تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: أخصر المختصرات فى أصول الفقه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,057

    افتراضي أخصر المختصرات فى أصول الفقه

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أمَّا بعدُ؛ فهذه سلسةٌ مِنْ المحاضراتِ فى مادةِ أصولِ الفقهِ قَدْ أُلقيتْ علينا فى كُلية دارِ العلومِ ، فأحببتُ أنْ ينتفعَ بها إخوانى من طَلَبةِ العِلمِ ،وهى تتميزُ بمميزاتٍ شتى فَقَدْ جمعتْ فحوتْ أَكثرَ أبوابِ العلم ِعلى إختصارِها ،وسميتُها (أخصرَ المُختصراتِ فى أصولِ الفقهِ) تيمنًا بكتابِ ابنِ بلبان فى الفِقْهِ

    مراجع المحاضرات
    1_محاضرات دكتور محمد قاسم المنسى
    2_ كتاب أصول الفقه للدكتور حسين سمرة
    ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــ
    1_
    أخصر:
    اسم تفضيل من اختصرَ / اختصرَ في : على غير قياس : أكثر إيجازًا :- عرض فكرته بأخصر عبارة ، - أخصرُ طريق إلى النجاح هو العمل

    2_
    أمّا بعد: جُمعت مسائلها فى كتاب اسمه (إحراز السعد بإنجاز الوعد بمسائل أما بعد) فليُراجع
    اسباب ضعف طلب العلم فى مصر .pdf (400.2 كيلوبايت, المشاهدات 66)
    صفحتى على الفيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php...26&ref=tn_tnmn

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,057

    افتراضي

    الفَصْلُ الأولُ:مُقدمات وتمهيدات
    علم أصول الفقه هو:
    العلم بالقواعد التي يُتوصَّلُ بها إلى استنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية.
    * وموضوع هذا العلم هو:
    الأدلة وما يتعلق بها، كالكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستحسان... والأحكام ومتعلقاتها، كالحاكم وهو الشارع، والمحكوم عليه وهو المكلف، والمحكوم فيه وهو فعل المكلف. وذلك من حيث إثباتُ الأدلةِ للأحكامِ، وثبوتُ الأحكامِ بالأدلةِ. فالمباحثُ المتعلقة بذلك منها ما يرجع إلى الأدلة، ومنها ما يرجع إلى الأحكام، ومنها ما يرجع إلى حال المُسْتَدِلِّ (المُجتَهِد). * الغاية من أصول الفقه هي: تطبيق قواعده وبحوثه على الأدلة التفصيلية (الجزئية)؛ للتوصل إلى الأحكام الشرعية العملية الدالة عليها.
    * يُستمَدُّ علم أصول الفقه من علم الكلام، وعلم اللغة العربية، والأحكام الشرعية. وأمَّا الفقه فيُستمَدُّ من الكتاب والسنة والإجماع والقياس وغير ذلك من الأدلة.
    * فوظيفة الأصولي
    هي البحث عن القواعد الكلية، وتقريرها بأدلة شرعية.
    وظيفة الفقيه
    هي استنباط الأحكام الجزئية من الأدلة التفصيلية باستخدام تلك القواعد الكلية. والقائم بالوظيفتين أصوليٌّ وفقيهٌ، فلا مانع من الجمع بينهما كما لا يخفى.

    * وأوَّل من دوَّن هذا العِلْمَ، وجَمَعَ قواعدَه هو الشافعيُّ (150 – 204هـ) في كتابه "الرسالة"، وهو يعد نواة لما جاء بعده، ثم تتابع العلماء بعده، وكان لهم أكثر من طريقة:
    1 – طريقة المتكلمين والشافعية:
    وهي نحقيق القواعد تحقيقًا منطقيًّا، وإقرار ما يؤيده البرهان العقلي والنقلي منها، وكانوا لا يتقيدون في ذلك بمذهب، ولا بحكم مأثور عنه في فرع من الفروع، وعلى هذا النحو جرى أكثر الأصوليين من الشافعية كالرازي، والآمدي، والغزالي.

    2 – طريقة الحنفية:
    وهي تحقيق القواعد على ضوء ما نقل عن الأئمة من الفروع، فهم يقررون الأصول التي بنى عليها أئمتهم ما نقل عنهم من فروع؛ ولهذا كثرت الفروع في كتبهم، وعلى هذا النحو ألَّف كثير منهم، كالجصاص، والدبوسي، والبزدوي، والنسفي.

    3 – وهناك طريقة ثالثة
    جمعت بين الطريقتين دون الاعتماد على أي منهما؛ إذ اهتموا بتحقيق القواعد وإقامة البراهين، واهتموا بربطها بالفروع الفقهية، واعتمدوا على الأدلة وترجيح ما يرونه صوابًا، دون التعصب لمذهب معين، ومن أهل هذه الطريقة ابنُ تيمية، وابنُ القيم، والشاطبيُّ، والشوكانيُّ.
    اسباب ضعف طلب العلم فى مصر .pdf (400.2 كيلوبايت, المشاهدات 66)
    صفحتى على الفيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php...26&ref=tn_tnmn

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,057

    افتراضي

    الفَصْلُ الثَّانى
    ويشتملُ عَلَيْ بَابينِ
    البُابُ الأولُ (الأدِلَةُ الشَّرْعيِّةُ)
    ويشتملُ عَلى مَبحثينِ
    (الأدلةُ المُتفق عليها)(الأدلةُ المُختلف فيها)
    اسباب ضعف طلب العلم فى مصر .pdf (400.2 كيلوبايت, المشاهدات 66)
    صفحتى على الفيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php...26&ref=tn_tnmn

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,057

    افتراضي

    المبحثُ الأول
    (الأدلة المُتفق عليها )
    (القرأنُ الكريم،السُّنةُ النبويةُ،الإجما عُ،القياسُ) ووجد خلافٌ فى القياسِ ولكنه ضعيف
    (الأدلةُ المُختلف فيها)
    (الاستحسان،شرع من قبلنا، قول الصحابى،المصالح المرسلة،الاستصح اب،العرف،سد الذرائع) ويوجد غيرها كعمل أهل المدينة ، ولكنْ لم يتطرقْ الدكتور لها

    أولا الكتاب (القران الكريم)

    تعريف الكتاب لُغةً: يطلق على كل كتابة ومكتوب، ثم غلب في عرف أهل الشرع على القرآن.
    تعريف القران لُغةً

    مصدر بمعنى القراءة، وغلب في العرف العام على المجموع المعين من كلام الله _سبحانه_، المقروء بألسنة العباد.

    وأما حد الكتاب _اصطلاحًا_ فهو الكلام المنزل على الرسول _صلى الله عليه وسلم_ بلفظه ومعناه، المكتوب في المصاحف، المنقول إلينا نقلا متواترًا.
    فخرج بقولنا: "المكتوب في المصاحف" سائر الكتب والأحاديث القدسية، والأحاديث النبوية وغيرها.
    وخرج بقولنا: "المنقول إلينا نقلاً متواترًا" القراءات الشاذة.


    * لا تعتبر ترجمة القرآن إلى غير العربية، ولا تفسيره بها قرآنًا، مهما روعي من دقة الترجمة، فلا يصح الاستنباط من الترجمة.
    * لا خلاف بين المسلمين في أن القرآن حجة على كل مسلم ومسلمة.
    وقد اتفق المسلمون على أن القرآن من مصادر التشريع الإسلامي، وأن أحكامه واجبة الاتباع، وأنه المصدر والمرجع الأول الذي لا يلجأ أحد إلى غيره إلا إذا لم يجد ما يطلبه فيه.

    إعجاز القرآن الكريم:
    القرآن الكريم هو معجزة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، وقد تعددت نواحي الإعجاز فيه، فهو معجز بلفظه ومعناه فهناك:
    1 – الإعجاز البلاغي.
    2 – الإخبار عن الغيبيات،وذلك مما لا يقدر عليه البشر، ولا سبيل لهم إليه.
    3 – كذلك إخباره بأمور مغيبة ماضية أو مستقلبية لا يعلمها إلا علام الغيوب.
    4 – بيانه للحقائق العلمية والأسرار الكونية التي يكشف عنها العلم الحديث.
    5 – سلامته من التعارض والتناقض.
    6 – الإعجاز التشريعي؛ حيث نظم جميع العلاقات الإنسانية تنظيمًا دقيقًا محكمًا، يحقق الخير للناس في دنياهم وآخرتهم.
    7 – حفظ الله _تعالى_ له من التبديل والتحريف.
    قراءات القرآن الكريم:
    كان من تيسير الله أن نزل القرآن على سبعة أحرف، وقد تلقى الصحابة هذه القراءت عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، وأقرؤوها الناسَ كما سمعوها
    والقراءات القرآنية عدة أنواع:

    1 – القراءة المتواترة التي اتفق عليها المسلمون في كل عصر، والتي رواها في كل العصور _ابتداء من عصر الصحابة_ جَمْعٌ يؤمن تواطؤهم على الكذب من أول السند إلى منتهاه، ولا خلاف بين العلماء في أن القراءة المتواترة قرآن يحتج به.
    وشروط الاعتداد بالقراءة ثلاثة:

    أ*- استقامة الإعراب والمعنى، أي موافقتها اللغة العربية بوجه من الوجوه.
    ب*- صحة السند، أي التواتر.
    ج- الموافقة لرسم المصحف العثماني.

    فإذا فقد أحد الشرطين الأولين لم تعد قراءة. وإذا فقد الشرط الثالث كانت قراءة شاذة، وقيل إذا فقدت الشرط الثالث لم تعد قراءة، وإذا كان السند غريبًا كانت شاذة. وقال الإمام المحقق ابن الجزري والعلامة السبكي: القراءات السبع التي اقتصر عليها الشاطبي، والثلاث التي هي قراءة أبي جعفر، وقراءة يعقوب، وقراءة خلف – متواترة معلومة من الدين بالضرورة.
    2 – أما القراءة الشاذة فهي أنواع
    منها:
    أ- القراءة المشهورة: وهي التي وافقت العربية والرسم، وصح سندها، لكنها لم تبلغ حد التواتر. وهذه قد اختلف فيها، فهي حجة عند الحنفية دون غيرهم، وهذه القراءة تعد نوعًا من أنواع الشذوذ عند جمهور القراء والعلماء.
    ب- قراءة الآحاد:
    وهي التي خالفت الرسم أو العربية، وصح سندها، ولم تتواتر ولم تشتهر. وهذه لا يقرأ بها.
    ج- القراءة الشاذة: وهي ما فقدت أحد الأركان الثلاثة أو معظمها، وقيل هي ما لم يصح سنده، وإذا كان القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، فإن القراءة الشاذة لا تسمى قرآنا، ولا يثبت لها من الأحكام ما للقرآن الكريم.
    د- القراءة المدرجة:
    وهي ما زيد في القراءات على وجه التفسير.
    وجمهور العلماء سلفًا وخلفًا على عدم جواز القراءة بما هو شاذ من القراءات، ولا تصح بها الصلاة، وعند الإمام أحمد روايتان مشهورتان؛ إحداهما جواز القراءة بها، وأخرى عدم الجواز. أم الاحتجاج بالقراءة الشاذة.
    واستنباط الأحكام منها، فعلى مذهبين: الأول: أنها حجة ويجب العمل بها، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي فيما نقله عنه البويطي، وأحد رأيي الإمام أحمد. والمذهب الثاني: انها ليست بحجة، ولا يجب العمل بها، وهو رأي جمهور الشافعية، ورواية عن أحمد.


