الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ،وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد .

الخلاف بين أهل السنة وأهل البدع في مسألة: القرآن كلام الله ليس بمخلوق ، ليس لفظيا ، بل هو خلاف معنوي .

يدعي أهل البدع أن قول أهل السنة والجماعة : القرآن كلام الله ليس بمخلوق . وقول أهل البدع من المتوقفة في ذلك الذين يقولون : لا نقول : مخلوق ، ولا نقول : غير مخلوق ، بل نتوقف !
يقولون : ليس بيننا وبينكم خلاف ، بل الخلاف لفظي !
وليس الأمر كما زعموا ، وإنما يقال : الخلاف لفظي بين المعتزلة والأشاعرة ؛ لأن المعتزلة يقولون : كلام الله مخلوق .
والأشاعرة يقولون : كلام الله ليس بمخلوق .
والكلام عندهم المعنى ، ويقولون :الحروف مخلوقة.
فقالت المعتزلة : لا خلاف بيننا وبينكم - أي الأشاعرة - لأن الكلام هو الحروف ، فإذا أقررتم بأن الحروف مخلوقة ارتفع النزاع والخلاف ، فيكون الخلاف بين الفريقين لفظيا .


أما مذهب أهل السنة والجماعة فهو مخالف لكلا المذهبين خلافا معنويا ؛ لأنهم يقولون : كلام الله غير مخلوق ، والكلام عندهم اسم للحروف والمعاني ، فتبين بذلك غلط من قال : إن الخلاف في ذلك لفظي .
ومذهب أهل السنة أن الله يتكلم بحرف وصوت ، وأن القرآن كلام الله حروفه ومعانيه ، وأن موسى عليه السلام سمع كلام الله منه بلا واسطة .

والقرآن والسنة يدلان على ذلك دلالة صريحة واضحة ، ولله الحمد .
قال تعالى : ( وكلم اللهُ موسى تكليما ).

ففرق بين الإيحاء المشترك وبين التكليم الخاص .

وليس الأمر كما ادعى أهل البدع : إن موسى هو الذي كلمه فحسب ، فجعلوا الفاعل مفعولا ، والمفعول فاعلا ، هكذا : ( وكلم اللهَ ) بالفتح في لفظ الجلالة ، على أن موسى هو الفاعل المتكلم ، وزعموا أن الله لم يتكلم ! تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا .

ثم إننا نقول لهم : ماذا تقولون في هذه الآية والتي يؤكد الله تعالى ما ذكره بقوله : ( ولما جاء موسى بميقاتنا وكلمه ربُّه ) .

وقوله تعالى : ( يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي )

والآيات في ذلك كثيرة جدا .

وأما السنة ففيها ما لا يحصى أيضا في الدلالة على أن القرآن كلام الله تعالى ، منها أمره صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة بكلمات الله في كثير من الأحاديث .
وقوله في الحديث أيضا : "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان ". أخرجه الشيخان .

وغير ذلك من النصوص النبوية الشريفة .

هدانا الله وإياهم إلى سواء السبيل .
والله الموفق لا رب سواه ، وهو المستعان ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .