ملخص السؤال:
فتاة تُوفِّي والدُها منذ سنوات، وتَولَّى أخوها مَسؤوليتها، وتسأل عن ضابطٍ شرعيٍّ يُحدِّد ماهية هذه المَسؤولية؛ لأنه يَتْرُكها وحدها فترات طويلة دون أن يسألَ عنها.
تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا فتاة عمري 21 عامًا، توفِّي والدي منذ سنوات، وتولَّى أخي مَسؤوليتي، فهل مِن ضابط شرعي يحدِّد ماهية هذه المسؤولية؟!المشكلة أن أخي يتركني وحدي طوال الأسبوع، ولا يأتي لزيارتي إلا مرتين فقط، أريد دليلًا شرعيًّا يثبت له حقي في ألا يتركني وحدي.
وجزاكم الله خيرًا

الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:فجزى الله أخاك خيرًا على تحمُّل مسؤوليتك منذ وفاة الوالد،فالأختُ غير المتزوجة إن كانتْ فقيرةً وكان أخوها مُوسرًا، فالواجبُ أن يُنفِقَ عليها عند أكثرِ أهلِ العلم.أما ضابطُ الزيارة فإنَّ الشارعَ لم يَحدُّ في هذا حدًّا، وإنما ترَكه للعُرف السائد بين الناس، وهذا كما تعرفين يختلف باختلاف الأشخاص وحاجاتهم، كما أن الشرع لم يُحدد أسلوبًا مُعينًا أو قدرًا مُحددًا لصِلة الرحم، وترَك المرجع فيه للعُرف واختلاف ظُروف وأحوال الناس، ومِن ثَمَّ فإنَّ الصِّلة تَحْصُل بالزيارة وبالاتصال، وبكل ما يُعد في العُرف صلةً.وفي فتاوى الإمام ابن الصلاح (1/ 399): "مسألة في حد صلة الرحم وما ورد في الحديث المشهور المذكور، وهل يجب على مَن له صلة الرحم أن يكتبَ كتابًا مع عجزه من السعي إليهم أم لا؟أجاب رضي الله عنه: صلة الرَّحِم هي أن تكونَ مع نسيبه وقريبه؛ بحيث يُعَدُّ واصلًا له متجنبًا لما يوجب المنافرة بين قلبيهما والمقاطعة، وإذا حصل ذلك بمكاتبة الغائب كفى في ذلك، والله أعلم".وقال الإمامالنووي رحمه الله في شرح مسلم: (2/ 201): "صلةُ الرحم هي الإحسانُ إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول، فتارةً تكون بالمال، وتارة بالخدمة، وتارة بالزيارة والسلام وغير ذلك". انتهى.كما أنَّ العلماء المعاصرين نَصُّوا على ما ذكرتُه لك، فقال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله في "شرح رياض الصالحين " ( 5 / 215 ): "وصلةُ الأقارب بما جرَى به العرفُ واتَّبعه الناسُ؛ لأنه لم يبين في الكتاب ولا السنة نوعها ولا جنسها ولا مِقدارها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُقيده بشيء معينٍ، بل أطلق؛ ولذلك يرجع فيها للعرفِ، فما جرى به العرف أنه صلة فهو الصلة، وما تعارف عليه الناسُ أنه قطيعةٌ فهو قطيعةٌ". انتهى.والحاصلُ أيتها الابنة الكريمة أنه يجب على أخيك أن يصلَ رحِمك بقدر ما لا يُعَدُّ عُرفًا قاطعًا لرحِمك، وأن ينفقَ عليك بقدر ما تحتاجين، وكذلك يجب عليك أن تَصِلي رحمه، وأن تتصلي به كلما شعرتِ أنه قد تأخَّر عليك، وإن كنتِ تتأذين مِن السكن بمفردك فيجب عليه أن يَضمك إليه.
وفَّقك اللهُ لكلِّ خير، وقدَّر لك الخير حيث كان