : ما أتاها –يعني البصرة- راكب خير لأهلها منه، فهؤلاء الوضاعون الكائدون للإسلام ورجاله مغفلون لا يحسنون وضع الأباطيل ؛ لأنهم يأتون فيها بما يظهر بطلانها في بادئ الفهم الصحيح لكل مسلم.

    الرابع: ذكر ابن جرير في فاتحة هذه الأسطورة أن عمراً قال لأبي موسى ألست تعلم أن معاوية وآله أولياء عثمان ؟ قال : بلى، قال : فإن الله عز وجل قال ( ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً ) وكلاماً كثيراً بعده في استحقاق معاوية للخلافة ، فأجابه أبو موسى عن جله جواباً شافياً ولم يجبه عن احتجاجه بالآية، وكأنه سلمه، والاحتجاج بها على خلافة معاوية فاسد من أوجه كثيرة لا حاجة لذكرها كلها ؛ منها أنه تعالى قال ( فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً ) فأي إسراف ونصر حصلا له في جيش أمير المؤمنين وقد قتل من جيشه الطالب بدم عثمان البريء منه خمسة وأربعون ألفاً على أقل تقدير، ومن جيش حيدرة خمسة وعشرون ألفاً ؟ وأي إسراف ونصر حصلا له وقد أشرف على الهزيمة الكبرى ولولا المصاحف لهلك جل جيشه ؟ وجهل فادح ممن يحتج بها على ذلك ،فمحال صدوره من عمرو وهو من علماء الصحابة ومحال تسليمه ولو صدر منه من أبي موسى الأعلم منه.

    الخامس: ما نقصت هذه الخديعة لو صحت مما كان لأمير المؤمنين عند أتباعه شيئاً وما أفادت معاوية شيئاً جديداً زائداً عما كان له حتى يصح أن يقال فيها إن فلاناً داهية كاد أمة من المسلمين بكيد مقدمها ومحكمها ، وغاية أمرها أنها أشبه بعبث الأطفال لا تتجاوز العابث والمعبوث به ، وبرَّأ الله تعالى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا العبث.

    السادس: لو صحت هذه الأسطورة لم يلزم منها غفلة أبي موسى ودهاء عمرو ، بل تدل على مدح أبي موسى بالصدق والوفاء بالوعد والعهد وهي من صفات الأخيار من بني آدم فضلاً عن المؤمنين فضلاً عن الصحابة ، ووصم عمرو بالخيانة والكذب والغدر وهي من صفات الأشرار من بني آدم ، وكان العرب في جاهليتهم ينفرون منها أشد النفور ولا قيمة لمن اتصف بواحدة منها عندهم ، وقد ذم ورهب دين الإسلام مرتكبيها، وفي الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه وينادى على رؤوس الخلائق هذه غدرة فلان فلان".

    السابع: لا يخلو قول عمرو فيما زعموا عليه ( وأثبت صاحبي معاوية ) من أمرين: الأول ثبته في الخلافة كما كان أولاً ، وهذا هو المتبادر من لفظ التثبيت ، وهو باطل قطعاً ؛فإنه لم يقل أحد ينتسب إلى الإسلام إن معاوية كان خليفة قبل التحكيم حتى يثبته حَكمه فيها بعده ، ولم يدعها هو لا قبله ولا بعده ، ولم ينازع حيدرة فيها.
    الثاني ثبته على إمارة الشام كما كان قبل ، وهذا هو المتعين دراية وإن لم يصح رواية ، وهو تحصيل الحاصل ، وأي دهاء امتاز به على أبي موسى في تحصيل الحاصل ؟ وأي تغفيل يوصم به أبو موسى مع هذا العبث؟ فهل زاد به معاوية شيئاً جديداً لم يكن له من قبل ؟ وهل نقص به علي عما كان له قبل؟

    الثامن: قال القاضي أبو بكر بن العربي في القواصم والعواصم: قد تحكم الناس في التحكيم فقالوا فيه مالا يرضاه الله ، وإذا لحظتموه بعين المروءة دون الديانة رأيتم أنها سخافة حمل على تسطيرها في الكتب في الأكثر عدم الدين، وفي الأقل جهل متين، ثم قال : وزعمت الطائفة التاريخية الركيكة أن أبا موسى كان أبله ضعيف الرأي مخدوعاً في القول ، وأن ابن العاص كان ذا دهاء وأرب حتى ضربت الأمثال بدهائه تأكيداً لما أرادت من الفساد ، اتبع في ذلك بعضُ الجهال بعضاً وصنفوا فيه حكايات ، وغيره من الصحابة كان أحذق منه وأدهى ، وإنما بنوا ذلك على أن عمراً لما غدر أبا موسى في قصة التحكيم صار له الذكر في الدهاء والمكر، ثم ذكر الأسطورة باختصار ثم قال : هذا كله كذب صراح ما جرى منه حرف قط ، وإنما هو شيء أخبر عنه المبتدعة ووضعته التاريخية للملوك ؛ فتوارثه أهل المجانة والجهارة بمعاصي الله والبدع .. ثم ذكر أن الذي رواه الأئمة الثقات الأثبات كخليفة بن خياط والدارقطني أنهما لما اجتمعا للنظر في الأمر عزل عمرو معاوية اهـ ملخصًا) .
    ( تحذير العبقري من محاضرات الخضري ، 2 / 86-91 ) .
    http://www.saaid.net/Warathah/Alkharashy/mm/11.htm
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    المشاركات
    1,054

    افتراضي

    جزاك الله خيرا وبارك فيك ولاحرمنا من نفعك وعلمك

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم العليوي مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا وبارك فيك ولاحرمنا من نفعك وعلمك
    وجزاك مثله، وفيك بارك الله
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    قصة التحكيم مشهورة
    عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
    عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض


    السؤال :
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    كيف حالكم فضيلة الشيخ وحال أولادكم؟
    هناك -شيخنا- من يطعن على صحابة النبي (صلى الله عليه وسلم) بهذه الواقعة التي يزعم أن إسنادها صحيح وأن ابن جعدبة راويها هو أنس بن عياض الثقة وأن صالح بن كيسان قد سمع من ابن عمر وابن الزبير ورآهما وهما قد شهدا هذه الواقعة فرتب على ذلك صحة الإسناد ثم وجد بها تربةً خصبة ليطعن منها بعرضهم !
    والحق أني لست هنا لأسأل عن عدالة الصحابة فالنصوص من القرآن والسنة بذلك طافحة وإنما الذي يعنيني كطالب علم الحديث هو مناقشة دعواه الآنفة بصحة الإسناد ... وهذا ما أعياني بحثه ..
    ونص الرواية:
    قال البلاذري في "أشراف الأنساب" (1/336):
    أمر الحكمين وما كان منهما
    حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن وهب، عن ابن جعدبة، عن صالح بن كيسان قال:
    " لما تقاضوا وانصرفوا إلى بلادهم مكثوا بقية السنة التي اقتتلوا فيها بصفين؛ حتى إذا كان شهر رمضان من سنة ست - أو سبع - وثلاثين، خرج عبد الله بن عباس وعمرو بن العاص ومعهما من جندهما من أحبا، وكان ابن عباس قاضي علي - أو قال: خليفة علي - حتى نزلا بتدمر شهراً يتراجعان ويكتبان إلى صاحبيهما، ويكتب صاحباهما إليهما حتى دخلا في السنة المقبلة، ثم تحولا من تدمر إلى دومة الجندل فأقاموا بها شهراً، ثم تحولا من دومة الجندل إلى أذرح؛ وكتبا إلى صاحبيهما ومن أرادا من الناس، وأنفذا إلى علي كتاباً مع معن بن يزيد بن الأخنس السلمي، وجاء معاوية للميعاد؛ في رجال أهل الشام فيهم عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وحبيب بن مسلمة.
    وكتبوا إلى ناس من أهل المدينة منهم: سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فأبى أن يخرج إليهم، فكتبوا إلى سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن الأرقم الزهري، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام. ويقال: إن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أتاهم من غير أن يكتب إليه.
    وأتاهم أبو جهم بن حذيفة وهم بأذرح، ورجع الرسول الموجه إلى علي ولم يقدم علي معه. وقال سعد بن أبي وقاص: أنا أحق الناس بهذا الأمر لم أشرك في دم عثمان، ولم أحضر شيئاً ما من هذه الأمور الفتنة.
    وقال ابن الزبير لابن عمر: اشدد لي ضبعك فإن الناس لم يختلفوا فيك. ولم يشك الناس في ابن عمر، وكان أبو موسى الأشعري مع ابن عباس.
    فتحاور الحكمان في أمرهما فدعا أبو موسى إلى عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري فاختلفا، فقال عمرو: هل لك في أمر لا نختلف معه ؟ قال: وما هو ؟ قال: يجعل أينا ولاه صاحبه الأمر إلى من رأى، وعليه عهد الله وميثاقه ليجهدن للمسلمين. قال أبو موسى: نعم. قال عمرو: ذاك إليك بعهد الله وميثاقه ؟ قال أبو موسى: لا. قال عمرو: فهو إلي بذلك. قال أبو موسى: قد أعطيتك إياه، قال عمرو: نعم قد قبلت. ثم ندم أبو موسى فقال: ألا تدري ما مثلك يا عمرو ؟ مثلك مثل الحمار يحمل أسفاراً. يقول: إنك لا تنظر لدين ولا ترعى الذي حملت من الأمانة والعهد. فقال عمرو: مثلك مثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، إن جعلت الأمر إلي أبيت، وإن جعلته إليك أبيت.
    ثم خلا عمرو بعبد الله بن عمر فقال له: اجتمع أمر الناس عليك وأنت أحقهم بهذا الأمر، فإن علياً قد تخلف عنا، وترك ما افترقنا عليه، ولا بد للناس من إمام يلي أمورهم ويحوطهم ويقاتل من ورائهم.
    فقال ابن عمر: ما أنا بالذي أقاتل الناس فتؤمروني عليهم، ولا حاجة لي في الإمرة، فزعموا أن عمراً قال له: أتجعلني على مصر ؟ فقال: والله لو وليت من الأمر شيئاً ما استعملتك على شيء.
    قال: وأقبل معاوية حين خلا عمرو بابن عمر ليبايعه فقال له رجل بالباب: لا تعجل فإنهما قد اختلفا؛ وابن عمر يأباها. فرجع معاوية فلما أبى ابن عمر أن يقبلها تفرق الناس ورجعوا إلى أرضيهم ورجع أبو موسى إلى مكة ولم يلحق بعلي، وانصرف معاوية ولم يبايع له، وكان تفرق الناس والحكمين عن أذرح في شعبان، فقال كعب بن جعيل التغلبي:
    كأنّ أبا موسى عشية أذرح ... يطيف بلقمان الحكيم يواربه
    ولما التقينا في تراث محمد ... علت بابن هند في قريش مضاربه " اهــ
    وجزاكم الله خيراً وآسف للإطالة ...
    http://www.al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=5251


    الجواب :

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    وجزاك الله خيرا


    أولاً : قصة التحكيم مشهورة .. إلا أنه أدخِل فيها ما ليس منها ، بل بعض ما يُقال فيها كذب وباطل ، وسبق بسط القول فيها هنا :

    هل قصة التحكيم صحيحة ؟
    http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=701


    ثانيا : هذه الرواية لا تصح بل تُشبه أن تكون موضوعة .
    وهي مع ذلك مُنقطِعة .
    فإن صالح بن كيسان إنما طلب العلم على كِبَر ، وهو إنما وُلِد بعد الخمسين ، كما قرره الإمام الذهبي في " سير أعلام النبلاء " . فإنه نقل أن صالح بن كيسان مات بعد الأربعين ومائة ، وأنه عاش نيفا وثمانين سنة .
    فعلى هذا يكون عمره أقل من السِّتِّين . ويكون مولده بعد عام خمسين من الهجرة .
    وأمر صِفِّين إنما كان قبل الأربعين من الهجرة ، فإن ابتداء أمر صِفّين كان في سنة 36 هـ .
    فعلى هذا تكون كل هذه الأحداث قبل مولد صالح بن كيسان .


    قال الإمام الذهبي :
    صالح بن كيسان ، الحافظ ، أحد علماء المدينة ، وكان مؤدب أولاد عمر بن عبد العزيز . رأى عبد الله بن عمر ولم يسمع منه ، وحدّث عن عروة بن الزبير ونافع وسالم ونافع مولى أبي قتادة وعبيد الله بن عبد الله والزهري وجماعة ، وكان رفيق الزهري في طلب العلم ، وإنما طلب في الكهولة ، حَدّث عنه ابن جريج ومالك وسليمان بن بلال وإبراهيم بن سعد فأكثر ، وسفيان بن عيينة . اهـ .


    ثم إنه في هذه الرواية يروي القصة وكأنه شَهِدها ، فإنه (قال : لما تقاضوا وانصرفوا إلى بلادهم ... ) .
    وهو لم يَروِ أحداث القصة عن شيوخه ، وإنما يروي القصة وأحداثها وكأنها شَهِدها ، وقد علمت أن القصة وقعت قبل ولادته !


    وقد فرّق العلماء بين الرواية الْمُعَنْعَنَة والرواية الْمُأنَّـنَة !
    فَرْق بَيْن أن يقول الراوي: عن فلان أنه قال ، وبَيْن أن يقول : أن فلانا فعل كذا وكذا .
    فالأول يُحكم له بالاتصال إذا لم يكن الراوي مُدلِّسًا ، وكان يروي عن شيوخه ، والثاني يُحكم له بالانقطاع .
    ومثّلوا للإسناد الْمُعنن بـ :
    قول محمد بن الحنفية عن عمار قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُصلي فَسَلَّمْتُ عليه فَرَدّ عليّ السلام .
    وللإسناد الْمُؤنن بـ :
    قول محمد بن الحنفيه أن عمارًا مَـرّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي .
    فالأول حكموا له بالاتصال ؛ لأنه يروي عن عماّر رضي الله عنه ، والثاني حكموا عليه بالإرسال ؛ لأنه يحكي قصة حصلت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو لم يشهدها .
    والْمُرْسَل من قسم الحديث الضعيف .


    فرواية صالح بن كيسان من قَبِيل النوع الثاني ، فإنه قال : (: لما تقاضوا وانصرفوا إلى بلادهم)
    فهو يُخبر عن أمر لم يشهده ، ولم يروه عمّن شَهِده ، فهو في حُكم الْمُنْقَطِع .


    فالقول بأن القصة صحيحة الإسناد تلبيس على الناس ! لأن من شرط صِحّة الإسناد أن يكون مُتَّصِلا ، وهذا إسناد مُنقَطِع .


    ثالثا : مما يدلّ على بُطلان القصة ما جاء فيها مما رُوي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه :
    (فكتبوا إلى سعد بن أبي وقاص ... وقال سعد بن أبي وقاص: أنا أحق الناس بهذا الأمر)
    ومعلوم أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ممن اعتزل الفتنة .
    فقد روى عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال : قيل لسعد بن أبي وقاص : ألا تقاتل ؟ فإنك من أهل الشورى ، وأنت أحق بهذا الأمر من غيرك ، قال : لا أقاتل حتى تأتوني بِسَيْفٍ له عينان ، ولسان وشفتان ، يعرف الكافر من المؤمن ، قد جاهدت وأنا أعرف الجهاد ، ولا أبخع بنفسي إن كان رجل خيرًا مِنِّي . رمن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في الكبير ، ومن طريق الطبراني رواه أبو نُعيم في " معرفة الصحابة " وفي " حلية الأولياء " ، وقال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح .


    ورواه ابن سعد في " الطبقات الكبرى " من طريق أيوب عن محمد قال: نُبئت أن سعدا كان يقول : ما أزعم أني بقميصي هذا أحق مني بالخلافة ! قد جاهدت إذ أنا أعرف الجهاد ولا أبخع نفسي إن كان رجل خيرا مني ، لا أقاتل حتى تأتوني بسيف له عينان ولسان وشفتان ، فيقول هذا مؤمن وهذا كافر .


    وقال عليّ رضي الله عنه على منبر الكوفة : لِلَّهِ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ سَعْدُ بن مَالِكٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بن عُمَرَ ، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ ذَنْبًا إِنَّهُ لَصَغِيرٌ مَغْفُورٌ ، وَلَئِنِ كَانَ حَسَنًا إِنَّهُ لَعَظِيمٌ مَشْكُور . رواه الطبراني في الكبير .
    وسعد بن مالك هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، وهذا دليل على أنه كان ممن اعتزل الفتنة ، وكذلك ما كان من ابن عمر رضي الله عنهما .


    روى الإمام مسلم من طريق عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ قَال :كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي إِبِلِهِ ، فَجَاءَهُ ابْنُهُ عُمَرُ ، فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ قَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ . فَنَزَلَ فَقَالَ لَهُ : أَنَزَلْتَ فِي إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ وَتَرَكْتَ النَّاسَ يَتَنَازَعُونَ الْمُلْكَ بَيْنَهُمْ ؟ فَضَرَبَ سَعْدٌ فِي صَدْرِهِ ، فَقَالَ : اسْكُتْ ! سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ .


    ورواه أبو يَعْلَى مُطوّلاً من طريق عامر بن سعد بن أبي وقاص ، أن أباه حين رأى اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرّقهم اشترى له ماشية ، ثم خرج فاعتزل فيها بأهله على ماء يقال له : قلهي ، قال : وكان سعد من أحد الناس بَصرًا ، فرأى ذات يوم شيئا يَزُول ، فقال لمن تَبعه : تَرون شيئا ؟ قالوا : نرى شيئا كالطير ، قال : أرى راكبا على بعير ، ثم جاء بعد قليل عمر بن سعد على بُخْتِيّ - أو بُخْتِيَّة - ثم قال : اللهم إنا نعوذ بك من شر ما جاء به ، فسَلَّم عُمر ، ثم قال لأبيه : أرضيت أن تتبع أذناب هذه الماشية بين هذه الجبال ، وأصحابك يتنازعون في أمر الأمة ؟ فقال سعد بن أبي وقاص : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنها ستكون بعدي فتن - أو قال : أمور - خير الناس فيها الغني الخفي التقي ، فإن استطعت يا بني أن تكون كذلك فكن . فقال له عمر : أما عندك غير هذا ؟ فقال له سعد : لا يا بني ، فوثب عمر ليركب ، ولم يكن حط عن بعيره ، فقال له سعد : أمهل حتى نُغَدّيك ، قال : لا حاجة لي بغدائكم ، قال سعد : فنحلب لك فنسقيك ، قال : لا حاجة لي بشرابكم ، ثم ركب فانصرف مكانه .


    واعتزال الفتنة أمر مشهور عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .


    قال ياقوت الحموي في " معجم البلدان " : " قلهي " بفتح أوله وثانيه وتشديد الهاء وكسرها ، حفيرة لسعد بن أبي وقاص ، بها اعتزل سعد بن أبي وقاص الناس لَمَّا قُتِل عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وأمَر أن لا يُحَدَّث بشيء من أخبار الناس حتى يَصطلحوا .


    قال ابن حجر في ترجمة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : ولَمَّا قُتِل عثمان اعتزل الفتنة . اهـ .


    وكذلك ابن عمر رضي الله عنهما ، اشتهر عنه اعتزال الفتِن .
    وكنت كتبت في سيرة الإمام الزاهد مُعتزل الفتن ، وذلك هنا :
    http://saaid.net/Doat/assuhaim/153.htm




    رابعا : قائل ذلك القول خالف أمْر نَبِيِّـه صلى الله عليه وسلم ، وأساء الأدب مع الصحابة رضي الله عنهم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : : لا تَسُبّوا أصحابي . لا تَسُبّوا أصحابي ، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهبا ما أدرك مُـدّ أحدهم ولا نَصِيفـه . رواه البخاري ومسلم .


    ويجب الكفّ عما كان بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام : إذا ذكر أصحابي فأمْسِكُـوا . رواه الطبراني في الكبير واللالكائي في الاعتقاد . وصححه الألباني .


    وسبيل أهل العلم الكفّ عما شَجَر بين الصحابة .


    قيل لعمرين بن عبد العزيز : ما تقول في أهل صِفِّين ؟ قال : تلك دماء طَهّر الله منها يدي ، فلا أُحِبّ أن أَخْضِب بها لساني .
    وبهذا القول قال الإمام الشافعي .
    وقال : سُئل أبو حنيفة عن عليّ رضي الله عنه ومعاوية رضي الله عنه وقَتْلَى صِفِّين ، فقال : إذا قَدِمْتُ على الله يسألني عما كَلَّفَنِي ولا يسألني عن أمورهم .
    وروى أنه حين سَئل عنه قال : تلك الدماء طَهّر الله منها شأننا ، أفلا نُطَهِّر منها لساننا ؟!


    وقال ابن المبارك : السيف الذي وقع بين الصحابة فتنة ، ولا أقول لأحد منهم هو مفتون .


    وقال يعقوب بن شيبة : سمعت أحمد بن حنبل سُئل عن هذا ، فقال : فيه غير حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وَكَرِه أن يتكلّم في هذا بأكثر من هذا .
    يعني حينما سُئل عن حديث : " وَيحَ عَمّار تقتله الفئة الباغية " .


    قال القرطبي :
    وقد سُئلَ بعضهم عن الدماء التي أُرِيقَتْ فيما بينهم ، فقال : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) .
    وسُئل بعضهم عنها أيضا ، فقال : تلك دماء قد طَهّر الله منها يَدِي فلا أخْضِبُ بها لساني . يعني التحرّز من الوقوع في خطأ ، والْحُكُم على بعضهم بما لا يكون مُصيباً فيه .
    قال ابن فورك : ومن أصحابنا من قال : إن سبيل ما جَرَتْ بين الصحابة من المنازعات كَسَبِيل ما جرى بين إخوة يوسف مع يوسف ، ثم إنهم لم يَخْرُجُوا بذلك عن حَدّ الولاية والنبوة ، فكذلك الأمر فيما جرى بين الصحابة .
    وقال المحاسبي : فأما الدماء فقد أشكل علينا القول فيها باختلافهم ، وقد سُئل الحسن البصري عن قتالهم ، فقال : شَهِدَه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وغِبْنَا ، وعَلِمُوا وجَهِلْنَا ، واجتمعوا فاتَّبَعْنَا ، واخْتَلَفُوا فَوَقَفْنَا . قال المحاسبي : فنحن نقول كما قال الحسَنُ ، ونعلم أن القوم كانوا أعلم بما دَخَلُوا فيه مِنّا ، ونَتَّبِع ما اجتمعوا عليه ، ونقف عندما اختلفوا فيه ، ولا نَبْتَدِع رأياً مِنّا ، ونعلم أنهم اجتهدوا وأرادوا الله عز وجل ، إذ كانوا غير مُتَّهَمِين في الدِّين ، ونسأل الله التوفيق . اهـ .


    فهذا هو سبيل أهل العلم .. الكفّ عما شَجَر بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .. وعدم الخوض فيه .


    ثم إن هذا الخائض فيما جرى بين الصحابة قد وقع في أناس من خيار الصحابة ، بل فيهم من هو من أهل بدر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة . رواه البخاري ومسلم .
    وعند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة مرفوعاً : إن الله عز وجل اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غَفَرتُ لكم .
    و لما جاء عبدٌ لِحَاطِب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبا فقال : يا رسول الله ليدخلن حاطب النار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبت ! لا يدخلها ، فإنه شَهِد بَدرًا والحديبية . رواه مسلم .


    وجاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما تعدون أهل بدر فيكم ؟ قال : من أفضل المسلمين - أو كلمة نحوها - قال : وكذلك من شهد بدرا من الملائكة . رواه البخاري .


    ورحِم الله عمر بن عبد العزيز فقد كان يَخْتَلِف إلى عبيد الله بن عبد الله يسمع منه العِلم ، فبلغ عبيد الله أن عُمر ينتقص عَليًّا ، فأقبل عليه فقال : متى بلغك أن الله تعالى سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم ؟ فَعَرَف ما أراد ، فقال : معذرة إلى الله وإليك ، لا أعود . فما سُمِع عمر بعدها ذاكراً عليًّا رضي الله عنه إلاَّ بخير .


    فإلى من يقع في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو يتنقّص أحدا منهم :

    متى بلغك أن الله تعالى سخِط على أصحاب نبيِّه صلى الله عليه وسلم بعد أن رضي عنهم ؟

    والله تعالى أعلم .
    http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/fatwa/248.htm

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •