السؤال:
بعض إخواننا جزاهم الله خيرا أنشأوا صفحات على الفيس والتويتر والواتس ويقومون فيها بالإعلان عن جنائز مدنهم ، ويرسلون كذلك رسائل جوال لأصدقائهم من أجل الدلالة على الصلاة على الجنائز، فهل هذا العمل يعتبر من النعي المنهي عنه ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
النعي ثلاثة أقسام : محرم ، ومكروه ، ومباح .
فالنعي المحرم : وهو الذي يكون كنعي أهل الجاهلية ، القائم على النداء بذلك في المحافل العامة مع ذكر مفاخر الميت ومآثره ، أو أن يصاحبه نحيب أو عويل أو جزع .
والمآثر : ما يتعلق بصفات الميت نفسه ، والمفاخر: ما يتعلق بنسبه . ينظر: " حاشية الجمل على المنهج " لزكريا الأنصاري (3 / 687).
والنعي المكروه : هو الإعلام بموته بالنداء ، ورفع صوت من غير ذكر للمفاخر والمآثر .
وأما النعي المباح: فهو الإعلام المجرَّد بموت الميت من غير نداء .
ودلائل السنة تدل على جواز القسم الأخير من أقسام النعي ؛ كما في نعي النبي صلى الله عليه وسلم للنجاشي ، ولشهداء مؤته ، وغيرهم .
وقد سبق نقل كلام أهل العلم الدالة على ذلك في جواب السؤال : (60008) .
قال الكاساني : " وَلَا بَأْسَ بِإِعْلَامِ النَّاسِ بِمَوْتِهِ مِنْ أَقْرِبَائِهِ وَأَصْدِقَائِهِ وَجِيرَانِهِ لِيُؤَدُّوا حَقَّهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ ، وَالدُّعَاءِ وَالتَّشْيِيعِ ، .. وَلِأَنَّ فِي الْإِعْلَامِ تَحْرِيضًا عَلَى الطَّاعَةِ ، وَحَثًّا عَلَى الِاسْتِعْدَادِ لَهَا ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْإِعَانَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ، وَالتَّسَبُّبِ إلَى الْخَيْرِ ، وَالدَّلَالَةِ عَلَيْهِ".
انتهى من "بدائع الصنائع" (3/207).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/402) : " يجوز دعاء أقارب الميت وأصحابه وجيرانه إذا توفي من أجل أن يصلوا عليه ، ويدعوا له ، ويتبعوا جنازته ، ويساعدوا على دفنه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أصحابه لما توفي النجاشي رحمه الله بموته ليصلوا عليه " انتهى .
ثانياً :
لا بأس بالإعلان والإخبار عن وفاة الإنسان من خلال وسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر والواتس آب وغيرها ، أو من خلال البريد الإلكتروني ورسائل الجوال ، إذا كان المقصود من ذلك إعلام الناس لشهود صلاة الجنازة ، أو الدعاء للميت والاستغفار له ، أو لتعزية أهله به ؛ لأن ذلك وسيلة لتلك الصالحات.
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن الإعلان في الصحف عن الأموات ؟
فقال: " لا نعلم فيه شيئًا، من باب الخبر".
انتهى من "مسائل الإمام ابن باز" لابن مانع (ص: 108) .
وقال الشيخ ابن عثيمين:" وأما الإعلان عن موت الميت : فإن كان لمصلحة مثل أن يكون الميت واسع المعاملة مع الناس بين أخذ وإعطاء ، وأعلن موته لعل أحداً يكون له حق عليه فيقضى أو نحو ذلك : فلا بأس" انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (17/461).
وقال الشيخ ابن جبرين : " لا بأس بنشر الخبر عن وفاة بعض الأشخاص المشهورين بالخير والصلاح ، ليحصل الترحم عليهم والدعاء لهم من المسلمين ، ولكن لا يجوز مدحهم بما ليس فيهم ، فإنَّ ذلك كذب صريح " انتهى من "فتاوى إسلامية" (2/106).
والله أعلم .
http://islamqa.info/ar/231029