الإسرائليات في التفسير

من أشد القضايا غرابة الإسرائليات في التفسير ومن أبشع مايشنع به المستشرقون علينا فكيف ياترى تمتلئ كتب التفسير بالأثر بالإسرائليات وكيف دخلت ولما؟سؤال أخذ يحيرني كثيرا عندما رأيت المجلدات تخرج لتطهير التفسير من الإسرائليات!كيف هذا؟هي ليست أية تفسيرات؟إنها تفسيرات أثرية !لماذا ثبت ذلك عن السلف؟هل هو غفلة؟هل قلة فقه!هل هي مدسوسة؟إنها ليست في كتاب واحد بل إن كل التفاسير بالأثر مليئة بها بل ثابت عن مفسري الصحابة التفسير بالإسرائليات ،أين موقفنا من الإسرائليات؟ماو افق ديننا أخذنا به وما لايوافقه رددناه وما لايوافق ولايخالف توقفنا ،هل جهل ذلك الصحابة؟هل جهل ذلك ابن كثير والطبري والبغوي وغيرهم؟ماهذا اللغز؟وما هو حله؟

وحتى نصل للحل لابد من تمهيد وتذكير


أولا-يجب البحث ونحن خارج الضغط النفسي الذي يثيره الاستشراق {ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [يونس : 15]


ثانيا-يجب التيقن والثقة في الصحابة وفي علم السلف وفهمهم ويقظتهم وخوفهم وورعهم ورسوخ علمهم،فمن لم يثق في الفهم المتفق عليه بين السلف فلاترجه ومن كان مذهبه منهج السلف أسلم ومنهج الخلف أعلم وأحكم فلاتأمنه


ثالثا،يجب عدم الإصغاء إلى الوساوس والهواجس الشيطانية التي تقول أن كتب التفسير تم اختراقها في مواطن وأزمنة الضعف والدخيل في التفسير وغير ذلك من الخزعبلات فهذا لادليل عقلي أو تاريخي عليه ،بل الدليل الشرعي على خلافه وهو حفظ الكتاب والسنة وحفظ فهم سلف الأمة وإلا سقطت الحجة وطمست البينة وتبدل الدين فمايدرينا لعله في أوقات الضعف وضعت الأحاديث ولفقت الأسانيد ؟


رابعا-المقصود بالإسرائليات تلك الإسرائليات الثابتة عن الصحابة والمتفق عليها في كتب التفسير بالأثر وليست الإسرائليات الشاذة


أما الإجابة على ماسبق


فنقول أن الإسرائليات التي صحت عن الصحابة لاتختص بمجالات العقيدة أو الأحكام أو الشرائع ، ولم نجدها في صلب الدين ، وإنما وجدناها في الجانب القصصي وما يتعلق بقصص أنبياء بني إسرائيل

فهم كانوا يعلمون بحديث ( إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله )


ولم يجهل ذلك ابن عباس
أخرج البخاري بإسناده إلى عبيدالله بن عبدالله بن عتبة عن ابن عباس، قال: ((يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أُنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله تقرأونه لم يشب (أي لم يخلطه شيء من غير القرآن)، وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا ما كتب الله وغيروا بأيديهم الكتاب، فقالوا: هو من عند اله ليشتروا به ثمناً قليلاً، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم، ولا والله ما رأينا منهم رجلاً قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم)).


ولكن هذا فيما يتعلق بصلب الدين وأصوله وفروعه


وليس فيما يخص قصص بني إسرائيل وأخبار أنبيائهم ومعجزاتهم


بل إن ما فعله الصحابة من سؤال من أسلم من بني إسرائيل عن أخبار أنبيائهم ومعجزاتهم كان امتثالا لقول الله تعالى


(سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ۗ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب)


وقال تعالى:الأعراف - الآية 163وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُون)


وامتثالا لقول رسوله


عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، كانت فيهم الأعاجيب ) . صحيح رواه أحمد


وهنا نص النبي أنهم كانت تحدث فيهم الغرائب والعجائب فالمانع إذا من رواية هذه القصص التي ليست في صلب الدين ولا أصوله وفروعه ولايتعلق بها تشريع في كتب التفسير؟


فيا هؤلاء الذين تدون إلى تطهير كتب التفسير طهروا قلوبكم من سوء الظن في صحابة نبيكم وطهروا عقولكم من عدم التسليم والانقياد لمنهج سلفكم فإنكم بذلك تخالفون كتاب ربكم وسنة نبيكم