أنواع القلوب في القرآن !!!
ثمانية قلوب سليمة وإثنا عشر قلباً مريضاً ...
أما القلوب السليمة فهي :
1 ــــ القلب السليم :
قال ابن القيم في كتابه الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي :
فالقلب السليم هُوَ الَّذِي سَلِمَ مِنَ الشِّرْكِ وَالْغِلِّ وَالْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَالشُّحِّ وَالْكِبْرِ وَحُبِّ الدُّنْيَا وَالرِّيَاسَةِ ، فَسَلِمَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ تُبْعِدُهُ عَنِ اللَّهِ ، وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ شُبْهَةٍ تُعَارِضُ خَبَرَهُ ، وَمِنْ [ ص: 122 ] كُلِّ شَهْوَةٍ تُعَارِضُ أَمْرَهُ ، وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ إِرَادَةٍ تُزَاحِمُ مُرَادَهُ ، وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ قَاطِعٍ يَقْطَعُ عَنِ اللَّهِ ، فَهَذَا الْقَلْبُ السَّلِيمُ فِي جَنَّةٍ مُعَجَّلَةٍ فِي الدُّنْيَا ، وَفِي جَنَّةٍ فِي الْبَرْزَخِ ، وَفِي جَنَّةِ يَوْمِ الْمَعَادِ .
" إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ " [ سُورَةُ الشُّعَرَاءِ : 89 ] .
2 ــــ القلب المنيب :
قال ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين 1 / ص 145 :
فَالْمُنِيبُ إلَى رَبِّهِ يَتَذَكَّرُ بِذَلِكَ، فَإِذَا تَذَكَّرَ تَبَصَّرَ بِهِ، فَالتَّذَكُّرُ قَبْلَ التَّبَصُّرِ، وَإِنْ قُدِّمَ عَلَيْهِ فِي اللَّفْظِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [ الأعراف : 201 ] ، وَالتَّذَكُّرُ: تَفَعُّلٌ مِنْ الذِّكْرِ، وَهُوَ حُضُورُ صُورَةٍ مِنْ الْمَذْكُورِ فِي الْقَلْبِ، فَإِذَا اسْتَحْضَرَهُ الْقَلْبُ وَشَاهَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ أَوْجَبَ لَهُ الْبَصِيرَةَ، فَأَبْصَرَ مَا جُعِلَ دَلِيلًا عَلَيْهِ، فَكَانَ فِي حَقِّهِ تَبْصِرَةً وَذِكْرا ،
" مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ " [ سورة ق : 33 ]
3 ــــ القلب المخبت :
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه [ الروح : ص 232 ] .
والمخبت المطمئن فإن الخبت من الأرض ما اطمأن فإستنقع فيه الماء فكذلك القلب المخبت قد خشع واطمأن كالبقعة المطمئنة من الأرض التي يجري إليها الماء فيستقر فيها وعلامته .
" وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " [ سورة الحج : 54 ] .
4 ــــ القلب الوجل :
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين 1 / ص 508 :
أَمَّا الْوَجَلُ فَرَجَفَانُ الْقَلْبِ، وَانْصِدَاعُهُ لِذِكْرِ مَنْ يُخَافُ سُلْطَانُهُ وَعُقُوبَتُهُ، أَوْ لِرُؤْيَتِهِ.
وَأَمَّا الْهَيْبَةُ فَخَوْفٌ مُقَارِنٌ لِلتَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ، وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ مَعَ الْمَحَبَّةِ وَالْمَعْرِفَةِ . وَالْإِجْلَالُ: تَعْظِيمٌ مَقْرُونٌ بِالْحُبِّ.
فَالْخَوْفُ لِعَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْخَشْيَةُ لِلْعُلَمَاءِ الْعَارِفِينَ، وَالْهَيْبَةُ لِلْمُحِبِّينَ، وَالْإِجْلَالُ لِلْمُقَرَّبِين َ، وَعَلَى قَدْرِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ يَكُونُ الْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « إِنِّي لَأَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ، وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً » وَفِي رِوَايَةٍ " خَوْفًا " وَقَالَ : « لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَات تجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى »
"وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ " [ سورة المؤمنون : 60 ]
5 ــــ القلب التقي :
قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى :
وَفِي حَدِيثٍ مَأْثُورٍ : { مَا وَسِعَنِي أَرْضِي وَلَا سَمَائِي وَوَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ النَّقِيِّ التَّقِيِّ الْوَدَاعِ اللَّيِّنِ } وَيُقَالُ : الْقَلْبُ بَيْتُ الرَّبِّ وَهَذَا هُوَ نَصِيبُ الْعِبَادِ مِنْ رَبِّهِمْ وَحَظُّهُمْ مِنْ الْإِيمَانِ بِهِ كَمَا جَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ قَالَ : إذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَعْلَمَ كَيْفَ مَنْزِلَتُهُ عِنْدَ اللَّهِ ؟ فَلْيَنْظُرْ كَيْفَ مَنْزِلَةُ اللَّهِ مِنْ قَلْبِهِ ؟ فَإِنَّ اللَّهَ يُنْزِلُ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ حَيْثُ أَنْزَلَهُ الْعَبْدُ مِنْ قَلْبِهِ .
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [ سورة الحج : 32 ] .
6 ــــ القلب المهدي :
جاء في تفسير الطبري 23 / ص 12 ، تفسير قوله تعالى : " وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ "
حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عُثْمَانَ الرَّمْلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ عَلْقَمَةَ وَهُوَ يَعْرِضُ الْمَصَاحِفَ ، فَمَرَّ بِهَذِهِ الآيَةِ : {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}. قَالَ : هُوَ الرَّجُلُ ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ.
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، فِي قَوْلِهِ : {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يُهْدِ قَلَبَهُ}. قَالَ : هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ ، فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَيُسَلِّمُ لَهَا وَيَرْضَى.
7 ــــ القلب المطمئن :
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين 2 / 512 :
قال الله تعالى : الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب الرعد : 28 وقال تعالى : يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي الفجر : الطمأنينة سكون القلب إلى الشيء وعدم اضطرابه وقلقه ومنه الأثر المعروف : الصدق طمأنينة والكذب ريبة أي الصدق يطمئن إليه قلب السامع ويجد عنده سكونا إليه والكذب يوجب له اضطرابا وارتيابا ومنه قوله : البر ما اطمأن إليه القلب أي سكن إليه وزال عنه اضطرابه وقلقه وفي ذكر الله ها هنا قولان : أحدهما : أنه ذكر العبد ربه فإنه يطمئن إليه قلبه ويسكن فإذا اضطرب القلب وقلق فليس له ما يطمئن به سوى ذكر الله ثم اختلف أصحاب هذا القول فيه .
8 ـــــ القلب الحي :
قال بعض العارفين : مساكين أهل الدينا خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها قيل : وما أطيب ما فيها قال : محبة الله والأنس به والشوق إلى لقائه والتنعم بذكره وطاعته
وقال آخر : إنه ليمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب .
وقال آخر : والله ما طابت الدنيا إلا بمحبته وطاعته ولا الجنة إلا برؤيته ومشاهدته وقال أبو الحسين الوراق : حياة القلب في ذكر الحي الذي لا يموت والعيش الهني الحياة مع الله تعالى لا غير .
ولهذا كان الفوت عند العارفين بالله أشد عليهم من الموت لأن الفوت انقطاع عن الحق والموت انقطاع عن الخلق فكم بين الانقطاعين
وقال آخر : من قرت عينه بالله تعالى قرت به كل عين ومن لم تقر عينه بالله تقطع قلبه على الدنيا حسرات .
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ سورة ق 37 ] .