دور الاحتياج المعنوي في تعريف الشهيد في الإسلام

تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في اختيار صيغة المبني للمجهول عند الحديث عن الشهيد في الإسلام ،كما هو الحال في قوله تعالى :"ولا تقولوا لمن يُقتَلُ في سبيل الله أمواتٌ بل أحياء ولكن لا تشعرون " وكما هو الحال في قوله تعالى :"ولا تحسبن الذين قُتِلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون "وقال تعالى عن المجاهدين في سبيله "فيَقتُلون ويُقتَلون "......إلى آخر الآيات الكريمة ، فجاء بالفعلين "يُقتَلُ" و"قُتِلوا" بالبناء للمجهول ،وهذا يعني أن الشهيد هو من يُقتل بسيف الأعداء وفي ساحة المعركة ، وكما هو الحال في قول سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم-الذي يحدد المقصود بالشهيد ،حيث يقول:" من قُتِل دون ماله فهو شهيد ،ومن قُتِل دون أهله فهو شهيد ومن قُتِل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتِل دون دمه فهو شهيد ....إلخ ، فجاء بصيغة الفعل مبنيا للمجهول عدة مرات ،أي أن الشهيد من يُقتًل من عدوه وليس من يَقتُل نفسه ،ولم أجد نصا قرآنيا أو نبويا أتى بصيغة الفعل المبني للفاعل "يَقتل نفسَه "أو قَتل نفسَه "وكلها جاءت بالبناء للمجهول وهذا يعني أن الشهيد يُقتل بسيف الأعداء في ساحة المعركة ، ويستدل البعض على جواز قتل الإنسان لنفسه بقصة الصحابي الجليل البراء بن مالك - رضي الله عنه - الذي طلب من زملائه أن يرفعوه أعلى السور ، من أجل فتح باب الحديقة التي تحصن بها الأعداء ، فرفعوه ونزل وقاتل الأعداء وفتح باب الحديقة ، وهذه القصة لا تعني إباحة قتل النفس ، لأن الصحابي الجليل البراء بن مالك – رضي الله عنه - لم يَقتل نفسَه ، وإنما هاجم أعداءه ، وصحيح أنه عرض نفسه للخطر لكنه لم يَقتلها ،والمهاجم يعرض نفسه للخطر دائما عندما يهاجم الأعداء ،فلا حجة في هذه القصة لمن يبيحون قتل النفس في سبيل قتل العدو أو غير العدو .

وبهذا يتضح أيضا أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى التراكيب ونظمها وإعرابها ، وباختصار:الإنسا يتحدث تحت رعاية الأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس، ويكفي المتكلم أن يقول كلاما مفهوما بعيدا عن اللبس والتناقض .