تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مفهوم االمصطلح الأصولي : ( مفهوم العدد ) ومدى حجيته عند الأصوليين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي مفهوم االمصطلح الأصولي : ( مفهوم العدد ) ومدى حجيته عند الأصوليين

    هذ المصطلح - وغيره - يذكر غالبا في باب "مفهوم المخالفة" من كتب أصول الفقه .
    ومفهوم المخالفة ، يسمى أيضا: "دليل الخطاب" ، ومعناه : أن يحكم للمسكوت عنه بخلاف حكم المنصوص .
    انظر " الإحكام في أصول الأحكام " لابن حزم رحمه الله 1 / 46 .

    وقال القاضي أبو يعلى رحمه الله في "العدة في أصول الفقه" 2 / 449 :
    ويعبر عنه بأن المسكوت عنه يخالف حكم المنصوص عليه بظاهره ، وقد نص أحمد - رضي الله عنه - على هذا في مواضع : فقال في رواية صالح : " لا وصية لوارث".
    دليل أن الوصية لمن لا يرث ".

    وقال الخطيب رحمه الله في " الفقيه والمتفقه " 1 / 234 :
    وأما دليل الخطاب فهو : أن يعلَّق الحكم على إحدى صفتي الشيء ، فيدل على أن ما عداها بخلافه ؛ كقوله تعالى: ( إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ) ، فيه دلالة على أن العدل إن جاء بنبإ لم يتبين ، وكذلك قوله تعالى : ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ) ، فيه دليل على أن المبتوتات غير الحوامل : لا يجب عليهن الإنفاق " انتهى .

    وقد استعمل الصحابة رضوان الله عليهم دليل الخطاب ( مفهوم المخالفة ) في حديثهم ، فعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة ، وقلتُ أخرى ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من مات وهو يجعل لله ندَّا ؛ دخل النار ». قال عبد الله : وأنا أقول : من مات وهو لا يجعل لله ندا ؛ أدخله الله الجنة . ولم يقل عبد الله هذا إلا من ناحية دليل الخطاب ، فدل على أنه من لغة العرب " .
    انظر : " الفقيه والمتفقه للخطيب " 1 / 323 باختصار.

    ومفهوم المخالفة : له أقسام عديدة عند الأصوليين .
    قال القرافي رحمه الله في " الفروق " 2 / 36 - 37 :
    " فهو ينقسم إلى عشرة أقسام :
    مفهوم العلة ؛ نحو : ما أسكر كثيره : فهو حرام ؛ مفهومه : ما لم يسكر كثيره فليس بحرام .
    ومفهوم الصفة : في الغنم السائمة : الزكاة ؛ مفهومه : ما ليس بسائمة لا زكاة فيه .
    ومفهوم الشرط : من تطهر صحت صلاته ؛ مفهومه : من لم يتطهر لا تصح صلاته .
    ومفهوم المانع : لا يُسقط الزكاةَ إلا الدين ؛ مفهومه : أن من لا دين عليه لا تسقط عنه .
    ومفهوم الزمان : سافرت يوم الجمعة ؛ مفهومه : أنه لم يسافر يوم الخميس .
    ومفهوم المكان : جلست أمامك ؛ مفهومه : أنه لم يجلس عن يمينك .
    ومفهوم الغاية : ( أتموا الصيام إلى الليل ) ؛ مفهومه : لا يجب بعد الليل .
    ومفهوم الحصر : إنما الماء من الماء ؛ مفهومه : أنه لا يجب من غير الماء .
    ومفهوم الاستثناء : قام القوم إلا زيدا ؛ مفهومه : أن زيدا لم يقم .
    ومفهوم اللقب : تعليق الحكم على أسماء الذوات ، نحو : في الغنم الزكاة ؛ مفهومه : لا تجب في غير الغنم ، عند من قال بهذا المفهوم ؛ وهو أضعفها " انتهى .

    فأسقط رحمه الله مفهوم العدد من الأقسام ، وقد عدّه غيره منها .

    مفهوم العدد :
    هو مصطلح أصولي معناه: تعليق الحكم الشرعي بعدد معين مخصوص ، كقوله تعالى ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ) [النور: 2] ، فقيد الحكم الشرعي وهو وجوب جلد الزاني بعدد معين ، وهو مائة جلدة .
    وأيضا الحديث الذي أخرجه مسلم ( 279 ) من حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، أُولاهُنَّ بِالتُّرَابِ ) .

    وقد اختلف الأصوليون في حجية مفهوم العدد ، بمعنى : هل تقييد الحكم بعدد معين ، يدل على انتفائه – أي الحكم المعين – فيما عدا ذلك العدد ، أو لا يدل ؟
    هذا محل خلاف بين الأصوليين .

    فذهب جمهور الأئمة من الأصوليين إلى حجيته ؛ واستدلوا على ذلك بأدلة منها:
    ما أخرجه البخاري ( 4670 ) ، ومسلم ( 2400 ) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : " لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ، جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ ، فَأَعْطَاهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ ، فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُصَلِّي عَلَيْهِ ، وَقَدْ نَهَاكَ رَبُّكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ فَقَالَ: ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ) [التوبة: 80] ، وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ " قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا، وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ) [التوبة: 84] " .
    ووجه الاستدلال ،كما قال العلماء : هو أنه صلى الله عليه وسلم فهم أن حكم ما زاد على السبعين خلاف حكمها.

    وذهب بعض الأصوليين من الحنفية والمعتزلة وغيرهم إلى عدم حجيته ، والراجح الأول .

    قال العلامة الشوكاني رحمه الله في "إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول" (2 / 45) :
    "والعمل به معلوم من لغة العرب ، ومن الشرع ، فإن من أمر بأمر ، وقيده بعدد مخصوص ، فزاد المأمور على ذلك العدد ، أو نقص عنه ، فأنكر عليه الآمر الزيادة أو النقص ، كان هذا الإنكار مقبولا عند كل من يعرف لغة العرب ، فإن ادعى المأمور أنه قد فعل ما أمر به ، مع كونه نقص عنه أو زاد عليه ، كانت دعواه هذه مردودة عند كل من يعرف لغة العرب " انتهى.

    ولكن شرط القول بحجيته ألا يُقصَد بذكر العدد مجرد المبالغة والتكثير ، فإن قصد بها المبالغة أو التكثير لم يعتبر العدد .
    قال الزركشي رحمه الله في " البحر المحيط في أصول الفقه " 5 / 172 : " مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ التَّكْثِيرُ، فَأَمَّا الْمَقْصُودُ بِهِ كَالْأَلْفِ وَالسَّبْعِينَ ، وَغَيْرِهِمَا ، ممَا جَرَى فِي لِسَانِ الْعَرَبِ لِلْمُبَالَغَةِ ، فَلَا يَدُلُّ بِمُجَرَّدِهِ عَلَى التَّحْدِيدِ " انتهى.

  2. #2

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا ... وقول الزركشي الذي نقلتموه فيه رد على ما استدل به الجمهور فإن الآية الكريمة خرجها بعضهم مخرج التكثير لا الحصر.
    ومن الأدلة التي يستدل به لقول الجمهور ما ذكره علامة الجزائر الفقيه الأصولي محمد علي فركوس وفقه الله حيث قال كما جاء منقولا عنه في موقعه الرسمي: (ويدلّ عليه من لغةِ العربِ أنّ الآمرَ إذا قيّد خطابَه بعددٍ مخصوصٍ؛ فإنّه يحسن إنكارُه على المأمورِ إذا زاد عليه أو نقص عنه، فإنِ ادّعى المأمورُ أنّه أدّى الفعلَ الذي أُمر به مع كونِه زاد عليه أو نقص عنه؛ كانتْ دعواه مردودةً عليه عند عامّةِ من يعرف لغةَ العربِ.
    ويدلّ عليه من جهةِ المعقولِ أنّ المقيَّدَ بعددٍ مخصوصٍ لو لم يدلَّ على انتفاءِ الحكمِ عمّا عداه للزم تجريدُ كلامِ الشّارعِ من فائدةٍ سواء في ذكرِ العددِ أو الصّفةِ أو الشّرطِ، فإذا كان اللاّزمُ باطلاً فالملزومُ مثلُه، فثبتتْ فائدةُ ذكرِ العددِ بانتفاءِ الحكمِ عمّا عدا المقيَّدَ بالعددِ، وهذا هو مفهومُ العددِ).

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •