تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 14 من 14

الموضوع: بحث في كيفية معرفة العلة في الحديث

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي بحث في كيفية معرفة العلة في الحديث

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد .

    إن كيفية معرفة العلة الواقعة في الحديث لأمر في غاية الأهمية ، لابد لطالب العلم أن يقف عليه ، وأن يعيه جيدا ، وقبل الشروع في هذا الأمر بشكل مختصر ، لابد من معرفة العلة ابتداء لغة واصطلاحا ، ومن ثم الوقوف على أنواعها ، ثم كيفية معرفتها.

    العلة في اللغة :
    العلة : مفرد، جمعه : علل .
    والعلة : بكسر العين وتشديد اللام المفتوحة ، تطلق على معان متعددة ، يمكن إرجاعها إلى أصل واحد ، هو : معنى يحل بالمحل فيتغير به حال المحل .
    ومنه سمي المرض علة ؛ لأن بحلوله يتغير الحال من القوة إلى الضعف .
    قال ابن فارس في مقاييس اللغة 4 / 9 :
    العِلّةُ: المرض، وصاحبُها مُعتلّ. قال ابنُ الأعرابيّ: عَلّ المريض يَعِلُّ عِلّة فهو عليل . ورجل عُلَلَة، أي كثير العِلَل.ومن هذا الباب وهو باب الضَّعف: العَلُّ من الرِّجال: المُسِنّ الذي تَضاءل وصغُر جسمُه.
    وتطلق العلة على السبب ، فيقال : هذه علته : أي سببه ، وهذا علة لهذا : أي سبب له .أهـ

    أما العلة في اصطلاح المحدثين :
    فهي سبب خفي غامض يطرأ على الحديث فيقدح في صحته .

    والحديث المعلل ( أو المعل ) :
    قال ابن الصلاح في علوم الحديث ص 90 : هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي اطُّلِعَ فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ تَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ ، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَهُ السَّلَامَةُ مِنْهَا .أهـ

    غموض علم العلل ودقته :
    قال السخاوي في فتح المغيث 1 / 235 :
    هذا النوع من أغمض الأنواع وأدقها ؛ ولذا لم يتكلم فيه - كما سلف - إلا الجهابذة أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب مثل ابن المديني وأحمد والبخاري ويعقوب بن شيبة وأبي حاتم وأبي زرعة والدارقطني ، ولخفائه كان بعض الحفاظ يقول : معرفتنا بهذا كهانة عند الجاهل ، وقال ابن مهدي : هي إلهام لو قلت للقيم بالعلل : من أين لك هذا ؟لم تكن له حجة . يعني : يعبر بها غالبا ، وإلا ففي نفسه حجج للقبول وللرفض .
    وسئل أبو زرعة عن الحجة لقوله فقال : إن تسألني عن حديث ثم تسأل عنه ابن وارة وأبا حاتم وتسمع جواب كل منا ولا تخبر واحدا منا بجواب الآخر ، فإن اتفقنا فاعلم حقيقة ما قلنا ، وإن اختلفنا فاعلم أنا تكلمنا بما أردنا . ففعل ، فاتفقوا ، فقال السائل: أشهد أن هذا العلم إلهام .
    وسأل بعض الأجلاء من أهل الرأي أبا حاتم عن أحاديث ، فقال في بعضها : هذا خطأ دخل لصاحبه حديث في حديث ، وهذا باطل ، وهذا منكر ، وهذا صحيح . فسأله : من أين علمت هذا ؟ أخبرك الراوي بأنه غلط أو كذب ؟! فقال له : لا ،ولكني علمت ذلك . فقال له الرجل : أتدعي الغيب ؟ فقال : ما هذا ادعاء غيب . قال : فما الدليل على قولك ؟ فقال : أن تسأل غيري من أصحابنا فإن اتفقنا علمت أنا لم نجازف .
    فذهب الرجل الى أبي زرعة وسأله عن تلك الأحاديث بعينها ، فاتفقنا ، فتعجب السائل من اتفاقهما من غير مواطأة ، فقال له أبو حاتم : أفعلمت أنا لم نجازف . ثم قال : والدليل على صحة قولنا أنك تحمل دينارا بهرجا - قلت : هو الرديء - إلى صيرفي ، فإن أخبرك أنه بهرج ، وقلت له : أكنت حاضرا حين بهرج ، أو هل أخبرك الذي بهرجه بذلك . يقول لك : لا ، ولكن علم رزقنا معرفته ، وكذلك إذا حملت إلى جوهري فص ياقوت وفص زجاج يعرف ذا من ذا .
    ونحن نعلم صحة الحديث بعدالة ناقليه ، وأن يكون كلاما يصلح أن يكون كلام النبوة ، ونعرف سقيمه ونكارته بتفرد من لم تصح عدالته .
    وهو كما قال غيره : أمر يهجم على قلبهم لا يمكنهم رده ، وهيئة نفسانية لا معدل لهم عنها ، ولهذا ترى الجامع بين الفقه والحديث كابن خزيمة والإسماعيلي والبيهقي وابن عبد البر لا ينكر عليهم بل يشاركهم ويحذو حذوهم ، وربما يطالبهم الفقيه أو الأصولي العاري عن الحديث بالأدلة ، هذا مع اتفاق الفقهاء على الرجوع إليهم في التعديل والتجريح ،كما اتفقوا على الرجوع في كل فن إلى أهله ، ومن تعاطي تحرير فن غير فنه ، فهو متعنت ، فالله تعالى بلطيفعنايته أقام لعلم الحديث رجالا نقادا تفرغوا له وأفنوا أعمارهم في تحصيله والبحث عن غوامضه وعلله ورجاله ومعرفة مراتبهم في القوة واللين ، فتقليدهم والمشي وراءهم وإمعان النظر في تواليفهم وكثرة مجالسة حفاظ الوقت مع الفهم وجودة التصور ومدومة الاشتغال وملازمة التقوى والتواضع يوجب لك إن شاء الله معرفة السنن النبوية ، ولا قوة إلا بالله .أهـ


    ولا يفهم من كلام ابن مهدي وأبي زرعة وأبي حاتم المتقدم ذكره ، أن الحكم في العلل أمر مزاجي لا ضابط ولا مسوغ له في لغة العلم ، فليس الأمر كما يتوهمه البعض ، بل إن الأمر كما قال السخاوي تعقيبا على قول ابن مهدي : يعني يعبر بها غالبا وإلا ففي نفسه حجج للقبول وللرفض .
    وهذا السبب من أسباب اختلاف المحدثين في الحكم على الحديث قبولا وردَّا ، يعد من أدق أسباب الاختلاف وأخفاها ، حيث نجد بعض الحفاظ يحكمون على حديث من الأحاديث بالصحة لما يظهر لهم من اتصال السند وعدالة الرواة ، ثم يظهر لبعض الحفاظ علة خفية فيه تقدح بصحته ، مع أن ظاهره السلامة منها ، فيحكم بضعفه ووهنه .
    ونجد في بعض الأحايين بعض الحفاظ يعل حديثا بعلة وقعت فيه ، إلا أن البعض الآخر لا يعبترها قادحة في صحته ، والآخر يعتبرها قادحة تقدح في صحته ، فيحكم علبه بالضعف ، كما هو الشأن في بعض الأحاديث المضطربة ، حيث إن الاضطراب علة من علل الحديث المؤثرة على صحته ، إلا أن البعض الآخر ينفي أن يكون هذا الاضطراب مؤثرا ، كأن يتمكن من الجمع بين الروايات التي حكم باضطرابها ، فيختلف الحكم حينئذ بين الفريقين .

    أنواع العلة :
    أنواع العلة القادحة التي يعل بها المحدثون الأحاديث كثيرة ، منها : الانقطاع في الموصول ، والوقف في المرفوع ، والإرسال ، أو إدراج حديث في حديث ، أو غير ذلك مما غلب على ظن النقد ، فيحكم عليه بعدم صحته ، أو على الأقل يتردد فيتوقف فيه ، وكل ذلك مانع من الحكم بصحة ما وجد ذلك فيه.انظر علوم الحديث لابن الصلاح ص 90 .
    وقال الحاكم النيسابوري في معرفة علوم الحديث :
    وإنما يعلل الحديث من أوجه للجرح فيها مدخل ، فإن حديث المجروح ساقط واهٍ . وعلة الحديث يكثر في أحاديث الثقات أن يحدثوا بحديث له علة فيخفى عليهم علمه ، فيصير الحديث معلولًا، والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير.أهـ

    وقد يطلق اسم العلة على غير ما ذكر من الأسباب التي تقدح في صحة الأحاديث .
    قال أبو عمرو ابن الصلاح في مقدمته :
    ثُمَّ اعْلَمْ : أَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ اسْمُ الْعِلَّةِ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ بَاقِي الْأَسْبَابِ الْقَادِحَةِ فِي الْحَدِيثِ الْمُخْرِجَةِ لَهُ مِنْ حَالِ الصِّحَّةِ إِلَى حَالِ الضَّعْفِ ، الْمَانِعَةِ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضَى لَفْظِ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ ، وَلِذَلِكَ تَجِدُ فِي كُتُبِ عِلَلِ الْحَدِيثِ الْكَثِيرَ مِنَ الْجَرْحِ بِالْكَذِبِ ، وَالْغَفْلَةِ ، وَسُوءِ الْحِفْظِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْجَرْحِ .
    وَسَمَّى التِّرْمِذِيُّ النَّسْخَ عِلَّةً مِنْ عِلَلِ الْحَدِيثِ .
    ثُمَّ إِنَّ بَعْضَهُمْ أَطْلَقَ اسْمَ الْعِلَّةِ عَلَى مَا لَيْسَ بِقَادِحٍ مِنْ وُجُوهِ الْخِلَافِ ، نَحْوَ إِرْسَالِ مَنْ أَرْسَلَ الْحَدِيثَ الَّذِي أَسْنَدَهُ الثِّقَةُ الضَّابِطُ حَتَّى قَالَ : مِنْ أَقْسَامِ الصَّحِيحِ مَا هُوَ صَحِيحٌ مَعْلُولٌ ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ : مِنَ الصَّحِيحِ مَا هُوَ صَحِيحٌ شَاذٌّ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .أهـ

    قال الحافظ العراقي في شرح ألفيته 1 / 290 معقبا على تسمية الترمذي النسخ : علة :
    فإنْ أرادَ الترمذيُّ أنّهُ علّةٌ في العملِ بالحديثِ، فهو كلامٌ صحيحٌ فاجنح له، أي مِلْ إلى كلامِهِ ، وإنْ يُرد أنّهُ علةٌ في صحةِ نقلِهِ، فلا؛ لأنَّ في الصحيحِ أحاديثَ كثيرةً منسوخةً .أهـ



    يتبع بإذن الله ..

  2. افتراضي

    نفع الله بكم.
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    موفق شيخنا إن شاء الله
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    كيف تعرف العلة في الحديث : ( طرق وقوانين ضبط عملية تعليل الأحاديث )

    قال الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث 1 / 196 :
    وهو فن خفي على كثير من علماء الحديث، حتى قال بعض حفاظهم: معرفتنا بهذا كهانة عند الجاهل.
    وإنما يهتدي إلى تحقيق هذا الفن الجهابذة النقاد منهم، يميزون بين صحيح الحديث وسقيمه، ومُعوجه ومستقيمه، كما يميز الصيرفي البصير بصناعته بين الجياد والسيوف، والدنانير والفلوس،. فكما لا يتمارى هذا، كذلك يقطع ذاك بما ذكرناه، ومنهم من يظن، ومنهم من يقف، بحسب مراتب علومهم وحذقهم واطلاعهم على طرق الحديث، وذوقهم حلاوة عبارة الرسول صلى الله عليه وسلم التي لا يشبهها غيرها من ألفاظ الناس.
    فمن الأحاديث المروية ما عليه أنوار النبوة، ومنها ما وقع فيه تغيير لفظ أو زيادة باطلة أو مجازفة أو نحو ذلك، يدركها البصير من أهل هذه الصناعة.أهـ

    وقال الحافظ ابن حجر في النكت على ابن الصلاح 2/ 711 :
    وهذا الفن أغمض أنواع الحديث وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله تعالى فهما غائصا وإطلاعا حاويا وإدراكا لمراتب الرواة ومعرفة ثاقبة، ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن وحذاقهم وإليهم المرجع في ذلك لما جعل الله فيهم من معرفة ذلك، والاطلاع على غوامضه دون غيرهم ممن لم يمارس ذلك.أهـ

    طرق معرفة علة الحديث :
    أولا :
    اعلم أن الطريق لكشف علة الحديث هو : جمع الروايات ثم سبرها وتنقيحها .
    قال الخطيب البغدادي - كما في مقدمة ابن الصلاح ص 90 ، 91 - : " السَّبِيلُ إِلَى مَعْرِفَةِ عِلَّةِ الْحَدِيثِ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ طُرُقِهِ ، وَيُنْظَرَ فِي اخْتِلَافِ رُوَاتِهِ ، وَيُعْتَبَرَ بِمَكَانِهِمْ مِنَ الْحِفْظِ وَمَنْزِلَتِهِم ْ فِي الْإِتْقَانِ وَالضَّبْطِ " .
    وَرَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ : " الْبَابُ إِذَا لَمْ تُجْمَعْ طُرُقُهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ " .أهـ

    وأخرج الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي 2 / 210 بسنده عن أحمد بن حنبل يقول : الحديث اذا لم تجمع طرقه لم تفهمه والحديث يفسر بعضه بعضا .

