حسن إبراهيم حسن
مؤرخ مصري كبير، محقق راسخ القدم في التوثيق والتحقيق. ولقد ألف كتابا موسوعيا اسمه (تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي)، طبعت منه عشرات الطبعات، مما يدل على أن الأوساط العلمية والثقافية تلقته بالقبول والثقة فانتشر .

دكتور حسن إبراهيم حسن مؤرخ واسع الاطلاع حسن الترتيب وافر الإنتاج عميق الغور أثري المكتبة العربية بكنوز وفيرة من قلمه الساحر‏.‏ وقد ولد في مدينة طنطا من اسرة تنتمي إلي صعيد مصر عام‏1892.‏ وقد أدخله والده عام‏1897‏ مدرسة طنطا الابتدائية‏.‏ وقد بدأ حبه لمادة التاريخ منذ الدراسة المتوسطة فأقبل علي كتب التاريخ في تلك الفترة فقرأ أول ماقرأ تاريخ الطبري ومفرج الكروب لأبي واصل ومؤلفات المقريزي‏.‏ وتخرج عام‏1910‏ بتقدير متميز وكان مدرسوه يثنون علي خلقه ودماثة طبعه‏.‏ وانتقل حسن إبراهيم حسن إلي قاهرة المعز حيث التحق بالجامعة المصرية عام‏1910‏ بكلية الآداب قسم التاريخ حيث تخرج فيها بتقدير ممتاز عام‏1915‏ وكان في السابعة عشرة من عمره‏.‏ وبدأ بتحضير رسالة الماجستير مختارا شخصية عمرو بن العاص فاجتاز المناقشة بتفوق وقد اختارته الجامعة للابتعاث لتحضير الدكتوراه فسافر إلي مدينة لندن فوصل تلك البلاد عام‏1920‏ بعد أن أصدر بمصر كتابه الأول عمرو بن العاص‏.‏


وقد اختار لرسالته للدكتوراه عنوان الفاطميون في مصر وأعمالهم السياسية والدينية بوجه خاص‏.‏ وقد احتوت رسالته علي تسعة أبواب وهي علي النحو التالي‏:‏ الفتح الفاطمي لمصر‏,‏ الدعوة الفاطمية‏,‏ سقوط الدولة الفاطمية‏,‏ سياسة الفاطميين الداخلية‏,‏ سياسة الفاطميين الخارجية‏,‏ النظم الفاطمية‏,‏ الحالة الاقتصادية‏,‏ الحالة الاجتماعية‏,‏ الخلفاء الفاطميون في مصر من المعز إلي الحافظ‏.‏ وكانت تلك الرسالة بداية عهد جديد للكتابة التاريخية من حيث استيفاء المراجع ودقة الملاحظة‏.‏ فقد أسس لمدرسة جديدة في كتابة التاريخ الإسلامي يضني فيها الباحث بسعة الإطلاع ضمن منهج عقلاني دقيق بعيد عن العاطفة والانتقائية‏.‏ وقد أشرف العلامة الكبير السيرتوماس أرنولد علي الشاب العصامي باذلا له النصح حتي كملت الرسالة‏.‏ وكانت مناقشة الرسالة في السادس من سبتبمر عام‏1928‏ بلجنة رأسها السيرتوماس أرنولد فنال حسن إبراهيم حسن الدكتوراه بدرجة ممتازة وقد كتب السير أرنولد عن المؤرخ الواعد إن الرسالة التي تقدم بها الدكتور حسن إبراهيم لنيل درجة الدكتوراه بجامعة لندن أكسبته أقصي مايمكن من اطراء الممتحنين المعينين من قبل الجامعة‏,‏ الذين عدوها مجهودا نادر النظير‏.‏ ولاريب أن الرسالة تعتبر أعظم وثيقة ظهرت في هذا الموضوع إلي الآن وتتجلي فيه قدرة المؤلف العلمية ومنزلية الأدبية اللتان امتاز بهما في كل كتبه كما تظهر أحكامه السديدة بأجلي بيان في كشف كثير من المسائل الخفية المعقدة‏.‏

وقفل الدكتور حسن إبراهيم حسن راجعا حيث عين مدرسا للتاريخ الإسلامي في جامعة فؤاد الأول‏.‏ وأصدر في أكتوبر‏1935‏ الجزء الأول من رائعته الخالدة تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي‏.‏ وقد تناول فيه تاريخ الإسلام من الهجرة النبوية إلي نهاية الدولة الأموية‏.‏ وقد استقبل الكتاب بسيل واسع من الدراسات والردود‏.‏ وقد أخذ عليه البعض اكثاره من الاعتماد علي كتب الغربيين وشططه بعض الأحيان في الحكم علي الشخصيات التاريخية‏.‏ وقد تناول كتابه كتابا منهم عبدالحميد العبادي ومحمود أبو ريه ومحمود حسن زناتي ومحمد أحمد جاد المولي وزكي مبارك‏.‏ وقد تناول في كتابه العرب قبل الإسلام والبعثة النبوية وأثر الإسلام في العرب وعصر الخلفاء الراشدين وعصر الدولة الأموية‏.‏ واشترك الدكتور حسن إبراهيم حسن مع أخيه علي عام‏1939‏ في تأليف كتاب النظم الإسلامية وهوكتاب يبحث في النظم السياسية والإدارية والقضائية وفي نظام الرق عند المسلمين في كل العصور‏.‏ وموضوع النظم الإسلامية موضوع لم يقصد لبحثه إلا القليل من الفقهاء والمؤرخين مع ماله من أهمية وخطر‏.‏ وعلي أن هذا الموضوع ليس في الواقع بجديد‏.‏ ويعتبر أبو الحسن الماوردي المتوفي سنة‏450‏ هـ في طليعة المؤلفين الذين كتبوا عن النظم الإسلامية وكتابه الأحكام السلطانية أول ماكتب بالعربية في ذلك المضمار علي أن الغموض الذي يحيط باسلوب الماوردي يرفع من شأن ماكتبه المتأخرون من أمثال ابن طباطبا الذي ألف كتابه الفخري في الآداب السلطانية ويمتاز كتابه بسهولة أسلوبه وامتاع عباراته وممن كتب في النظم الإسلامية ابن خلدون ولكن أسلوبه يؤخذ عليه من البعض شئ من الركاكة والغموض‏.‏

واستدعت وزارة المعارف العراقية عام‏1940‏ الدكتور حسن إبراهيم حسن لتدريس مادة التاريخ بجامعة بغداد فلبي الدعوة وأقام بين عامي‏1940‏ ـ‏1944‏ حيث عاصر في بغداد ثورة رشيد عالي الكيلاني‏.‏ وتعرف في تلك الفترة علي كثير من الأدباء والمؤرخين ومنهم محمد رضا الشبيبي وزير المعارف‏.‏ ورجع إلي مصر حيث عين مديرا لجامعة أسيوط فمديرا لجامعة الملك فؤاد فكان الإداري الناجح والصدر الحنون والأستاذ النزيه‏.‏ وأخرج الدكتور حسن إبراهيم حسن عام‏1947‏ ترجمة لكتاب استاذه توماس أرنولد الدعوة إلي الإسلام بالتعاون مع عبدالمجيد عابدين وإسماعيل النحراوي‏.‏ وفي نفس العام أصدر كتابه عن الزعيم الفاطمي عبيد الله المهدي مؤسس الدولة الفاطمية في المغرب مع الدكتور طه أحمد شرف‏.‏ وكان الدكتور حسن إبراهيم حسن قد تعرض للزعيم الفاطمي قبل أعوام من كتابه علي صفحات مجلة الرسالة حيث قال عنه‏:‏ عبيد الله المهدي من الرجال الدين لايجود بهم الدهر إلا نادرا فقد استطاع بفضل ماأوتيه من قوة الشخصية وماجبل عليه من الصفات العالية‏,‏ أن يحقق ماعقده عليه جماعته من آمال بعيده في توطيد دعائم مذهبهم في كثير من أرجاء العالم الإسلامي كما استطاع أن يقلق بال الدولة العباسية كان ذلك كان راجعا إلي الصفات التي تحلي بها عبيد الله المهدي فقد امتاز بالصبر‏,‏ ومن أهم صفاته الجود فكان ينفق عن سعة ولم يكن ذلك راجعا إلي ماله بل لأنه كان جوادا بطبعه وقد استطاع بفضل جهاده أن يجذب إليه أهل سلمية وعمالها حتي لهجت الألسن بالثناء عليه‏.‏ وكان وسيما جميل المنظر قوي الساعد شديد البطش قويا معروفا بذلك منذ حداثة سنه‏.‏ فهذه الصفات وغيرها تدل علي أن المهدي كان جديرا بالزعامة‏.‏وأخرج الدكتور حسن إبراهيم حسن عام‏1948‏ كتابه المعز لدين الله الفاطمي والمعز لدين الله الفاطمي من الأفذاذ العظام وكان عصره حافلا بمظاهر القوة والعظمة ولاغرو فقد استطاع بما أوتيه من ذكاء فذ ومهارة حربية ممتازة أن يوحد بلاد المغرب كافة تحت رايته وينتصر علي الأمويين الأندلسيين وحلفائهم الروم في غير موقعة حتي كان الأمويون يخشون علي بلادهم من أن تقع في قبضته وسارع الروم إلي محالفته خوفا من أن تقع قلوريا في يده كما حاول الفاطميون في عهده أن يتخذوا من جزيرتي صقلية واقربطش قنطرة يعبرون منها إلي إيطاليا شمالا وإلي مصر والشام شرقا‏.‏ وكان لنظم الحكم الدقيقة التي سار عليها المعز لدين الله الفاطمي اثر بعيد في رقي بلاده ولاغرو فقد كان يمثل الحاكم المستنير الذي يجمع في يده السلطات كلها ولكنه يسعي دائما لاسعاد شعبه ويعتبر الحكم أمانة من الله ائتمنه عليها‏.‏ وأن مدينة القاهرة المعزية ـ التي تعد الآن ولله الحمد من امهات مدن الشرق ـ مع الجامع الأزهر ـ أقدم جامعة في العالم ـ ليدينان بوجودهما إلي المعز لدين الله الفاطمي‏.‏ وقد تحدث الدكتورحسن إبراهيم حسن عن فتح مصر علي يد المعز بتفصيل رائع واسع وتحدث عن نظم الحكم في عهده ثم تناول الفن والثقافة وأهم المظاهر الاجتماعية ويعتبر كتابه عن المعز أهم ماكتب عن الرجل العظيم‏.‏


وقام الدكتور حسن بتدريس التاريخ بجامعة بنسلفانيا بين عامي‏1951‏ ـ‏1953‏ واتبع ذلك بتدريس التاريخ عام‏1958‏ بجامعة الرباط‏.‏ وتابع بعد ذلك اصدار الجزء الثاني والثالث من تاريخ الإسلام‏.‏ وفي عام‏1968‏ توقف قلم المؤرخ الكبير بوفاته رحمه الله تاركا الجزء الرابع من تاريخ الإسلام مخطوطا كاملا حيث صدر بعد وفاته بسنوات‏.‏ وقد ترك الدكتور حسن إبراهيم حسن تراثا خالدا وعلما نافعا‏.‏


وقد ترك عددا من تلامذته الذين أصبحوا اعلاما في الكتابة التاريخية من أمثال ،‏ جمال الدين الشيال ومحمد جمال الدين سرور وسيدة إسماعيل كاشف وطه أحمد شرف وزكي محمد حسن وعطية مشرفه وحسن سليمان محمود‏ وسعيد عبد الفتاح عاشور وعماد عبد السلام رؤوف وخالد جاسم الجنابي وفاروق عمر فوزي وبشار عواد معروف وايمن فؤاد سيد وغيرهم.

وقد ترك عددا من تلامذته الذين أصبحوا اعلاما في الكتابة التاريخية من أمثال ،‏ جمال الدين الشيال ومحمد جمال الدين سرور وسيدة إسماعيل كاشف وطه أحمد شرف وزكي محمد حسن وعطية مشرفه وحسن سليمان محمود‏ وسعيد عبد الفتاح عاشور وعماد عبد السلام رؤوف وخالد جاسم الجنابي وفاروق عمر فوزي وبشار عواد معروف وايمن فؤاد سيد وغيرهم.
مصادر
في الذكري الـ‏34‏ علي رحيله د‏.‏ حسن إبراهيم حسن‏..‏ من أعلام المؤرخين د‏.‏ طاهر تونسي .
مؤرخ الإسلام حسن إبراهيم حسن د. جمال الدين فالح الكيلاني .