تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: "ترتيب أذكار الصلاة بعد السلام". الشيخ/ د. ذياب بن سعد الغامدي.

  1. #1

    افتراضي "ترتيب أذكار الصلاة بعد السلام". الشيخ/ د. ذياب بن سعد الغامدي.

    على المُسْلم أنْ يَجْتَهِدَ في تَرْتِيْبِ هَذِهِ الأذْكَارِ تَرْتِيْبًا مُتَقَارِبًا، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الاسْتِقْرَاءُ الصَّحِيْحُ مِنْ خِلالِ عُمُوْمِ الأدِلَّةِ الشَّرعِيَّةِ .
    كَمَا أنَّ بَعْضَ هَذَا التَّرتِيْبِ بَيْنَ هَذِهِ الأذْكَارِ لم يَكُنْ مَنْصُوْصًا عَلَيْهِ بظَاهِرِ السُّنَّةِ، بَلْ جَاءَ مِنْ بَابِ الاجْتِهَادِ المُعْتَبَرِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَوَاهِرُ عُمُوْمَاتِ الأدِلَّةِ الشَّرعِيَّةِ الأُخْرَى، والله المُوَفِّقُ، والهَادِي إلى سَوَاءِ السَّبِيْلِ .
    وعَلَيْهِ؛ فَقَدْ جَاءَ تَرْتِيْبُ هَذِهِ الأذْكَارِ عِنْدَنَا على الوَجْهِ التَّالي :
    أوَّلًا : أنْ يَأتي المُسْلِمُ : «بالاسْتِغْفَارِ» ثَلاثًا، بَعْدَ السَّلامِ مُبَاشَرَةً، ثُمَّ يَقُوْلُ بَعْدَهَا أيْضًا مُبَاشَرَةً : «اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلامُ، ومِنْكَ السَّلامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الجَلالِ والإكْرَامِ» أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، كمَا هُوَ ظَاهِرُ الحَدِيْثِ، وعَلَيْهِ عامَّةُ أهْلِ العِلْمِ .
    كَمَا على الإمَامِ أنْ يَقْوَلَ هَذَا الذِّكْرَ، وهُوَ مُتَّجِهٌ إلى القِبْلَةِ، وقَبْلَ أنْ يَنْصَرِفَ بوجْهِهِ إلى المُصَلِّيْنَ، كمَا هُوَ ظَاهِرُ حَدِيْثِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ، كَمَا مَرَّ مَعَنَا .
    ومِنَ الأذْكَارِ الَّتِي يَنْبَغِي الابْتِدَاءُ بِهَا أيْضًا قَبْلَ غَيْرِهَا، مَا ثَبَتَ عَنْهُ ﷺ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ صَلاةِ الوِتْرِ خَاصَّةً؛ وهُوَ قَوْلُهُ : «سُبْحَانَ المَلِكِ القُدُّوْسِ» ثَلاثَ مَرَّاتٍ، يَرْفَعُ صَوْتَهُ في الثَّالِثَةِ، أخْرَجَهُ أحمَدُ والنَّسَائيُّ، وقَدْ مَرَّ مَعَنَا .
    ثُمَّ ثَانِيًا : يَأتي بَعْدَهَا بصِفَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أذْكَارِ : التَّسْبِيْحِ والتَّحْمِيْدِ والتَّكْبِيْرِ، لظَاهِرِ حَدِيْثِ ابنِ عَبَّاسٍ الَّذِي في «الصَّحِيْحَيْن ِ» وغَيْرِهِمَا .
    وهُوَ قَوْلُ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا : أنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ المَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ .
    وقَوْلُهُ : كُنْتُ أعْلَمُ إذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إذَا سَمِعْتُهُ .
    وقَوْلُهُ : كُنَّا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ الله ﷺ بِالتَّكْبِيرِ .
    وقَوْلُهُ : مَا كُنَّا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ الله ﷺ إلَّا بِالتَّكْبِيرِ .
    فَظَاهِرُ هَذِهِ الأحَادِيْثِ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ وأصْحَابَهُ رَضِيَ الله عَنْهُم كَانُوا يَأتُوْنَ بالتَّسْبِيْحِ والتَّحْمِيْدِ والتَّكْبِيْرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الصَّلاةِ مُبَاشَرَةً، أيْ بَعْدَ الإتْيَانِ «بالاسْتِغْفَارِ»، وقَوْلِ : «اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلامُ، ومِنْكَ السَّلامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الجَلالِ والإكْرَامِ»، لظَاهِرِ حَدِيْثِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا المُتَقَدِّمِ عِنْدَ مُسْلِمٍ .
    يُوَضِّحُهُ؛ أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ رَضَيَ الله عَنْهُ صَرَّحَ بأنَّ مَعْرِفَةَ انْقِضَاءِ الصَّلاة على عَهْدِ رَسُوْلِ الله ﷺ كَانَ يُعْرَفُ بالتَّكْبِيْرِ مُبَاشَرَةً، وإلَّا لم يَكُنْ لمَعْرِفَةِ انْقِضَاءِ الصَّلاةِ اعْتِبَارٌ؛ بحَيْثُ إنَّهُم لو كَانُوا يَأتُوْنَ بالأدْعِيَةِ وقِرَاءَةِ آيَةِ الكُرْسِي والمُعَوَّذَاتِ وغَيْرَهَا دُوْنَ التَّكْبِيْرِ؛ لمَا عَرَفَ ابنُ عَبَّاسٍ ولا غَيْرُهُ انْقِضَاءَ الصَّلاةِ وَقْتَئِذٍ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ مِنَ الزَّمَنِ، لِذَا نَجِدُ ابنَ عَبَّاسٍ رَضَيَ الله عَنْهُ أنَاطَ انْقِضَاءَ الصَّلاةِ بالتَّكْبِيْرِ مُبَاشَرَةً دُوْنَ فَاصِلٍ .
    هَذَا إذَا عَلِمْنَا أنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَ عَامَّةِ أهْلِ العِلْمِ أنَّهُ لا يُسَنُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بقِرَاءَةِ القُرْآنِ أو بشَيءٍ بَعْدَ الانْصِرَافِ مِنَ الصَّلاةِ إلَّا بالاسْتِغْفَارِ والتَّكْبِيْرِ والتَّسْبِيْحِ والتَّحْمِيْدِ، وبِهَذَا يَكُوْنُ رَفْعُ الصَّوْتِ بالتَّكْبِيْرِ كَانَ عَقِيْبَ السَّلامِ مِنَ الصَّلاةِ مُبَاشَرَةً، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ حَدِيْثِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا، والله أعْلَمُ .
    ثُمَّ ثَالِثًا : يَأتي بَعْدَهَا ببَقِيَّةِ أحَادِيْثِ الأذْكَارِ الأُخْرَى كَيْفَما وَقَعَتْ دُوْنَ تَقْيِيْدٍ بتَرْتِيْبٍ بِيْنَهَا؛ لأنَّهُ لم يَثْبُتْ لَدَيْنَا مَا يَدُلُّ على تَرْتِيْبِهَا إلَّا إذَا كَانَ مِنْ بَابِ الأفْضَلِيَّةِ، فَهَذَا شَيءٌ آخَرُ، والله أعْلَمُ .
    فَمِنْ ذَلِكَ :
    مَا أخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ : عَنْ شُعْبَةَ عَنِ المُغِيرَةِ رَضِيَ الله عَنْهُ؛ أنَّ رَسُولَ الله ﷺ كَانَ إذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ وسَلَّمَ قَالَ : «لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وهُو على كُلِّ شَيءٍ قَدِيْرٍ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لما أعْطَيْتَ، ولا مُعْطِي لما مَنَعْتَ، ولا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» .
    ومَا أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ الله : عَنِ ابنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ الله عَنْهُ أنَّهُ كَانَ يَقُولُ في دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ : «لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وهُو على كُلِّ شَيءٍ قَدِيْرٍ، لا حَوْلَ ولا قُوةَ إلَّا بالله، لا إلَهَ إلَّا الله ولا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ ولَهُ الفَضْلُ ولَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ، لا إلَهَ إلَّا الله مُخْلِصِيْنَ لَهُ الدِّيْنَ ولَوْ كَرِهَ الكَافِرُوْنَ»، وقَالَ : كَانَ رَسُولُ الله ﷺ يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ .
    وكَذَا مَا جَاءَ بَعْدَ صَلاةِ المَغْرِبِ والفَجْرِ : «لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ، يُحْيِي ويُمِيْتُ وهُو على كُلِّ شَيءٍ قَدِيْرٍ» عَشَرَ مَرَّاتٍ، أخْرَجَهُ أحْمَدُ والتَّرْمِذِيُّ والنَّسَائيُّ وغَيرُهُم، وقَدْ مَرَّ مَعَنَا .
    وقَدَّمْتُ هَذِهِ الأذْكَارَ هُنَا؛ لأمْرَيْنِ :
    الأوَّلُ مِنْهُمَا : أنَّهَا تَضَمَّنَتْ أذْكَارًا، وقَدْ بَاتَ عِنْدَ عَامَّةِ أهْلِ العِلْمِ أنَّ جِنْسَ الذِّكْرِ أفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الأدْعِيَةِ شَرْعًا وعَقْلًا .
    لِذَا؛ فَكَانَ مِنْ مَوَاطِنِ الاسْتِجَابَةِ ومِنْ آدَابِ الأذْكَارِ بعَامَّةٍ : تَقْدِيْمُ مَا كَانَ ذِكْرًا على مَا كَانَ دُعَاءً، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الأدِلَّةُ الشَّرعِيَّةُ والآدَابُ النَّبَوِيَّةُ المَرْعِيَّةُ .
    الثَّاني مِنْهُما : أنَّ ظَاهِرَ أحَادِيْثِ هَذِهِ الأذْكَارِ جَاءَ بِمَا يُشْعِرُ تَقْدِيْمُهُ على غَيْرِهِ مِنَ الأدْعِيَةِ، فَمِنْ ذَلِكَ :
    مَا أخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ : مِنْ حَدِيْثِ شُعْبَةَ عَنِ المُغِيرَةِ رَضِيَ الله عَنْهُ؛ أنَّ رَسُولَ الله ﷺ كَانَ إذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ وسَلَّمَ قَالَ : «لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ ...» الحَدِيْثَ .
    ومَا أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ الله : مِنْ حَدِيْثِ ابنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ الله عَنْهُ أنَّهُ كَانَ يَقُولُ في دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ : «لا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ لَهُ ...» الحَدِيْثَ .
    وكَذَا مَا ثَبَتَ مِنَ الأذْكَارِ الَّتِي تُقَالُ بَعْدَ صَلاةِ الفَجْرِ والمَغْرِبِ، وهُوَ ما أخْرَجَهُ أحْمَدُ وغَيْرُهُ مِنْ حَدِيْثِ أبِي ذَرٍّ أنَّ رَسُولَ الله ﷺ قَالَ : «لَا إلَهَ إلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ يُحْيِي ويُمِيتُ ...» الحَدِيْثَ، وغَيْرِهَا مِنَ الأذْكَارِ الَّتِي مَرَّتْ مَعَنَا .
    ثُمَّ رَابِعًا : يَأتي بَعْدَهَا بقِرَاءَةِ آيَةِ الكُرْسِي والمُعَوَّذَاتِ ، تَعْظِيمًا للقُرْآنِ، وتَقْدِيْمًا لَهُ في الحُجِّيَّةِ والاسْتِدْلالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ صَنِيْعِ أئِمَّةِ الإسْلامِ في مُصَنَّفَاتِهِم ، ولكَوْنِ القُرْآنِ أيْضًا أكْثَرَ شُمُوْلًا على الثَّنَاءِ والذِّكْرِ والدُّعَاءِ مِنْ غَيْرِهِ، لِذَا كَانَ القُرْآنُ أشْمَلَ مَعْنىً مِنَ الأدْعِيَةِ الأُخْرَى .
    هَذَا إذَا عَلِمْنَا أنَّ القُرْآنَ والسُّنَّةَ إذَا اجْتَمَعَا على وَجْهِ الاخْتِيَارِ في مَوْطِنِ عِبَادَةٍ أو ذِكْرٍ أو دُعَاءٍ أو اسْتِدْلالٍ كَانَ القُرْآنُ مُقَدَّمًا إجْلالًا وتَعْظِيْمًا مَا لم يَكُنْ هُنَاكَ دَلِيْلٌ خَاصٌّ في تَقْدِيْمِ غَيْرِهِ، وهَذَا مَا عَلَيْهِ عَمَلُ عَامَّةِ المُسْلِمِيْنَ .
    وبِهِ أفْتَتِ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ جَوَابٍ لهَا (7/108) ورَقْمُ (4209) : «تُسَنُّ قِرَاءَةُ آيَةِ الكُرْسِي وسُوْرَةِ الإخْلاصِ والمُعَوَّذَتَي ْنِ، وتَكُوْنُ القِرَاءَةُ سِرًّا، ويَكُوْنُ بَعْدَ الانْتِهَاءِ مِنَ الذِّكْرِ بَعْدَ السَّلامِ» إلى آخِرِهِ .
    ثُمَّ خَامِسًا : كَمَا عَلَيْهِ أنْ يُرَتِّبَ قِرَاءَةَ هَذِهِ الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ، هَكَذَا : يَبْدَأ بآيَةِ الكُرْسِي، ثُمَّ بسُوْرَةِ الإخْلاصِ، ثُمَّ بسُوْرَةِ الفَلَقِ، ثُمَّ بسُوْرَةِ النَّاسِ.
    ويَدُلُّ على ذَلِكَ : تَرْتِيْبُ المُصْحَفِ للسُّوَرِ، وهُوَ الأمْرُ الَّذِي أجْمَعَتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ ﷺ، كَمَا أنَّنَا أُمِرْنَا باتِّبَاعِ سُنَّتِهِم، والاقْتِدَاءِ بفِعْلِهِم .
    ويَدُلُّ عَلَيْهِ أيْضًا : فِعْلُ النَّبِيِّ ﷺ؛ حَيْثُ كَانَ يُرَتِّبُ قِرَاءَةَ هَذِهِ السُّوَرِ الثَّلاثَةِ (الإخْلاصِ والفَلَقِ والنَّاسِ) عِنْدَ نَوْمِهِ وعِنْدَ رُقْيَتِهِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ ﷺ في السُّنَّةِ الصَّحِيْحَةِ .
    وعلى هَذَا؛ فَقَدْ اسْتَحَبَّ جَمَاهِيْرُ أهْلِ العِلْمِ سَلَفًا وخَلَفًا التَّرتِيْبَ بَيْنَ السُّوَرِ عِنْدَ قِرَاءَةِ القُرْآنِ، وهُوَ كَذَلِكَ، لِذَا لا يَجُوْزُ تَنْكِيْسُ قِرَاءَةِ القُرْآنِ عِنْدَ الاخْتِيَارِ، بَلْ كَانَ على المُسْلِمِ أنْ يَبْدَأ بقِرَاءَةِ القُرْآنِ أوَّلًا بأوَّلٍ، وهَكَذَا إلى آخِرِهِ .
    قَالَ ابنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ الله : «وتَرْتِيْبُ السُّوَرِ بالاجْتِهَادِ لا بالنَّصِّ في قَوْلِ جَمْهُوْرِ العُلَمَاءِ ... فَيَجُوْزُ قِرَاءَةُ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ، وكَذَا في الكِتَابَةِ، ولهَذَا تَنَوَّعَتْ مَصَاحِفُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ الله عَنْهُم في كِتَابَاتِهِم .
    لكِنْ لمَّا اتَّفَقُوا على المُصْحَفِ في زَمَنِ عُثْمَانَ رَضَيَ الله عَنْهُ صَارَ هَذَا ممَّا سَنَّهُ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُوْنَ، وقَدْ دَلّ الحَدِيْثُ أنَّ لهُم سُنَّةً يَجِبُ اتِّبَاعُهَا» ذَكَرَهُ عَنْهُ ابنُ مُفْلِحٍ في «الفُرُوْعِ» (1/421) .
    وقَالَ النَّووِيُّ رَحِمَهُ الله في «التِّبْيَانِ» (99) : «قَالَ العُلَماءُ : الأوَّلى أنْ يَقْرَأ على تَرْتِيْبِ المُصْحَفِ، فيَقْرَأ الفَاتِحَةَ، ثُمَّ البَقَرَةَ، ثُمَّ آلَ عِمْرَانَ، ثُمَّ مَا بَعْدَهَا على التَّرتِيْبِ، وسَوَاءٌ قَرَأ في الصَّلاةِ أو في غَيْرِهَا ... ودَلِيْلُ هَذَا أنَّ تَرْتِيْبَ المُصْحَفِ إنَّمَا جُعِلَ هَكَذَا لحِكْمَةٍ» انْتَهَى .
    وعَلَيْهِ تَكُوْنُ قِرَاءَةُ آيَةِ الكُرْسِي مُقَدَّمَةً على قِرَاءَةِ الإخْلاصِ، وسُوْرَةُ الإخْلاصِ مُقَدَّمَةً على الفَلَقِ، وسُوْرَةُ الفَلَقِ مُقَدَّمَةً على سُوْرَةِ النَّاسِ، والله تَعَالى أعْلَمُ .
    ثُمَّ سَادِسًا : يَأتي ببَقِيَّةِ الأدْعِيَةِ الأُخْرَى كَيْفَما وَقَعَتْ دُوْنَ تَقْيِيْدٍ بتَرْتِيْبٍ بَيْنَهَا؛ لأنَّهُ لم يَثْبُتْ لَدَيْنَا مَا يَدُلُّ على تَرْتِيْبِهَا إلَّا إذَا كَانَ مِنْ بَاب الأفْضَلِيَّةِ، فَهَذَا شَيءٌ آخَرُ، والله أعْلَمُ .
    فَمِنْ ذَلِكَ :
    مَا أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ الله : عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِيَ الله عَنْهُ؛ قَالَ : كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ الله ﷺ أحْبَبنَا أنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوجْهِهِ، قَالَ : فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : «رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ» .
    ومَا أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أيْضًا : عَنْ عَلِيِّ بنِ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنْهُ؛ أنَّ رَسُولَ الله ﷺ، كَانَ يَقُوْلَ إذَا سَلَّمَ : «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسَرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، وما أسْرَفْتُ وما أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أنْتَ المُقَدِّمُ وأنْتَ المُؤخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ» .
    وكَذَا مَا ثَبَتَ مِنَ الأذْكَارِ الَّتِي تُقَالُ بَعْدَ صَلاةِ الفَجْرِ، كَمَا أخْرَجَهُ أحْمَدُ والنَّسَائيُّ وغَيْرُهُمَا : عَنْ أمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا؛ إنَّهَا تَقُولُ : إنَّ رَسُولَ الله ﷺ كَانَ يَقُولُ إذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ سَلَّمَ : «اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ عِلْمًا نَافِعًا ورِزْقًا واسِعًا وعَمَلًا مُتَقَبَّلًا» .
    وأمَّا تَأخِيْرُنَا لهَذِهِ الأدْعِيَةِ هُنَا؛ فَقَدْ جَاءَ لأمُوْرٍ ثَلاثَةٍ :
    الأوَّلُ مِنْهَا : أنَّهَا أدْعِيَةٌ، وقَدْ مَرَّ مَعَنَا أنَّ حَقَّ الأدْعِيَةِ التَّأخِيْرُ عَنْ أحَادِيْثِ الذِّكْرِ والثَّنَاءِ على الله تَعَالى، فَتَأمَّلْ .
    الثَّاني مِنْهَا : أنَّ أذْكَارَ الأدْعِيَةِ لا يُسَنُّ فيْهَا رَفْعُ الصَّوْتِ عِنْدَ عَامَّةِ أهْلِ العِلْمِ مِنْ أئِمَّةِ السَّلَفِ ومَنْ تَبِعَهُم بإحْسَانٍ إلى يَوْمِ الدِّيْنِ، وعَلَيْهِ يَظْهَرُ لَنَا مَا يَلي .
    الثَّالِثُ : أنَّ الأذْكَارَ الَّتِي يُشْرَعُ فِيْهَا رَفْعُ الصَّوْتِ يَكُوْنُ حُقُّهَا التَّقْدِيْمَ؛ لظَاهِرِ حَدِيْثِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُما، في «الصَّحِيْحَيْن ِ» وغَيْرِهَمَا .
    وهُوَ قَوْلُهُ رَضِيَ الله عَنْهُ : أنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنَ المَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ .
    وعَلَيْهِ؛ فَإنَّ الأدْعِيَةَ لَيْسَتْ مِنَ الأذْكَارِ الَّتِي يُسَنُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا، فَكَانَ والحَالَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا : أنْ تَتَأخَّرَ هَذِهِ الأدْعِيَةُ عَنْ غَيْرِهَا مِنْ أحَادِيْثِ الأذْكَارِ الَّتِي يُسَنُّ فِيْهَا رَفْعُ الصَّوْتِ دُبُرَ الصَّلاةِ .
    ثُمَّ سَابِعًا : ثُمَّ إنْ شَاءَ أنْ يَدْعُو دُعَاءً مُطْلقًا، فَلْيَجْعَلْهُ آخِرَ الأمْرِ، أيْ : بَعْدَ الإتْيَانِ بالأذْكَارِ المَشْرُوْعَةِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا، وقَدْ مَرَّ مَعَنَا بَسْطُ هَذِهِ المَسْألَةِ، والله تَعَالى أعْلَمُ .
    قُلْتُ : إنَّ ذِكْرَنَا لهَذَا التَّرْتِيْبِ هُنَا لَيْسَ وَقْفًا على الأذْكَارِ الَّتِي تُقَالُ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ المَكْتُوْبَةِ حَسْبُ؛ بَلْ يَجْرِي هَذَا التَّرْتِيْبُ أيْضًا في عُمُوْمِ الأذْكَارِ الَّتِي يَجُوْزُ الخِيَرَةُ في التَّقْدِيْمِ والتَّأخِيْرِ؛ ولاسِيَّما في أذْكَارِ اليَوْمِ واللَّيْلَةِ ونَحْوِهَا، إلَّا فِيْمَا نَصَّ الدَّلِيْلُ على تَقْدِيْمِهِ أو تَأخِيْرِهِ، والله المُوَفِّقُ .

    الشيخ الدكتور
    ذياب بن سعد الغامدي
    تحقيق الكلام
    في أذكار الصلاة بعد السلام
    ص 190

  2. افتراضي

    جزاك الله خيرا.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طلال بن صالح النفيعي مشاهدة المشاركة
    ثُمَّ سَادِسًا : يَأتي ببَقِيَّةِ الأدْعِيَةِ الأُخْرَى كَيْفَما وَقَعَتْ دُوْنَ تَقْيِيْدٍ بتَرْتِيْبٍ بَيْنَهَا؛ لأنَّهُ لم يَثْبُتْ لَدَيْنَا مَا يَدُلُّ على تَرْتِيْبِهَا إلَّا إذَا كَانَ مِنْ بَاب الأفْضَلِيَّةِ، فَهَذَا شَيءٌ آخَرُ، والله أعْلَمُ .
    فَمِنْ ذَلِكَ :
    مَا أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ الله : عَنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِيَ الله عَنْهُ؛ قَالَ : كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ الله ﷺ أحْبَبنَا أنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوجْهِهِ، قَالَ : فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : «رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ» .
    [/CENTER]
    نفع الله بالكاتب والناقل .
    هذا الذكر ( رب قني عذابك ... ) مما اختلف العلماء فيه ، هل يقال بعد الصلاة أم عند النوم ، وأكثر الروايات أنه عند النوم .
    وقد رواه عن البراء جمع من الرواة منهم :
    1- عبيد بن البراء .
    2- أبو إسحق السبيعي واختلف عليه فيه .
    3- الربيع بن البراء بن عازب .
    4- الربيع بن لوط بن البراء .
    5- أبو بكر بن أبي موسى .
    6- يزيد بن البراء بن عازب .
    فكلهم ذكروه عند النوم ولم يذكروا أنه بعد السلام من الصلاة إلا من رواية ابن البراء واختلف في ألفاظها لكن بعض الألفاظ محتملة لأن تكون بعد السلام من الصلاة وبعضها صريحة في ذلك .
    وقد جاء هذا الحديث من روايات بعض الصحابة غير البراء وهي تدل على أنها من أذكار النوم .
    وابن البراء اختلف فيه ، وجعله غير واحد : عبيد .

    هذا والأمر محتمل عند النوم أو بعد السلام من الصلاة ، ولقد رأينا جمعا من أهل العلم يقولون هذ الذكر بعد السلام . والله أعلم .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    بارك الله فيكم.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    وجاء في فتاوى نور على الدرب للعلامة ابن باز رحمه الله:
    بيان فضل ترتيب الأذكار الواردة بعد الصلاة
    س: هل يجب ترتيب الأذكار الواردة بعد الصلاة؟
    ج: حسب ما ورد، الأفضل أن يأتي بها حسب ما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه كان يبدأ أولا إذا سلم من الفريضة بالاستغفار ثلاثا يقول: «أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام» كما ثبت ذلك من حديث ثوبان عند مسلم، وثبت بعضه عن عائشة عند مسلم أيضا أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقعد بعد السلام مقدار ما يقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام» يعني ثم ينصرف إلى الناس ليعطيهم وجهه، ثم يقول بعد هذا: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» جاء في حديث ابن الزبير والمغيرة ما يدل على أنه يقولها واحدة، وجاء في رواية أخرى ما يدل على التثليث - يعنى يقولها ثلاثا يكررها - ويقول: «لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون» «الهم لا مانع لم أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، هذا الذكر، ويزيد في المغرب والفجر عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. جاءت في هذا أحاديث أخرى صحيحة في المغرب والفجر مع الذكر المذكور يأتي بالعشر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. ثم يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسع وتسعون، ويختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. كل هذا ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} هذه آية واحدة، ويقال لها آية الكرسي، وهي أفضل آية في القرآن، وأعظم آية في القرآن الكريم، كما أن أعظم سورة وأفضل سورة في القرآن سورة الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ثم بعد آية الكرسي يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} مرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء، وثلاث مرات بعد الفجر والمغرب، هذه السور الثلاث يقرؤها مرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء، ويكررها ثلاثا بعد المغرب وبعد الفجر بعد الأذكار المتقدمة وبعد آية الكرسي.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,412

    افتراضي

    جزكم الله خيراً ، وبارك فيكم .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    ثم بعد آية الكرسي يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} مرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء، وثلاث مرات بعد الفجر والمغرب، هذه السور الثلاث يقرؤها مرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء، ويكررها ثلاثا بعد المغرب وبعد الفجر بعد الأذكار المتقدمة وبعد آية الكرسي.
    رحم الله الشيخ العلامة ابن باز وبارك الله فيكم، أليس قراءة سورة الإخلاص والمعوذات بعد الصلوات الخمس مرة واحدة، وإنما تقرأ ثلاثا في أذكار الصباح والمساء؟
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    استحباب قراة المعوذات بعد كل صلاة مرة ، وفي الصباح والمساء ثلاث مرات


    عندي سؤال يتعلق بالذكر بعد الصلوات اليومية : رأيت في كتاب "حصن المسلم" أن أحد الأدعية يقول بقراءة الثلاث السور الأخيرة من القرآن ( سور الإخلاص ، والفلق ، والناس ) ثلاث مرات : بعد الفجر والمغرب ، ومرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء . إنني أبحث عن الحديث الذي ذكر ذلك ، سيكون جميلا إذا أستطيع أن أجد رقم الحديث ، وفي أي كتاب من كتب الحديث . أقرأ الأذكار من كتيب صغير للتوزيع ، وأفضل أن أرجع إلى المرجع الأصلي . لا أتكلم العربية لكن لدي برمجيات عربية تساعدني على استخراج الحديث من مصدره . حتى هذه اللحظة وجدت الأحاديث التالية : الحديث الأول يذكر أنه ينبغي قراءة الثلاث السور الأخيرة من القرآن ( سور الإخلاص ، والفلق ، والناس ) ثلاث مرات بعد الفجر والمغرب : في " سنن الترمذي " حديث رقم: (3924) - حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ البَرَّادِ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : خَرَجْنَا فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي لَنَا ، قَالَ : فَأَدْرَكْتُهُ ، فَقَالَ : قُلْ فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ : قُلْ ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا ، قَالَ : قُلْ ، فَقُلْتُ ، مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : قُلْ : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، وَالمُعَوِّذَتَ يْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. والحديث الثاني يذكر أنه ينبغي قراءة المعوذتين بعد كل صلاة : الحديث في " سنن الترمذي " رقم : (3150) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، قَالَ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بِالمُعَوِّذَتَ يْنِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ . هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ .

    الحمد لله
    بداية نشكر لك حرصك – أخي السائل – على التثبت من الأحاديث النبوية ، وعدم تلقي كل ما تقرأ وتسمع بالتسليم والرضا ، فالمسلم منهجه التثبت ، ولا يقلد إلا فيما لا بد له منه ، وفيما يعجز عنه من العلوم التي لم يتخصص بها ، أما ما سوى ذلك فيعمل عقله دائما في النظر في الأدلة والاستدلال بها ، ويتحرى الصواب في كل شيء .
    ونحن نبين لك إن شاء الله ما أشكل عليك مما جاء في كتاب " حصن المسلم ".
    فحين تقرأ أو تسمع أن قراءة المعوذات الثلاثة ( سورة الإخلاص ، وسورة الفلق ، وسورة الناس ) تستحب بعد صلاتي الفجر والمغرب ثلاث مرات ، وأما بعد باقي الصلوات فمرة واحدة : فهذا التفصيل جاء في مجموع حديثين اثنين صحيحين ، وليس في حديث واحد فقط .
    أما الحديث الأول : فهو ما ذكرته في سؤالك من حديث عبد الله بن خبيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( قُلْ : " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " ، وَالمُعَوِّذَتَ يْنِ ، حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ )
    رواه الترمذي (حديث رقم/3575 ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي) وأبو داود (رقم/5082) . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه . وصححه النووي في "الأذكار" (ص/107) ، وابن دقيق العيد في "الاقتراح" (ص/128) ، وحسنه ابن حجر في "نتائج الأفكار" (2/345) ، والألباني في "صحيح الترمذي".
    ولكن ينتبه إلى أن قوله صلى الله عليه وسلم : ( حين تمسي وتصبح ) أعم من أعقاب صلاتي الفجر والمغرب ، فلو قرأ المسلم هذه السور الثلاثة بعد الفجر إلى طلوع الشمس ، ومن بعد العصر إلى غروب الشمس ، تحقق له فضلها إن شاء الله .
    وأما الحديث الثاني : فهو ما يرويه عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : ( أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَا تِ ، فِي دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ )
    أخرجه أحمد في "المسند" (4/155) وأبو داود في "السنن" (1523) ، والنسائي في "السنن" (رقم/1336) ، وصححه الحاكم وقال : على شرط مسلم . وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما ، وابن تيمية وابن مفلح والذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/433) والألباني في صحيح أبي داود والشيخ مصطفى العدوي في صحيح الأذكار.
    ولفظ هذه الروايات جاء بصيغة الجمع : " أن أقرأ بالمعوذات "، من طريق حنين بن أبي حكيم ، ويزيد بن محمد ، عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر .
    وأما لفظ التثنية : " بالمعوذتين " فجاءت من طريق ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن علي بن رباح ، عن عقبة بن عامر . كذا رواه الترمذي في "السنن" (2903) وقال : حديث غريب . يعني ضعيف.
    فالظاهر أن لفظ " بالمعوذات " هو المحفوظ ؛ لأنه من رواية اثنين عن علي بن رباح ، وهما أوثق من يزيد بن أبي حبيب وحده ، ثم إن بعض من نقل رواية الترمذي نقلها بلفظ الجمع أيضا - انظر: "تحفة الأشراف" (9/247) - وهذا يقوي وقوع التصحيف في الرواية ، إما من نسخة الكتاب ، أو من الراوي .
    يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله :
    " المراد بأنه كان ( يقرأ بالمعوذات ) أي السور الثلاث ، وذكر سورة الإخلاص معهما تغليبا لما اشتملت عليه من صفة الرب ، وإن لم يصرح فيها بلفظ التعويذ .
    وقد أخرج أصحاب السنن الثلاثة أحمد وابن خزيمة وابن حبان من حديث عقبة بن عامر قال : " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : قل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ، تعوذ بهن ، فإنه لم يتعوذ بمثلهن ، اقرأ المعوذات دبر كل صلاة " فذكرهن " انتهى.
    "فتح الباري" (9/62)
    وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (المجموعة الثانية 2/185) :
    " ورد قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين دبر كل صلاة ، لما رواه أبو داود في ( سننه ) عن عقبة بن عامر قال : ( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة )
    وفي رواية الترمذي : ( بالمعوذتين ) بدل المعوذات .
    فينبغي أن يقرأ : ( قل هو الله أحد ) ، و ( قل أعوذ برب الفلق ) ، و ( قل أعوذ برب الناس ) دبر كل صلاة ، وأن تكرر عقب صلاة الفجر والمغرب ثلاث مرات ، يقرأها كل إنسان وحده بقدر ما يسمع نفسه" انتهى.
    وانظر جواب السؤال رقم : (60420
    )


    https://islamqa.info/ar/115073
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •