حياك الله اخي حيكم
فتح الله علي و عليك
قلت اخي الكريم ( اذ لو ادركه و كان كمالا لاضافه الى الله قبل ورود النص "
غير دقيق إذ حتى لو أدرك كون هذا المعنى كمال لا يضاف إلى الله تعالى إلا إذا دل عليه الشرع ومنه الصفات السبع التي يثبتها الأشاعرة فهي عقلية خبرية دل عليها العقل والخبر فتنبه لهذا فالقاعدة أنه لا يجوز إضافة شيء إلى الخالق سبحانه دون دلالة النص عليه لأن الباب باب غيبي محض لا دخل للعقل في الحكم فيه على الخالق لاعتبارات أنت وأنا نعلمها لا نطيل بذكرها, وقد صرحت أنت بهذا بعد تلك العبارة فأشبه كون كلامك بعدُ يناقض كلامك قبلُ )
جوابه
الكلام في هذا الموضع ليس في الكمال المدرك بالعقل قبل مجيء النص . و انما الكلام على الكمال الذي تضمنه النص يعني الكمال الذي يجب لله في حال من الاحوال ما دام ان الصفة فعلية تابعة للمشيئة
فهذا الكمال بعينه لا يدركه العقل اذ لو ادركه لاثبته لله قبل ورود النص
فالكمال الذي تضمنته الصفة يعلم بالنص المحض الذي لا دخل للعقل فيه . اذ ليس ذلك من ادراكاته ما دام غيبيا
فيجب ان تتنبه ان ادراك المرء لهذه المعاني متعلقة بالمخلوق و حكمه عليها بالعيب و النقص لا يمنع ان يكون لها كمالا يليق بالله عز وجل لا يدرك بالعقل و انما يدرك بالنص المحض .
قلت /
2-قولك عزيزي : "
هل ينفي العبد البكاء عن الله لاجل انه ادركه مستلزم للضعف و هو مضاف للمخلوق ؟ "
لا ليس بهذا القيد فقط : بل بكونه نقص محض لو أضيف للخالق أو ترتب عليه نقص في حقه سبحانه من أي وجه من الوجوه لكماله سبحانه
جوابه /
يكون بسؤال - كيف ادركت انه نقص محض اباضافته للمخلوق ام باضافته للخالق
ان قلت باضافته للمخلوق .
قلت / فقد ادركت العجب و الضحك و الملل و هو ناقص معيب بتعلقه بالمخلوق . لم تدرك فيه كمالا يليق بالله عز وجل قبل ورود النص
فهل يليق بك ان تحكم عليها بالاستحالة على الله قبل ورود النص الذي به علمت به الكمال اللائق
فان فرقت بينها و بين البكاء - فقلت البكاء لا يكون الا نقصا لاني لم اره في المخلوق الا وهو مستلزما للضعف
و ممكن ان تاتي هذه الصفات في حال من الاحوال بكمال يليق بالله عز وجل
قلت - هذا الكمال الذي يليق بالله هل ادركته قبل مجيء النص
ان قلت - لا
قلت - فكيف حكمت بوجود ما لم تدركه قبل ورود النص
مع انك لا تدرك هذه المعاني الا وهي ناقصة عند تعلقها بالمخلوق
قولك
صفة الكبر نقص محض في المخلوق وهي صفة كمال في الخالق فأنت ترى تباين الصفة بمجرد الإضافة وأن المعتبر هو كونها صفة كمال لا نقص فيه في الخالق لو اتصف بها لا كونها صفة نقص محض في المخلوق فقط
جوابه /
صدقت اخي الكريم .
لكن هذا لا يتمشى مع من علل نفي صفة البكاء بالعقل لانه علمها و ادركها في المخلوق مستلزمة للنقص و العيب
فاذا كان المعتبر في اثبات الكمال فيها هو اتصاف الله عز وجل بها و ذلك لا يعلم الا بالنص
كان حكم العقل عليها بالاستحالة و المنع لانه لا يراها في المخلوق و لا يدركها الا وهي متضمنة للنقص حكم باطل
لانه لم يعقل منها الا ما عقله في المخلوق . فقاس الخالق على المخلوق .
