يقول تعالى:
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)
فما هو معنى كلمة (وليّ) في هذه الآية الكريمة، وما هو الدليل على هذا المعنى؟؟؟
يقول تعالى:
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)
فما هو معنى كلمة (وليّ) في هذه الآية الكريمة، وما هو الدليل على هذا المعنى؟؟؟
قال الإمام السمعاني في تفسيره (48/2) : (قَوله: {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله} أَرَادَ بِهِ: الْولَايَة فِي الدّين، لَا ولَايَة الْإِمَارَة والسلطنة، وهم فَوق كل ولَايَة، قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَكَذَلِكَ معنى قَوْله: " من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ " يَعْنِي: من كنت وليا لَهُ، أعينه وأنصره، فعلي يُعينهُ وينصره فِي الدّين)).
وقال البيضاوي : وإنما قال وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَلم يقل أولياؤكم للتنبيه على أن الولاية لله سبحانه وتعالى على الأصالة ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم وللمؤمنين على التبع
وهل تعتقد أن الولاية في الدين تعني المعونة والنصرة؟؟؟
وما هو دليلك اللغوي على هذا المعنى؟؟؟!!!
وأقصد بالدليل اللغوي هو الأصل الذي نرجع الكلمة إليه لنعرف معناها، فما هو الأصل اللغوي الذي استندتَ عليه واستند عليه الذين قالوا بأن كلمة (وليّ) في آية الولاية (55- المائدة) وفي حديث الغدير تعني (ناصر)، و (محب)؟؟!!!...
أم لا اصل لهذا القول إلا التقليد وترديد مقولات الآخرين دون مراجعة وتمحيص؟؟؟!!!..
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره 3 / 135:
يقول تعالى مخبرا عن قدرته العظيمة أن من تولى عن نصرة دينه وإقامة شريعته، فإن الله يستبدل به من هو خير لها منه وأشد منعة وأقوم سبيلا كما قال تعالى: { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ } [محمد: 38] وقال تعالى: { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ } [النساء:133]، وقال تعالى: { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ . وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ } [إبراهيم:19 ، 20] أي: بممتنع ولا صعب. وقال تعالى هاهنا: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ } أي: يرجع عن الحق إلى الباطل.
ثم قال رحمه الله :
وقوله: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا } أي: ليس اليهود بأوليائكم، بل ولايتكم راجعة إلى الله ورسوله والمؤمنين.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: { الله ولي الذين آمنوا } :
ومنها: إثبات الولاية لله عز وجل؛ أي أنه سبحانه وتعالى يتولى عباده؛ وولايته نوعان؛ الأول: الولاية العامة؛ بمعنى أن يتولى شؤون عباده؛ وهذه لا تختص بالمؤمنين، كما قال تعالى: {وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون} [يونس: 30] يعني الكافرين.
والنوع الثاني: ولاية خاصة بالمؤمنين ، كقوله تعالى: {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم} [محمد: 11] ، وكما في قوله تعالى: { الله ولي الذين آمنوا }؛ ومقتضى النوع الأول أن لله تعالى كمال السلطان، والتدبير في جميع خلقه؛ ومقتضى النوع الثاني: الرأفة، والرحمة، والتوفيق.
وقال أيضا عند قوله تعالى :
( هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً ) (الكهف:44)
قوله تعالى: { هُنَالِكَ الْوَلايَةُ } فيها قراءتان:
1 - الوِلاية.
2 - الوَلايَة.
فالوَلاية: بمعنى النُّصرة، كما قال تعالى: ( مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ) (الأنفال: من الآية72)
والوِلاية: بمعنى الملك والسلطة، فيوم القيامة لا نصرة ولا ملك إلَّا { لِلَّهِ الْحَقِّ }، وإذا كان ليس هناك انتصار ولا سلطان إلا لله فإن جميع من دونه لا يفيد صاحبه شيئاً.
