ملخص السؤال:
فتاة تكره نفسها، وتحقد على جميع مَن حولها، وتبكي باستمرارٍ، حاولتْ أن تحبهم رغمًا عنها، لكنها لا تستطيع.
تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا فتاة عشتُ حياتي وحيدةً، وقابلتُ أناسًا صدَرتْ منهم أفعال أنانية، ومنذ فترة أني أكره الناس، وأكره نفسي، وأحقِد على جميع مَن حولي، وأبكي باستمرار.حاولتُ أن أحبهم لكنني لا أستطيع، ولا أعلم السبب.
وأريد حلًّا، فلا أريد أن أبقى هكذا!

الجواب

ابنتي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.نُرحِّب بك في شبكة الألوكة، سائلين المولى القدير أن يُسددنا في تقديم ما ينفعك ويَنفع جميع المستشيرين.عزيزتي، رغم أنك أَشَرْتِ في رسالتك إلى أنك (لا تعلمين) سبب مشكلتك ومشاعرك السلبية تجاه نفسك وتجاه الآخرين، إلا أنني أجد أنك قد شخَّصْتِ السبب في المعلومات التي قدَّمتِها حول المشكلة؛ إذ يبدو جليًّا أنك قد تعرَّضْتِ لمواقفَ سلبيةٍ سابقةٍ مع أشخاص مَرُّوا في حياتك، وهو ما تشير إليه عبارتك: (أناس صدرتْ منهم أفعال أنانية)، وهذا الأمرُ كوَّن لديك خبرات مُؤلمةً تَسَبَّبَتْ لك في مخاوفَ مِن التعامُل مع الناسِ خشية التعرُّض لمثل هذه المواقف المؤلمة، وهذا الأمر كوَّن فجوة بينك وبين الناس، حتى جَعَل انسحابك عنهم وعدم تعاملك معهم هو أنسب الحلول مِن وجهة نظرك.ورغم أنك وَجَدْتِ أن انسحابك عن الناس هو أنسب الحلول والأكثر راحة لك، لكن هذا الأمر قاد إلى شُعورك بالوَحدة، وهو ما تُشير إليه عبارتك بوصفك لأسباب المشكلة: (عشتُ حياتي وحيدة)، فإن انزعاجك مِن هذه المشاعر أمرٌ طبيعيٌّ؛ لأن الإنسان كائن اجتماعيٌّ، ويرغب بطبعه في مُؤانَسة الآخرين والتعاطي معهم ومشاركتهم عواطفه ومشاعره.وبين شعورك بالغضب مِن الناس من جهة، وشعورك بالإحباط بسبب إحساسك بالوحدة مِن الجهة الأخرى - وصلتِ إلى حالةٍ تكرهين فيها نفسك والآخرين.وإنني يا عزيزتي إذ أُوَضِّح هنا المَراحل التي أَدَّتْ بكِ إلى هذه المَشاعر، فلأبيِّن لك الإخفاقات التي وقعتِ بها في تعامُلك مع تلك المواقف، ومِن ثَم يكون بإمكانك مُواجهتها والاعتراف بها سعيًا لتصحيحها، بإذن الله تعالى.وأولى تلك الإخفاقات تكْمُن في رد فعلك (بتعميم) الصفات السلبية التي صادفَتْك مِن (البعض)، على جميع الناس، والأسلمُ هو قيامك بمراجعة تلك المواقف وتقييم ما إذا كان الخطأُ منك، أو أنك قد (فسرتِ) مواقف الآخرين بمبالغةٍ، أو بغير معناها، وما إلى ذلك.فإن لم تَجِدي ذلك في هذه المواقف، فليس مِن الصواب أن تُعمِّمي صفات أشخاص على جميع مَن حولك، فليس مِن العدل أو العقلانية أن تحكمي على جميع الناس (بالأنانية)، وتحرمي نفسك مِن الاستئناس من أخلاقهم الحسنة.حلُّ مشكلتك يا عزيزتي يَكمُن في طريقة رؤيتك لمواقف الناس مِن جهة، وفي أسلوب تعامُلك معهم من جهةٍ أخرى، وهو ما يتطلب قيامك بتطوير مهارات فكرية وسلوكية مهمة، لتجعلك أكثر ارتياحًا واستقرارًا نفسيًّا، ولتحظي بعلاقات اجتماعية أفضل - بمشيئة الله تعالى.وأخيرًا، أختم بالدعاء إلى الله تعالى أن يشرح صدرك، ويصلح شأنك كله، وينفع بك
وسنكون سعداء بسماع أخبارك الطيبة