فلما جاء الدليل على اثبات لله صفة كمال هي لو قامت بالمخلوق كانت نقصا
لزم ان لا يحكم باستحالة صفة و امتناعها لان العقل لا يدركها الا و هي متضمنة للنقص
ما بقي من جواب على كلامك يهم الاشكال /
هو قولك ( البكاء نقص محض لا كمال فيه )
امن نفس اللفظ
ام من تعلقه بالمخلوق
ان كان الاول ( نفس اللفظ ) اقول ان الذي حكم عليه بالاستحالة لم يحكم على اللفظ المجرد المطلق و انما حكم على اللازم ( الضعف و العجز ) المتعلق بالمخلوق . و جعل هذا اللازم المدرك يلزم لو جوزنا البكاء على الله . يعني ان نفس اللفظ انما ذم للازمه . لم يذم في نفسه كالجهل و الظلم و الكذب الى غير ذلك
فان كان الثاني ( من تعلقه بالمخلوق ) فلا يلزم الامتناع و الاستحالة الا مع نوع قياس للخالق على المخلوق . فيجعل ما كان خاص بالمخلوق من قيام الصفة به خاصا لله تعالى . و هذه حجة كل ناف لم يعقل من خصائص صفات الله الا ما هو خاص بالمخلوق
و مع هذا فقولك ان البكاء نقص محض لا كمال فيه حكم منك على ما ادركته لا على ما غاب عنك فلم تدركه
فلخصمك ان يقول قد ادركت العجب و الملل و التردد و التاذي و الضحك نقص محض لا كمال فيه عند المخلوق و ذاك منتهى ادراكك
فلم لم تحكم عليها بالاستحالة فتجريها مجرى البكاء .
ان قلت لاجل النص - قلنا هذا دليل على انها قبل النص لم تكن ممتنعة مستحيلة
و هذا دليل على ان حكمك بالنقص المحض و هي متعلقة بالمخلوق
لا يلزم منه ان تكون كذلك لو اتصف الله بها
فان قلت الصفات الثابتة قد يدرك الكمال فيها و هي متعلقة بالمخلوق
قلنا كذلك البكاء قد يكون ممدوح و هو متعلق بالمخلوق و قد ضربنا مثالا لذلك
اما قولك ( صفات النقص المحض التي لا كمال فيها بوجه من الوجوه فلا تثبت في حق الله تعالى )
جوابه / ان هذا صحيح
لكنه يخصص بما نفاه النص . او بما كان مذموما في نفسه كالجهل و العجز و السهو و الكذب .
لا بما علم من لازمه المتعلق بالمخلوق . فمعلوم ان خصائص صفات الله تخصه كما ان خصائص صفات المخلوق تخصه
قلت اخي الكريم
(
قولك : "
قلت / فلم لم تحكم على المعاني الاخرى بالاستحالة و قد ادركتها في المخلوق مستلزمة متضمنة للنقص لم تدرك منها غير هذا "
هذا غلط لأننا ندرك منها ما هو كمال في حق المخلوق وليس في كل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ليس في اي شيء من ذلك ما هو صفة نقص محض بل منها ما هو كمال محض وما هو كمال في حال دون حال أو بتعبير آخر صفات كمال مقيد .
فكل الصفات التي ذكرت أنت تحتمل النقص إذا قيدت وأضيفت للمخلوق وتحتمل الكمال في حقه كذلك وليست صفات نقص محض في حق المخلوق دائما .
ولورود النص بإثباتها له سبحانه فتثبتها له تعالى في حال كونها كمالا لا نقص فيه لأجل أنه تعالى له المثل الأعلى أي الوصف الأعلى ( كما رجحه المفسرون ) لكمال ذاته سبحانه وتنزهه عن النقص وليس لنا غير ذلك ولقوله تعالى ليس كمثله شيء
[right]الجواب /
يعني هذا اقرار منك ان الصفات التي ذكرت تحتمل الكمال اذا اضيفت للمخلوق حتى البكاء
و جعلت مدار الاثبات الذي يدرك به الكمال اللائق بالله النص .
لكن عند عدم النص يا فاضل لا تحكم عليها بالاستحالة و المنع لاجل ما لزم من اتصاف المخلوق بها .
فالملل مثلا و لو كان على سبيل المقابلة لا يدرك المرء كمالا فيه يليق بالخالق
بل المرء يدرك الملل معيب ناقص على كل حال
و بالنص يدرك الوجه الذي جهله و غاب عنه فلم يدركه من انه يكون صفة كمال لله تعالى في محله
فحكمه الاول عليه قبل ورود النص لم يمنع ان يكون له معنى صحيح يليق بالله عز وجل يعلم بالشرع
فهذا هو عين الاشكال في البكاء كيف يحكم عليه بالاستحالة و الامتناع لاجل اننا ادركناه مستلزما للضعف اذا اتصف به المخلوق
و الله تعالى اعلم