ملخص السؤال:شاب أحَبَّ فتاة وأقام معها علاقةً جنسيةً، والفتاةُ تدَّعي أنها فقدتْ عُذريتها، وهو لا يريد أن يتزوَّجها لعيوبٍ كثيرة فيها، وهي تهدِّد بالانتحار إن لم يتزوجها. تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا شابٌّ مُغترب للدراسة، التقيتُ بفتاةٍ مُغتربة وتعرَّفتُ عليها، وأحبَّ كلٌّ منَّا الآخر، ثم انقلب الحبُّ إلى علاقةٍ جنسيةٍ غير كاملة، فقط مُداعبات ومُلامَسات!كنتُ أنوي الزواج منها، لكني كنتُ أجدها عنيدةً كثيرة الشكوى، حاولتُ معها كثيرًا لكني فشلتُ في التعامل معها، فكانتْ لا تَحترمني ولا تُرضيني، وتسبني وتسبُّ والديّ.أخاف مِن الزواج منها، وهي تقول: إنها فقَدَتْ عُذريتها وأنا لا أُصَدِّقها، لأني لم أفعل ذلك! وأخبَرَتْني أنها سوف تنتحر إن تركتُها.
أشيروا عليَّ ماذا أفعل؟ هل أتركها أو أتزوجها؟

الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:فالواجبُ عليك أيها الابن أن تتوبَ إلى الله تعالى توبةً صادقةً نصوحًا؛ وتندمَ على ما فعلتَ مع تلك الفتاة، وتُقلع عن هذا الذنب المشين، وتَعزم على عدم العود، ولا تتحقق التوبة الصادقة إلا بقطع علاقتك بهذه الفتاة عاجلًا غير آجل، وأَكْثِرْ مِن الدعاء والاستغفار؛ قال الله تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [التحريم: 8]، واللهُ تعالى يَقبَل توبةَ التَّائبين، ويَعفو بكرَمِه عن المُذْنبينَ، ويُبدِّل بفَضلِه لَهم السَّيئات حسنات.فسُدَّ على نفسِك أبواب الشيطان بالبُعد عن كلِّ ما مِن شأنه أن يُقَرِّبك منها، وغيِّر رقْمَ هاتفك وبريدك الإلكتروني وحسابك على مواقع التواصل، واقطع الماضي، وامسحْ تفاصيلَه، وقوِّ ثقتك بالله تعالى، فاللهُ تعالى برحمته سدَّ على العبد كلَّ مَنافذ الشيطان؛ فقال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ﴾ [النور: 21].لا تشغلْ نفسَك بذلك الماضي السيئ، وضَيِّق مساحة التفكير فيه، واستَعِنْ بالله تعالى ولا تعجز، وخُذْ بأسباب العفة التي شرَعها الله؛ مِن غض البصر، وإدمان الصيام، وأكْثِرْ مِن الدعاء المأثور: ((اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى))؛ رواه مسلم، ودعاء: ((اللهم إني أعوذ بك مِن شرِّ سمعي وبصري وقلبي ومَنِيِّي؛ يعني: فرجه))؛ رواه أحمد وأصحاب السنن.وأكْثِرْ مِن ذِكْرِ الله دائمًا فهو الحصنُ الحصينُ مِن شياطين الإنس والجن، وحافِظْ على الصلواتِ المفروضة في جماعةٍ، وأكْثِرْ مِن النوافل، فإنَّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ كما قال الله تعالى: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]، وابحثْ عن صُحبة من الشباب الصالحين تُعينك على الخير.ولا تَستجبْ لابتزاز تلك الفتاة وتهديدها لك بالانتحار، فهذه العلاقةُ المُحرَّمةُ الآثمة لا تَصْلُح أن تنتهيَ بالزواج، فالشارع الحكيم رغَّب في صاحبة الدين، وقد ذكرتَ أنها تَسُبُّ عياذًا بالله الذات الإلهية الشريفة، وهذا مِن أغلظ الكفر بإجماع المسلمين!واحذرْ مِن الوقوع في الخطأ القديم في المستقبل، وسدَّ كل ذريعةٍ قد تَقُودُك إلى الوقوع في حبال الشيطان مرةً أخرى، وتذَكَّرْ أنه لا يَلزمك الزواج من هذه الفتاة ما دامتْ على ذلك الخُلُق، إلا أن تتوبَ وينصلحَ حالها، فتُؤجر بإعفافك لها، والحيلولة بينها وبين ما هددتْ به، فإن استمرتْ في غيِّها فدَعْك منها كما قررناه سابقًا، ولو قُدِّرَ أنها انتحرتْ فعلًا لأنك أعرضتَ عنها فلا يَلحقك مِن ذلك إثمٌ، فهي التي جَنَتْ على نفسِها وهي كبيرةٌ وعاقلة ومُكلَّفةٌ.
والله أسأل أن يَرْزُقك توبةً صادقةً، وخلاصًا مما ابتُليتَ به