    وقال الأوزاعي : " كنا نسمع الحديث ، فنعرضه على أصحابنا كما يعرض الدرهم الزيف على الصيارفة ، فما عرفوا أخذنا ، وما تركوا تركنا " .
    وقال ابن أبي حاتم : " تعرف جودة الدينار بالقياس إلى غيره ، فإن تخلف عنه في الحمرة والصفاء علم أنه مغشوش ، ويعلم جنس الجوهر بالقياس إلى غيره ، فإن خالفه في الماء والصلابة علم أنه زجاج ، ويقاس صحة الحديث بعدالة ناقليه ، وأن يكون كلاماً يصلح أن يكون من كلام النبوة ، ويعلم سقمه وإنكاره بتفرد من لم تصح عدالة بروايته ".
    قلت : فهو يبدأ بتتبع روايات الحديث وجمعها ، ومن ثم النظر فيها وتمحيصها .
    قال عبد الله بن المبارك : " إذا أردت أن يصح لك الحديث فاضرب بعضه ببعض ".
    انظر: تحرير علوم الحديث للجديع .

    وقال الحافظ العراقي في شرح ألفيته التذكرة والتبصرة 1 / 275 :
    وتدرك العلة بتفرد الراوي بمخالفة غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك يهتدي الجهبذ أي الناقد بذلك إلى اطلاعه على إرسال في الموصول أو وقف في المرفوع أو دخول حديث في حديث أو وهمه وغير ذلك .

    وقال ابن الصلاح :

    وَيَتَطَرَّقُ ذَلِكَ إِلَى الْإِسْنَادِ الَّذِي رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، الْجَامِعِ شُرُوطَ الصِّحَّةِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ . وَيُسْتَعَانُ عَلَى إِدْرَاكِهَا بِتَفَرُّدِ الرَّاوِي وَبِمُخَالَفَةِ غَيْرِهِ لَهُ ، مَعَ قَرَائِنَ تَنْضَمُّ إِلَى ذَلِكَ تُنَبِّهُ الْعَارِفَ بِهَذَا الشَّأْنِ عَلَى إِرْسَالٍ فِي الْمَوْصُولِ ، أَوْ وَقْفٍ فِي الْمَرْفُوعِ ، أَوْ دُخُولِ حَدِيثٍ فِي حَدِيثٍ ، أَوْ وَهْمِ وَاهِمٍ بِغَيْرِ ذَلِكَ ، بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ ، فَيَحْكُمُ بِهِ ، أَوْ يَتَرَدَّدُ فَيَتَوَقَّفُ فِيهِ . وَكُلُّ ذَلِكَ مَانِعٌ مِنَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ مَا وُجِدَ ذَلِكَ فِيهِ .أهـ

    وقال الحافظ ابن حجر في نكته على ابن الصلاح 2 / 710 :
    " أن يجمع طرقه ، فإن اتفقت رواته واستووا ظهرت سلامته وإن اختلفوا أمن ظهور العلة ، فمدار التعليل في الحقيقة على بيان الاختلاف".أهـ

    ثانيا :
    إن النقاد من المحدثين قد لا يصرحون بالعلة وقد تقصر عباراتهم عنها .
    يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله في شرح علل الترمذي 2/ 756 - 758 :
    قاعدة مهمة : حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كل واحد منهم لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان ولايشبه حديث فلان فيعللون الأحاديث بذلك، وهذا مما لا يعبر عنه بعبارات تحضره وإنما يرجع فيه أهله إلى مجرد الفهم والمعرفة التي خصوا بها عن سائر أهل العلم .أهـ
    وذكر ابن رجب مثالاً لذلك ما قاله أحمد في سعيد بن سنان: يشبه حديثه حديث الحسن لا يشبه أحاديث أنس .
    ومراده أن الأحاديث التي يرويها عن أنس مرفوعة إنما تشبه كلام الحسن البصري أو مراسيله، وقال الجورجاني: أحاديثه واهية لا تشبه أحاديث الناس عن أنس .

    ثالثا :
    من طرائق العلة عند أئمة الجرح والتعديل نقد المتون وإعلال الأسانيد بها.
    وذلك لأنهم يعرفون الكلام الذي يشبه كلام النبي صلى الله عليه وسلم من الكلام الذي لا يشبه كلامه، قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 1 / 351) عن أبيه قوله : نعلم صحة الحديث بعدالة ناقليه وأن يكون كلاماً يصلح أن يكون مثله كلام النبوة، ونعرف سقمه وإنكاره بتفرد من لم تصح عدالته بروايته .

    ولذلك تجدهم كثيراً ما يضعّفون الحديث الذي في متنه نكارة وغرابة ولو كان إسناده ظاهره الصحة، فمن ذلك حديث علي رضي الله عنه الطويل : ((في الصلاة أربعاً والدعاء لحفظ القرآن)) . فهذا الحديث أخرجه الترمذي في جامعه ( 3570 ) من طريق الوليد بن مسلم حدثنا ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس به . قال الترمذي: حسن غريب. وأخرجه أبو عبدالله الحاكم في المستدرك 1 / 461 بسنده من طريق الوليد أيضاً، وقال: صحيح على شرط الشيخين ، فهذا الحديث استغربه الترمذي ،كما أعله أبو أحمد الحاكم - كما في شرح علل الترمذي لابن رجب 1 / 469 - فقال: إنه يشبه أحاديث القصاص ، وأعله من المتأخرين الحافظ ابن كثير في كتاب فضائل القرآن ص 292 ، قال - بعد نقل كلام الترمذي والحاكم - : ولا شك أن سنده من الوليد عل شرط الشيخين حيث صرح الوليد بالسماع من ابن جريج، فالله أعلم، فإنه من البين غرابته بل نكارته، والله أعلم .أهـ

    ومن هذا الباب أيضاً : أن يكون متن الحديث سمج المعنى ، أو مخالفاً للقرآن فيعلّونه بذلك مثل ما ورد: ((عليكم بالعدس فإنه مبارك يرقق القلب ويكثر الدمعة قُدس فيه سبعون نبياً)). فهذا أعله الإمام عبدالله بن المبارك رحمه الله ، فقال لما سئل عنه: أرفع شيء في العدس أنه شهوة اليهود ولو قدّس فيه نبي واحد لكان شفاء من الأدواء فكيف بسبعين نبياً ؟ وقد سماه الله ((أدنى)) ونعى على من اختاره على المن والسلوى وجعله قرين الثوم البصل. كما ذكره عنه ابن القيم في المنار المنيف ص 64.
    فانظر كيف أعلّ ابن المبارك هذا القول لسوء معناه ومخالفته لكتاب الله.
    ونقد المتون عند المتقدمين بابه واسع وأمثلته كثيرة، وقد اعتنى به الدكتور مسفر غرم الله الدميني في كتابه الجيد: ((مقاييس نقد متون السنة)) فليراجع.

    رابعا :

    أن ينص على علة الحديث ، أو القدح فيه أنه معلل : إمام من أئمة هذا الشأن المعروفين بالغوص في هذا المضمار ، فإنهم الأطباء الخبيرون بهذه الأمور الدقيقة . انظر: "منهج النقد في علوم الحديث " ص 427 - 428 لنور الدين عتر .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    Question

    خامسا :
    القرائن : وهي المرجحات الخارجة ؛ ككون الراوي ممن لم يمارس حديث من روى عنه ، إما لكونه من غير بلده ، أو لكونه لازمه يسيراً أو بآخره .
    وهذا الأمر نجد علماء العلل يعللون به الأحاديث كثيرا ، لما يحتف بالحديث من قرائن ومرجحات مما تجعل الجهبذ الناقد يعل الحديث من خلالها .

    وقد ذكر الدكتور همام عبد الرحيم سعيد في مقدمته لشرح علل الترمذي عدة وسائل للكشف عن العلة ، أذكرها بشيء من الإيجاز :
    1- معرفة المدارس الحديثية ونشأتها ورجالها ومذاهبها العقدية والفقهية وأثرها وتأثيرها في غيرها وما تميزت به عن غيرها فقد نشأت للحديث مدارس في المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام ومصر واليمن .
    وبهذه المعرفة يعالج الباحث أسانيد كثيرة فيكشف عن علتها فإذا كان الحديث كوفيا احتمل التدليس أو الرفض إن كان بصريا احتمل النصب وتأثير الإرجاء والاعتزال في إسناده فإذا روى المدنيون عن الكوفيين فإنها تختلف الاحتمالات عما إذا روى المدنيون عن البصريين ولذلك نجد الحاكم يقول بعد ذكره علة حديث والمدنيون إذا رووا عن الكوفيين زلقوا أما حديث الشام عن المدارس الأخرى فأكثره ضعيف .
    وقد تكلم ابن رجب عن هذا عند كلامه على النوع الثاني من أنواع العلل وهو من ضعف حديثه في بعض الأماكن دون بعض ، قال ابن رجب :
    ومنهم عبيد الله بن عمر العمري ذكر يعقوب بن شيبة أن في سماع أهل الكوفة منه شيئا ومنهم الوليد بن مسلم الدمشقي صاحب الأوزاعي ظاهر كلام الإمام أحمد أنه إذا حدث بغير دمشق ففي حديثه شيء قال أبو داود : سمعت أبا عبد الله سئل عن حديث الأوزاعي عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي :" عليكم بالباءة". قال : هذا من الوليد يخاف أن يكون ليس بمحفوظ عن الأوزاعي ؛ لأنه حدث به الوليد بحمص ليس هو عند أهل دمشق .
    ومنهم المسعودي من سمع منه بالكوفة فسماعه صحيح ومن سمع منه ببغداد فسماعه مختلط وكذلك فقد ذكر ابن رجب طائفة من الثقات حدثوا عن أهل إقليم فحفظوا حديثهم وحدثوا عن غيرهم فلم يحفظوا .
    فمنهم إسماعيل بن عياش الحمصي أبو عتبة إذا حدث عن الشاميين فحديثه عنهم جيد وإذا حدث عن غيرهم فحديثه مضطرب .
    ومنهم معمر بن راشد كان يضعف حديثه عن أهل العراق خاصة .
    وأمثلة هذا كثيرة عند ابن رجب وهذا يلزم الباحث في العلل أن يعرف مدارس الحديث المختلفة ومن أضبط الناس فيها ومن أكثر الناس خطأ فيها وهكذا .
    2- معرفة من دار عليهم الإسناد وأوثق الناس فيهم وتمييز أصح الأسانيد أضعفها وممن اهتم بهذا وأرسى قواعده علي بن المديني فنراه يقول : نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة فلأهل المدينة ابن شهاب ولأهل مكة عمرو بن دينار ولأهل البصرة قتادة بن دعامة السدوسي ويحيى بن أبي كثير ولأهل الكوفة أبو إسحاق السبيعي وسليمان بن مهران .
    ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الأصناف ممن صنف فلأهل المدينة مالك بن أنس ومحمد بن إسحاق من أهل مكة عبد العزيز بن جريح وسفيان بن عيينة ثم انتهى علم هؤلاء الثلاثة من أهل البصرة وعلم الاثني عشر إلى سنة وهكذا يمضي علي بن المديني في تأصيل هذه الخبرة الإسنادية وتفريعها .
    ومع ذكر الراوي فإنه يذكر أصحابه ويبين أوثقهم فيه وأكثرهم في الرواية عنه وهذا جزء هام من علم العلل .
    وفيما يلي نص من علل أحمد -رحمه الله- أوقفني على ارتباط هذا الجانب بعلم العلل ودوره في الكشف عن العلة يقول عبد الله بن الإمام أحمد : سألته عن مطرف بن طريف فقال: ثقة مطرف . قلت له: أيما أثبت أصحاب الأعمش ؟ فقال : سفيان الثوري أحبهم إلي . قلت له: ثم من ؟ فقال: أبو معاوية في الكثرة والعلم -يعني عالما بالأعمش- قلت له: أيما أثبت أصحاب الزهري ؟ فقال : لكل واحد منهم علة إلا أن يونس وعقيلا يؤديان الألفاظ وشعيب بن أبي حمزة، وليسوا مثل معمر، معمر يقاربهم في الإسناد. قلت : فمالك ؟ قال : مالك أثبت في كل شيء ، ولكن هؤلاء الكثرة ، كم عند مالك ثلاثمائة حديث أو نحو ذا ، وابن عيينة نحو من ثلاثمائة حديث ، ثم قال : هؤلاء الذي رووا عن الزهري الكثير يونس وعقيل ومعمر . قلت له: شعيب ؟ قال : شعيب قليل ، هؤلاء أكثر حديثا عن الزهري . قلت : فصالح بن كيسان روايته عن الزهري ؟ قال: صالح أكبر من الزهري قد رأى صالح ابن عمر . قلت : فهؤلاء أصحاب الزهري قلت أثبتهم مالك . قال: نعم، مالك أثبتهم ، ولكن هؤلاء الذين بقروا علم الزهري : يونس وعقيل ومعمر . قلت له: فبعد مالك من ترى؟ قال : ابن عيينة .انتهى
    ومن خلال هذا النص نلاحظ أمرين لا بد من البحث عنهما ونحن نتناول الرواة عن الثقات :
    الأول : من أوثق الناس في هذا الشيخ .
    والثاني : من أكثرهم جمعا ورواية عنه .

    وهكذا الأمر في كل ثقة على حدة ولنتصور حجم هذه المعرفة التي لا بد منها لرجل العلل ، وعن طريق مثل هذه المعرفة يتكون عند الناقد منهج يستعين به في نقده .
    3- معرفة الأبواب ورجل العلل الحافظ العارف الفهم لم يصل إلى ما وصل إليه إلا بعد أن جمع الأحاديث في الأبواب وأحاديثه كما سبق وأن قلت إنها مرتبة على الأسانيد فهي أيضا مرتبة على الأبواب باب الطهارة الصلاة الزكاة وهكذا والعملية النقدية عنده هي عرض ما يسمعه على أبوابه وأصوله وبعد هذا العرض يذكر نتيجة من النتائج الكثيرة عنده معروف منكر مشهور غريب شاذ لا أصل له.
    وفي معرفة الأبواب وحصرها اشتهر عدد من العلماء كالإمام أحمد والبخاري وأبي زرعة ، وهذا أبو زرعة يقول لعبد الله ابن الإمام أحمد : ذاكرت أباك فوجدته يحفظ ألف ألف حديث . فقال عبد الله كيف ذاكرته ؟ قال أبو زرعة : ذاكرته على الأبواب .
    ومعنى هذا أنهما يذكران رؤوس الموضوعات والعناوين التي تضم عددا من الأحاديث .
    ولا غرابة في هذه القدرة على جمع الأبواب وعرضها من إمام كأحمد -رضي الله عنه- ولكن الغرابة أن يجمع هذا ويعرضه رجل الدولة مع مسؤولياته ومشاغله ؛ فقد أورد الحاكم أبو عبد الله في كتابه "معرفة علوم الحديث" قصة دارت بين المأمون ورجل ادعى معرفة الحديث وجاء يطلب رفده فقال : يا أمير المؤمنين، صاحب حديث منقطع ، فقال له المأمون : أيش تحفظ في باب كذا ؟ فلم يذكر فيه شيئا ، فما زال المأمون يقول : حدثنا هشيم وحدثنا حجاج بن محمد وحدثنا فلان حتى ذكر الباب ، ثم سأله عن باب ثان ، فلم يذكر فيه شيء ، فذكره المأمون .
    4- معرفة المتشابه من الأسماء والكنى والألقاب
    وكتب العلل مليئة بهذا النوع كمعرفة عامة أو تطبيقية تخدم موضوع العلة، ومثال ذلك ما ذكره عبد الله بن أحمد -رحمه الله- في العلل قال: حدثني أبي قال: حدثنا هشيم قال : زعم لي بعضهم قال : كتب الحجاج أن يؤخذ إبراهيم بن يزيد إلى عامله فلما أتاه الكتاب قال: فكتب إليه: إن قبلنا إبراهيم بن يزيد التيمي وإبراهيم بن يزيد النخعي فأيهما نأخذ؟ قال : فكتب أن يأخذهما جميعا .
    هذه القصة ظاهرها أنها طرفة ومقصدها ذكر اثنين من الرواة اجتمعا في الاسم والعصر والرتبة ومن لا يميز بينهما قد يخلط في حديثهما.
    وقد يقول قائل: ما داما ثقتين فما الضرر من هذا الخلط؟
    والجواب على ذلك : أن لكل من الرجلين إسناده ، ولكل منهما رجاله، والخلط بينهما لا يقتصر عليهما بل يتعداهما إلى بقية رجال الإسناد .
    وإن الباحث ليدهش وهو يجد أن أربعة عشر رجلا من الثقات يحملون اسم إبراهيم بن يزيد مما يجعل معرفة هذا الجانب ضرورية لرجل العلل حتى لا تشتبه عليه الأمور .
    وكما تتشابه الأسماء تتشابه الكنى ولا بد من معرفتها من قبل صاحب هذا الشأن
    يقول عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول : من كنيته من أصحاب النبي أبو عبد الرحمن : عبد الله بن مسعود أبو عبد الرحمن ، ومعاذ بن جبل أبو عبد الرحمن ، وعبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن ، وعبد الله بن عمرو أبو عبد الرحمن ، ويقولون : أبو محمد ، وفيروز الديلمي أبو عبد الرحمن ، وسفينة أبو عبد الرحمن ، ومعاوية بن أبي سفيان أبو عبد الرحمن .
    هذا التشابه في الصحابة وهو في غيرهم أكثر وتمييزه أصعب ، وكم من علة دخلت على الحديث بجهل هذا الجانب .
    وإلى جانب التشابه في الكنى نجد الكثير من الكنى التي لم تشتهر أصحابها بها فستغلها المدلسون ستارا لتدليسهم ، ولكن المعرفة الواسعة التي يتمتع بها الناقد تقف لكل ذلك بالمرصاد .
    5- معرفة مواطن الرواة
    قال الحاكم أبو عبد الله : وهو علم قد زلق فيه جماعة من كبار العلماء بما يشتبه عليهم فيه وقد يثبت هذه المعرفة في كتب العلل لارتباطها وعلاقتها الوثيقة به، ففي علل أحمد : ابن أبي حسن قرشي مكي هشام بن حجير مكي ضعيف الحديث ، ومحمد بن أبي إسماعيل شيخ كوفي ثقة ، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند شيخ مديني موثق ، وإبراهيم بن ميسرة طائفي سكن مكة ، وهكذا إذ القصد هو التمثيل على هذه المعرفة لا الإحاطة بما كتب عليها فهو كثير .
    6- معرفة الوفيات والولادات
    وعن طريق هذه المعرفة -مضافا إليها غيرها- يتأكد الناقد من السماع والمعاصرة أو ينفيهما وتجد هذه المعرفة مبثوثة في كتب العلل يقول ابن المديني : مات أيوب سنة إحدى وثلاثين في الطاعون ، ومات يونس سنة تسع وثلاثين ، ومات إبراهيم النخعي سنة خمس وتسعين ، وقتل ابن جبير سنة خمس وتسعين وفيها مات الحجاج ، وهكذا .
    ومعرفة الولادات جانب آخر يحدد اللقاء وفترته بين الراوين ، فعندما يأتي حديث يرويه عبد الجبار بن وائل، عن أبيه. نجد النقاد يقولون: عبد الجبار لم يدرك أباه ولد بعد وفاة أبيه.
    7- معرفة من أرسل ومن دلس ومن اختلط
    وقد اعتنت كتب العلل اعتناء كبيرا بهذه المعرفة وكثير ا ما تجد فيها علل الإرسال والتدليس والاختلاط كما نجد تحديدات دقيقة للاختلاط وتفاوت المراسيل وما دلس من الأسانيد وقد توسع ابن رجب في الكلام عن الإرسال والتدليس والاختلاط ...
    8- معرفة أهل البدع والأهواء
    وقد سبق وأن ذكرت أن هذه المعرفة جزء من معرفة المدارس الحديثية ولكنها هنا تهتم بالرواة كأفراد كل على حدة وقد يكون الغالب على مدرسة ما التشيع ولكن فيها الناصبي والخارجين والمعتزلي وغير ذلك
    وعلى صفحات كتب العلل نجد كلاما كثيرا حول هذا الجانب مثل يونس بن عباد كان خبيث الرأي كان يزيد بن عبد الرحمن شيخا فقيرا مرجئيا.
    هذه بعض جوانب المعرفة التي لا بد منها للمشتغل بالعلل وتركت غيرها؛ لأن الموضوع لا يتسع لعلوم الحديث إذ ظهر لي بعد البحث والاستقصاء أن أكثر علوم الحديث استمد من علم العلل وأن أقدم المحاولات في هذا الميدان هي كتب ابن المديني وأحمد الترمذي وأبي زرعة وأبي حاتم وهي كتب شاملة تطبيقية وقد قصدت من ذكر هذه الجوانب التمثيل لا الحصر ولعل أبرز ثمرات هذا الموضوع القناعة التامة بأن علم العلل عماده المعرفة المستفيضة أفقيا وعموديا وهو ما يعبر عنه بعلم الرواية والدراية ومن تتوافر له هذه المعرفة تنكشف له العلاقات بين الروايات فيصبح مجال الحديث سندا ومتنا بمتناول بصيرته وعند التعليل يستفيد من كل هذه الجوانب فجزى الله علماءنا عن أمتهم خير الجزاء فلقد والله حملوا الأمانة التي لا تحملها الجبال الراسيات .أهـ

    وإن نظرة سريعة يلقيها الباحث في كتب العلل تظهر له أي علم يحتاجه صاحب هذا الفن وأية معرفة يفتقر إليها حتى يصبح من أهل هذه الصنعة إنه يحتاج ملكة علمية متعددة الجوانب كثيرة العناصر تمتاز بالشمول والتكامل لأننا بعد التحقق نستطيع أن نقول: إن كل جزئية من جزيئات علوم الحديث داخلة في علم العلل إما دخولا مباشرا أو غير مباشر كخادم لأصول هذا العلم وضروراته .

    ومن الملاحظ أننا لو نظرنا في بعض الكتب المصنفة في العلل ككتاب ابن أبي حاتم والدارقطني وغيرهما ، لوجدنا أنه لم تقتصر على إخراج الأحاديث المعلولة على المعنى الخاص الذي تقدم في تعريف العلة من اشتراط الغموض وأنها لا تعرف إلا بعد جمع الطرق ، بل ربما أوردوا فيها الحديث المعلول بمعناه الواسع إما بسبب كذب راويه أو فسقه أو غفلته أو تدليسه أو نكارة متنه ونحو ذلك . والله أعلم .
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

  6. #6

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوعاصم أحمد بلحة مشاهدة المشاركة
    نفع الله بكم.
    شكر الله مروركم الكريم .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    موفق شيخنا إن شاء الله
    آمين ، جزاكم الله خيرا .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو آدم البيضاوي مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا
    وجزاكم مثله أخانا الفاضل .

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,412

    افتراضي

    بارك الله في جهودكم.
    بحث طيب.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    بورك فيكم ، ونفع بكم .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا ، وهناك علة في وقتنا الحالي وهي عندما يتعالم بعض طلاب العلم على علماء الحديث!! الله المستعان
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    نعم ، الله المستعان .

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وهذا له علاقة :
    http://majles.alukah.net/t124758/

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •