ملخص السؤال:
شابٌّ عَقَد عَقْد الزواج على فتاة، ودخل بها بدون معرفة أهلها، ثم حصلت بينه وبين أهلها مشكلات وربما يحدُث طلاق، ويسأل: ماذا أفعل حتى لا تُشَوَّه صورة الفتاة بعد ذلك؟
تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.عقَدتُ عقد الزواج على فتاة، ولم تتم الدُّخلة بعدُ، ولكن حَصَل بيننا جِماعٌ عدة مرات بدون إيلاج كامل.أريد أن أُكملَ زواجي منها، لكن أهلها تَغَيَّروا عليَّ بشكلٍ مفاجئٍ بدون أي سببٍ، ولا أعلَم فربما لا يكتمل زواجي منها بسبب أهلها.
فما رأيكم في ذلك؟ وماذا ستكون بعد الطلاق إنْ تَمَّ؟ فيجب أن يعرفَ الناس ما حصل حتى لا يَنخدعَ من يجيء لخطبتها بعدي؟

الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:فلا يَخفى عليك أيها الابن الكريم أن بعقد الزواج تَصير المرأة زوجةً للرجل الذي عَقَد عليها، ويترتب على العقد جميع الحقوق الشرعية بين الزوجين؛ مِن التوارث، والخلوة، والاستمتاع، وغير ذلك مِن الأمور.غير أنه قد جرَت الأعرافُ الصحيحة في بلادنا مِن قديم مِن عدم تمكين العاقد مِن الجماع بعد العقد إلا بعد حفلِ الزفاف، ومراعاة تلك الأعراف وعدم تجاوُزها مِن الواجبات الشرعية لعدم تعارُضها مع الشرع الحنيف، ولما في اعتبار ذلك مِن المصالح، ودرء المفسدة عن الفتاة وأهلها في حال حصول الطلاق قبل الزفاف.لأنَّ العادة المطَّردة تنْزل منزلة الشرط، والقاعدةُ الفقهيةُ: أن المعروف عُرفًا كالمشروط شرعًا؛ بمعنى: أن ما تعارَف عليه الناسُ واعتادوا التعامل عليه بدون اشتراط صريحٍ فهو مرعيٌّ، ويعتبر بمنزلة الاشتراط الصريح، بل إنَّ هذا العرف له أصل في الشرع، فقد ذكَر الفقهاء أنَّ مِن حق المرأة الامتناع عن الوطء ما لم يُدفع لها صداقها؛ قال الخِرَقِي:"وإنطالب الزوجُ بالدخول، وقالتْ: لا أسلِّم نفسي حتى أقبضَ صداقي كان ذلك لها، ولَزِمته النفقة إلى أن يدفع إليها صداقها".فضلًا عن أن القاعدة الشرعية أنه: لا ضرر ولا ضرار، وجماعُ المعقود عليها قبل الزفاف يُؤدي إلى مفاسدَ محققةٍ في حال حدَث الافتراق، ويوقع الزوجة وأهلها في حرَج شديدٍ أمام الناس؛ لأن الظاهرَ للجميع أنه لَم يُبنَ بها بعدُ ولم يُدخلْ بها.أما ما يَجب عليك الآن أيها الابنُ: فلا تَتَسَرَّع في الطلاق، ولا تُجب أهل زوجتك إليه، وتحمَّل مسؤوليك ومسؤولية ما فعلتَه بتمسكك بزوجتك حتى لا يلحقها الضررُ الشديد، ووسِّط بعض أهل الخير مِن العقلاء مِن الأقارب وغيرهم لرأبِ الصَّدْع، والبحث عن حُلولٍ لأي مشكلةٍ قائمةٍ، وتحلَّ بالصبر واللين، فإنْ أَصَرُّوا بعد جميع المُحاولات على الطلاق فأعْلِمْهم بما تَمَّ بينكما مِن جماعٍ، وأنك قد دخلتَ بها؛ لينظروا في عواقبِ الطلاق، وهذا مِن حقِّهم، فإنْ أصَرُّوا بعد عِلْمِهم، وتم الطلاق فزوجتُك تستحقُّ جميع المهر ونفقة المُتعة، ولها أجرُ السكنى والنفقة فترة العدة، وهي الثلاث حيضات؛ قال تعالى: ﴿ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرً ﴾ [الطلاق: 1].
والله أسأل أن يُقَدِّرَ لكما الخير حيث كان