توهمات النحاة العرب بعد عصر الخليل وسيبويه ومحاولة تصويبها،
للأستاذ الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح-رئيس مجمع اللغة العربية الجزائري
بحث مقدم لمؤتمر مجمع اللغة العربية بالقاهرة في دورته الثانية والثمانين
إن الأجيال المتتالية من النحاة العرب الذين توارثوا كتاب سيبويه وما روى عنه وعن شيخه الخليل بن أحمد من بديع الأقوال وأصيلها قد وصل إليهم أيضا ما توهم في إدراكه بعض من جاء بعدهما مثل أبي الحسن الأخفش والمازني والجرمي وتلميذهما أبو العباس المبرد. وتبنَّت ذلك الجماعة من الذين أخذوا من أبي العباس مثل الزجاجي وابن السراج والسيرافي وغيرهم. وهو شيء قليل بالنسبة لما أصابوا في فهمه. وفضلهم كبير جدا في إدراكهم لأكثر ما جاء عن الخليل وتلميذه سيبويه. ويكفي في ذلك عنايتهم واهتمامهم الكبير بالكتاب وإيصالهم إياه بأمانة كاملة إلى الأجيال التي تلتهم وفي بعض الأحيان بأحسن الشروح وأعمقها.وقد اخترنا من ذلك ثلاث مسائل تتعلق الأولى بما بالغ فيه المازني أو شيخه الأخفش فيما يخص التسوية بين المسند والمسند إليه من جهة والفعل والفاعل والمبتدأ والخبر من جهة أخرى. والثانية تتعلق بعدم فهم الأخفش لعبارة سيبويه: الاسم المبتدأ (1/409) وسيبويه يريد ههنا الاسم الذي يقوم مقام الفعل ويعمل عمله (في:”أقائم الأخوانِ”). أما المسألة الثالثة فهي عدم تدقيق الكثير من النحاة (بعد سيبويه) في تحديدهم لدلالة الفعل على الزمان مع التباس مفهومي “المنقطع” و”غير المنقطع” عليهم.