تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: الرد على من يجيز قول: (مدد يا حسين)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي الرد على من يجيز قول: (مدد يا حسين)

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.
    فقد وقفت على فيديو لأحد الأشخاص اسمه أسامة الأزهري، يقول فيه ما ملخصه:
    (قول كلمة: (مدد) لا شيء فيه؛ لأن قائلها لا يقصد طلب الإمداد من المخلوق؛ وإنما الله تعالى هو صاحب الإمداد؛ ولكن جعل المخلوق هو سبب الإمداد.
    قال: مثل الهداية، فهي بيد الله تعالى؛ ولكنه سبحانه جعل المخلوق كالأنبياء صلوات الله وسلامه عليه سببًا لها.
    إذًا، ليس المقصود أن الإمداد بيد المخلوق؛ وإنما هو سبب له).
    انتهى ملخص كلامه.
    قلت [محمد بن طه]: هذا تلبيس واضح بيِّن، وتدليس على العوام.
    وتوضيح ذلك كالآتي: أن الله تعالى جعل الهداية بيده وحده سبحانه وليست بيد أحد من المخلوقين؛ كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}، وإنما جعل الله تعالى الأنبياء والصالحين سببًا للهداية؛ كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}؛ المقصود بالهداية التي أثبتها الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم هنا هي هداية الإرشاد؛ فالمقصود بالآية الأولى التي فيها نفي الهداية عن النبي صلى الله عليه وسلم، والآية الثانية التي فيها إثبات الهداية للنبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أن يأتي بعاص أو بكافر فيجعله مؤمن؛ وإنما الذي يستطيعه النبي صلى الله عليه وسلم هو أن يدل الناس على الخير وطريقه، ثم الأمر بعد ذلك بيد الله تعالى؛ فقد يؤمن هذا الإنسان الذي هداه النبي صلى الله عليه وسلم ودله على الخير، وقد لا يؤمن؛ كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: { مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ}، وقال تعالى: { فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، وقال تعالى: { وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، وقال تعالى: { وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، وقال تعالى: { فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ}، وقال تعالى: { قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }، وقال تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم: { لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}؛ فبيَّن الله تعالى في هذه الآيات أن الأنبياء وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لا يملكون إلا البلاغ فحسب؛ وهي هداية الإرشاد المثبتة في قوله تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم}، وأما هداية التوفيق أن يؤمن هذا أو لايؤمن، فهذه بيد الله تعالى وليست بيد أحد ولا حتى الأنبياء، وهي المنفية عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}.
    فإذا عُلِم ذلك؛ فالهداية الثابتة للنبي صلى الله عليه وسلم التي - وهي هداية الإرشاد - يقوم بها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه في حياته، وأما بعد مماته صلى الله عليه وسلم فتكون بكلامه، وليست بنفسه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد مات فلا يستطيع أن يُكلم أحدًا بنفسه؛ وإنما الباقي هو كلامه صلى الله عليه وسلم الذي يُبَلَّغ للناس؛ فلا يقول عاقل الآن أنه باستطاعة أحدٍ الآن أن يذهب بأحدِ العصاة أو الكافرين إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدل هذا الرجل إلى الخير ويهديه إلى الصراط المستقيم؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات؛ فعلى هذا الرجل أن يدل هذا العاصي على طريق الخير بكلام النبي صلى الله عليه وسلم.
    فإذا عُلِم ذلك، فمسألة الإمداد كذلك؛ فالإمداد هو الإعطاء، والإعطاء بيد الله تعالى؛ وإنما جعل الله تعالى المخلوق سببًا لذلك؛ فأنت تعمل عند فلان لطلب العطايا؛ فالعطاء بيد الله ولكن جعل الله تعالى هذا المخلوق سببًا لهذا الإعطاء وهذا الإمداد.
    ومن المعلوم أن المخلوق لا يستطيع أن يعطي أو يمد إلا بالذي يقدر عليه؛ فمن يقدر على الإمداد بالمال فإنه يمد بالمال؛ ومن لا يقدر عليه ولا يملك مالًا، فإنه لن يستطيع الإمداد؛ وكذلك من أراد الولد وذهب إلى أحد المخلوقين – حتى ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم – وقال له: اجعل زوجتي تحمل وتنجب، فإن المخلوق لن يعطيه ذلك؛ لأنه لا يقدر عليه؛ ولذلك هذا ونحوه لم يُطلب من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته؛ لأن جميع العقلاء يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك ذلك.
    فإذا عُلم هذا، فالميت – حتى ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم - لا يملك شيئًا كي يعطيه؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم في حياته يعطي عطاء من لا يخشى الفقر؛ كما صحت بذلك الأحاديث؛ وأما بعد مماته فإنه صلى الله عليه وسلم لا يقدر على إعطاء شيء؛ ولا يملك مالًا كي يعطيه؛ ولا يقول عاقل أنه لو أراد أحدٌ مالًا وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قبره، فإنه سيعطيه المال.
    وإنما مَنْ أراد رزقًا ومالًا، فإنه يطلبه من الله تعالى، والله تعالى يسخر له من المخلوقين الأحياء من يعطيه.
    فإذا تبيَّن هذا، فالسؤال هنا - وهو ملخص ما سبق -: هل المخلوق قادر على الإمداد والإعطاء؟
    فالجواب: نعم؛ يقدر على الإعطاء؛ ولكن فيما يقدر عليه؛ فإن طلبت منه مالًا ونحوه أعطاك، وإن طلبت منه الولد لم يعطك؛ لأن هذا أمر ليس في استطاعته، فكيف يعطيك ما ليس في استطاعته؛ وأما الميت فلا يستطيع أن يعطي أو يمد بشيء؛ لأنه ليس في استطاعته عمل شيء.
    وبهذا يتبين تلبيس أسامة الأزهري؛ حينما قال: (الإمداد بيد الله، والمخلوق سبب لذلك).
    فيجاب عليه بقول جميع العقلاء: نعم، المخلوق سبب في الإمداد بما يقدر عليه، وأما الميت فلا يقدر على الإعطاء والإمداد؛ فكيف يذهب عاقل إلى ميت ويطلب منه المدد والإعطاء؟ وهل هذا إلا سفه في عقل فاعله.
    وصل اللهم على محمد وآله وصحبه وسلم
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    نعم، والجفري على شاكلة أسامة الأزهري.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    فنسأل الله لهما الهداية.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  5. #5

