قال ابن بطال:"حدثنى يونس بن عبد الله ، قال : حدثنا أبو عيسى يحيى بن عبد الله ، قال : حدثنا سعيد بنفحلون ، قال : حدثنا أبو العلاء عبد الأعلى ابن معلى ، قال : حدثنا عثمان بن أيوب ، قال : حدثنى يحيى بن يحيى ، قال : أول ما حدثنى مالك بن أنس حين أتيته طالبًا لما ألهمنى الله إليه فى أول يوم جلست إليه قال لى : اسمك ؟ قلت له : أكرمك الله يحيى ، وكنت أحدث أصحابي سنًا ، فقال لى : يا يحيى ، الله الله ، عليك بالجدِّ فى هذا الأمر ، وسأحدثك فى ذلك بحديث يرغبك فيه ، ويزهدك فى غيره ، قال : قدم المدينة غلام من أهل الشام بحداثة سنك فكان معنا يجتهد ويطلب حتى نزل به الموت ، فلقد رأيت على جنازته شيئًا لم أر مثله على أحد من أهل بلدنا ، لا طالب ولا عالم ، فرأيت جميع العلماء يزدحمون على نعشه ، فلما رأى ذلك الأمير أمسك عن الصلاة عليه ، وقال : قدموا منكم من أحببتم ، فقدم أهل العلم ربيعة ، ثم نهض به إلى قبره ، قال مالك : فألحده فى قبره ربيعة ، وزيد بن أسلم ، ويحيى بن سعيد ، وابن شهاب ، وأقرب الناس إليهم محمد بن المنذر ، وصفون بن سليم ، وأبو حازم وأشباههم وبنى اللَّبِن على لحده ربيعة ، وهؤلاء كلهم يناولوه اللَّبِن ، قال مالك : فلما كان اليوم الثالث من يوم دفنه رآه رجل من خيار أهل بلدنا في أحسن صورة غلام أمرد ، وعليه بياض ، متعمم بعمامة خضراء ، وتحته فرس أشهب نازل من السماء فكأنه كان يأتيه قاصدًا ويسلم عليه ، ويقول : هذا بلغني إليه العلم ، فقال له الرجل : وما الذي بلغك إليه ؟ فقال : أعطاني الله بكل باب تعلمته من العلم درجة في الجنة ، فلم تبلغ بى الدرجات إلى درجة أهل العلم ، فقال الله تعالى : زيدوا ورثة أنبيائي ، فقد ضمنت على نفسي أنه من مات وهو عالم سنتي ، أو سنة أنبيائي ، أو طالب لذلك أن أجمعهم في درجة واحدة فأعطاني ربى حتى بلغت إلى درجة أهل العلم ، وليس بيني وبين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلا درجتان ، درجة هو فيها جالس وحوله النبيون كلهم ،ودرجة فيها جميع أصحابه ، وجميع أصحاب النبيين الذين اتبعوهم ، ودرجة من بعدهم فيها جميع أهل العلم وطلبته ، فسيرني حتى استوسطتهم فقالوا لي : مرحبًا ، مرحبًا ، سوى ما لي عند الله من المزيد ، فقال له الرجل : ومالك عند الله من المزيد ؟ فقال : وعدني أن يحشر النبيين كلهم كما رأيتهم في زمرة واحدة ، فيقول : يا معشر العلماء ، هذه جنتي قد أبحتها لكم ، وهذا رضواني قد رضيت عنكم ، فلا تدخلوا الجنة حتى تتمنوا وتشفعوا ، فأعطيكم ما شئتم ، وأشفعكم فيمن استشفعتم له ، ليرى عبادي كرامتكم علىَّ ، ومنزلتكم عندي . فلما أصبح الرجل حدث أهل العلم ، وانتشر خبره بالمدينة ، قال مالك : كان بالمدينة أقوام بدءوا معنا في طلب هذا الأمر ثم كفوا عنه حتى سمعوا هذا الحديث ، فلقد رجعوا إليه ، وأخذوا بالحزم ، وهم اليوم من علماء بلدنا ، الله الله يا يحيى جد في هذا الأمر"
ما صحة هذا الأثر؟