ما الفرق بين العام والمطلَق والمقيد والخاص والشرط والركن؟
الجواب:
الفرق بين العام والمطلق والمقيد والخاص، أن العام مع الخاص في الأفراد؛ فالخاص تقليل أفراد العام، وبالنسبة للمطلق والمقيد فهو في الأوصاف؛ فالمقيد تقليل أو التقييد، تقليل أوصاف المطلق ؛ فمثلاً في قوله -جل وعلا-: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) سورة المجادلة، آية: 3، وفي الآية الأخرى في آية القتل: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) سورة النساء، آية: 92 في كفارة الظهار الآية مطلقة، وفي كفارة القتل الرقبة مقيدة بوصف الإيمان ، وحينئذ يُحمل المطلق على المقيد بهذا الوصف.
وهناك تفاصيل وصور لحمل المطلق على المقيد؛ فإذا اتفقا في الحكم والسبب، فإنه حينئذ يُحمل المطلق على المقيد بالاتفاق، كما في قوله -جل وعلا-: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَ ةُ وَالْمَوْقُوذَة ُ وَالْمُتَرَدِّي َةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) سورة المائدة، آية: 3، هذا مطلق وفي قوله جل وعلا: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) سورة الأنعام، آية: 145، هذا مقيد بالمسفوح فهو محرم؛ لأن الوصف هنا قُيِّد، فيحمل المطلق على المقيد بالاتفاق؛ للاتحاد في الحكم والسبب.
وأما إذا اتحدا في الحكم دون السبب -كما في آيتي كفارة الظهار المُطْلقة وكفارة القتل المقيدة- اتفقا في الحكم وهو وجوب العتق، واختلفا في السبب؛ فسبب كفارة الظِّهار: الظهار، وسبب كفارة القتل: القتل، فيُحمل المطلق على المقيد عند جمهور العلماء. وعكسه فيما إذا اتحدا في السبب دون الحكم، فإنه حينئذ لا يُحمل المطلق على المقيد عند الجمهور كإطلاق اليد في آية التيمم وتقييدها في آية الوضوء إلى المرافق، فلا يُحمل المطلق على المقيد عند الجمهور؛ للاختلاف في الحكم، هذا غسل وهذا مسح، وإن اتحدا في السبب وهو الحدث في الموضعين.
إذا اختلفا في الحكم والسبب فهذا محل اتفاق أنه لا يُحمل المطلق على المقيد كاليد في آية الوضوء مع اليد في آية السرقة، اختلف الحكم؛ هذا غسل وهذا قطع، والسبب أيضًا اختلف؛ هذا حدث وهذا سرقة، هذا بالنسبة للإطلاق والتقييد.
والتخصيص تقليل أفراد العام؛ فإذا كان اللفظ يشتمل على أفراد وجاء ما يُخرج بعض هذه الأفراد فهذا هو التخصيص، فإذا قيل: أعط الفقراء، ثم جاء لفظ خاص حكمه مغاير لحكم العام، فإنه يخصص به كما قيل: أعط الفقراء، ثم قيل: لا تعط فقراء بني تميم أو طيء أو ما أشبه ذلك، لكن لو جاء الخاص بحكم موافق لحكم العام فإنه لا يُحمل العام على الخاص، كما لو قيل: أعط الفقراء، ثم قيل: أعط فقراء بني تميم، الحكم موافق كله أمر بالإعطاء لا يقتضي التخصيص، الحكم متفق، ويكون هذا من باب الاهتمام بشأن الخاص والعناية به.
ويكثر الخلط في هذا الباب من بعض طلاب العلم، ووُجِدَ خلط من بعض العلماء في مسائل يتردد فيها، هل هي من باب التخصيص أو من باب التقييد؟ فحينئذ لا يتميز حكم العالِم في هذه المسألة حتى يُحدد المراد؛ فمثلا في حديث الخصائص:
(وجعلت لي الأرض مسجدا وطَهُورا) [البخاري:438 ]، وفي الرواية الأخرى عند مسلم: (جعلت تربتها لنا طَهورا)، [مسلم:522 ]، فهل التربة فرد من أفراد العام أو وصف من أوصافه؟
رأيت الشراح -شراح الحديث- حتى من العالِم الواحد تجده في أول كلامه يجعلهما من العام والخاص، وفي أثنائه يجعلهما من المطلق والمقيد، ثم يعود فلا يخرج بصورة واضحة، ولا يخرج القارئ بصورة واضحة ، هذا موجود في بعض الشروح، كل هذا بسبب عدم الدقة في التمييز بين البابين.
قال: والشرط والركن، يقول: ما الفرق بين العام والمطلق، والمقيد والخاص، والشرط والركن؟
الشرط يُعرّفه أهل العلم بأنه ما كان مؤثرًا في المشروط، ويكون أيضًا خارج الماهيّة، ويشاركه الركن في التأثير، لكنه يكون داخل الماهيّة، فالشرط خارج الماهيّة والركن داخل الماهيّة، يوضح ذلك المثال في تكبيرة الإحرام؛ الجمهور على أنها ركن، وأما بالنسبة للحنفية فهم يقولون: شرط، والفرق بين هذه المذاهب: أن تكبيرة الإحرام خارج الصلاة عند الحنفية وداخل الصلاة عند الجمهور، لكن هل معنى كون تكبيرة الإحرام خارج الصلاة أن يُكبّر في بيته كما يتوضأ في بيته، ثم يأتي ليصلي في المسجد؟ لا، لكنه شرط ملاصق، ويترتب على هذا الخلاف من الفوائد: أنه لو كبّر حاملا نجاسة ووضعها عند نهاية التكبير صلاته صحيحة عند الحنفية، باعتبار أنه حمل النجاسة خارج الصلاة، وصلاته باطلة عند الجمهور؛ لأنه حمل النجاسة داخل الصلاة، والأمثلة على هذا كثيرة جدًّا، لكن نقتصر على ما ذكرنا ولعله اتضح به المقصود.
http://shkhudheir.com/fatawa/2125577382