    أسلوب القرآن في الدلالة على الأحكام:
    أ- قد تكون الدلالةُ قطعيةً:
    إذا كان اللفظ الوارد فيه يدل على معنى واحد يتعين فهمه منه، ولا يحتمل تأويلاً ولا مجالاً لفهم معنى غيره. كدلالة كل عدد على مدلوله الخاص كقوله _تعالى_ في حد القذف:
    ﴿والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة﴾ {النور:3}.
    ب- وقد تكون الدلالةُ ظنيةً:
    إذا كان اللفظ يحتمل الدلالة على أكثر من معنى؛ مثل قوله _تعالى_ في عدة المطلقة:
    ﴿والمطلقات يتربصن بأنفسهم ثلاثة قروء﴾ {البقرة:228}، فلفظ القرء في اللغة العربية لفظ مشترك بين معنيين، فيطلق على الطهر وعلى الحيض، وعليه يحتمل أن تكون العدة ثلاثة أطهار، أو ثلاث حيضات؛ وفي مثل هذا اختلف المجتهدون.

    كيفية بيان القرآن للأحكام:

    جاء بيان القرآن للأحكام على ثلاثة أنواع:
    النوع الأول: بيان كلي
    أي ذِكْر القواعد والمبادئ العامة التي تكون أساسًا لتفريع الأحكام وابتنائها عليها، كالأمر بالشورى، والعدل في الحكم، وأن العقوبة بقدر الجريمة، وحرمة مال الغير ... إلخ.

    النوع الثاني: بيان إجمالي
    أي ذكر الأحكام بصورة مجملة تحتاج إلى بيان وتفصيل، كالأمر بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأداء الحج ... إلخ، وقد فصَّل النبي _صلى الله عليه وسلم_ هذا النوع.

    النوع الثالث: بيان تفصيلي
    لا إجمال فيه، كأنصبة الورثة، وكيفية الطلاق وعدده، والمحرمات من النساء، وبعض العقوبات المسماة بالحدود ... إلخ.
    الأحكام التي جاء بها القرآن:
    الشريعة الإسلامية نظام شامل لجميع شئون الحياة، وعلى ذلك يمكن تقسيم أحكام الشرعية إلى ما يلي:
    أولا: الأحكام المتعلقة بالعقيدة
    كالإيمان بالله واليوم الآخر، وهذه هي الأحكام الاعتقادية، ومحل دراستها في علم الكلام أو التوحيد.
    ثانيًا: الأحكام المتعلقة بالأخلاق
    وهي تتعلق بما يجب على المكلف أن يتحلى به من الفضائل، وما يجب أن يتخلى عنه من الرذائل
    و هذه الأحكام الأخلاقية محل دراستها في علم الأخلاق والتصوف.

    ثالثًا: الأحكام العملية
    وهي المتعلقة بأقوال الإنسان وأفعاله في علاقته مع غيره، وهذا النوع هو فقه القرآن، وهو المقصود، والوصول إليه بعلم أصول الفقه، ومحل دراسة هذه الأحكام في علم الفقه.

    والأحكام العملية في القرآن بالنسبة إلى ما تتعلق به تنقسم إلى قسمين:
    القسم الأول: أحكام العبادات
    من صلاة وصيام وزكاة وحج ونذر ويمين، ونحوها من العبادات، وهي التي يقصد بها تنظيم علاقة الإنسان بربه.
    القسم الثاني: المعاملات (العادات)
    وهي التي يقصد بها تنظيم علاقات المكلفين فيما بينهم، سواء كانوا أفرادًا أم أممًا أم جماعات، وذلك فيما بينهم من عقود وتصرفات وعقوبات وغيرها مما عدا العبادات.

    وأحكام المعاملات تنقسم إلى ما يأتي:
    1 – أحكام الأسرة أو الأحوال الشخصية.
    2– الأحكام المدنية
    وهي ما يتعلق بالمعاملات من إجارة ورهن ومداينة وشركة ونحو ذلك.

    3 – أحكام المرافعات
    وهي ما يتعلق بالقضاء والدعوى والشهادة واليمين وما تعلق بذلك.

    4 – الأحكام الجنائية والعقابية وما تعلق بها من إجراءات.
    5 – الأحكام الدستورية
    وهي ما تعلق بنظام الحكم وقواعده وأصوله ونحو ذلك.
    6 – الأحكام الدولية:وهي ما يتعلق بتنظيم العلاقات بين الدول الإسلامية وغيرها في حال السلم والحرب.
    7 – الأحكام الاقتصادية والمالية: وهي ما تعلق بموارد الدولة ومصادرها، وتنظيم العلاقات المالية بين الأفراد وبعضهم، وبينهم والدولة.
    فهذا الشمول الذي جاءت به الشريعة لا نظير له في القوانين الوضعية، ومن استقراء آيات الأحكام في القرآن يتبين أن أحكامه تفصيلية في العبادات وما يلحق بها من الأحوال الشخصية، فهي أحكام تعبدية لا مجال للعقل فيها، ولا تتأثر بتطور البيئات. أما فيما عدا ذلك فأحكام القرآن فيه قواعد عامة ومبادئ أساسية، ولم يتعرض فيها لتفصيلات جزئية إلا في النادر؛ لأن هذه الأحكام تتطور البيئات والمصالح، وليكون في الأمر سعة.
    اسباب ضعف طلب العلم فى مصر .pdf (400.2 كيلوبايت, المشاهدات 66)
    صفحتى على الفيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php...26&ref=tn_tnmn

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,057

    افتراضي

    ثانيا :السنة النبوية
    السنة _لغة_

    هي الطريقة أو السيرة حسنةً كانت أم قبيحةً.


    وهي في الشرع:
    ما ينسب إلى النبي _صلى الله عليه وسلم_ من قول أو فعل أو تقرير أو صفة. وهي _كذلك_ العمل المحمود في الدين مما ليس فرضًا ولا واجبًا.
    وللسنة معانٍ حَسَب نوع العلم الذي تُبحَث فيه
    فهي عند علماء السنة (الحديث):
    كل ما أثر عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، سواء دلَّ على حكم شرعي أم لم يدل.

    وعند علماء أصول الفقه:
    كل ما صدر عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ من قول أو فعل أو تقرير بما يصلح أن يكون دليلاً لحكم شرعي.

    وهي عند علماء الفقه:
    كل ما ثبت عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ ولم يكن من باب الفرض؛ فهي الطريقة المتبعة في الدين من غير افتراض، أو العمل المحمود في الدين مما ليس فرضًا ولا واجبًا.


    ومرد هذا الاختلاف في الاصطلاح إلى اختلافهم في الأغراض التي تعنى بها كل فئة من أهل العلم.
    الأدلة على حجية السنة ومنزلتها التشريعية:
    السنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع؛ دل على ذلك الكتاب والسنة والإحماع والعقل.
    أولا: الكتاب:
    - ﴿وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى﴾ {النجم: 3-4}. - ﴿يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾ {النساء:59}. - ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ {النساء:80}. - ﴿وما ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ {الحشر:7}. - ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله وسروله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا﴾ {الأحزاب:36}. - ﴿وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون﴾ {النحل:44}.
    ثانيًا: السنة:
    من أشهر الأحاديث في هذا الباب حديث معاذ بن جبل _رضي الله عنه_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ لمَّا أراد أن يبعثه إلى اليمن، قال له: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: "أقضي بكتاب الله". قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: "فبسنة رسول الله". قال: فإن لك يكن في سنة رسول الله؟ قال: "أجتهد رأيي ولا آلو". قال معاذ: "فضرب رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ على صدري، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله".
    ثالثًا: الإجماع:
    أجمع الصحابة _رضوان الله عليهم_ في حياته وبعد وفاته على وجوب اتباع سنته، فكانوا يمضون أحكامه ويمتثلون أوامره ونواهيه ، ولا يفرقون بين حكم صدر في القرآن أو حكم صدر من الرسول _صلى الله عليه وسلم_ كتوريث الجدة، والاستئذان ثلاثًا، وهكذا فعل علماء المسلمين بعد الصحابة دون أن ينكر عليهم أحد يعتد بإنكاره.
    رابعًا: الدليل العقلي على حجية السنة:
    قال الأوزاعي: "الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب". وقال ابن عبد البر: "إنها تقضي عليه وتبين المراد منه".
    أنواع الأحكام التي جاءت بها السنة:
    ما ورد في السنة بالإضافة إلى ما ورد في الكتاب ثلاثة أنواع:
    الأول: ما كان مطابقًا لما في القرآن، فتكون السنة مقررة ومؤكدة حكمًا ورد في القرآن، فيكون الحكم له مصدران وعليه دليلان ، دليل مثبت من آي القرآن ، ودليل مؤيد من سنة الرسول _صلى الله عليه وسلم_. الثاني: أن تكون السنة مبينة لما في القرآن، وبيان السنة للقرآن يكون بالآتي: أ – أن تكون مفصلة ومفسرة لما جاء في القرآن مجملاً، كإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. ب – أن تكون السنة مقيدة لمطلق الكتاب، كتقييد الوصية بعدم الزيادة على الثلث. ج – أن تخصص السنة عام القرآن، ومن ذلك ما ورد عامًّا مثل تحريم الميتة ﴿ حرمت عليكم الميتة﴾ {المائدة:3}، فالميتة عامة، ولكن استثنت السنة حل ميتة البحر في قوله _صلى الله عليه وسلم_ عن البحر: "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته". الثالث: أن تكون السنة مشتملة على حكم جديد، فهي مستقلة بالتشريع، فقد جاءت السنة بميراث الجدة، والحكم بالشاهد واليمين، وتحريم الذهب على الرجال، ونحو ذلك كثير.
    أقسام السنة باعتبار سندها:
    أولا: السنة المتواترة: *
    الخبر المتواتر هو الذي يرويه في كل طبقة من طبقات سنده رواة كثيرون، يحكم العقل عادة باستحالة تواطؤهم على الكذب، ومن هذا القسم السنن العملية في أداء الصلاة والصوم والحج والأذان والإقامة... إلخ.
    والسنة المتواترة قطعية الورود عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_؛ لأن تواتر النقل يفيد الجزم، والقطع بصحة الخبر. وأما من جهة الدلالة فقد تكون قطعية الدلالة إذا كان نصها لا يحتمل تأويلاً، وقد تكون ظنية الدلالة ، إذا كان نصها يحتمل التأويل.
    ثانيًا: السنة المشهورة:
    الحلقة الأولى في سندها ليست جمعًا من جموع التواتر، بل الذي تلقاها عن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ فرد أو اثنان أو جمع لم يبلغ حد التواتر، وسائر الحلقات بعد ذلك جموع التواتر. والسنة المشهورة قطعية الورود عن الصحابي أو الصحابة الذي تلقوها عن الرسول؛ لتواتر النقل عنهم، ولكنها ليست قطعية الورود عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_؛ لأن أول من تلقى عنه ليس جمع تواتر؛ ولهذا جعلها فقهاء الحنفية في حكم السنة المتواترة، فهي تفيد ظنًّا قريبًا من اليقين؛ لأن الصحابي حجة وثقة في نقله. أما من ناحية دلالتها فقد تكون قطعية، وقد تكون ظنية، بحسب احتمالها التأويل من عدمه.
    ثالثًا: سنة الآحاد، أو خبر الآحاد:
    هو كل خبر ليس بمتواتر، بأن رواه عن الرسول واحد أو اثنان أو جمع لم يبلغ حد التواتر، ورواها عن هذا الراوي مثله، وهكذا حتى وصلت إلينا بسند طبقاته آحاد، لا جموع التواتر، ومن هذا القسم أكثر الأحاديث التي جمعت في كتب السنة، وتسمى خبر الواحد.
    وسنة الآحاد من ناحية ورودها هي ظنية الورود عن الرسول _صلى الله عليه وسلم_، وهي حجة واجب اتباعها والعمل بها؛ لأنها وإن كانت ظنية الورود عن الرسول، إلا أن هذا الظن ترجح بما توفر في الرواة من العدالة وتمام الضبط والإتقان، ورجحان الظن كاف في وجوب العمل؛ لهذا يقضي القاضي بشهادة الشاهد، وهي إنما تفيد رجحان الظن بالمشهود به، وتصح الصلاة بالتحري في استقبال الكعبة، وهي إنما تفيد غلبة الظن، وكثير من الأحكام مبنية على الظن الغالب، ولو التزم القطع واليقين في كل أمر عملي ، لنال الناسَ الحرجُ. وعلى هذا جمهور العلماء، ولا يردونه، ومن رده في بعض الأحوال فلسبب رآه يضعف نسبته إلى الرسول _صلى الله عليه وسلم_ أو لمعارضته لما هو أقوى منه سندًا في نظره. أم من حيث الدلالة فقد يكون خبر الآحاد قطعي الدلالة، أو ظني الدلالة، بحسب احتمال النص للتأويل من عدمه.
    الحديث المرسل:
    هو أن يقول التابعي : قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ كذا، أو فعل كذا، أو فُعِل بحضرته كذا.
    ولا خلاف في قبول مرسل الصحابي؛ لأن الصحابة كلهم عدول، ومراسيلهم لها حكم الموصول. أما مرسل غير الصحابي فهناك خلاف في قبوله، ولكنه مقبول عند الجمهور غير الشافعي؛ لأن الراوي العدل الثقة لا يرسل الحديث ولا يستجيز الرواية إلا وهو جازم بأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال ذلك، وقيد ابن عبد البر ذلك بما إذا لم يكن مُرسِلُه ممن لا يحترز، ويرسل عن غير الثقات.
    ولا يقبل المرسل عند الشافعي إلا إذا تأيد بأحد أمور:

    1 – أن يكون المرسل من كبار التابعين كسعيد بن المسيب والزهري والحسن البصري والشعبي وابن سيرين وغيرهم. 2 – وإذا سمى من أرسل عنه سمى ثقة ، ولم يسم مجهولا.
    3 – وإذا شارك أحدًا من الحفاظ في حديثه لم يخالفه.
    4 – أن يؤيده حديث مسند في معناه.
    5 – أن يوافقه مرسل مقبول عند العلماء.
    6– أن يشهد له قول صحابي أو فنواه.
    7 – أن يفتي بمثل معنى ما روي عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ عوام أهل العلم. فإذا تحقق هذه الشروط قبل الشافعيُّ المرسلَ.
    السنة من حيث التشريع وغيره:
    ليس كل ما صدر عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ يكون تشريعًا للأمة، بل منه ما يكون تشريعًا، ومنه ما لا يكون كذلك، ولهذا فالسنة باعتبارها تشريعًا أو غير تشريع تنقسم إلى قسمين:


    القسم الأول: ما صدر عنه _صلى الله عليه وسلم_ من أقوال أو أفعال أو إقرارات باعتباره نبيًّا مبلغًا عن الله _تعالى_، فهذا القسم يعتبر تشريعًا للأمة ويكون حجة على المسلمين واجبًا اتباعه، إذا صدر عنه بوصف أنه رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ، وكان مقصودًا به التشريع العام والاقتداء.
    وسكوت النبي _صلى الله عليه وسلم_ يدل على إباحة الفعل دائمًا ، ومن ثم فهو تشريع للأمة.


    القسم الثاني: ما صدر عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ بمقتضى الطبيعة البشرية كالأكل والشرب والقيام والقعود...، أو بمقتضى خبرته الإنسانية وتجاربه وحذقه في الشئون الدنيوية من التجارة والزراعة وتنظيم الجيوش ووصف دواء لمرض...، أو ما كان خاصًّا به _صلى الله عليه وسلم_ مثل وصال الصوم والتزوج بأكثر من أربعة، ووجوب التهجد بالليل في حقه... فهذا النوع لا يعتبر تشريعًا للأمة.

    اسباب ضعف طلب العلم فى مصر .pdf (400.2 كيلوبايت, المشاهدات 66)
    صفحتى على الفيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php...26&ref=tn_tnmn

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    يسر الله لك
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,057

    افتراضي

    ثالثًا: الاجتهاد والإجماع
    أولا : الاجتهاد

    الاجتهادُ _اصطلاحًا_ هو بَذْلُ الفقيهِ وُسعَه في استنباط حكم شرعي عملي من دليله على وَجْهٍ يَحُسُّ فيهِ العَجْزَ عَنِ المَزيدِ.أو هوبَذْلُ المُجتهدِ وُسْعَه في طَلَبِ العلمِ بأحْكامِ الشَّريعَةِ.
    مجال الاجتهاد:
    الأحكام الشرعية بالنسبة للاجتهاد نوعان:
    ما لا يجوز الاجتهاد فيه، وما يجوز الاجتهاد فيه.

    فما لا يجوز الاجتهاد فيه هو الأحكام المعلومة من الدين بالضرورة و البداهة، أو التى تثبت بدليل قطعىِّ الثبوت، قطعىِّ الدلالة ، مثل وجوب الصلوات الخمس... ونحو ذلك.
    أما ما يجوز الاجتهاد فيه فأوسع مجالاته هو ما لم يُنَصُّ على حُكمه فى الكتاب و السنة. أمَّا إذا كان النصُّ ظنىَّ الثبوت، فمجالُ الاجتهاد فيه البحثُ فى سَنده، وفى ذلك يختلف تقدير المجتهدين. وإذا كان النصُّ ظنىَّ الدلالة، فمجالُ الاجتهادِ فيه البحثُ فى معرفة المعنى المُراد مِن النصِّ، و قوة دلالته على المعنى. وإذا كانت الحادثة لا نصَّ ولا إجماعَ فيها، فمجال الاجتهاد فيها هو البحث عن حُكمها بالأدلة عقلية، أو المصالح المرسلة، أو العرف، أو الاستصحاب، ونحوها من الأدلة المُختلَف فيها، وهذا باب واسع للخلاف بين الفقهاء.
    حكم الاجتهاد:

    أ – الوجوب العيني، إذا توافرت شروطُ الاجتهاد عند شخص.
    ب – الوجوب الكفائي، إن لم يخف فوت الحادثة، ووجد غيره من المجتهدين. ج – الندب، إن كان الاجتهاد فى حكم حادثــة لم تحصل، سواء سُئِلَ عنها أم لم يسأل. د – التحريم، إن كان الاجتهاد فى مقابلة نص قاطع، أو في مقابلة إجماع. فمن توافــرت فيه أهليةُ النظر و الاجتهاد، اجتهدَ، وعمل بما غلب على ظنــه؛ لأن العمل بالظن الراجح أمــرٌ واجبٌ، ومَن لم يكن أهلاً للاجتهاد قلَّدَ المُجتهِدَ، وعَمِلَ بفتواه.
    حجية الاجتهاد و دليلها:
    لا خلاف بين العلماء على مشروعية الاجتهاد وحجيته واعتباره أصلا من أصول الشريعة، إذا كان متعلقًا بالنصوص الشرعية من جهة ثبوتها أو دلالتها، وعمومها وخصوصها. أما إذا كان الاجتهاد لمعرفة حكم شرعي في حادثة لم ينص على حكمها فقد اختلف فيه، وجمهور المسلمين على جواز الاجتهاد _عندئذ_ عقلا وشرعًا، وعندما تدعو الحاجة إليه يكون واجبًا، وخالف في ذلك الشيعة والنظام وجماعة من معتزلة بغداد والظاهرية. ومن أدلة الجمهور: أولاً: الكتاب: قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمــر منكم فإن تنازعتم فى شيء فردوه إلى الله و الرســول﴾ {النساء:59}. والرجوع إلى الله والرسول يكون بالبحث عما قد يكون غائبًا عن البال من النصوص، أو بتطبيق القواعد العامة، أو إلحاق الشبيه بشبيهه، أو التوجه إلى تحقيق المقاصد، فكل هذا رد إلى الله ورسوله، وهذا هو أصل الاجتهاد. ثانيا: السنة: حديث معاذ بن جبل _رضى الله عنه_ الذي قال فيه: "أجتهد رأيى، و لا آلو". وقد تلقته الأمة بالقبول، ولم يُظهِر أحدٌ فيه طعنًا أو إنكارًا.
    ثالثا: العقل: قد جعل الله الإسلام خاتم الأديان، وجعل شريعته صالحه لكل زمان، ونصوص الشريعة من الكتاب والسنة محدودة، ولا يمكن أن تفي النصوص المحدودة بأحكام الحوادث المتجددة غير المحدودة، إلا إذا كان هناك مجال لتعرف أحكام الحوادث الطارئة غير المحدودة بالاجتهاد في قياسها على نظائرها، أو توجيهها إلى تحقيق المصالح التي ترمي إليها الشريعة، وبغير هذا تفقد الشريعة صلاحيتها لكل زمان ومكان.
    شروط المجتهد :
    1 – أن يكون عالما بنصوص الكتاب والسنة، فإن قصر فى أحدهما لم يكن مجتهدا. 2
    – أن يكون عارفا بمسائل الإجماع؛ حتى لا يفتي بخلاف ما وقع الإجماع عليه.

    3 – أن يكون عالمًا بلسان العرب؛ بحيث يمكنه تفسير ما ورد فى الكتاب والسنة من الغريب ونحوه.
    4 – أن يكون عالمًا بعلم أصول الفقه؛ لاشتماله على ما تمس الحاجة إليه، قال الغزالي: "إن أعظم علوم الاجتهاد يشتمل على ثلاثة فنون: الحديث، واللغة، وأصول الفقه".
    5- أن يكون عارفا بالناسخ والمنسوخ من القرآن والسنة، فى آيات وأحاديث مخصوصة؛ حتى لا يعتمد على المنسوخ المتروك مع وجود الناسخ.
    6 – معرفة القياس بشروطــه وأركانه؛ لأنه مناط الاجتهاد وأصل الرأى، ومنه يتشعب الفقه.
    7 – أن يدرك مقاصــد الشريعة العامة فى استنباط الأحكـــام.
    8 – معرفة أحوال النــاس وحياتهم، فإن الجاهل بأحوالهم يُفسِد بالفتوى أكثرَ ممَّا يُصلح.
    9 – اشترط بعض العلماء أن المجتهد لا بد أن يكون عالمًا بالقواعد الكلية للفقه الإسلامى، مثل: الأمور بمقاصدها، و المشقة تجلب التيسير، و الضرر يزال، واليقين لا يُطرَح بالشك.

    مراتب الاجتهاد:

    1 - المجتهد المستقل: وهو الذي استقل بقواعده لنفسه.
    2 - المجتهد المنتسب (المجتهد المطلق غير المستقل): هو الذى وُجِدَت فيه شروط الاجتهاد، التى اتصف بها المجتهد المستقل، ثم لم يبتكر لنفسه قواعد، بل سلك طريق إمام من أئمة المذاهـب فى الاجتهاد، فهو مطلَق منتسِب، ليس مستقلا ولا مقيَّدا؛ إذ إنه لم يقلد إمامه، ولكنه سلك طريقه فى الاجتهاد.
    3 - المجتهد فى المذهب (المجتهد المقيد أو مجتهد التخريج): وهو يتبع أحد الأئمة فى الأصول والفروع التى انتهى إليها، وإنما عمله فى استنباط أحكام المسائل التى لا رواية فيها عن الإمام.
    4 - مجتهد الترجيح (المجتهد المرجح): وهو من لم يبلغ رتبة أصحاب الوجوه السابقة، لكنه _كما قال النووى فى مقدمة المجموع_: ”فقيه النفس، حافظ لمذهب إمامه، وعارف بأدلته، قائم بتقريرها، يصور، ويحرر، ويقرر، ويمهد، ويزيف، ويرجح، لكنه قصر عن أولئك (أي المجتهدين)".
    5 - طبقة الموازنات: وهم الذين يوازنون بين الأقوال و الروايات، فيقررون _مثلاً_ أن هذا القول أقيس من ذلك، وأن ذلك القول أصح رواية أو أقوى دليلاً.
    6 - طبقة المحافظين (أى المقلدين) و هى التى تكون حجة فى العلم بترجيحات السابقين، قال ابن عابدين: ”طبقة المقلدين القادرين على التمييز بين الأقوى والقوي والضعيف، وظاهر الرواية، وظاهر المذهب، والرواية النادرة، كأصحاب المتون المعتبرة، كصاحب كنز الدقائق، وصاحب الدر المختار، وشأنهم ألا ينقلوا في كتبهم الأقوال المردودة والروايات الضعيفة“.
    7- طبقة المقلدين: وهذه الطبقة دون السابقين جميعا؛ و هم الذين يستطيعون فهم الكتاب، ولا يستطيعون الترجيح بين الأقوال أو الروايات، و لم يؤتوا علمًا بترجيح المرجحين، و تمييز طبقات الترجيح.

    تجزؤ الاجتهاد:
    ذهب جماعة إلى أنه يتجزأ؛ لأنه يمكن للمجتهد أن يكون معتنيًا بباب من الأبواب الفقهية، واحتجوا بأنه لو لم يتجزأ الاجتهاد ، ولزم أن يكون المجتهد عالمًا بجميع المسائل، واللازم منتفٍ؛ فكثير من المجتهدين قد سئل فلم يجب، وهم مجتهدون بلا خلاف، ومن ذلك ما روي أن مالكًا _رحمه الله_ سئل عن أربعين مسألة، فأجاب في أربع منها، وقال في الباقي: لا أدري. وهذا مذهب الأكثرين.
    وذهب آخرون إلى المنع؛ لأن المسألة في نوع من الفقه ربما كان أصلها في نوع آخر منه، ومتى تحققت القدرة على الاجتهاد بتحقيق شروطه، كان المجتهد قادرًا على استنباط الأحكام من أي باب من أبواب الفقه، ولا يقال إن فلانا مجتهد في باب كذا دون كذا، إلا أن يكون إلمامه ببعض الموضوعات أوسع من بعض ؛ لكثرة اطلاعه عليه ، وممارسته القضاء أو الفتيا فيه، فإن هذا يجعل اجتهاده فيه أيسر، وإجابته عند الإفتاء أسرع، مع تحقق القدرة على الاجتهاد بوجه عام، وهذا لا يمنع المجتهد من التوقف _أحيانًا_ إذا خفي عليه وجه الدليل، وخشي الوقوع في الخطأ، كالذي نقل عن مالك _رحمه الله_؛ ولأن أحكام الشرع يتعلق بعضها ببعض، فالجهل ببعضها مظنة للتقصير في الباب والنوع الذي قد عرفه.
    أحكام الاجتهاد من حيث التصويب و التخطئة :
    ذهب جَمْعٌ إلى أن كلَّ قول من أقوال المجتهدين فيه حق، و أن كل واحد منهم مصيب. وذهب أبو حنيفة و مالك و الشافعى، و أكثر الفقهاء إلى أن الحق فى أحد الأقوال، و لم يتعين لنا، وهو عند الله متعين؛ لاستحالة أن يكون الشيء الواحد فى الزمان الواحد فى الشخص الواحد حلالاً و حرامًا. وقد كان الصحابة _رضي الله عنهم_ يخطئ بعضهم بعضًا، ويعترض بعضهم على بعض، ولو كان اجتهادُ كلِّ مجتهدٍ حقًّا، لم يكن للتخطئة وجه.
    تعدد قول المجتهد:
    قرر العلماء أنه لا يجوز أن يكون لمجتهد في مسألة قولان متناقضان في وقت واحد، بالنسبة إلى شخص واحد، فإن كان تاريخ القولين معلومًا، فالثاني منهما ناسخ للأول، وهو الذي يجب إسناده للمجتهد دون الأول؛ لكونه مرجوعًا عنه، لجواز تغير الاجتهاد، وظهور ما هو أولى بالأخذ به.
    وأما بالنسبة إلى شخصين، فيكون ذلك على اختلاف المذهبين المعروفين عند تعادل الأمارتين، فمن قال بالتخيير جوز ذلك له. وإن لم يكن تاريخ القولين معلومًا، فينبغي نسبة أحد القولين إلى المجتهد، واعتبار الآخر مرجوعًا عنه، ولكنه في هذه الحال لا يصح العمل بأحد القولين قبل تبين الأمر؛ لاحتمال أن يكون ما عمل به هو المرجوع عنه. تغير الاجتهاد ونقضه:
    * إذا اجتهد الفقيه لنفسه، وعمل بما أداه إليه اجتهاده، ثم تبين له خطؤه، وجب عليه أن ينقض اجتهاده الأول باجتهاده الثاني.
    * وإذا كان المجتهد حاكمًا (قاضيًا) فقضى في واقعة بما اجتهد ثم تغير اجتهاده في واقعة مماثلة، فإن كان حكمه مخالفًا لدليل قاطع، فينقض بالاتفاق بين العلماء. أما إذا كان حكمه في مجال الاجتهاديات، أو الأدلة الظنية، فإنه لا ينقض الحكم السابق، لأن نقضه يؤدي إلى اضطراب الأحكام الشرعية، وعدم استقرارها، وعدم الوثوق بحكم الحاكم، وهو مخالف للمصلحة التي نصب الحاكم لها، وهي الفصل في المنازعات، فلا يصح أن ينقض قضاءه الأول باجتهاده الثاني، وإن وجب عليه أن يعمل به في المستقبل؛ احترامًا للقضاء، وقطعًا لدابر النزاع، وقد فعل عمر _رضي الله عنه_ ذلك في المسألة الحجرية؛ حيث قضى بعدم التشريك، ثم عرضت له مرة أخرى فقضى فيها بالتشريك، فقيل له: إنك لم تشرك بينهم في عام كذا وكذا. فقال عمر: تلك على ما قضينا يومئذ ، وهذه على ما قضينا اليوم".
    * لا يصح لمجتهد أن ينقض حكم مجتهد آخر مخالف له، إلا إذا كان الاجتهاد الأول مخالفًا لدلي قطعي؛ لأ، أحد الاجتهادين ليس أولى بالصواب من الاجتهاد الآخر، ونقض الأول بالثاني فتح لباب الفوضى، وعدم الاستقرار في الأحكام والاستهانة بالقضاء. * لا يجوز لمجتهد أن يحكم بما يخالف اجتهاده
    ضوابط تغير الأحكام الاجتهادية و اختلافها بحسب تغير الأزمنة و الأمكنة و الأحوال و النيات و العوائد:
    1 - الأحكام تتغير بسبب تغير العرف، أو تغير المصالح، أو لمراعاة الضرورة، أو لفساد الأخلاق وضعف الوازع الدينى، أو لتطور الزمن، وتنظيماته المستحدثة، فيجب تغير الحكم الشرعى؛ لتحقيق المصلحة، ودفع المفسدة، وإحقاق الحق والخير.
    2 - أن التغير فى الفتوى فى الأحكام الاجتهادية هو تغير خاص من حيث الزمان والمكان والشخص؛ حيث تتغير فقط بالنسبة للزمان أو المكان أو الشخص، الذي تغيرت في حقه مسوغات الفتوى.
    3 - أن الذى يقول بتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والأشخاص هم أهل العلم، وليس أهل الهوى والجهل.
    4 - أن العرف الذى تتغير الفتوى به هو الذى لا يصطدم مع الشــرع.
    ومن الأمثلة على التغير:
    * إفتاء عمر _رضى الله عنه_ بإيقاع الطلاق الثلاث بلفظ واحد ثلاثا، على خلاف ما كان عليه العمل من قبله. * نهى الرسول _صلى الله عليه وسلم_ عن إقامة الحدود فى الغــزو؛ خشية أن يفر من عليه الحد إلى بلاد العدو، أو تضعف شوكة المسلمين. * الحكم بتضمين الصناع، والقول بجواز التسعير. * ما عليه القضاء المصرى الآن من عدم الحكم لمدعي الزوجيــة بدعواه، إذا أنكرها خصمه، إلا إذا أيدها بوثيقة رسمية.
    أنواع الاجتهاد:
    قد يكون الاجتهاد انتقائيًّا أو إنشائيًّا
    فأما الاجتهاد الانتقائي، فهو اختيار أحد الآراء المنقولة في تراثنا الفقهي العريض، للفتوى أو القضاء به؛ ترجيحًا له على غيره من الآراء والأقوال الأخرى، في ضوء الأدلة والاعتبارات الشرعية.