    افتراضي

    هذا اتجه صوفى ازهرى

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2011
    المشاركات
    234

    افتراضي

    [quote=محمد طه شعبان;818992]نعم، والجفري على شاكلة أسامة الأزهري.[/quo
    هؤلاء مطية التشيع

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    964

    افتراضي

    جزاكم الله خيرًا ..
    هذا القبوري من مدرسة المخرف علي جمعة . حمى الله مصر وأهلها من شركهم ..

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    كل إناء بما فيه ينضح .
    فأسامة الأزهري - طهر الله الأزهر منه ومن أمثاله - هذا من أذيال الصوفي المحترق علي جمعة ، عاملهما الله بما يستحقان .
    وأسامة هذا معروف بعدائه لمنهج السلف ، ويطعن في شيخ الإسلام ابن تيمية وأئمة السلف .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    عذرا لم أر كلام الشيخ سليمان الخراشي ، ويبدو أننا كتبنا هذا في نفس الوقت.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سليمان الخراشي مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرًا ..
    هذا القبوري من مدرسة المخرف علي جمعة . حمى الله مصر وأهلها من شركهم ..
    وجزاكم مثله فضيلة الشيخ، حقيقة قد تسبب هؤلاء وأمثالهم في وقوع العوام في الشرك وتعلقهم بالقبور، فإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أرحنا منهم يا رب العالمين.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    كل إناء بما فيه ينضح .
    فأسامة الأزهري - طهر الله الأزهر منه ومن أمثاله - هذا من أذيال الصوفي المحترق علي جمعة ، عاملهما الله بما يستحقان .
    وأسامة هذا معروف بعدائه لمنهج السلف ، ويطعن في شيخ الإسلام ابن تيمية وأئمة السلف .
    بارك الله فيكم شيخي الحبيب، وله فيديو يطعن فيه في العلامة الألباني، وينتقص منه انتقاصًا شديدًا، فحقده على علماء السلف بيِّن واضح.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر المنصورة
    المشاركات
    5,230

    افتراضي

    هل تقصد أسامة مدرس الحديث بالجامع الأزهر صاحب الدروس على قناة الأزهر على اليوتيوب ؟
    إن كنت تقصده فهو من طلب منه تسجيل فيلم وثائقي عن الأزهر ومراحل نشأته وتطوره ، وأن منهج الأزهر في العقيدة على عقيدة أهل السنة والجماعة -زعم- الأشاعرة ، وفي السلوك -زعم - مذهب الجنيد ، وفي الفقه (الفروع ) مذهب الامام الشافعي .
    وإن كنت تقصده فظاهر فيه التعالم والفزلكة والشهرة .
    نسأل الله السلامة والعافية .
    ابتليت مصر بالصوفية والأشاعرة والخوارج وظهر أخيرا مدرسة الإرجاء في ثوب سلفي .
    اللهم ثبتنا على التوحيد والسنة حتى نلقاك .

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر المنصورة
    المشاركات
    5,230

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سليمان الخراشي مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرًا ..
    هذا القبوري من مدرسة المخرف علي جمعة . حمى الله مصر وأهلها من شركهم ..
    آمين وجزاكم الله خيرا على جهودكم شيخنا .

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوخزيمةالمصرى مشاهدة المشاركة
    هل تقصد أسامة مدرس الحديث بالجامع الأزهر صاحب الدروس على قناة الأزهر على اليوتيوب ؟
    إن كنت تقصده فهو من طلب منه تسجيل فيلم وثائقي عن الأزهر ومراحل نشأته وتطوره ، وأن منهج الأزهر في العقيدة على عقيدة أهل السنة والجماعة -زعم- الأشاعرة ، وفي السلوك -زعم - مذهب الجنيد ، وفي الفقه (الفروع ) مذهب الامام الشافعي .
    وإن كنت تقصده فظاهر فيه التعالم والفزلكة والشهرة .
    نسأل الله السلامة والعافية .
    ابتليت مصر بالصوفية والأشاعرة والخوارج وظهر أخيرا مدرسة الإرجاء في ثوب سلفي .
    اللهم ثبتنا على التوحيد والسنة حتى نلقاك .
    نعم أقصد هذا الفسل، فعليه من الله تعالى ما يستحق، جزاء إضلاله للناس.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    سئل العلامة ابن باز رحمه الله:
    نسمع أقواما ينادون: مدد يا رسول الله، أو مدد يا نبي، فما الحكم في ذلك؟
    فأجاب رحمه الله:
    هذا الكلام من الشرك الأكبر، ومعناه طلب الغوث من النبي- صلى الله عليه وسلم- وقد أجمع العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنهم- وأتباعهم من علماء السنة على أن الاستغاثة بالأموات من الأنبياء وغيرهم، أو الغائبين من الملائكة أو الجن وغيرهم، أو بالأصنام والأحجار والأشجار أو بالكواكب ونحوها من الشرك الأكبر، لقول الله عز وجل: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا[1]، وقوله سبحانه: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ[2].
    وقول الله عز وجل: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ[3]، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهذا العمل هو دين المشركين الأولين من كفار قريش وغيرهم، وقد بعث الله الرسل جميعا عليهم الصلاة والسلام وأنزل الكتب بإنكاره والتحذير منه، كما قال الله سبحانه: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[4]، وقال سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ[5]، وقال عز وجل: الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ[6]، وقال سبحانه: تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ[7]، فأوضح سبحانه في هذه الآيات أنه أرسل الرسل وأنزل الكتب ليعبد وحده لا شريك له بأنواع العبادة من: الدعاء والاستغاثة والخوف والرجاء والصلاة والصوم والذبح والنذر وغير ذلك من أنواع العبادة، وأخبر أن المشركين من قريش وغيرهم يقولون للرسل ولغيرهم من دعاة الحق ما نعبدهم - يعنون الأولياء- إلا ليقربونا إلى الله زلفى، والمعنى أنهم عبدوهم ليقربوهم إلى الله زلفى ويشفعوا لهم، لا لأنهم يخلقون ويرزقون ويتصرفون في الكون، فأكذبهم الله وكفرهم بذلك فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ فبين سبحانه أنهم كذبة في قولهم: إن الأولياء المعبودين من دون الله يقربونهم إلى الله زلفى، وحكم عليهم أنهم كفار بذلك، فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ وبين سبحانه في آية أخرى من سورة يونس أنهم يقولون في معبوديهم من دون الله إنهم شفعاء عند الله، وذلك في قوله سبحانه: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ[8] فأكذبهم سبحانه فقال: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[9].
