تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: طلب ترجمة أبو نصر الفارابي؟ وابن سينا؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    Question طلب ترجمة أبو نصر الفارابي؟ وابن سينا؟


    طلب ترجمة أبو نصر الفارابي؟ وابن سينا؟
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  2. افتراضي

    ترجمة أبي نصر الفارابي:
    قال الذهبي: "الفارابي أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان(*): شيخ الفلسفة، الحكيم، أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ التركي الفارابي المنطقي، أحد الأذكياء.له تصانيف مشهورة، من ابتغى الهدى منها، ضل وحار منها تخرج ابن سينا، نسأل الله التوفيق.
    وقد أحكم أبو نصر العربية بالعراق، ولقي متى بن يونس، صاحب المنطق، فأخذ عنه، وسار إلى حران، فلزم بها يوحنا بن جيلان النصراني. وسار إلى مصر، وسكن دمشق.
    فقيل: إنه دخل على الملك سيف الدولة بن حمدان وهو بزي الترك. وكان فيما يقال: يعرف سبعين لسانا، وكان والده من أمراء الأتراك، فجلس في صدر المجلس، وأخذ يناظر العلماء في فنون. فعلا كلامه، وبان فضله، وأنصتوا له.
    ثم إذا هو أبرع من يضرب بالعود، فأخرج عودا من خريطة، وشده، ولعب به، ففرح كل أهل المجلس، وضحكوا من الطرب. ثم غير الضرب، فنام كل من هناك حتى البواب فيما قيل. فقام وذهب.
    ويقال: إنه هو أول من اخترع القانون. وكان يحب الوحدة، ويصنف في المواضع النزهة، وقل ما يبيض منهاوكان يتزهد زهد الفلاسفة، ولا يحتفل بملبس ولا منزل.
    أجرى عليه ابن حمدان في كل يوم أربعة دراهم.
    ويقال: إنهم سألوه: أأنت أعلم أو أرسطو؟ فقال: لو أدركته لكنت أكبر تلامذته.
    ولأبي نصر نظم جيد، وأدعية مليحة على اصطلاح الحكماء، ذكره أبو العباس بن أبي أصيبعة، وسرد أسامي مصنفاته وهي كثيرة. منها مقالة في إثبات الكيمياء. وسائر تواليفه في الرياضي والإلهي.
    وبدمشق كان موته في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة عن نحو من ثمانين سنة. وصلى عليه الملك سيف الدولة بن حمدان. وقبره بباب الصغير". "السير" (15/616 وما بعدها)، و"تاريخ الإسلام" (7/731).
    _________
    (*) الفهرست: 368، طبقات الأمم: 53 - 54، تاريخ الحكماء: 277 - 280، طبقات الاطباء: 603 - 609، وفيات الأعيان: 5 / 153 - 157، العبر: 2 / 251، الوافي بالوفيات: 1 / 106 - 113، مرآة الجنان: 2 / 328 - 331، البداية والنهاية: 11 / 224، شذرات الذهب: 2 / 350 - 354.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  3. Post

    ترجمة ابن سينا(*):
    قال الذهبي: " الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا. الرئيس أبو علي، [المتوفى: 428 هـ].
    صاحب الفلسفة والتصانيف.
    حكى عن نفسه، قال: كان أبي رجلا من أهل بلخ، فسكن بخارى في دولة نوح بن منصور، وتولى العمل والتصرف بقرية كبيرة، وتزوج بأمي فأولدها أنا وأخي، ثم انتقلنا إلى بخارى، وأحضرت معلم القرآن ومعلم الأدب، وأكملت عشرا من العمر، وقد أتيت على القرآن وعلى كثير من الأدب، حتى كان يقضى مني العجب.

    وكان أبي ممن أجاب داعي المصريين، ويعد من الإسماعيلية، وقد سمع منهم ذكر النفس والعقل، وكذلك أخي. فربما تذاكروا وأنا أسمعهم وأدرك ما يقولونه ولا تقبله نفسي، وأخذوا يدعونني إليه ويجرون على ألسنتهم ذكر الفلسفة والهندسة والحساب، وأخذ يوجهني إلى من يعلمني الحساب.

    ثم قدم بخارى أبو عبد الله الناتلي الفيلسوف، فأنزله أبي دارنا، وقبل قدومه كنت أشتغل بالفقه والتردد فيه إلى الشيخ إسماعيل الزاهد، وكنت من أجود السالكين، وقد ألفت المناظرة والبحث، ثم ابتدأت على الناتلي، بكتاب " إيساغوجي "، ولما ذكر لي أن حد الجنس هو المقول على كثيرين مختلفين بالنوع، وأخذته في تحقيق هذا الحد بما لم يسمع بمثله، وتعجب مني كل [ص:439] التعجب، وحذر والدي من شغلي بغير العلم.

    وكان أي مسألة قالها لي أتصورها خيرا منه، حتى قرأت ظواهر المنطق عليه، وأما دقائقه فلم يكن عنده منها خبر.

    ثم أخذت أقرأ الكتب على نفسي، وأطالع الشروح حتى أحكمت علم المنطق، وكذلك " كتاب إقليدس "، فقرأت من أوله إلى خمسة أشكال أو ستة عليه، ثم توليت بنفسي حل باقيه وانتقلت إلى " المجسطي "، ولما فرغت من مقدماته وانتهيت إلى الأشكال الهندسية قال لي الناتلي: حلها وحدك، ثم اعرضها علي لأبين لك. فكم من شكل ما عرفه الرجل إلا وقت عرضته عليه وفهمته إياه. ثم سافر، وأخذت في الطبيعي والإلهي، فصارت الأبواب تنفتح علي، ورغبت في الطب وبرزت فيه في مديدة حتى بدأ الأطباء يقرأون علي، وتعهدت المرضى، فانفتح علي من أبواب المعالجات النفسية من التجربة ما لا يوصف، وأنا مع ذلك أختلف إلى الفقه وأناظر فيه، وعمري ست عشرة سنة. ثم أعدت قراءة المنطق وجميع أجزاء الفلسفة، ولازمت العلم سنة ونصفا، وفي هذه المدة ما نمت ليلة واحدة بطولها، ولا اشتغلت في النهار بغيره، وجمعت بين يدي ظهورا، فكل حجة أنظر فيها أثبت مقدمات قياسية، ورتبتها في تلك الظهور، ثم نظرت فيما عساها تنتج، وراعيت شروط مقدماته، حتى تحقق لي حقيقة الحق في تلك المسألة.

    وكلما كنت أتحير في مسألة، أو لم أظفر بالحد الأوسط في قياس، ترددت إلى الجامع، وصليت وابتهلت إلى مبدع الكل، حتى فتح لي المنغلق منه، وتيسر المتعسر، وكنت أرجع بالليل إلى داري وأشتغل بالكتابة والقراءة، فمهما غلبني النوم أو شعرت بضعف عدلت إلى شرب قدح من الشراب ريثما تعود إلي قوتي، ثم أرجع إلى القراءة، ومهما غلبني أدنى نوم أحلم بتلك المسائل بأعيانها. حتى إن كثيرا من المسائل اتضح لي وجوهها في المنام، وكذلك حتى استحكم معي جميع العلوم، ووقفت عليها بحسب الإمكان الإنساني، وكلما علمته في ذلك الوقت فهو كما علمته ولم أزدد فيه إلى اليوم. حتى أحكمت علم المنطق والطبيعي والرياضي.

    ثم عدلت إلى الإلهي، وقرأت كتاب "ما بعد الطبيعة" فما كنت أفهم ما فيه، والتبس علي غرض واضعه، حتى أعدت قراءته أربعين مرة، وصار لي محفوظا، وأنا مع ذلك لا أفهم ولا المقصود به، وأيست من نفسي وقلت: هذا كتاب لا سبيل إلى فهمه، وإذا أنا في يوم من الأيام حضرت وقت العصر في الوراقين وبيد دلال مجلد ينادي عليه، فعرضه علي فرددته رد متبرم فقال: إنه رخيص، بثلاثة دراهم. فاشتريته فإذا هو كتاب لأبي نصر الفارابي في أغراض كتاب ما بعد الحكمة الطبيعية، ورجعت إلى بيتي وأسرعت قراءته، فانفتح علي في الوقت أغراض ذلك الكتاب، ففرحت وتصدقت بشيء كثير شكرا لله تعالى.

    واتفق لسلطان بخارى نوح بن منصور مرض صعب، فأجرى الأطباء ذكري بين يديه، فأحضرت وشاركتهم في مدواته، فسألته الإذن في دخول خزانة كتبهم ومطالعتها وقراءة ما فيها من كتب الكتب، فأذن لي فدخلت، فإذا كتب لا تحصى في كل فن، ورأيت كتبا لم تقع أسماؤها إلى كثير من الناس، فقرأت تلك الكتب وظفرت بفوائدها، وعرفت مرتبة كل رجل في علمه.

    فلما بلغت ثمانية عشر عاما من العمر فرغت من هذه العلوم كلها، وكنت إذ ذاك للعلم أحفظ، ولكنه معي اليوم أنضج، وإلا فالعلم واحد لم يتجدد لي بعده شيء.

    وسألني جارنا أبو الحسين العروضي أن أصنف له كتابا جامعا في هذا العلم، فصنفت له " المجموع " وسميته به، وأتيت فيه على سائر العلوم سوى الرياضي، ولي إذ ذاك إحدى وعشرون سنة.

    وسألني جارنا الفقيه أبو بكر البرقي الخوارزمي، وكان مائلا إلى الفقه والتفسير والزهد، فسألني شرح الكتب له، فصنفت له كتاب " الحاصل والمحصول " في عشرين مجلدة أو نحوها، وصنفت له كتاب " البر والإثم "، وهذان الكتابان لا يوجدان إلا عنده، ولم يعرهما أحدا.

    ثم مات والدي، وتصرفت في الأحوال، وتقلدت شيئا من أعمال السلطان، ودعتني الضرورة إلى الإحلال ببخارى والانتقال إلى كركانج، وكان أبو الحسن السهلي المحب لهذه العلوم بها وزيرا، وقدمت إلى الأمير بها علي بن المأمون، وكنت على زي الفقهاء إذ ذاك بطيلسان تحت الحنك، وأثبتوا لي مشاهرة دارة تكفيني، ثم انتقلت إلى نسا، ومنها إلى باورد، وإلى طوس، ثم إلى جاجرم رأس حد خراسان، ومنها إلى جرجان، وكان قصدي الأمير قابوس. فاتفق في أثناء هذا أخد قابوس وحبسه، فمضيت إلى دهستان، ومرضت بها ورجعت إلى جرجان، فاتصل بي أبو عبيد الجوزجاني.
    ثم قال أبو عبيد الجوزجاني: فهذا ما حكاه لي الشيخ من لفظه.
    وصنف ابن سينا بأرض الجبل كتبا كثيرة، وهذا فهرس كتبه:
    كتاب " المجموع " مجلد، " الحاصل والمحصول " عشرون مجلدة، " الإنصاف " عشرون مجلدة، " البر والإثم " مجلدان، " الشفاء " ثمانية عشر مجلدا، " القانون " أربعة عشر مجلدا، " الأرصاد الكلية " مجلد، كتاب " النجاة " ثلاث مجلدات، " الهداية " مجلد، " الإشارات " مجلد، " المختصر " مجلد، " العلائي " مجلد، " القولنج " مجلد، " لسان العرب " عشر مجلدات، " الأدوية القلبية " مجلد، " الموجز " مجلد، " بعض الحكمة المشرقية " مجلد، " بيان ذوات الجهة " مجلد، كتاب " المعاد " مجلد، كتاب " المبتدأ والمعاد " مجلد.

    ومن رسائله: " القضاء والقدر "، " الآلة الرصدية "، " غرض قاطيغورياس "، " المنطق بالشعر "، " قصيدة في العظة والحكمة "، " تعقب المواضع الجدلية "، " مختصر أوقليدس "، " مختصر في النبض " بالعجمية، " الحدود للأجرام السماوية "، " الإشارة إلى علم المنطق "، " أقسام الحكمة "، " في النهاية وأن لا نهاية "، " عهد " كتبه لنفسه، " حي بن يقظان "، " في أن أبعاد الجسم غير ذاتية له"، "خطب الكلام في الهندباء"، "في أن الشيء الواحد لا يكون جوهريا عرضيا "، في " أن علم زيد غير علم عمرو "، " رسائل " له إخوانية وسلطانية، " مسائل " جرت بينه وبين بعض الفضلاء.

    ثم انتقل إلى الري، وخدم السيدة وابنها مجد الدولة، وداواه من السوداء، وأقام إلى أن قصد شمس الدولة بعد قتل هلال بن بدر وهزيمة جيش بغداد. ثم خرج إلى قزوين، وإلى همذان. ثم عالج شمس الدولة من القولنج، وصار من ندمائه، وخرج في خدمته. ثم رد إلى همذان.

    ثم سألوه تقلد الوزارة فتقلدها، ثم اتفق تشويش العسكر عليه واتفاقهم عليه خوفا منه، فكبسوا داره ونهبوها، وسألوا الأمير قتله، فامتنع وأرضاهم بنفيه، فتوارى في دار الشيخ أبي سعد أربعين يوما، فعاود شمس الدولة القولنج، فطلب الشيخ فحضر، فاعتذر إليه الأمير بكل وجه، فعالجه، وأعاد إليه الوزارة ثانيا.

    قال أبو عبيد الجوزجاني: ثم سألته شرح كتاب أرسطوطاليس فقال: لا فراغ لي، ولكن إن رضيت مني بتصنيف كتاب أورد فيه ما صح عندي من هذه العلوم بلا مناظرة ولا رد فعلت، فرضيت منه، فبدأ بالطبيعيات من كتاب " الشفاء "، وكان يجتمع كل ليلة في داره طلبة العلم، وكنت أقرأ من "الشفاء" نوبة، وكان يقرأ غيري من " القانون " نوبة، فإذا فرغنا حضر المغنون، وهيئ مجلس الشراب بآلاته، فكنا نشتغل به، فقضينا على ذلك زمنا، وكان يشتغل بالنهار في خدمة الأمير.

    ثم مات الأمير، وبايعوا ولده، وطلبوا الشيخ لوزارته فأبى، وكاتب علاء الدولة سرا يطلب المصير إليه، واختفى في دار أبي غالب العطار فكان يكتب كل يوم خمسين ورقة تصنيفا في كتاب " الشفاء " حتى أتى منه على جميع الطبيعي والإلهي، ما خلا كتابي " الحيوان " و" النبات ".

    ثم اتهمه تاج الملك بمكاتبة علاء الدولة، فأنكر عليه ذلك، وحث على طلبه، فظفروا به وسجنوه بقلعة فردجان، وفي ذلك يقول قصيدة منها:
    دخولي باليقين كما تراه ... وكل الشك في أمر الخروج
    فبقي فيها أربعة أشهر، ثم قصد علاء الدولة همذان فأخذها، وهرب تاج الملك وأتى تلك القلعة، ثم رجع تاج الملك وابن شمس الدولة إلى همذان لما انصرف عنها علاء الدولة، وحملوا معهما الشيخ إلى همذان، ونزل في دار العلوي، وأخذ يصنف المنطق من كتاب " الشفاء "، وكان قد صنف بالقلعة رسالة " حي بن يقظان "، وكتاب " الهدايات "، وكتاب " القولنج ".

    ثم إنه حرج نحو أصبهان متنكرا، وأنا وأخوه وغلامان له في زي الصوفية، إلى أن وصلنا طبران، وهي على باب أصبهان، وقاسينا شدائد، فاستقبلنا أصدقاء الشيخ وندماء الأمير علاء الدولة وخواصه، وحملوا إليه الثياب والمراكب، وأنزل في محلة كون كبيد، وبالغ علاء الدولة في إكرامه وصار من خاصته، وقد خدمت الشيخ وصحبته خمسا وعشرين سنة.

    وجرت مناظرة فقال له بعض اللغويين: إنك لا تعرف اللغة، فأنف الشيخ وتوفر على درس اللغة ثلاث سنين، فبلغ طبقة عظيمة من اللغة، وصنف بعد ذاك كتاب " لسان العرب " ولم يبيضه.

    قال: وكان الشيخ قوي القوى كلها، وكان قوة المجامعة من قواه الشهوانية أقوى وأغلب، وكان كثيرا ما يشتغل به، فأثر في مزاجه، وكان يعتمد على قوة مزاجه حتى صار أمره إلى أن أخذه القولنج، وحرص على برئه؛ حقن نفسه في يوم ثمان مرات، فتقرح بعض أمعائه وظهر به سحج، وسار مع علاء الدولة، فأسرعوا نحو إيذج، فظهر به هناك الصرع الذي قد يتبع علة القولنج، ومع ذلك كان يدبر نفسه ويحقن نفسه لأجل السحج. فأمر يوما باتخاذ دانقين من بزر الكرفس في جملة ما يحتقن به طلبا لكسر الرياح، فقصد بعض الأطباء الذي كان هو يتقدم إليه بمعالجته فطرح من بزر الكرفس خمسة دراهم، لست أدري عمدا فعله أم خطأ، لأنني لم أكن معه، فازداد السحج به من حدة البزر، وكان يتناول المثروذيطوس لأجل الصرع، فقام بعض غلمانه وطرح شيئا كثيرا من الأفيون فيه وناوله، فأكله، وكان سبب ذلك خيانتهم في مال كثير من خزانته، فتمنوا هلاكه ليأمنوا، فنقل الشيخ إلى أصبهان وبقي يدبر نفسه، واشتد ضعفه، ثم عالج نفسه حتى قدر على المشي، لكنه مع ذلك يكثر المجامعة، فكان ينتكس.

    ثم قصد علاء الدولة همذان، فسار الشيخ معه فعاودته تلك العلة في الطريق إلى أن وصل إلى همذان، وعلم أن قوته قد سقطت، وأنها لا تفي بدفع المرض، فأهمل مداواة نفسه، وأخذ يقول: المدبر الذي كان يدبر بدني قد عجز عن التدبير، والآن فلا تنفع المعالجة، وبقي على هذا أياما، ومات عن ثلاث وخمسين سنة. انتهى قول أبي عبيد.

    وقبره تحت سور همذان، وقيل: إنه نقل إلى إصبهان بعد ذلك.
    قال ابن خلكان في ترجمة ابن سينا: ثم اغتسل وتاب وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم على من عرفه، وأعتق مماليكه، وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة، ثم مات بهمذان يوم الجمعة في رمضان، وولد في صفر سنة سبعين وثلاثمائة.

    قال: وكان الشيخ كمال الدين بن يونس يقول: إن مخدومه سخط عليه ومات في سجنه، وكان ينشد:
    رأيت ابن سينا يعادي الرجال ... وفي السجن مات أخس الممات
    فلم يشف ما نابه بالشفا ... ولم ينج من موته بالنجاة

    وصيه ابن سينا لأبي سعيد بن أبي الخير الصوفي الميهني.
    قال: ليكن الله تعالى أول فكر له وآخره، وباطن كل اعتبار وظاهره، ولتكن عين نفسه مكحولة بالنظر إليه، وقدمها موقوفة على المثول بين يديه، مسافرا بعقله في الملكوت الأعلى وما فيه من آيات ربه الكبرى، وإذا انحط إلى قراره، فلينزه الله في آثاره، فإنه باطن ظاهر، تجلى لكل شيء بكل شيء، ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد.

    فإذا صارت هذه الحال له ملكة انطبع فيها نقش الملكوت، وتجلى له قدس اللاهوت، فألف الأنس الأعلى، وذاق اللذة القصوى، وأخذ عن نفسه من هو بها أولى، وفاضت عليه السكينة، وحقت له الطمأنينة، وتطلع على العالم الأدنى اطلاع راحم لأهله، مستوهن لحبله، مستخف لثقله، مستخشن به لعلقه، مستضل لطرقه، وتذكر نفسه وهي بها لهجة، وببهجتها بهجة، فيعجب منها ومنهم تعجبهم منه، وقد ودعها، وكان معها كأن ليس معها، وليعلم أن أفضل الحركات الصلاة، وأمثل السكنات الصيام، وأنفع البر الصدقة، وأزكى السر الاحتمال، وأبطل السعي المراءاة، وأن تخلص النفس عن الدرن، ما التفتت إلى قيل وقال، ومناقشة وجدال، وانفعلت بحال من الأحوال، وخير العمل ما صدر عن خالص نية، وخير النية ما ينفرج عن جناب علم، والحكمة أم الفضائل، ومعرفة الله أول الأوائل " {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} ".

    إلى أن قال: وأما المشروب فيهجر شربه تلهيا بل تشفيا وتداويا، ويعاشر كل فرقة بعادته ورسمه، ويسمح بالمقدور والتقدير من المال، ويركب لمساعدة الناس كثيرا مما هو خلاف طبعه. ثم لا يقصر في الأوضاع الشرعية، ويعظم السنن الإلهية، والمواظبة على التعبدات البدنية.
    إلى أن قال: عاهد الله أنه يسير بهذه السيرة ويدين بهذه الديانة، والله ولي الذين آمنوا.

    وله شعر يروق، فمنه قصيدته في النفس:
    هبطت إليك من المحل الأرفع ... ورقاء ذات تعزز وتمنع.
    محجوبة عن كل مقلة عارف ... وهي التي سفرت ولم تتبرقع.
    وصلت على كره إليك وربما ... كرهت فراقك وهي ذات تفجع.
    أنفت وما أنست فلما واصلت ... ألفت مجاورة الخراب البلقع.
    وأظنها نسيت عهودا بالحمى ... ومنازلا بفراقها لم تقنع.
    حتى إذا اتصلت بهاء هبوطها ... في ميم مركزها بذات الأجرع.
    علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت ... بين المعالم والطلول الخضع.
    تبكي إذا ذكرت ديارا بالحمى ... بمدامع تهمى ولما تقطع.
    وتظل ساجعة على الدمن التي ... درست بتكرار الرياح الأربع.
    إذا عاقها الشرك الكثيف وصدها ... قفص عن الأوج الفسيح. الأرتع.
    حتى إذا قرب المسير من الحمى ... ودنا الرحيل إلى الفضاء الأوسع.
    هجعت وقد كشف الغطاء فأبصرت ... ما ليس يدرك بالعيون الهجع.
    وغدت مفارقة لكل مخلف ... عنها حليف الترب غير مشيع.
    وبدت تغرد فوق ذروة شاهق ... والعلم يرفع كل من لم يرفع.
    فلأي شيء أهبطت من شاهق ... سام إلى قعر الحضيض الأوضع.
    إن كان أرسلها الإله لحكمة ... طويت عن الفطن اللبيب الأروع.
    فهبوطها إن كان، ضربة لازب ... لتكون سامعة بما لم تسمع.
    وتعود عالمة بكل خفية ... في العالمين فخرقها لم يرقع
    وهي التي قطع الزمان طريقها ... حتى لقد غربت بغير المطلع
    فكأنها برق تألق للحمى ... ثم انطوى فكأنه لم يلمع
    وهي عشرون بيتا.
    وله:
    قم فاسقنيها قهوة كدم الطلا ... يا صاح بالقدح الملا بين الملا
    خمرا تظل لها النصارى سجدا ... ولها بنو عمران أخلصت الولا
    لو أنها يوما وقد لعبت بهم ... قالت: ألست بربكم؟ قالوا: بلا
    وله وهو يجود بنفسه، فيما أنشدني المسند بهاء الدين القاسم بن محمود الطبيب:
    أقام رجالا في معارجه ملكى ... وأقعد قوما في غوايتهم هلكى.
    نعوذ بك اللهم من شر فتنة ... تطوق من حلت به عيشة ضنكا.
    رجعنا إليك الآن فاقبل رجوعنا ... وقلب قلوبا طال إعراضها عنكا.
    فإن أنت لم تبري سقام نفوسنا ... وتشفي عماياها، إذا، فلمن يشكا.
    فقد آثرت نفسي لقاك وقطعت ... عليك جفوني من مدامعها سلكا.

    وقد طالت هذه الترجمة، وقد كان ابن سينا آية في الذكاء وهو رأس الفلاسفة الإسلاميين الذين مشوا خلف العقول، وخالفوا الرسول". "تاريخ الإسلام" (9/438 وما بعدها"، و"السير" (17/531 وما بعدها).

    _________
    (*) تاريخ حكماء الإسلام للبيهقي 52 - 72، تاريخ الحكماء للشهرستاني 413 - 426، الكامل في التاريخ 9 / 456، عيون الانباء في طبقات الاطباء 437 - 459، وفيات الأعيان 2 / 157 - 162، الذريعة 2 / 48، 96 و7 / 184، المختصر في أخبار البشر 2 / 161، 162، العبر 3 / 165، دول الإسلام 1 / 255، ميزان الاعتدال 1 / 539، تتمة المختصر 1 / 519، 520، عيون التواريخ 12 / 159 / 1 - 166 / 2، الوافي بالوفيات 12 / 391 - 412، إغاثة اللهفان 2 / 266، مرآة الجنان 3 / 47 - 51، البداية والنهاية 12 / 42، 43، الجواهر المضية 2 / 63، 64، طبقات الفقهاء لطاش كبري 70، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 325 - 330، الشقائق النعمانية 1 / 475 - 478، المجد دون في الإسلام 185 - 189، لسان الميزان 2 / 291 - 293، النجوم الزاهرة 5 / 25، 26، تاج التراجم 19، تاريخ فلاسفة الإسلام 53 - 66، تاريخ الفلسفة في الإسلام 164 - 188، الخالدون 101 - 116، الطبقات السنية 761، خزانة الأدب 4 / 466، شذرات الذهب 3 / 234 - 237، روضات الجنات 3 / 170 - 185، إيضاح المكنون 2 / 555، 672، هدية العارفين 1 / 308، 309، أعيان الشيعة 26 / 287 - 337، دائرة المعارف الإسلامية 1 / 203، الفهرس التمهيدي 453 - 464 و516 - 566.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  5. افتراضي

    وإيَّاكِ. ونفع الله بك.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    Riyadh-KSA
    المشاركات
    76

    افتراضي

    v التعريف بالفيلسوف الفارابي:
    هو أبو نصر محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان الفارابي (ولد عام 260 هـ/874 م في فاراب وهي مدينة في بلاد ما وراء النهر وهي جزء مما يعرف اليوم بكازاخستان وتوفي عام 339 هـ/950 م) فيلسوف مسلم أتقن العلوم الحكمية، وبرع في العلوم الرياضية، زكي النفس، قوي الذكاء، متجنباً عن الدنيا، مقتنعاً منها بما يقوم بأوده، يسير سيرة الفلاسفة المتقدمين، وكانت له قوة في صناعة الطب وعلم بالأمور الكلية منها، ولم يباشر أعمالها، ولا حاول جزئياتها، يعود الفضل إليه في إدخال مفهوم الفراغ إلى علم الفيزياء. تأثر به كل من ابن سينا وابن رشد. سمي الفارابي "المعلم الثاني" نسبة للمعلم الأول أرسطو والإطلاق بسبب اهتمامه بالمنطق لأن الفارابي هو شارح مؤلفات أرسطو المنطقية[1].
    - مؤلفاته : يعتبر الفارابي من أغرز فلاسفة الإسلام إنتاجا ، وأكثرهم تنوعا في مؤلفاته ، وقد أتى على مؤلفاته القفطي وابن أبي أصبيعة وجعلاها 17 شرحا ، و60 كتابا و25 رسالة ، منها 12 كتابا في المنطق و9 كتب في الرياضيات والنجوم والكيمياء و3 كتب في الموسيقى، بالإضافة إلى الشروحات المتعددة على مصنفات المعلم الأول أرسطو بل يعتبر الشارح العربي الوحيد له ، فمن أشهر مؤلفاته[2]:
    • كتاب الموسيقى الكبير
    • آراء أهل المدينة الفاضلة
    • الجمع بين رأي الحكيمين — حاول فيه التوفيق بين أفلاطون وأرسطو
    • التوطئة في المنطق
    • السياسة المدنية
    • إحصاء العلوم والتعريف بأغراضها
    • جوامع السياسة
    · فصوص الحكم
    - منابع فلسفته: كان للفارابي منبعين أساسيين يستمد منهما فلسفته : الأول الإسلام، والثاني الفلسفة اليونانية المتمثلة بأفلاطون وأرسطو إضافة إلى مدرسة الإسكندرية المتمثلة بأفلوطين وأتباع المدرسة الأفلاطونية الجديدة[3].


    :[1] ينظر: وفيات الأعيان ، ابن خلكان (1/153) ، الفارابي (حياته،آثاره، فلسفته) ،أحمد شمس الدين ، ص(46)، الموسوعة الفلسفية،د/ إسماعيل الشرفا ، ص(124-125)

    [2]: الفارابي (حياته،آثاره، فلسفته) ،مرجع سابق ، ص(45)،الفارابي فيلسوف المدينة الفاضلة ،د/فوزي عطوي، ص(33)، فلاسفة من الشرق والغرب، مصطفى غالب، ص (160)

    [3]: الفارابي (حياته،آثاره، فلسفته) ،مرجع سابق ، ص(96).
    كلما دعتك نفسك للتقاعس عَن عملٍ صَالح ، حَدثْ نَفسك لعلي بهذا العَمل أدخُل الجنه

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي


    اعجبتني كلمة شيخ الاسلام/
    درء تعارض العقل والنقل
    ( وقد يكون الرجل من أذكياء الناس وأَحَدِهم نظراً ويعميه عن أظهر الأشياء، وقد يكون من أبلد الناس وأضعفهم نظراً ويهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه، فلا حول ولا قوة إلا به فمن اتكل على نظره واستدلاله أو عقله ومعرفته خذل)
    و قال الذهبي في السير:
    لعن الله الذكاء بلا إيمان، ورضي الله عن البلادة مع التقوى".

    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •