تلاميذه والآخذون عنه:
أخذ عن المترجم – رحمه الله تعالى – جمع غفير من العلماء، ويكفي أنه كان رائدا من رواد العلم في النصف الثاني من القرن الرابع عشر، فأذكر منهم:
- نجله الأستاذ المفكر حسن السائح رحمه الله.
- جدنا شيخ الإسلام محمد المنتصر بالله الكتاني.
- مؤرخ حياته العلامة الفقيه المؤرخ الأديب عبد الله الجراري.
- علامة التاريخ والبحث في المغرب محمد بن عبد الهادي المنوني.
- العلامة الفقيه المدرس المؤرخ محمد بن الفاطمي ابن الحاج السلمي.
- العلامة المفسر المشارك محمد المكي الناصري.
- مؤرخ أعلام القرن الرابع عشر عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة.
- مؤرخ سوس، وصاعقة التاريخ محمد المختار بن علي الإلغي السوسي.
وغيرهم من الأعلام الكثر..
ثناء العلماء عليه:
وجدت في مذكرة جدي الإمام محمد المنتصر بالله الكتاني رحمه الله تعالى، ذات الرقم 54، قوله: "وسألت شيخنا الإمام أبا عبد الله السائح"، وذلك في مسألة من مسائل الفقه الظاهري، حين كان يدرس محلى ابن حزم، والذي أتمه الجد رحمه الله قراءة دراسة وتحليل مدة من اثنتي عشرة سنة، كان يرجع فيها لشيخيه ابن عبد السلام السائح، ومحمد إبراهيم بن أحمد الكتاني رحم الله الجميع.
وقال شيخنا العلامة محمد الكتاني بن عبد الهادي المنوني رحمه الله في رثائه(10): "وفي طليعة هذه الفئة الخالدة على الحق – أي: والتي أفنت أعمارها من أجل العلم – أستاذنا الشيخ الإمام أبو عبد الله سيدي محمد بن عبد السلام السائح...".
وقال فيه الوزير الأديب الكاتب، شنتريني الزمان؛ أبو عبد الله محمد بن محمد المفضَّل غَرِّيط الأندلسي الفاسي في تقريظه لكتاب المترجَم "سَوق المهر إلى قافية ابن عمرو" ص أ: "العلامة القاضي الأجل، الفهامة الأديب الماجد الأفضل، صاحب الخلق الذي عَرفه فائح، والفكر الذي في لجج المعارف سابح...".
ثم قال ضمن قصيدة له فيه:
خير قاض عالمٍ مطلع===سالكٍ نهج ذوي العدل الكرام
رَقَّ طبعا وفهوما، فلذا===ملكت أفكارُه رِق الكلام
وقال المؤرخ عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة المري في "إتحاف المطالع"(11): "العلامة المشارك الحافظ، الحجة المطلع، البحاثة المعتني، من آخر من مثل العلم تمثيلا حقيقيا...".
وقال في "سل النصال": "العلامة الأصولي النظّار، المحدث المشارك في جل العلوم بتدقيق وتحرير وإمعان نظر، المذاكر المتواضع، من آخر من مثل العلم بالمغرب".
ووصفه العلامة الشريف القيطوني في "معجم المطبوعات المغربية" ص151 بقوله: "العلامة المشارك، الأصولي البياني، المحدث المفسر، المدرس النفاع، المحرر الموقت، المؤلف المتقن...".
ووصفه العلامة محمد بن الفاطمي ابن الحاج السلمي في معجم شيوخه ص208 بقوله: "فقيه علامة، مشارك مطلع محاضر، بيد أنه له براعة كبرى في فنون الحديث واللغة والأدب، والفلسفة والتاريخ...وبالج لة؛ فهو أعجوبة الدهر، ويتيمة العصر، ومفخرة الزمان، يحق لكل من سبر غوره وحلل عبقريته ونفد إلى شخصيته العلمية النادرة أن يتمثل فيه بقول القائل:
حلف الزمان ليأتين بمثله===إن الزمان بمثله لبخيل
وبموته سقط حصن حصين من حصون العلم المنيعة، وصرح من صروح الثقافة الإسلامية المتينة، وخبا نجم كان يلمع في سماء المعارف الواسعة، والآداب العريضة...". انتهى باختصار.
مؤلفاته:
ترك المترجم رحمه الله مؤلفات كثيرة تقارب الخمسين، بين مقالة وكتاب، كلها في مكتبة نجله الأستاذ الحسن السائح رحمه الله كما شافهني نفسه بذلك، ومنه انتقلت إلى ورثته بالرباط.
وكان يسير في مؤلفاته بنفس السيرة التي كان يسير في دروسه التي أسلفنا وصفها أعلاه، فيجد المرء نفسه في بستان من المعاف لا يبتدئها حتى يجد نفسه أنهاها، وهو في شوق إليها، مازجا العقل بالنقل، والعلوم ببعضها، والفلسفة بالتشريع، والبحر بالبر، غير مقتصر على علم واحد...
ولله در الإمام المجتهد، حجة الإسلام، مجدد الإسلام على رأس القرن الرابع عشر، وجيه الدين أبي الفيض محمد بن عبد الكبير بن محمد الكتاني الحسني حيث قال في كتابه "خبيئة الكون" ص263: "ليس من شأن العالم أن يتوخى فنا واحدا، ولا المؤلف أن يقتصر على علم واحد، لما أنه يدل على ضعف العارضة في العلوم...".
وقس هذا بحال صعافقة الوقت الذين لم يقتصروا على اقتصارهم على علم واحد، بل حتى هذا العلم تهافتوا فيه وتذبذبوا وأخطؤوا، ولا حول ولا قوة إلا بالله على فساد الزمان وأهله.
فمن مؤلفاته:
1– الاتصال بالرجال. وهي فهرسة شيوخه.
2- إتيان السول، بذكر ما خلّف الرسول. صلى الله عليه وسلم.
3- إثمد الجفن، في عدم إعادة صلاة الجنازة الناقصة التكبير بعد الدفن. توجد منه نسخة بالخزانة الحسنية بالرباط، رقم: 6573، في 26 صفحة.
4- الأجوج، الكاشف عن سر ذي القرنين ويأجوج ومأجوج.
5- الإدريسي مخترع الكرة الأرضية.
6- أسبوع في باريز. ملأه بمسائل فقهية نفيسة. توجد نسخة بالخزانة الحسنية بالرباط، رقم 6573، في 26 صفحة.
7- إشراق الحلَك بتاريخ علم الفلَك.
8- إعجاز القرآن. طبع كمقال في مجلة "دعوة الحق" المغربية، السنة الثانية أبريل 1959، ص 19- 25.
9- تحقيق الأمنية مما لاح لي من حديث "غنا أمة أمية". طبع. وهو عظيم في بابه، في فلسفة التشريع وفهم الدين مطلقا، وصرح فيه بعقيدته الأثرية، ومنهجهه في الفقه.
10- تدفق العلم من غار حراء.
11- تقريظ مطول لكتاب العلامة ابن زيدان: "تبيين وجوه الاختلال". طبع. وموضوعه: توحيد الأهلة ووجوب ذلك.
12- تكوين الجنين في القرآن والحديث. طبع.
13- التنبيه إلى أحكام التشبيه.
14- تنبيه ذوي الأحلام إلى صفة الحجاب في الإسلام.
15- حسن البيان للجاحظ في كتاب "الحيوان".
16- الحركة السلفية الإسلامية بالمغرب ونزول الشيخ أبي شعيب الدكالي بالرباط. طبع. بمجلة "دعوة الحق" المغربية السنة 13، عدد 9، 10، مزدوج، ص14- 15.
17- الحكم الشرعي بين مختلف المذاهب. طبع. بمجلة "دعوة الحق" المغربية، السنة 14، عدد 1، 2، مزدوج، ص22- 25.
18- ختم التفسير، المتضمن تفسير الفاتحة، والنصر، والمسد، والإخلاص، والمعوذتين. في مجلد ضخم.
19- الخِمار المذهَب، في حكم التعامل بين مختلفي المذهب.
20- الرحلة الحجازية.
21- رضاب العذراء، في سر إظهار إحداهما في آية شهادة النساء.
22- رقة الصبابة، فيمن دخل المغرب من الصحابة.
23- رقة الصبابة، فيمن قتل قريبه الكافر من الصحابة.
24- سبك الذهب واللجين، في سر افتقار التناسل إلى زوجين.
25- سوق المهر، إلى قافية ابن عمرو. وهو شرح للقصيدة القافية للإمام ابن عمرو الأوسي الرباطي في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي عارض بها القصيدة الشمقمقية في مدح السلطان محمد بن عبد الله لابن الونان، وكلها من الغريب، مطلعها:
مسحتَ في الإدلاج كل خيْفَق===يرّاء سبسب يباب سملق
وجبت كل طاسم سمهدر===متن دموس واسع المخترق
يغتال غيلان الفلا من سند===شِناظُه مستمسك بالأفق
وقد طبع.
26- شرح قافية ابن الونّان في مدح السلطان محمد بن عبد الله العلوي الحسني.
27- الشرف المروم، بأحاديث فتح مدينة الروم.
28- طريق الخبر، في رد مباديء ديكارت إلى رأي من غبر.
29- الطلاق في كتاب الله تعالى.
30- الفخر الرازي في عالم الفلسفة.طبع بمجلة "دعوة الحق" السنة الأولى، عدد 12، ص25- 32.
31- القاف، فيما ورد في جبل قاف.
32- العلوم في الحديث النبوي. "دعوة الحق" السنة الحادية عشرة، عدد 9- 10، مزدوج، ص10- 14.
33- عناصر العلم في سنن الرسول صلى الله عليه وسلم. (وكأنه هو نفسه رقم 32).
34- الغصن المهصور بتاريخ مدينة المنصور, أي: مدينة الرباط. توجد منه نسخة بخزانة علال الفاسي بالرباط.
35- لسان القسطاس في تاريخ مدينة فاس.
36- المدخل إلى كتاب الحيوان للجاحظ. طبع جزء منه، وكأنه هو نفسه رقم (15). طبع بمجلة "دعوة الحق"، السنة 3-4، أعداد من الخامس إلى الثامن.
37- مذكرات في مدينة فاس عن نفائس خزانة القرويين وبعض علماء المدينة وأرباب حرفها.
38- مشاهد القيامة في الحديث. ألفه في مرض موته. "دعوة الحق" السنة 12، عدد 1، ص32، 34.
39- معلومات العرب القدماء في الجغرافيا.
40- المفهوم والمنطوق، مما ظهر من الغيوب التي أنبأ بها الصادق المصدوق. صلى الله عليه وسلم.
41- المنتخبات العبقرية لطلاب المدارس الثانوية. في الأدب والتاريخ والبلاغة وغيرها، طبع.
42- منهل الوارد في تفضيل الوارد. في فضل السنة والآثار، وتقديمهما على الرأي، والرد على أهل البدع والخرافة.
43- المولى إسماعيل العلوي. طبع كمقال في مجلة "دعوة الحق" السنة الثالثة، العدد 2، ص27- 32.
44- النازية والديمقراطية في نظر الفلسفة والتاريخ.
45- نجعة الرائد، في بناء الحكم والفتوى على المقاصد والعوائد. طبع كمقال بمجلة "دعوة الحق" السنة 16، العدد 2، ص23- 29....وغيرها.
وفاته:
حج المترجم – رحمه الله تعالى – عام 1366، وعند عودته شعر بوعكة صحية، أعاقته عن إتمام عمله بفاس، فطلب النزوح إلى مكناس لطيب هوائها، وهناك صادفته المنية بتاريخ الإثنين سادس عشر القعدة الحرام من عام 1367، عن عمر يناهز 57 عاما فقط، وانهد بوفاته صرح من صروح العلم والمعرفة، رحمه الله تعالى.
ق
ال ابن سودة في "سل النصال": "وقد كان ذهب إلى الحج وأدى الفريضة في العام قبل موته، ومنذ رجع من الحج وهو مصاب بمرض إلى أن توفي منه، ويقال شائعا: إنه لما ذهب إلى الحج أظهر المغرب وصرح بالظلم والاستبداد الواقع فيه في عدة مناسبات هناك، فحنق عليه رجال الاستعمار وأطعموه سما، وبقي يقاسي ألمه إلى أن توفي رحمه الله".
وقد رثي بعدة مراثي؛ منها للأستاذ محمد بن عبد السلام ابن سودة قصيدة مطلعها:
أمسى على عقب الزمان بيانه===أين اليراعُ وأين منه بنانه؟
إلى أن قال فيها:
كان ابن رشدٍ فكرةً ومداركا===وإذا تحدث؛ فالحريرِ لسانه
روي الحديث كمنهل أن جاءه===كل السقاء يزيدهم جريانه
صدر الحنيفة والإمام بمرقب===منه، وسعد الدين كان جنانه
راض العواطف منطقا وسجية===حتى تصدّر واستبان مكانه
فغدا كممتحن لأعلى نائل===إن مد بين ذوي النهى ميزانه
وغدا أجل من القضاة يفوقهم===ويسود في المتحاكمين أمانه
روايتي عنه:
أتصل به رواية بأسانيد؛ منها: عن نجله الأستاذ الحسن عنه، وعن جدنا الشيخ محمد المنتصر بالله الكتاني عنه، وعن مجيزنا العلامة المنوني عنه.
رحمه الله تعالى وجلل عليه الرحمات، وأعاد على الأمة أمثاله، والحمد لله رب العالمين
-تمت الترجمة-