    وبين عز وجل في سورة الذاريات أنه خلق الثقلين الجن والإنس ليعبدوه وحده دون كل ما سواه، فقال عز وجل: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ[10] فالواجب على جميع الجن والإنس أن يعبدوا الله وحده وأن يخلصوا له العبادة، وأن يحذروا عبادة ما سواه من الأنبياء وغيرهم، لا بطلب المدد ولا بغير ذلك من أنواع العبادة، عملا بالآيات المذكورات وما جاء في معناها، وعملا بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم وعن غيره من الرسل عليهم الصلاة والسلام أنهم دعوا الناس إلى توحيد الله وتخصيصه بالعبادة دون كل ما سواه، ونهوهم عن الشرك به وعبادة غيره، وهذا هو أصل دين الإسلام الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب وخلق من أجله الثقلين، فمن استغاث بالأنبياء أو غيرهم، أو طلب منهم المدد أو تقرب إليهم بشيء من العبادة، فقد أشرك بالله وعبد معه سواه، ودخل في قوله تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[11]، وفي قوله عز وجل: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[12]، وقوله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[13]، وقوله سبحانه: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ[14]، ولا يستثنى من هذه الأدلة إلا من لم تبلغه الدعوة ممن كان بعيدا عن بلاد المسلمين، فلم يبلغه القرآن ولا السنة، فهذا أمره إلى الله سبحانه، والصحيح من أقوال أهل العلم في شأنه أنه يمتحن يوم القيامة، فإن أطاع الأمر دخل الجنة، وإن عصى دخل النار، وهكذا أولاد المشركين الذين ماتوا قبل البلوغ، فإن الصحيح فيهم قولان: أحدهما أنهم يمتحنون يوم القيامة، فإن أجابوا دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار. لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عنهم: ((الله أعلم بما كانوا عاملين)) متفق على صحته. فإذا امتحنوا يوم القيامة ظهر علم الله فيهم، والقول الثاني: أنهم من أهل الجنة؛ لأنهم ماتوا على الفطرة قبل التكليف، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كل مولود يولد على الفطرة))، وفي رواية: ((على هذه الملة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه))، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في روضة من رياض الجنة وعنده أطفال المسلمين وأطفال المشركين. وهذا القول هو أصح الأقوال في أطفال المشركين للأدلة المذكورة، ولقوله سبحانه: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا[15] ونقل الحافظ ابن حجر رحمه الله، في [الفتح] جـ 3 ص 347 في شرح باب: ما قيل في أولاد المشركين من كتاب الجنائز: إن هذا القول هو المذهب الصحيح المختار الذي صار إليه المحققون، انتهى المقصود.
    ويستثنى من ذلك أيضا دعاء الحي الحاضر، فيما يقدر عليه، فإن ذلك ليس من الشرك لقول الله عز وجل في قصة موسى مع القبطي: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ[16] ولأن كل إنسان يحتاج إلى إعانة إخوانه فيما يحتاج إليه في الجهاد وفي غيره مما يقدرون عليه، فليس ذلك من الشرك، بل ذلك من الأمور المباحة، وقد يكون ذلك التعاون مسنونا، وقد يكون واجبا على حسب الأدلة الشرعية. والله ولي التوفيق.
    ________________________
    [1] سورة الجن الآية 18.
    [2] سورة فاطر الآيتان 13 – 14.
    [3] سورة المؤمنون الآية 117.
    [4] سورة النحل الآية 36.
    [5] سورة الأنبياء الآية 25.
    [6] سورة هود الآيتان 1 – 2.
    [7] سورة الزمر الآيات 1 – 3.
    [8] سورة يونس الآية 18.
    [9] سورة يونس الآية 18.
    [10] سورة الذاريات الآية 56.
    [11] سورة الأنعام الآية 88.
    [12] سورة الزمر الآية 65.
    [13] سورة النساء الآية 48.
    [14] سورة المائدة الآية 72.
    [15] سورة الإسراء الآية 15.
    [16] سورة القصص الآية 15.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •