معلوم ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من مشاورةٍ لأصحابه وأخذًا بقولهم إذا رأه حسنًا نافعًا، فنمى لخاطري جمع ما وقفت عليه من تلك المواقف التي راجع فيها الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم تأكيدًا وتوضيحًا لهذا المعنى ولمعنى السنة الإقرارية، مستعينًا بالله العلي القدير.
1 - عن ابن عباس، أن هلال بن أمية، قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك ابن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (البينة أو حد في ظهرك)، فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلًا ينطلق يلتمس البينة، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (البينة وإلا حد في ظهرك)، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، فلينزلنَّ الله ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل وأنزل عليه: {والذين يرمون أزواجهم} [النور: 6] فقرأ حتى بلغ: {إن كان من الصادقين} [النور: 9] فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليها، فجاء هلال فشهد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب)، ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة وقفوها، وقالوا: إنها موجبة، قال ابن عباس: فتلكأت ونكصت، حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أبصروها، فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الأليتين، خدلج الساقين، فهو لشريك ابن سحماء)، فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن). البخاري: (4747).