التنبيه على أخطاء عقدية في تدريب الراوي للسيوطي2

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

أما بعد

قال السيوطي في تدريب الراوي : وَأَصْلُ الْمَحَبَّةِ الْمَيْلُ، وَهِيَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى تَمْكِينُهُ لِعَبْدِهِ مِنَ السَّعَادَةِ وَالْعِصْمَةِ، وَتَهْيِئَةُ أَسْبَابِ الْقُرْبِ، وَإِفَاضَةُ الرَّحْمَةِ عَلَيْهِ، وَكَشْفُ الْحُجُبِ عَنْ قَلْبِهِ .

قلت : وهذا تأويل صريح وتعطيل لصفة المحبة الثابتة في الكتاب والسنة وإجماع السلف

قال تعالى "(يحبهم) ويحبونه" أي أنه يحب هؤلاء المؤمنين وهميحبونه , وقال "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" وقال "إن الله يحب المتقين" .
وروى البخاري في الصحيح بإسناده : 3209 – عن أبي هريرةعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ.

وروى مسلم بإسناده عن عامر بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي .

وروى هناد في الزهد بإسناده 478- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: "سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا" قَالَ : يُحِبُّهُمْ وَيُحَبِّبُهُمْ .

وقال ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى ( : فإن الكتاب والسنة واجماع المسلمين أثبتت محبة الله لعباده المؤمنين ومحبتهم له كقوله تعالى والذين آمنوا أشد حبا لله وقوله "يحبهم ويحبونه" وقوله "أحب إليكم من الله ورسوله" وقوله "إن الله يحب المتقين" , "يحب المحسنين" , "يحب التوابين ويحب المتطهرين" , "يحب المقسطين" ... .
(( وقد أجمع سلف الأمة وأئمتها على إثبات محبة الله تعالى لعباده المؤمنين ومحبتهم له وهذا أصل دين الخليل إمام الحنفاء عليه السلام )).
وأول من أظهر ذلك فى الإسلام الجعد بن درهم فضحى به خالد بن عبد الله القسري يوم الأضحى بواسط وقال : أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا ثم نزل فذبحه .اهـ

وسبب عدم إثبات الأشاعرة لصفة المحبة أنهم يفسرونها بأنها ميل القلب إلى شيء .
فيدعون أنهم لو أثبتوها صفة لله لوقعوا في التشبيه .

وأما أهل السنة فيقولون كما قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله : هذه الأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصفات والرؤية حق نؤمن بها (( ولا نفسرها إلا ما فسر لنا من فوق )) .

فنؤمن بها حقيقة دون تأويل , والأشاعرة أنفسهم يثبتون صفة الإرادة – على طريقتهم في الإثبات – والإرادة أيضا ميل النفس لشيء تحبه !!
فلماذا لا يثبتون المحبة أيضا لأن لها نفس التفسير - لو فسرنا - ؟ أو ينفون الجميع فيطردون مذهبهم ويسلمون من بعض الشنعة والعار والتناقض !.

هذا وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد

24 ربيع الأول 1437

كتبه نواف الشمري