كيف وقع هذا من الألباني ؟!
جاءتني رسالةٌ ، فيها خطأٌ للألباني ، لم أصدق الرسالة ، سارعتُ إلى مراجعة "الصحيحة" ، فوجدتُ الخطأ :
في "الصحيحة" 3/209 :
1207- نهى أن نشرب من الإناء المخنوث.
قال الألباني : رواه أبو يعلى في "مسنده" (629) عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال : فذكره مرفوعا.
قال الألباني : وإسناده صحيح على شرط الشيخين ، وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري وقد مضى (1126).
انتهى كلام الألباني ، وفيه من المغالطات :
1ـ قال : رواه أبو يعلى في "مسنده" (629) عن صالح بن كيسان.
وأبو يعلى لا علاقة له بالرواية عن صالح بن كيسان ، وهذه يعرفها مثلي من المجاهيل.
والحقيقة : رواه أبو يعلى في "مسنده" ، قال : حدَّثنا أبو بَكْر بن أَبِي شَيْبَة ، حدَّثنا عُبَيْد اللهِ بن مُوسَى ، عن إبراهيم بن إِسْمَاعِيل ، عن صالح بن كَيْسَان.
2ـ حذف من الإسناد اثنين ليسا بشيء.
3ـ قال : إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة روى له الترمذي ، وابن ماجة ، ولم يرو له البخاري ، ولا مسلم.
وإسنادُه ضعيفٌ جدًّا ؛ إبراهيم بن إِسْمَاعِيل ابن أَبي حَبِيبَة ، كما جاء في "علل الحديث" منسوبًا ، ليس بِثِقَةٍ.
َقَال عثمان بن سَعِيد الدارمي عن يحيى بن مَعِين: صالح ، يُكتَب حَديثُهُ ، ولاَ يُحتَجُّ بِه.
وَقَال عَباس الدُّورِيُّ عن يحيى بن مَعِين : ليس بشيءٍ.
وَقَال أبو حاتم : شيخ ليس بقوي ، يُكتَب حَديثُهُ ، ولاَ يُحتَجُّ بِه منكر الحديث ، دون إبراهيم بن إسماعيل بن مُجَمِّع ، وأحب إلي من إبراهيم بن الفضل.
وقَال البُخارِيُّ : منكر الحديث.
وَقَال النَّسَائي : ضعيف.
وَقَال الدَّارَقُطْنِي ُّ : متروك.
، وعُبَيْد اللهِ بن مُوسَى ، هو العَبْسِي ، ليس بِثِقَةٍ ، ومن فواسق الشِّيعة.
ـ وقال ابن أَبي حاتم : سألتُ أَبي عن حديثٍ رواه عُبَيْد اللهِ بن مُوسَى ، عن إبراهيم بن إِسْمَاعِيل بن أَبي حَبِيبَة ، عن صالح بن كَيْسَان ، عن عُبَيْد اللهِ بن عَبْد اللهِ بن عُتْبَة ، عن ابن عَبَّاس ... الحديث.
قال أبو حاتم : هذا حديثٌ مُنْكَرٌ ، وابن أَبي حَبِيبَة ليس بالقَوِي. "علل الحديث" 1575.
أيها الإخوة ، بعيدًا عن التعصب ، والانفعال ، ورد الفعل المتسرع ، يجب البحث عن الحقيقة المجردة.
نحن في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، في خير أمة أُخرجت للناس ، أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقديمًا ، في أيام العلم والعلماء ، كان النقد سهلاً ، وكان من السهل أن يُخرج ابن أبي حاتم الرازي كتاب "بيان خطأ محمد بن إسماعيل لبخاري".
وكان من السهل أن يُخرج الدارقطني كتاب "الإلزامات والتتبع" على البخاري ومسلم.
لأنهم كانوا جِبالاً شوامخَ ، ضربت في جذور العلم أوتادًا.
فهنا علينا أن نتقبل النقد ، والمراجعة ، في جميع من نُحب ، بلا تعصب ، ولا انفعال.
وأعتقد أن في هذا درسًا لأن نُراجع ، ولا نكتفي بالنقل ، والنسخ واللصق.