تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: منهج الشيخ المحدث محمد ناصر الدِّين الألباني في كتابه: (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة, وأثرها السيِّئ في الأمّة).

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,412

    افتراضي منهج الشيخ المحدث محمد ناصر الدِّين الألباني في كتابه: (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة, وأثرها السيِّئ في الأمّة).

    منهج الشيخ المحدث محمد ناصر الدِّين الألباني

    في كتابه: (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة, وأثرها السيِّئ في الأمّة) .

    تمهيد :

    الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى - قد أحيا الله تعالى به علماً اندثر في هذا الزمان، والجهد الذي بذله الشيخ في الظروف العلمية التي نشأ فيها يكاد يكون خارقاً ودلَّ على همةٍ عالية وروح طموحة, وقبل هذا وذاك توفيق كبير من الله عز وجل, فاستطاع النهوض بعبء تجديد شباب هذا العلم الشريف، وتنبيه الأمة عموماً وطلبة العلم خصوصاً إلى الاعتناء به، إضافة إلى آثاره العلمية, والتي لا نعلم أحداً من أهل الحديث -علماء وطلبة- في وقتنا يُنكر استفادته الجمَّة منها.

    وهذا في حد ذاته يشهد له بالإمامة والتقدُّم في عصره، ناهيك عن تبوُّء مكانه المحفوظ في الأهلية للاجتهاد في ميدان هذا العلم، ومعلوم أن لكل مجتهد أصوله التي يمشي عليها، وكل مجتهد قابل للصواب والخطأ، على أنه مأجور -بإذن الله- في الحالين.

    وبين أيدينا اليوم واحد من أهمّ كتب الشيخ ومؤلفاته القيّمة؛ بل قد أجمع العلماء وطلبة العلم المشتغلين بهذا العلم أنّ هذا الكتاب هو من أقوى كتب الشيخ ومؤلّفاته الحديثية.

    أصل الكتاب عبارة عن سلسلة مقالات متتابعة, كانت تُنشَر في مجلّة "التمدُّن الإسلامي", في دمشق الشام, حيث لاقت نجاحاً كبيراً وتشجيعاً, وإقبالاً شديداً, يقول الشيخ الألباني في مقدّمته: "وقد تبيَّن لكثيرٍ من العلماء والفضلاء في مختلف البلاد والأصقاع, أهمية تلك المقالات وفائدتها الكبرى للناس... لهذا رأيتُ أولئك الفضلاء يشجعونني على الاستمرار في النّشر, ولا أدلّ على ذلك من إقبال الكثيرين منهم ومن غيرهم من الطلاب على الاشتراك في مجلة التمدّن الإسلامي".

    وقد دفعَ ذلك الشيخ إلى نشر تلك الأحاديث في كتابٍ مفرد ليعمّ النّفع بها, فرأى طباعتها في أجزاء متسلسلة, يحوي كلّ جزء مائة حديث, وكلّما تمّ مائة أخرى في المجلّة طبعها في جزء آخر, وجعل كل خمسة أجزاء في مجلّد واحد.

    أمّا عن منهج الشيخ الألباني في هذه السلسلة, فيتمثّل في:

    1 ــ الاجتهاد والتجديد, وعدم التقليد, ولذلك نجده يقول في مقدّمته: "إنني لا أقلِّد أحداً فيما أُصدرُه من الأحكام على تلك الأحاديث, وإنّما أتبع القواعد العلمية التي وضعها أهل الحديث, وجرَوا عليها في إصدار أحكامهم على الأحاديث من صحة أو ضعف... راجياً أن يكون في الناشئة من يُجدّد العمَل بهذه القواعد التي هي من أدقّ ما عَرف الفكر العلمي المنهجي في مختلف العصور الإنسانيّة".

    2- لم يقيَّد الشيخ الألباني في إيراده الأحاديث بترتيب معيَّن, وإنما يورده حسبما اتفق.

    3 - يبدأ الشيخ بذكر متن الحديث المحكوم عليه.

    4 - ثم يعقبه بحكمه عليه.

    5 - ثم يذكر مَن خرّجه ويسوق إسناده.

    6 - ويذكر حكم الأئمة عليه إن كان كقوله: قال النسائي: هذا حديث باطل مُنكر.

    7- وقد ينقل من بعض الكتب المخطوطة, وهذا ما يميّز عمل الشيخ وجهده الكبير في التتبّع والتقصّي.

    8 - ثمّ يذكر الرّاوي المتّهم, أو الرّواة المتّهمين, ويستعرض أقوال الأئمة فيهم, ويحاول الاستقصاء في ذلك, والخروج بحكم واضح على الرّواة من خلال جمع كلام الأئمة فيه, ومناقشته.

    9 - ثم يذكر طرق الحديث الأخرى, ويبيّن حالها, وينقدها- إن كانت تصلح كمتابعات وشواهد أم لا. وهنا يتبيّن علم الشيخ واطلاعه, وقدرته على النّقد, والإعلال, وإحاطته بهذا العلم ودقائقه, وتفوّقه فيه. والكتاب بكامله شاهدٌ على ذلك.

    10- يعقِّب - أحياناً - على الآثار السيّئة المترتبة عليه, ويُحذّر منها, سواء كانت في باب الاعتقاد, أو العمل, ويأتي أحياناً بالبديل الصحيح - إذا كان معنى الحديث صحيحاً. كقوله: "هذا و إن من الآثار السيئة التي تركتها هذه الأحاديث الضعيفة في التوسل أنها صرفت كثيرا من الأمة عن التوسُّل المشروع إلى التوسُّل المبتدَع".اهـ

    وقوله: "و من آثار هذه الأحاديث السيئة أنها توحي للمرء بأن يظل على حدته وأن لا يعالجها لأنها من خلق المؤمن! وقد وقع هذا، فإنى ناظرت شيخا متخرجا من الأزهر في مسألة لا أذكرها الآن فاحتد في أثنائها، فأنكرت عليه حدته، فاحتج علي بهذا الحديث! فأخبرته بأنه ضعيف، فازداد حدة و افتخر علي بشهاداته الأزهرية، و طالبني بالشهادة التي تؤهلني لأن أنكر عليه!
    فقلت:
    قوله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا..." الحديث !
    وقوله على حديث:
    "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا".
    لكن يغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا الدين يسرٌ، و لن يشادَّ هذا الدين أحد إلا غلبه، فسدِّدوا وقاربوا وأبشروا...".
    أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعاً.
    وقوله عند حديث: "اغتسلوا يوم الجمعة ولو كأسا بدينار".
    ويغني عنه الأحاديث الصحيحة في الأمر بالغسل يوم الجمعة كقوله صلى الله عليه وسلم: "غسل الجمعة واجب على كل محتلم".
    رواه الشيخان".

    11- ولا يُخلي - أحياناً - المقام من بعض الفوائد والتعقّبات الفقهيّة والدفاع عن الدّعوة السّلفيّة ورموزها, كقوله:
    (تنبيه):
    هكذا وقع في جميع المصادر المتقدمة: "أعف"، من العفة أي: أرحم الناس بخلق الله،
    وأشدهم ابتعادا عن التمثيل والتشويه بالمقتول، وكذلك وقع في الأصل المخطوط من"مجمع الزوائد"، لكن المصحح الذي قام على طبعه أفسده، فجعله: "أعق"بالقاف!
    وقال معلقا عليه: "في الأصل: (أعف)".
    وهذا من أعجب ما رأيت من التصحيح، بل التصحيف، فإن الأصل صحيح رواية ودراية، والمصحح بزعمه لا يظهر معناه هنا، فإن (أعق) من (العق) وهو القطع!
    وحرف المصحح المشار إليه عنوان الباب الذي ترجم به المصنف الهيثمي للحديث بقوله: "باب حسن القتل"فجعله"باب أعق القتل"!! فالله المستعان".
    وقوله:
    (تنبيه):
    يظن كثير من الناس أن شيخ الإسلام ابن تيمية ومن نحى نحوه من السلفيين يمنع من زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، وهذا كذب وافتراء وليست أول فرية على ابن تيمية رحمه الله تعالى، وعليهم، وكل من له اطلاع على كتب ابن تيمية يعلم أنه يقول بمشروعية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم واستحبابها إذا لم يقترن بها شيء من المخالفات والبدع، مثل شد الرحل والسفر إليها لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحل إلا إلى ثلاثة مساجد".
    والمستثنى منه في هذا الحديث ليس هو المساجد فقط كما يظن كثيرون بل هو كل مكان يقصد للتقرب إلى الله فيه سواء كان مسجدا أو قبرا أو غير ذلك، بدليل ما رواه أبو هريرة قال (في حديث له): فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري فقال: من أين أقبلت؟ فقلت: من الطور، فقال: لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد." الحديث.
    أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح، وهو مخرج في "أحكام الجنائز"(ص 226).
    فهذا دليل صريح على أن الصحابة فهموا الحديث على عمومه، ويؤيده أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه شد الرحل لزيارة قبر ما، فهم سلف ابن تيمية في هذه المسألة، فمن طعن فيه فإنما يطعن في السلف الصالح رضي الله عنهم، ورحم الله من قال:
    وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف".اهـ.

    كما يستدرك على نفسه فتراه يقول:
    (تنبيه):
    كنت قد أعللتُ الحديث بضعف زمعة بن صالح وعنعنة أبي الزبير وبأنه مخالف للحديث الصحيح المخرج في"الإرواء"
    ثم وجدت تصريح أبي الزبير بالسماع في مطبوعة جديدة قيمة من آثار السلف ووجدت له شاهدا قويا من حديث عبد الله بن عكيم بهذا اللفظ كنت خرجته في"الإرواء" فأعدت النظر في إسناده فتأكدتُ من صحته فأخرجته مع حديث أبي الزبير في "الصحيحة" (3133) ". اهـ

    12- وقد تنوَّعت أحكام الشيخ على الأحاديث, والعبارات التي استعملها في تضعيف الحديث وردِّه, فمنها قوله: باطل. ليس بحديث. لا أصل له. موضوع بهذا اللفظ. لا أعلم له أصلا. ضعيف جدا. لا أصل له في المرفوع. ضعيف. منكر لا أصل له. لا يصح. موضوع. منكر جداً.

    موضوع بهذا السياق. ضعيف بهذا التمام. منكر بلفظ رجلين. كذب لا أصل له. كذِب.

    13- ومن منهج الشيخ الألباني في ردّ الحديث وتضعيفه, غير علّة الإسناد:

    أ* - إعلاله بمخالفته للحديث الصحيح, كقوله: "ثم إن ظاهر الحديث مخالف للحديث المتفق على صحته...".

    ب* - مخالفته للقرآن, كقوله: "وهذا الحديث مخالف للآيات الكثيرة المصرحة بزيادة الإيمان".

    ت* - وقد يجمع بين مخالفته للقرآن والحديث, كقوله: "والحديث منكر مخالف للقرآن وللأحاديث الصحيحة".

    ث* - مخالفته للعلم, كقوله: "ويؤيد وضعه مخالفته لما ثبت في علم الفلك أنَّ السبب في عدم حرق الشمس لما على وجه الأرض إنما هو بعدها عن الأرض بمسافات كبيرة جدا يقدرونها بمائة وخمسين مليون كيلو متر تقريبا كما في كتاب "علم الفلك" للأستاذ طالب الصابوني .

    ج* - مخالفته للحال والواقع, كقوله في حديث: "إن الله عز وجل بدأ هذا الأمر نبوة ورحمة، وكائناً خلافة ورحمة، وكائناً ملكاً عضوضاً، وكائناً عنوة وجبرية وفساداً في الأرض، يستحلون الفروج والخمور والحرير، وينصرون على ذلك، ويرزقون أبداً حتى يلقوا الله".
    قال رحمه الله: "منكرٌ، بل باطل ؛ لأنه ينافي النصوص القرآنية ؛ كقوله تعالى (إن تنصروا الله ينصركم....)، مع مخالفته لواقع حال المسلمين اليوم، والله المستعان".


    مرجع البحث: كتاب "سلسلة الأحاديث الضعيفة" للشيخ الألباني.

    طبعات الكتاب:

    طبع الكتاب أوّلاً في المكتب الإسلامي, سنة 1399هـ وصدر منه مجلدان.

    ثمّ طُبع في مكتبة المعارف بإشراف صاحبها سعد الراشد, ووصل فيه إلى المجلد العشرين, في (14) جزءاً.


    وقد توفي الشيخ الألباني رحمه الله, وقد أتمّ مراجعة الكتاب إلى المجلّد السابع, أي إلى الحديث رقم (3400), ثم تابعوا طباعة ما بقيَ من عمل الشيخ بإشراف بعض طلاب العلم, فأكملوا الكتاب حتى وصل إلى المجلد العشرين, وقد حوى هذا السّفر الضّخم (7162) حديثاً.

  2. #2

    افتراضي

    رحم الله الإمام الألباني.
    جهد مشكور أم أروى.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •