بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد:
أيها الأحباب الأكارم ،
أعتذر إليكم عن الغياب الطويل.
أحبابي - بارك الله فيكم - عندي إشكال في موضوع البدعة، ألا وهو:
كيف يُجاب عن الأدلة التي يستدل بها من يرون تقسيم البدعة إلى محمودة و مذمومة بفعل الصحابة (رضي الله عنهم) عبادات في حياة النبي كإحداث بلال (رضي الله عنه) ركعتين بعد الوضوء، ومداومته على ذلك.
كذلك ما فعله خبيب (رضي الله عنه) من صلاة ركعتين قبل قتله ، وحديث اللديغ.
السؤال بصيغة أُخرى: كيف فهِم الصحابة (رضي الله عنهم) أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في النهي والتحذير من الابتداع في الدين؟
وكي يتضح الإشكال ، أنقل لكم نص كلام د. سيف العصري ، صاحب كتاب (البدعة الإضافية) حيث يقول في نقده لكلام الشاطبي (رحمه الله): ص126 - 127
"وقد استدل الجمهور من العلماء على ما ذهبوا إليه من جهات:
الجهة الأولى: أن ما قرره الإمام الشاطبي مخالف لما علم من هدي النبي ، فإن المعلوم من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقرُّ من يخص العبادة بقيدٍ، وإن لم يكن هذا القيد مأثورًا عنه صلى الله عليه وسلم، إن كان أصل العمل خيرًا مندرجًا تحت نصوص الشرع وأصوله، ولذا أقرَّ صلى الله عليه وسلم من قال عندما رفع رأسه من الركعة: (ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه).
وقد رأيت من يعترض على هذا الاستدلال قائلًا: إن هذا الحديث لا يصلح حجة لمن جوَّز إحداث دعاء لم يؤثر أو تخصيص دعاء بوقت، لأن هذا إقرار من النبي ، وما أقره النبي فليس ببدعة.
وهذا اعتراض ساقط ، لأننا نستدل بفعل الصحابي قبل الإقرار لا بعده، ولا قائلَ بأن فعل الصحابي قبل الإقرار سنة، فإقدام الصحابي على الفعل المحْدَث قبل أن يعلم أَيُقِرُّهُ النبي أم لا هو موطن الشاهد ، ولو كان مطلق الإحداث حرامًا لقال له النبي أما فعلك هذا فصواب ، ولكن لا تُقْدِم مرة أخرى على إحداث أمر قبل أن تعلم حكمه.
ومن المعلوم أن الصحابة مخاطبون بقوله : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) ، فلو كان مجرد الإحداث حرامًا لنبه النبي هذا الصحابي على خطر الإحداث ، وقد أقرَّ النبي أمورًا كثيرة يأتي ذكرها في فصل لاحق.
ولم يقل أحد من أهل العلم قاطبة بأن فعل الصحابي قبل أن يقره النبي يسمى سنة تقريرية."
أرجو الإفادة ، وجزاكم الله خيرًا.