    وأما الاجتهاد الإنشائي الإبداعي، وهو استنباط حكم جديد في مسألة من المسائل التي لم يقل بها أحد من السابقين.
    وقد يكون الاجتهاد فرديًّا أو جماعيًّا.
    اسباب ضعف طلب العلم فى مصر .pdf (400.2 كيلوبايت, المشاهدات 66)
    صفحتى على الفيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php...26&ref=tn_tnmn

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,057

    افتراضي

    ثانيًا: الإجماع
    الإجماع _لغة_ العزم والتصميم على الأمر، أو الاتفاق عليه. واصطلاحا: اتفاق المجتهدين مِن أمَّة محمد _صلى الله عليه وسلم_ بعد وفاته فى عصر من العصور على حكم شرعى.
    ركن الإجماع وشرائطه:
    ليس للإجماع إلا ركن واحد بالمعنى الدقيق لكلمة الركن، وهو اتفاق المجتهدين، فإذا لم يحصل اتفاق بينهم ، فلا ينعقد الإجماع.
    أما شروطه فهي:
    1 - أن يكون القائمون بالإجماع عددًا من المجتهدين.
    2- أن يحدث الاتفاق من جميع المجتهدين على الحكم الشرعي.
    3 - أن يقع الاتفاق من جميع المجتهدين المسلمين فى وقت الحادثة، من مختلف الأمصار، فلا ينعقد بعلماء بلد معين.
    4 - أن يكون الاتفاق بإبداء كل واحد من المجتهدين رأيه صراحة فى الواقعة.
    5 - أن يقع الاتفاق من أهل الاجتهاد الموصوفين بالعدالة.
    6 - أن يعتمد المجمعون على مستند شــرعى فى إجماعهم.

    حكم الإجماع :
    إذا انعقد الإجماع على واقعة لمعرفة حكمها الشرعى، فهو حجة قطعية يجب العمل به، و تحرم مخالفته، و يُحكم بكفر من أنكر أصل الإجماع. الدليل على حجية الإجماع : أولا : الكتاب : قال _تعالى_: ﴿و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا﴾ {النساء: 115}. وسبيل المؤمنين هو الإجماع. ثانيا : السنة: وردت عدة أحاديث تدل على عصمة الأمة من الخطـأ، فقال النبى _صلى الله عليه وسلم_، منها: "لا تجتمع أمتى على الخطأ". و قال: "لا تجتمع أمتى على ضلالــة". و قال _صلى الله عليه وسلم_: ”سألت ربى _عز وجل_ لا يجمع أمتى على ضلالة، فأعطانيها". ثالثا: المعقول: فإن العادة تحيل أن يجتمع كل المجتهدين فى عصر من العصور على حكم، ويجزموا به جزمًا قاطعًا، ولا يكون لهم من الكتاب و السنة مستند قاطع، بنوا عليه إجماعهم.
    * أنواع الإجماع: إجماع قولي نطقي صريح - الإجماع الفعلي - الإجماع السكوتي.
    نوع حجية الإجماع و حكم من أنكره:
    1 – من أنكر حكمًا ثبت بالإجماع الظني، كالإجماع السكوتي، أو الإجماع المنقول بخبر الآحاد، فإنه يفسق، أو يبدع؛ لأنه خالف دليلاً ظنيًّا، يجب العمل بمقتضاه، ولمكان الخلاف فيه لم يكفر، وذلك كالإجماع على أن سداد دين المتوفى من ماله مقدم على تنفيذ وصيته. 2 – ومن أنكر حكمًا ثبت بالإجماع القطعي؛ أي إذا نقل إلينا نقلا متواترًا، كميراث بنت الابن مع البنت _إذا علم الإجماع عليه_ كفر لمخالفته شرع الله _تعالى_، لا من أجل الإجماع؛ ولذلك لو أنكر أن الإجماع أثبت الحكم لا يكفر؛ حيث لم ينكر شرعية الحكم.
    * إذا اختلف أهل العصر في مسألة على قولين أ, أكثر ، ثم استقر قولهم على ذلك، فهل يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث أو أكثر؟ هناك من قال بالمنع مطلقًا؛ لأنه كاتفاقهم على أنه لا قول سوى هذه الأقوال التي اتفقوا ولم يخرجوا عليها، وهذا رأي الجمهور. وهناك من قال بالجواز مطلقًا، وهم بعض الحنفية والظاهرية. وروي قول ثالث عن الشافعي هو أن ذلك القول الحادث إذا كان يرفع حكمًا اتفق عليه القولان السابقان، كان مخالفًا للإجماع، فيكون ممتنعًا، ولم يجز إحداثه، كما في مسألة إرث الجد مع الإخوة، فقد اتفق القولان على أنه يرث دونهم، أو يقاسمهم كواحد منهم، فإذا جاء ثالث بأنه لا يرث، كان مخالفًا للمتفق عليه. وإذا كان القول الثالث لا يرفع حكمًا اتفق عليه القولان السابقان، لم يكن ممتنعًا كما في المسألتين العمريتين، فهناك من يقول بأن لها ثلث الكل فيهما، وهناك من يقول لها ثلث الباقي فيهما، فلا مانع _عند أهل هذا الرأي_ أن يكون هناك رأي ثالث يقول بأن لها ثلث الكل في إحداهما، وثلث الباقي في الأخرى؛ فإنه لم يخالفهما في شيء اتفقا عليه، إنما وافق الأول في بعض، والثاني في بعض.
    مستند الإجماع:
    هو الدليل الذى يعتمد عليه المجتهدون فيما أجمعوا عليــه. واختلفوا فى ضرورة الاعتماد على مستند: قال جمهور العلماء: إن الإجماع لا بد له من شيء يستند إليه من نص أو قياس. وقال بعض العلماء _كما حكى الآمدى_: إنه لا يشترط المستند، بل يجوز صدور الإجماع عن توفيق لا توقيف.
    * اختلف العلماء في تصور انعقاد الإجماع، والجمهور على إمكان انعقاده؛ إذ لا يترتب على فرض وقوعه محال في العادة، والواقع يؤيد ما ذهب إليه الجمهور؛ لسهولة المواصلات وانتشار وسائل الإعلام.
    نسخ الإجماع:
    الجمهور من الأصوليين على أن الإجماع حجة غير قابلة للنسخ؛ إذا لا يتصور نسخه بنص ولا غيره، وإلا جاز على الأمة الخطأ. وهناك من يرى أن من الإجماع ما يقبل النسخ بإجماع جديد ، وذلك فيما بني على عرف تبدل أو مصلحة زمنية تغيرت؛ لأن ذلك العرف وتلك المصلحة المذكورة هي على الحكم، والمعلول يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
    اسباب ضعف طلب العلم فى مصر .pdf (400.2 كيلوبايت, المشاهدات 66)
    صفحتى على الفيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php...26&ref=tn_tnmn

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    واصل وصلك الله بهداه .

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,057

    افتراضي رابعًا القياس

    رابعًا القياس
    القياس _لغة_: رد الشيء إلى نظيره، والتقدير والمساواة.
    واصطلاحًا: حمل فرع على أصل؛ لعلة مشتركة بينهما. وهو إلحاق واقعة لا نصَّ على حكمها بواقعة ورد نصٌّ بحكمها، فى الحكم الذى ورد به النص؛ لتساوى الواقعتين فى علة هذا الحكم.
    يؤخذ من تعريف القياس أن أركانه أربعة:
    1 - المقيس عليه، و هو ما نُصَّ على حكمه، ويسمى الأصل.
    2 - المقيس، وهو ما يُراد إلحاقه بالأصل فى الحكم، ويسمى الفرع.
    3 - الحُكم، وهو ما حُكِم به النص على الأصل.
    4 - العلة، وهي ما بني عليه الحكم فى الأصل، وتحقق فى الفرع.
    ومن أمثلة القياس:
    أ – قياس النبيذ على الخمر فى الحرمة بجامع وجود الإسكار فى كل منهما. ب - ورد النص بحرمة ابتياع المؤمن على بيع أخيه، وقياس الاستئجار على استئجار الأخ على ذلك، والحكم بالحرمة

    أدلة حجية القياس عند مثبتي القياس:
    استدل جمهور العلماء على حجية القياس بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة، وأفعالهم، وبالمعقول، منها: أولاً: الكتاب:
    أ - ورد العديد من الآيات تحث على الاتعاظ والاعتبار بما وقع للناس فى الحاضر والماضى، ولا معنى لذلك إلا أن نقيس حالنا بحالهم، ونتوقع أن يصيبنا مثل ما أصابهم، إن فعلنا مثل فعلهم. ب – هناك نوع ثان من الآيات رُبطت فيها الأحكام بعللٍ، هى أوصاف فى الأفعال المحكوم عليها، مناسبة لتلك الأحكام، مثل: ﴿إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه﴾ {المائدة:90}.
    ج – هناك نوع آخر من الآيات استخدم فيها القياس للاستدلال، كقوله _تعالى_: ﴿إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون﴾ {آل عمران: 59}. ثانيًا: السنة:
    أ – حديث معاذ بن جبل _رضي الله عنه_ السابق ذكره، وإقرار النبي_صلى الله عليه وسلم_ له. ب - ورد فى السنة النبوية أقيسة كثيرة، استدل النبى _صلى الله عليه وسلم_ على حكمها بطريق القياس، وفِعْلُه _صلى الله عليه وسلم_ فى هذا الأمر العام تشريعٌ لأمته، و لم يقم دليل على اختصاصه به؛ فالقياس فيما لا نص فيه من سنن الرسول _صلى الله عليه وسلم_، و للمسلمين به أسوة. ومن ذلك قوله _صلى الله عليه وسلم_ للجارية الخثعمية التي سألته: "إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: نعم، حجي، أرأيت لو كان على أمك دين، أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء". ج - ذكر النبى _صلى الله عليه وسلم_ علل الأحكام و الأوصاف المؤثرة فيها؛ ليدل على ارتباطها بها، وتعديها بتعدي أوصافها وعِللها، كقوله _صلى الله عليه وسلم_: "إنما جُعل الاستئذان من أجل النظر"، و قوله فى الهرة: "ليست بنجس؛ إنها من الطوافين والطوافات"... إلخ. د - ورد القياس عن الصحابة : فقد قال عمر بن الخطاب _رضى الله عنه_ لأبى موسى الأشعرى _رضى الله عنه_ فى كتابه إليه: ”الفهمَ الفهمَ فيما أدلي إليك مما ورد عليك، مما ليس فى قرآن ولا سنة، ثم قايس الأمور عند ذلك، واعرف الأمثال، ثم اعمد فيما ترى إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق“.
    قال المثبتون للقياس: هذا كتاب عمر إلى أبي موسى، و لم ينكره أحد الصحابة، بل كانوا متفقين على القول بالقياس. ثالثا: المعقول:
    أ – إن القول بأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان يقتضى فتح باب الاجتهاد، بل وجوبه فيما يستجد من الأحداث التى لا نص فيها، وإن نصوص القرآن و السنة محدودة ومتناهية، ووقائع الناس وأقضيتهم غير محدودة ولا متناهية، فلا يمكن أن تكون النصوص المتناهية وحدها هى المصدر التشريعى لما لا يتناهي.
    ب – إن الله _سبحانه_ ما شرع حُكمًا إلا لمصلحةٍ، ومصالحُ العباد هى الغاية المقصودة من تشريع الأحكام، فإذا ساوت الواقعةُ التى لا نصَّ فيها الواقعةَ المنصوصَ عليها فى علة الحكم التى هى مظنة المصلحة، قضت الحِكمة و العدالة أن تساويها فى الحكم؛ تحقيقا للمصلحة التى هي مقصود الشارع من التشريع. ج – قد فطر الله العقول البشرية على التسوية بين المتماثلين، و عدم التفرقة بينهما، وعلى التفريق بين المختلفين، وعدم التسوية بينهما، فالقياس دليل تؤيده الفطرة السليمة، والمنطق الصحيح. * ولنفاة القياس شبه قد ردها الجمهور عليهم، وبينوا لهم خطر قولهم، وفساده.
    *************
    العلة:
    العلة _لغة_ اسمٌ لما يتغيَّر به حال الشيء، بحصوله فيه، أخذًا من العلة التى هي المرض.

    واصطلاحًا: المُعرِّفةُ للحُكم، بأن جُعِلَتْ علمًا على الحكم؛ إن وُجِدَ المعنى، وُجِد الحكم. وهي علامة على ثبوت الحكم، ومعرِّف له.
    فهي وَصْفٌ فى الأصل بني عليه حكمه، و يعرف به وجود هذا الحكم فى الفرع.
    ما يصح التعليل به:
    قرر جمهور الأصوليين أن التعليل يكون بالوصف الظاهر المنضبط، سواء أكان معقولا كالرضا والسخط الظاهرين، أم محسوسًا كالقتل والسرقة، أم عُرفيًّا كالحسن والقبح، فمثل هذه العلة هي مناط الحكم الشرعي.
    * وقد يتبادر إلى الذهن أن الحُكم مرتبط بالحكمة؛ لأنها الباعث على تشريع الحُكم، والغاية المقصودة منه،
    ولكن رئي بالاستقراء:
    1 – أن الحكمة قد تكون أمرًا خفيًّا غير ظاهر: أي لا تدرك بحاسة من الحواس الظاهرة، فلا يمكن التحقق من وجوده، ولا من عدم وجوده، ولا يمكن بناء الحكم عليه ، ولا ربط وجوده بوجوده ، وعدمه بعدمه. 2 – وقد تكون الحكمة أمرًا تقديريًّا أي غير منضبط ، فلا ينضبط بناء الحكم عليه، ولا ربطه به وجودًا أو عدمًا، ومن أمثلته:
    فالحكم يوجد حيث توجد علته، ولو تخلفت حكمته، ومن أمثلة ذلك: المسافر في رمضان يباح له الفطر وقَصْرُ الصلاة؛ لوجود علة إباحته، وهي السفر، حتى وإن انتفت الحكمة، وهو أنه لا يجد مشقة، بأن كان سفره مريحًا لا مشقة فيه، وكذلك المريض يباح له الفطر، وإن لم يجد مشقة. ومن كان غير مسافر أو مريض، فلا يجوز له الفطر أو القصر؛ حتى وإن كان عمله فيه مشقة كالخباز، والعامل في محجر أو منجم وغيرهم، ممن يجدون في الصوم أقسى مشقة؛ لانتفاء علة الجواز، وهي السفر أو المرض، رغم أن الحكمة وهي المشقة موجودة.
    الفرق بين العلة والسبب والحكمة:
    العلة: وصف مناسب ظاهر منضبط، أناط الشارع به الحكم، كعلة الإتلاف علة لضمان المتلف، والجريمة علة للعقوبة عليها، والعقد علة لترتيب آثاره عليه. السبب: وصف ظاهر منضبط، أناط الشارع به الحكم، مناسبًا كان كأمثلة العلة السابقة، أو غير مناسب، كجعل الدلوك سببا لوجوب الصلاة ، وشهود رمضان سببا لوجوب صومه، فهو أعم من العلة. الحكمة: ما يترتب على ربط الحُكم بعلته أو سببه، من جلب مصلحة أو دفع مضرة. وجمهور العلماء على أن الأحكام تناط بعللها وأسبابها، وتدور معها وجودًا أو عدمًا، وإن تخلفت الحكمة. شروط العلة:
    1 – أن تكون وصفًا ظاهرًا جليًّا، ومعنى ظهور العلة أن تكون مدركة بحاسة.
    فمثلا: الإسكار يصلح أن يكون علة لتحريم الخمر؛ لأنه أمر ظاهر يمكن التحقق من وجوده أو عدم وجوده، فهو يدرك بالحس في الخمر، ويتحقق من وجوده بالحس _أيضًا_ في النبيذ ، والصغر علة لثبوت الولاية على الصغير لأنه أمر ظاهر، وطواف الهرة يصلح علة لطهارة سؤرها، والطواف يرى. فإذا كان الوصف خفيًّا، فلا يصح التعليل به، كالأوصاف المتعلقة بأعمال القلب أو العقل أو النفس، والأعمال التي جرى العرف بإخفائها، فيقيم الشارع أمرًا ظاهرًا يقترن به، ويدل عليه فيمكن التعليل به. 2 – أن يكون وصفًا منضبطًا أي لها حقيقة معينة محددة، لا تختلف اختلافا كبيرًا باختلاف الأفراد والأحوال، أما الاختلاف اليسير فلا يؤبه به؛ لأن أساس القياس تساوي الفرع والأصل في علة حكم الأصل، وهذا التساوي يلزم منه أن تكون العلة مضبوطة، محدودة، حتى يمكن الحكم بأن الواقعتين متساويتان فيها، وإلا لم يتأت القياس لعدم التساوي، ومثال ذلك: القتل العمد العدوان من الوارث لمورثه حقيقته مضبوطة، فيعتبر وصفًا مضبوطًا في حرمان القاتل من الميراث، فهو أمر محدد لا يختلف باختلاف القاتل أو المقتول، ويمكن تحقيق ذلك في قتل الموصى له المُوصِيَ. 3 – أن تكون وصفًا متعديًا: أي غير مقصور على الأصل، فإذا كان مقصورا على الأصل، لا يصح القياس عليه؛ لانعدام العلة في الفرع، كإباحة الفطر في رمضان للمسافر والمريض، فإنه لا يقاس عليهما المشتغل بالأعمال الشاقة. 4 – أن تكون العلة وصفًا مناسبًا للحكم: ومعنى مناسبته أن يغلب على ظن المجتهد أن الحكم حاصل عند ثبوتها، ومن أجلها دون شيء سواها، وأن ربط الحكم بها يكون مظنة لتحقيق حِكمة الحكم؛ أي أن ربط الحكم به (الوصف) وجودًا وعدمًا من شأنه أن يحقق ما قصده الشارع من تشريع الحكم من جلب نفع أو دفع ضرر. * فالإسكار مناسب لتحريم الخمر؛ لأن في بناء التحريم عليه حفظ العقول. والقتل العمد العدوان مناسب لإيجاب القصاص ؛ لأن في بناء القصاص عليه حفظ حياة الناس. والسرقة مناسبة لإيجاب قطع يد السارق والسارقة؛ لأن في بناء القطع عليها حفظ أموال الناس. مجالات الاجتهاد في العلة:
    أولا: تخريج المناط: هو استنباط عِلَّةٍ لحُكمٍ شرعي ورد به النص، ولم يرد نَصٌّ بعلته، ولم ينعقد إجماع على علته.
    ثانيًا: تحقيق المناط: هو النظر في معرفة وجود العلة في آحاد الصور الفرعية التي يراد قياسها على أصل، سواء أكانت علة الأصل منصوصة أم مستنبطة.
    كما إذا ورد النص بأن علة اعتزال النساء في المحيض هي الأذى، فينظر في تحقق الأذى في النفاس، وكما إذا ثبت أن علة تحريم شرب الخمر هو الإسكار، فينظر في تحقيق الإسكار في أي نبيذ آخر. ثالثًا: تنقيح المناط: هو الاجتهاد في تعيين السبب الذي أناط الشارع الحكم به، وأضافه إليه، ونصبه علامة عليه بحذف غيره من الأوصاف عن درجة الاعتبار.
    وتنقيح المناط يكون خاصًّا بالعلل المنصوصة؛ حيث دل النص على العلية من غير تعيينِ وَصْفٍ بعينه عِلَّةً. ولا يوجد في العلل المستنبطة. ويكون حين يقترن بالسبب _الذي أضاف الشارعُ الحكمَ إليه_ أوصافٌ لا مدخل لها في العلية، فيبحث المجتهد في تخليص الوصف المناسب، مما اقترن به من هذه الأوصاف، ويسقطه عن درجة الاعتبار؛ ليتسع مجال الحكم.
    مسالك العلة:
    هي الطرق التي يتوصل بها المجتهد إلى معرفة العلة، وهي: النص، والإجماع، والسبر والتقسيم، والمناسبة، وتنقيح المناط. أولا: النص على العلة في الكتاب أو السنة:
    والمراد بالنص: ما كانت دلالته على العلة ظاهرة ، سواء أكانت الدلالة قاطعة، أم ظاهرة محتملة.
    فالدلالة الصريحة القاطعة: أن يرد النص دالاًّ على التعليل صراحة دون احتمال لغيره، وله ألفاظ كثيرة منها: كي – لأجل – إذن – لعلة كذا – لسبب كذا ... ونحوها، كقوله _صلى الله عليه وسلم_: "إنما جعل الاستئذان من أجل النظر".
    أما الدلالة الصريحة الظنية، فتكون إذا كان النص يحتمل الدلالة على غير العلية، ولذلك نوعان: أولهما: أن يكون ذلك بألفاظ معينة، وهي حروف التعليل، كاللام ، والباء، وأن المفتوحة، وإن المكسورة الساكنة؛ وذلك لأن هذه الألفاظ تستعمل في التعليل وفي غيره. ثانيهما: أن يكون النص دلاًّ على العلية بطريق الإيماء (الإشارة) كأن يقع الحكم موقع الجواب، أو يقترن الحكم بالوصف، كذكر المحكوم عليه بوصف بعينه، وهو المراد بقولهم: "إن التعبير بالمشتق يشعر بعلية ما منه الاشتقاق".
    ثانيًا: من مسالك العلة الإجماع:
    وهو نوعان: إجماع على علة معينة ، فإذا اتفق المجتهدون في عصر من العصور على علة وصف لحكم شرعي، ثبتت علية هذا الوصف للحكم بالإجماع ، ومثال ذلك إجماعهم على أن علة الولاية المالية على الصغير الصغر، ثم قاسوا عليها الولاية على نفسه.
    والنوع الثاني: كإجماع السلف على أن الربا في الأصناف الأربعة معلل، وإن اختلفوا في العلة ماذا هي؟ وقد ذهب إلى كون الإجماع من مسالك العلة جمهور الأصوليين. وفي عد هذا مسلكًا نظر؛ لأن نفاة القياس لا يقيسون ولا يعللون ، فكيف ينعقد من دونهم إجماع؟!
    ثالثًا: السبر والتقسيم:
    فإذا لم تثبت العلة بنص أو إجماع، بحث المجتهد في الأصل المنصوص على حكمه عن وصف يدرك العقلُ مناسبتَه، أي صلاحيته لربط الحكم به، وبنائه عليه؛ لتحقق المصلحة المقصودة منه كما سبق، وهذا هو عماد القياس في الحقيقة. فإذا أدرك المجتهد في الفعل المنصوص عليه وصفًا مناسبًا متميزًا، كان هو العلة، وإذا أدرك وصفًا مناسبًا تشوبه أوصاف لا أثر لها في الحكم، كان عليه أن يجتهد في تمحيصه وتنقيحه. وإذا وجد في الفعل عدة أوصاف مناسبة، كان سبيله إلى تعيين أحدها (السبر والتقسيم). فالتقسيم: حصر الأوصاف المناسبة التي تصلح علة لحكم الأصل في نظر المجتهد. والسبر: هو بحث كل وصف من هذه الأوصاف واختباره؛ ليصل المجتهد إلى إبطال بعضها، ولو بدليل ظني، فيسلم منها وصف لا يحتمل الإبطال، فيكون هو العلة. وهذا مجال واسع للاجتهاد والاختلاف بين المجتهدين.
    رابعًا: من مسالك العلة المناسبة:
    وهي أن يكون بين الوصف والحكم ملاءمة؛ حيث يترتب على تشريع الحكم عنده تحقيق مصلحة شرعية للناس أو دفع مفسدة عنهم؛ كالإسكار فإنه وصف ملائم لتحريم الخمر، ولا يلائمه كونه سائلا، أو بلون كذا، أو بطعم كذا، وإنما الإسكار هو الوصف المناسب للتحريم دون غيره. ولا يلجأ المجتهد لهذا المسلك إلا عند عدم النص أو الإجماع على أن الوصف علة.
    ************
    أقسام القياس: للقياس تقسيمات عدة نختار منها اثنين:
    التقسيم الأول: مراتب الإلحاق:
    ينقسم القياس بحسب اقتضاء المعنى الجامع بين الأصل والفرع للحكم إلى: قياس أولى، وقياس أدنى، وقياس مساوي.
    النوع الأول: قياس الأولى:
    وهو ما كان المسكوت عنه فيه أولى بالحكم من المنطوق به؛ لقوة العلة فيه؛ بحيث يدرك العارف باللغة أن المسكوت عنه لا يصح استبعاده من معنى العبارة، كقوله تعالى: ﴿فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما {الإسراء: 23}. فإن كل عارف باللغة يفهم منه النهي عن شتم الوالدين وضربهما، بل يرى أن ذلك أولى بالنهي.
    النوع الثاني: القياس المساوي (القياس في معنى النص):
    هو ما يكون المسكوت عنه مثل المنطوق به، ولا يكون أولى منه، ولا هو دونه، فيقال إنه في معنى الأصل، ومن ذلك قوله _تعالى_: ﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا {النساء: 10}. فإنه يدل على حرمة إتلاف أموال اليتامى بأي وجه من وجوه الإتلاف، كالإحراق وغيره.
    النوع الثالث: قياس الأدنى:
    هو أن يكون الفرع فيه أضعف في علة الحكم من الأصل، فيكون الإلحاق فيه مظنونًا راجحًا، ويتحقق هذا حين تكون الفروق بين الأصل والفرع داعية إلى البحث عن معنى مشترك بينهما، يقتضي اشتراكهما في الحكم، وهذا النوع هو الذي يسمى قياسًا بالاتفاق.
    التقسيم الثاني: ينقسم القياس باعتبار القوة إلى قياس جلي أو في معنى الأصل، وإلى قياس خفي.
    القياس الجلي:
    هو ما قطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع، وهو ما كانت العلة فيه منصوصة أو غير منصوصة، غير أن الفارق بين الأصل والفرع مقطوع بنفي تأثيره بينهما، فالأول كإلحاق تحريم ضرب الوالدين بتحريم التأفيف لهما، بعلة كف الأذى عنهما. والثاني: كإلحاق الأمة على العبد في سراية العتق من البعض إلى الكل، فإن الفارق بينهما هو الذكورة والأنوثة، ومن المقطوع به أن هذا الفارق لا تأثير له شرعًا في أحكام العتق؛ لذا فإن عتق الشريك لبعض الأمة المملوكة له، ولشخص آخر يسري على جميع الأمة، كما يسري في العبد.
    فالقياس الجلي يشمل (القياس الأولى ، والقياس المساوي). القياس الخفي:
    هو ما لم يقطع فيه بنفي تأثير الفارق بين الأصل والفرع، إذا كانت العلة فيه مستنبطة من حكم الأصل، وهو ما يكون نفي الفارق فيه مظنونًا، كقياس النبيذ على الخمر في الحرمة؛ إذ لا يمتنع أن تكون خصوصية الخمر معتبرة؛ ولذلك اختلفوا في تحريم النبيذ.
    والقياس الخفي لا يشمل إلا (قياس الأدنى).













    اسباب ضعف طلب العلم فى مصر .pdf (400.2 كيلوبايت, المشاهدات 66)
    صفحتى على الفيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php...26&ref=tn_tnmn

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,057

    افتراضي

    الأدلة المُختلف فيها


    أولا: الاستحسان

    الاستحسان _لغة_: عد الشيء حسنًا.
    واصطلاحًا: اختلف الأصوليون في تعريف الاستحسان:
    فقال بعضهم: "إنه دليل ينقدح في نفس المجتهد، وتقصر عنه عبارته". وقال آخرون: "هو العدول عن موجب قياس إلى قياس أقوى منه"، أو "هو تخصيص قياس بدليل أقوى منه". وقيل: "هو العمل بأقوى الدليلين، أو الأخذ بمصلحة جزئية معتبرة في مقابلة دليل كلي، أو تخصيص عموم بدليل معتبر، أو مخالفة القياس العام بنص خاص".
    مدى حجية الاستحسان:
    أولا: قال أكثر الحنفية، والحنابلة، والمالكية: "الاستحسان حجة شرعية"، وأدلتهم:
    1 – أن في الأخذ بالاستحسان ترك العسر إلى اليسر، وهو أصل في أصول الدين.
    2 – أن ثبوت الاستحسان يعتمد على دليل متفق عليه، وهو إما النص، أو الإجماع، أو الضرورة، أو القياس الخفي، أو العرف أو المصلحة، وكل ذلك يقتصي ترجيح القياس الخفي على القياس الجلي، والاستثناء الجزئي من الحكم الكلي، وذلك معتبر شرعًا.
    ثانيًا: أنكره بعض العلماء منهم الشافعي والظاهرية والمعتزلة وعلماء الشيعة

    قال الشافعي: "من استحسن فقد شرع" أي جعل نفسه مشرعًا من دون الله، وقال: "إن الاستحسان تلذذ وقول بالهوى ، فلا يكون أصلا للأحكام الشرعية".

    وقالوا: لا يجوز الحكم إلا بالنص أو بالقياس على النص؛ لأن في غير ذلك شرعًا بالهوى، والله _تعالى_ نهانا عن ذلك.


    وبالمقارنة يتبين أن الخلاف لفظي
    أن إنكار الشافعي للاستحسان إنما هو المبني على محض العقل، ومجرد القول بالرأي والتشهي، من غير اعتماد على دليل شرعي، وهذا المعنى لم يقل به الحنفية ومشايعوهم، فالكل متفق على إنكار التشريع بالهوى.

    أنواع الاستحسان:
    1 – الاستحسان بالكتاب: مثل الوصية، فإن مقتضى القياس عدم جوازها؛ لأنها تمليك مضاف لما بعد الموت، وهو زمنٌ تزول فيه الملكية، إلا أنها استثنيت من هذه القاعدة العامة بقوله _تعالى_: ﴿من بعد وصية يوصي بها أو دين {النساء: 11}.
    2 – الاستحسان بالسنة: منه ماثبت بالسنة من النهي عن اقتناء الكلاب عامة، ثم استثني كلب الصيد، والحراسة.
    3 – الاستحسان بالإجماع: مثل أن يفتي العلماء في مسألة على خلاف الأصل في أمثالها، مثل إجماعهم على جواز عقد الاستصناع، فإن مقتضى القياس بطلانه؛ لأن المعقود عليه وقت العقد معدوم، ولكن أجيز العمل به لتعامل الناس به في كل الأزمان من غير إنكار العلماء ذلك.
    4 – الاستحسان باستثناء مسألة جزئية من أصل كلي؛ لدليل استقر في عقل المجتهد واطمأن إليه، ومثاله: المحجور عليه لسفه تصح وصيته في سبيل الخير استحسانًا، والقاعدة العامة عدم صحة التبرع من المحجور عليه؛ حفاظًا على مال المحجور عليه، والوصية في سبيل الخير، وإن كانت تبرعًا، تأتي بخير، ولا تناقض المقصود من الحجر؛ لأنها لا تفيد الملك إلا بعد الوفاة، فاستثناؤها من القاعدة العامة لهذه المصلحة الخاصة يسمى استحسانًا، وتسمى هذه الصورة الاستحسان بالمصلحة.
    ومنه إباحة الاطلاع على العورات للعلاج الطبي، استثناء من القاعدة العامة في تحريم رؤيتها، وذلك للحاجة إلى دفع ضرر المرض. الفرق بين القياس والاستحسان والمصلحة:
    القياس: يجري في الوقائع التي لها نظير، أو مماثل في النص أو الإجماع.
    الاستحسان: يجري في مسألة لها نظير، ولكنها استثنيت من حكمه؛ لدليل يوجب ذلك.
    المصلحة: تطبق في واقعة ليس لها نظير تقاس عليه في الشرع، وإنما يثبت الحكم فيها ابتداء.
    اسباب ضعف طلب العلم فى مصر .pdf (400.2 كيلوبايت, المشاهدات 66)
    صفحتى على الفيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php...26&ref=tn_tnmn

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,057

    افتراضي

    ثانيًا: المصلحة المرسلة
    هي التي لم يشرع الشارع حكمًا لتحقيقها، ولم يدل دليل شرعي على اعتبارها أو إلغائها، وسميت مطلقة؛ لأنها لم تقيد بدليل اعتبار أو دليل إلغاء.
    أقسام المصلحة بالإضافة إلى شهادة الشرع:
    أولا: المصلحة المعتبرة:
    هي التي شرع الشارعُ أحكامًا لتحقيقها، ودل على اعتبارها عِلَلاً لما شرعه، كالمحافظة على النفس، والعقل ، والنسل، والمال؛ فلحفظ حياة الناس شرع الشارع إيجاب القصاص من القاتل العامد، ولحفظ أموالهم شرع حد السارق والسارقة، ولحفظ عرضهم شرع حد القذف والزنى، فكل من القتل العمد والسرقة والقذف والزنى وصف مناسب، أي أن تشريع الحكم بناء عليه يحقق مصلحة، وهو معتبر من الشارع؛ لأن الشارع بنى الحكم عليها.
    ثانيا: المصلحة الملغاة:
    هي ما شهد الشارع لبطلانها، أي وضع من الأحكام ما يدل على إهدارها وعدم رعايتها، فهي ملغاة وغير معتبرة في نظر الشارع، وإلغاء هذه المصلحة لا على أنها مصلحة حقيقية، بل لأنها مصلحة متوهمة، أو لأنها مصلحة مرجوحة أمام مصلحة راجحة، كالمصلحة المتوهمة من آكل الربا في زيادة ثروته، وكالمبالغة في التدين بالرهبانية؛ لأنها مذمومة. ثالثا: المصالح المرسلة:
    أي المطلقة (الخالية) عن دليل يشهد لها بالاعتبار، أو دليل يشهد لها بالإلغاء، وكذلك لا تتقيد رعايتها فيما جَدَّ من الأعمال بنظير منصوص على حكمه، أو بوصف في الفعل المحكوم عليه شهد الشارع باعتباره.
    مثل المصالح التي جرى عليها السلف من أصحاب رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ من مراعاة مصالح الخلق والاكتفاء بالشواهد العامة من غير قياس على حوادث خاصة فيما لا يحصى من المسائل، كجمع الصحف المتفرقة من القرءان في مصحف واحد، ولم يجمعها رسول الله _صلى الله عليه وسلم_.
    أقسام المصلحة باعتبار قوتها:
    أولا: المصالح الضرورية: وهي المتضمنة حفظ مقصود من المقاصد الخمس، التي لم تختلف فيها الشرائع، بل هي مُطبِقَة على حفظها، وهي خمسة: حفظ (الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال).
    ثانيًا: المصالح الحاجية:
    وهي ما يحتاج إليها الناس لليسر والسعة، واحتمال مشاق التكليف وأعباء الحياة، وإذا فُقِدَ لا يختل نظام حياتهم، ولا تعم فيهم الفوضى، كما إذا فقد الضروري، ولكن ينالهم الحرج والضيق اللذان لا يبلغان مبلغ الفساد المتوقع من فقد الضروريات.
    ثالثا: المصالح التحسينية:
    أي المصالح التكميلية، وهي الأمور التي لا تحقق أصل هذه المصالح، ولا الاحتياط لها، ولكنها ترفع المهابة، وتحفظ الكرامة، وتحمي الأصول الخمسة، ومن ذلك بالنسبة للنفس حمايتها من الدعاوى الباطلة، والسب، وغير ذلك مما لا يمس أصل الحياة ، ولاحاجيات من حاجياتها، ولكن يمس كمالها ويشينها، وذلك يلي المرتبتين السابقتين.
    حجية المصلحة المرسلة:
    اختلف العلماء في حجيتها:
    من أدلة المثبتين:
    1 – أن المصلحة إذا كانت ملائمة لمقاصد الشارع، ومن جنس ما أقره من مصالح، فإن الأخذ بها يكون موافقًا لمقاصده، وإهمالها يكون إهمالاً لمقاصده، وإهمال مقاصد الشارع باطل في ذاته.
    2 – جاءت الشريعة بما لا يدع مجالاً للشك بما يحقق مصالح العباد بجلب المصالح لهم، ودفع الحرج، ودرء المفاسد عنهم، فأينما وجدت المصلحة _ما دامت من جنس المصالح الشرعية_ فثم شرع الله، وإلا كان المكلف في حرج وضيق شديدين.
    3 – المصالح التي بنيت عليها الأحكام مصالح معقولة، والله _سبحانه وتعالى_ أوجب علينا ما تدرك عقولنا نفعه، وحرم علينا ما تدرك عقولنا قبحه.
    4 – أفعال الصحابة والتابعين تشهد أنهم راعوا مصالح الخلق، واكتفوا بالشواهد العامة من غير تقييد بمقتضى قواعد القياس، فأبو بكر _رضي الله عنه_ جمع صحف القرءان المتفرقة، ولم يجمعها رسول الله _صلى الله عليه وسلم_. وعمر بن الخطاب _رضي الله عنه_ قد استخلف قبل موته، مع أن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ لم يستخلف، وعثمان _رضي الله عنه_ قضى بميراث زوجة مَن طلقها في مرض الموت معاملةً له بنقيض قصده، وهو ما يسميه الفقهاء بطلاق الفار...
    مما استدل به مانعو المصلحة:
    1 – إن المصلحة التي لا يشهد لها دليل خاص تكون نوعًا من التلذذ والتشهي، وفتح باب لذوي الأهواء.
    2 – إن الأخذ بالمصالح المرسلة يؤدي إلى النيل من وحدة التشريع وعمومه، فتختلف الأحكام باختلاف الأزمان والأحوال والأشخاص؛ نظرًا لتبدل المصالح على مر الأيام.
    وقد اشترط القائلون بالعمل بالمصلحة المرسلة:
    1 – أن تكون المصلحة حقيقية، لا وهمية، فلا بد أن يتحقق من بناء التشريع عليها جلبُ مصلحة، أو درء مفسدة، أما توهم التحقق لجلب نفع أو دفع ضرر، فهذا ما لا يصح أن يبنى تشريع الحكم عليه.
    2 – أن تكون المصلحة عامة، وليست مصلحة شخصية، بأن تكون المصلحة التي شرع الحكم لأجلها كلية لا جزئية.
    3 – ألا يعارض التشريع الذي روعيت فيه المصلحة حُكمًا أو مبدأ ثبت بالنص أو الإجماع.
    4 – أن تكون ملائمة لأصل كلي من أصول الشرع، أو لأصل جزئي؛ فإن كانت جاز بناء الأحكام عليها وإلا فلا.
    حكم العمل بالمصلحة:
    اتفق العلماء على أن الأمور التعبدية الخالصة والعقوبات فلا محل للمصلحة فيها؛ لأن المصلحة مبنية على ما يدرك العقلُ نفعَه، أو ضررَه، وكل من العبادات والعقوبات غير معقولة المعنى في بعض أحكامها، فيقتصر فيها على ما ورد به النص، وكما لا يعتد فيها بالقياس، لا يصح العمل فيها بقاعدة المصالح المرسلة؛ لأن المقصود من العبادات تحقيق رضا الله _تعالى_، ووسائل رضاه لا تعرف إلا منه؛ ولأن فتح باب العمل بالمصلحة فيها يفتح باب الابتداع في الدين، وتتغير به شعائره بمرور الزمان، فاقتصر العمل بالمصلحة عند المحتجين بها على باب المعاملات؛ لأنه يمكن إدراك المصلحة فيها.
    اسباب ضعف طلب العلم فى مصر .pdf (400.2 كيلوبايت, المشاهدات 66)
    صفحتى على الفيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php...26&ref=tn_tnmn

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •