قال الامام ابن القيم في كتابه الروح ص 222

« فصل وَهَا هُنَا سر لطيف يجب التَّنْبِيه عَلَيْهِ والتنبه لَهُ والتوفيق لَهُ بيد من أزمة التَّوْفِيق بِيَدِهِ وَهُوَ أَن الله سُبْحَانَهُ جعل لكل عُضْو من أَعْضَاء الْإِنْسَان كمالا إِن لم يحصل لَهُ فَهُوَ فِي قلق واضطراب وانزعاج بِسَبَب فقد كَمَاله الَّذِي جعل لَهُ

مِثَالا كَمَال الْعين بالأبصار وَكَمَال الْأذن بِالسَّمْعِ وَكَمَال اللِّسَان بالنطق فَإِذا عدمت هَذِه الْأَعْضَاء القوى الَّتِي بهَا كمالها حصل الْأَلَم وَالنَّقْص بِحَسب فَوَات ذَلِك

وَجعل كَمَال الْقلب ونعيمه وسروره ولذته وابتهاجه فِي مَعْرفَته سُبْحَانَهُ وإرادته ومحبته والإنابة إِلَيْهِ والإقبال عَلَيْهِ والشوق إِلَيْهِ والأنس بِهِ فَإِذا عدم الْقلب ذَلِك كَانَ أَشد عذَابا واضطرابا من الْعين الَّتِي فقدت النُّور والباصر من اللِّسَان الَّذِي فقد قُوَّة الْكَلَام والذوق

وَلَا سَبِيل لَهُ إِلَى الطُّمَأْنِينَة بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَو نَالَ من الدُّنْيَا وأسبابها وَمن الْعُلُوم مَا نَالَ إِلَّا بَان يكون الله وَحده هُوَ محبوبه وإلهه ومعبوده وَغَايَة مَطْلُوبه وَإِن يكون هُوَ وَحده مستعانه على تَحْصِيل ذَلِك

فحقيقة الْأَمر أَنه لَا طمأنينه لَهُ بِدُونِ التحقق بإياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين وأقوال الْمُفَسّرين فِي الطُّمَأْنِينَة ترجع إِلَى ذَلِك

قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا المطمئنة المصدقة
وَقَالَ قَتَادَة هُوَ الْمُؤمن اطمأنت نَفسه إِلَى مَا وعد الله
وَقَالَ الْحسن المصدقة بِمَا قَالَ الله تَعَالَى
وَقَالَ مُجَاهِد هِيَ النَّفس الَّتِي أيقنت بِأَن الله رَبهَا الْمسلمَة لأمر فِيمَا هُوَ فَاعل بهَا

وروى مَنْصُور عَنهُ قَالَ النَّفس الَّتِي أيقنت أَن الله رَبهَا وَضربت جاشا لأَمره وطاعته
وَقَالَ ابْن أبي نجيح عَنهُ النَّفس المطمئنة المخبتة إِلَى الله
وَقَالَ أَيْضا هِيَ الَّتِي أيقنت بلقاء الله فَكَلَام السّلف فِي المطمئنة يَدُور على هذَيْن الْأَصْلَيْنِ طمأنينة الْعلم وَالْإِيمَان وطمأنينة الْإِرَادَة وَالْعَمَل
»