شكر الله لكم أستاذنا أبا مالك
ما زلتم لم تجيبوا عن سؤالي، فعندما تقولون:
فلا جواب على سؤالي لحد الآن، فما هو الأصل اللغوي لكلمة (وليّ)، أو مصدرها (وَلاية) والذي جعلكم تقولون بأنّ معناها (النصرة)، أو (المحبة). فهل تعود كلمة (وليّ) لأصل معناه (أحبّ) فيكون (وليّ) معناه (محب)، أو لأصل معناه (نصر) فيكون (وليّ) بمعنى (ناصر)؟؟؟؟
لا يوجد هكذا أصل لأن كلمة (وليّ) ومصدرها (وَلاية) واسمها (وِلاية) تعود للأصل (وَلى) الذي يكون بمعنيين:
أولاً: (وَلى) بمعنى (حكم) فيكون معنى (وليّ) هو (حاكم) والمعاني الاخرى المخصصة له كما في (إمام) و(سيد) و(مالك) و(المُنْعِم) و (المُعْتِق) و(المُحَرِّر) وغيرها، وجميع هذه المعاني هي مرادفات للمعنى الأصلي لهذه الكلمة، ونستدل عليها من سياق الكلام.
ثانيا: (وَلى) بمعنى (تَبعَ) فيكون معنى (وليّ) هو (تابع) والمعاني الأخرى المخصصة له كما في (خادم)، (عبد) و (المُنْعَم عليه) و(المُعْتَق) و(المُحَرَّر)، وغيرها، وجميع هذه المعاني هي مرادفات للمعنى الأصلي لهذه الكلمة، ونستدل عليها من سياق الكلام.
أما ما تدّعونه من معانٍ بعيداً عن أصل الكلمة فهو باطل جملة وتفصيلاً، ولم أجد له دليلاً لغوياً مطلقاً، ولم أجد له استخداماً في كتاب الله!!!!..
أمّا بالنسبة للجملة (مَا لَكُمْ مِنْ وَلاَيَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) في الآية (72- الأنفال):
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلاَيَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُم ْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72)- الأنفال.
فهي ترد بمعنى (مسؤولية)، أو (عِناية) من الأصل (وَلى) بمعنى (حكم)، و(ولايتهم) ترد هنا بمعنى (المسؤولية عنهم)، وقوله تعالى في نفس الآية الكريمة (أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ) يرد بمعنى (أولئك بعضهم مسؤول عن بعض) وهم المهاجرون والأنصار، فكلاهما مسؤول عن بعض بفعل اللحمة التي تشكلت فيما بينهم داخل مجتمع المدينة المنورة المتآخي، ولذلك عطف سبحانه على حديثه عن المهاجرين والأنصار بأن المهاجرين والأنصار غير مسؤولين (ما لهم من مسؤولية (ولاية)) عن المؤمنين الذين لم يهاجروا لأنهم ليسوا جزءً عضوياً من المجتمع الإسلامي، ولكن إنْ استنصروهم في الدين فعليهم النصر لأنّ نصر المؤمن لأخيه المؤمن هو أول أوجه مسؤولية (ولاية) المؤمن لأخيه المؤمن...
وهكذا فليس هنا موضع لمعنى (ناصر) لكلمة (وليّ) مطلقاً فلا أصل يدعم هذا المعنى، وأصل كلمة (ناصر) هو (نصر) وليس (ولى)!!!!!...
ولن نجد في أية آية قرآنية إلا أحد المعنيين لكلمة (وليّ)، والمعاني الأخرى المخصصة لكل منهما.
جزاكم الله خيرا على جهودكم أبا مالك.
هذه بعض النقول عن أهل اللغة :
قال العلامة الزبيدي رحمه الله في تاج العروس مادة ( ولي ) :
( و ) الوَليُّ له مَعانٍ كَثِيرة :
فمنها : ( المُحِبُّ ) ، وهو ضِدُّ العَدُوِّ ، اسْمٌ مِن وَالاهُ إذا أَحَبَّه .
( و ) منها : ( الصَّدِيقُ . و ) منها : ( النَّصِيرُ ) مِن *!وَالاهَ إذا نَصَرَهُ .
( *!ووَلِيَ الشَّيءَ ، و ) *!وَلِي ( عليه وِلايَةً ووَلايَةً ) ، بالكسر والفتح ، ( أَو هي ) ، أَي بالفَتْح ، ( للمَصْدَرُ ، وبالكَسْر ) الاسْمُ مِثْلُ الإمارَةِ والنِّقابَةِ ، لأنَّه اسْمٌ لمَا *!تَوَلَّيْته وقُمْتَ به ، فإذا أَرادُوا المَصْدَرَ فَتَحُوا ؛ هذا نَصُّ سِيْبَوَيْه .
وقيلَ : الوِلايَةُ ، بالكَسْر ، ( الخُطَّةُ والإمارَةُ ) ؛ ونَصّ المُحْكم : كالإمارَةِ .
( و ) قال ابنُ السِّكِّيت : الوِلايَةُ ، بالكسْر ، ( السُّلْطانُ ) .
قال ابنُ برِّي : وقُرِىءَ قولُه تعالَى : { مالكُم مِن وَلايَتِهم } ، بالفَتْح وبالكَسْر ، بمعْنَى النُّصْرةِ ؛ قال أَبو الحَسَنِ : الكَسْرُ لُغَةٌ وليسَتْ بذلكَ .
وفي التهذيب : قالَ الفرَّاء : كَسْر الواو في الآيةِ أَعْجبُ إليَّ من فَتْحِها لأنَّها إنَّما يُفْتح أَكْثَر ذلكَ إذا أُرِيد بها النُّصْرة ، قالَ : وكان الكِسائي يَفْتحُها ويَذْهَبُ بها إلى النُّصْرةِ .
قال الأزْهري : ولا أَظنّه علم التَّفْسير .
وقال الزجَّاج : يقرأُ بالوَجْهَيْن ، فمَنْ فَتَح جَعَلَها من النُّصْرةِ والسبب ،.....
( و ) أَيْضاً : ( *!الوَلِيُّ ) الذي يَلِيَ عَلَيك أَمْرَكَ ، وهما بمعْنًى واحِدٍ ، ومنه الحديثُ : ( أَيُّما امْرأَةً نَكحَتْ بغيرِ إِذْنِ *!مَوْلاها ) ، ورَواهُ بعضُهم : بغير إذْنِ *!وَلِيِّها .
وَرَوى ابنُ سلام عن يونس : أنَّ المَوْلَى في الدِّيْن هو *!الوَلِيُّ ، وذلكَ قولهُ تعالى : { ذلكَ بأنَّ اللهَ مَوْلَى الذينَ آمَنُوا وأَنَّ الكافِرِينَ لا *!مَوْلَى لهم } ، أَي لا وَلِيَّ لهُم ، ومنه الحديثُ : ( مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فعليٌّ مَوْلاهُ ) ، أَي مَنْ كنتُ *!وَلِيَّه ؛ وقال الشافِعِيُّ : يحملُ على وَلاءِ الإسْلامِ .
( و ) أَيْضاً ( الرَّبُّ ) ، جلَّ وعَلا ، *!لتَوَلِّيه أُمُورَ العالَمِ بتَدْبيرِه وقُدْرَتِه .
( و ) أَيْضاً : ( النَّاصِرُ ) ؛ نقلَهُ الجَوْهري ؛ وبه فُسِّر أَيْضاً حديثُ : ( مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ ) ....أهـ
وقال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث 5 / 227 :
- فِي أَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى «الْوَلِىُّ» هُوَ النَّاصر. وَقِيلَ: الْمُتَوَلِّي لِأُمُورِ العَالَم والخَلائِق القائِمُ بِهَا...أهـ
وغيرها من النقولات .
كان في الإمكان أن يرجع صاحب أصل المشاركة إلى كتب مفردات اللغة وفي النقل عمن نُقل عنهم من أئمة التفسير غنيةٌ
شكرا لك اخانا ابا مالك
ردا جميلا واستدلالا مفيدا
بارك الله فيكما ، ونفع بكما .