قال الإمام السُّبكي رحمه الله في «طبقات الشافعية» [ 2:39 من طبعة الحسينية، و 2:278 من طبعة البابي، في ترجمة المحاسبي، بعد أن ذكر التنافر بين الإمام أحمد والحارث المحاسبي] :
(( ينبغي لك أيها المسترشد أن تَسلك سبيلَ الأدب مع الأئمة الماضين، وأن لا تَنْظُرَ إلى كلام بعضِهم في بعض، إِلاَّ إذا أتى ببرهانٍ واضحٍ، ثم إنْ قدرتَ على التأويل وتحسين الظنّ فدُونَك، وإلاَّ فاضربْ صفحًا عمّا جرى بينهم، فإنك لم تُخلَق لهذا، فاشتغِلْ بما يَعنيك ودَعْ مالا يَعنيك. لا يزال طالبُ العلم عندي نبيلاً حتى يَخوضَ فيما جرى بين السلف الماضين، ويقضىَ لبعضهم على بعض.
فإياك ثم إياك أن تصغى إلى ما اتَّفق بين أبى حنيفة وسفيان الثورى، أو بين مالك وابن أبى ذئب، أو بين أحمد بن صالح والنِّسائي، أو بين أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي، وهلمَّ جرًّا إلى زمانِ الشيخ عز الدين بن عبد السلام والشيخ تقى الدين بن الصلاح، فإنك إن اشتغلتَ بذلك خشيتُ عليك الهلاك، فالقومُ أئمةٌ أعلام، ولأقوالهم مَحامِلُ ربما لم يُفهَم بعضُها، فليس لنا إِلاَّ الترضى عنهم والسكوتُ عما جرى بينهم، كما يُفعَلُ فيما جَرَى بين الصحابة رضي الله عنهم. )).
انتهى؛ والنّقل مستفاد من [مقدمة الشيخ عبدالفتاح أبوغدة لرسالة «المسترشدين» ص52 الطبعة الحادية عشر].