تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: هل كفّر شيخ الإسلام ابن تيمية الفخر الرازي ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي هل كفّر شيخ الإسلام ابن تيمية الفخر الرازي ؟

    السؤال:
    لماذا حكم شيخ الإسلام بن تيمية على الفخر الرازي بالتكفير والردة ؟ ولماذا خصه هو بالذات من بين كل سائر علماء الأشعرية ؟
    الجواب:
    الحمد لله
    أولاً :
    الفخر الرازي (توفي سنة 606ه) هو أحد أئمة الأشاعرة الكبار ، وعلى كلامه يعتمد من جاء بعده من الأشاعرة .
    وكانت له زلات وسقطات عظيمة ، فقد مزج الفلسفة بعلم الكلام ، وكان كثير الحيرة والاضطراب والتناقض ، حتى وصل الأمر به إلى أن ألف كتاباً في السحر وعبادة النجوم ، سماه : " السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم " . وهو الكتاب الذي حكم عليه بعض العلماء بسببه أنه كفر وارتد عن الإسلام .
    غير أنه قد تاب ورجع إلى الإسلام ، وندم على ما كان منه من الدخول في علم الكلام والفلسفة ، وأخبر في وصيته أنه يموت على العقيدة التي يقررها القرآن الكريم والسنة النبوية .
    قال ابن الصلاح : أخبرني القطب الطّوعاني مرّتين ، أنه سمع فخر الدّين الرّازي يقول : يا ليتني لم أشتغل بعلم الكلام ، وبكى " انتهى من " شذرات الذهب " (7/41) .
    وذكر عنه ابن كثير رحمه الله في " البداية والنهاية " (17/11-12) رجوعه إلى مذهب السلف فقال : " وَقَدْ ذَكَرْتُ وَصِيَّتَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ ، وَأَنَّهُ رَجَعَ فِيهَا إِلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ ، وَتَسْلِيمِ مَا وَرَدَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُرَادِ اللَّائِقِ بِجَلَالِ اللَّهِ تَعَالَى " انتهى .
    وكذلك ذكر ابن القيم رحمه الله في أكثر من موضع من كتبه : أن الرازي " رجع إلى طريقة الوحي والآثار النبوية " .
    انظر : " الصواعق المرسلة " (3/1166) ، " اجتماع الجيوش الإسلامية " (ص 194) .
    وقال الحافظ الذهبي رحمه الله عن الفخر الرازي في ترجمته من " السير " ( 21/500) :
    " العلامة الكبير ذو الفنون فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين القرشي البكري الطبرستاني الأصولي المفسر ، كبير الأذكياء والحكماء والمصنفين ، كان يتوقد ذكاء ، وقد بدت منه في تواليفه بلايا وعظائم ، وسحر وانحرافات عن السنة ، والله يعفو عنه ، فإنه توفي على طريقة حميدة ، والله يتولى السرائر " انتهى .
    ثانيا :
    أما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فإنه ذكر كتاب الرازي في السحر وعبادة النجوم ، وذكر أن هذا كفر وردة عن الإسلام ، ولكنه ذكر في الوقت نفسه أنه قد تاب من ذلك .
    قال شيخ الإسلام رحمه الله : " من العجب أن يذكر – يعني الرازي - عن أبي معشر ما يَذُمُّ به عبادة الأوثان ، وهو الذي اتخذ أبا معشر أحد الأئمة الذين اقتدى بهم في الأمر بعبادة الأوثان ، لما ارتد عن دين الإسلام ، وأمر بالإشراك بالله تعالى وعبادة الشمس والقمر والكواكب والأوثان ، في كتابه الذي سماه : " السر المكتوم في السحر ومخاطبة النجوم " ....
    وقد ذكر فيه عن أبي معشر أنه عَبَدَ القمر، وأن في عبادته ومناجاته من الأسرار والفوائد ما ذكر ، فمن تكون هذه حاله في الشرك وعبادة الأوثان كيف يصلح أن يذم أهل التوحيد الذين يعبدون الله تعالى لايشركون به شيئًا، ولم يعبدوا لا شمسًا ولا قمرًا ولا كوكبًا ولا وثنًا ؟ بل يرون الجهاد لهؤلاء المشركين الذين ارتد إليهم أبو معشر والرازي وغيرهما مدة، وإن كانوا رَجَعوا عن هذه الردة إلى الإسلام ، فإن سرائرهم عند الله ، لكن لا نزاع بين المسلمين أن الأمر بالشرك كفر وردة ، إذا كان من مسلم ، وأن مدحه والثناء عليه والترغيب فيه : كفر وردة ، إذا كان من مسلم " انتهى من " بيان تلبيس الجهمية " (3/ 53-54) .
    وقال أيضا :
    " وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ : أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُصَنِّفُ فِي دِينِ الْمُشْرِكِينَ وَالرِّدَّةِ عَنْ الْإِسْلَامِ ، كَمَا صَنَّفَ الرَّازِي كِتَابَهُ فِي عِبَادَةِ الْكَوَاكِبِ وَالْأَصْنَامِ ، وَأَقَامَ الْأَدِلَّةَ عَلَى حُسْنِ ذَلِكَ وَمَنْفَعَتِهِ ، وَرَغَّبَ فِيهِ ، وَهَذِهِ رِدَّةٌ عَنْ الْإِسْلَامِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ تَابَ مِنْهُ وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ " .
    انتهى من " مجموع الفتاوى " (4/ 55).
    ويذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله توبة الرازي ويترحم عليه ويدعو له ، فيقول : " ما سلكه أهل البدع من أهل الفلسفة والكلام لا يصلون إلى علم ويقين، بل إنما غاية صاحبه الشك والضلال ، وهذا مما اعترفت به حذاقهم، وممن اعترف به أبو عبد الله الرازي رحمه الله في غير موضع من كتبه ، ولفظه في بعضها : " لقد تأملت الكتب الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ، ولا تروي غليلاً ، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن ، أقرأ في الإثبات : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) طه/ 5 و ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) فاطر/ 10 . وأقرأ في النفي : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) الشورى/ 11 ( وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) طه/ 110 . ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي " .
    وهذا قاله في آخر عمره في آخر ما صنفه ، وهو كثير التناقض ، يقول القول ثم يرجع عنه ، ويقول في الآخر ما يناقضه ، كما يوجد هذا في عامة كتبه ، تغمده الله برحمته ، وعفا عنه وسائر المؤمنين ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) وتوبته معروفة مشهورة " .
    انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (8/ 529-530) .
    وبهذا يتبين أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم يكفر الرازي تكفيراً مطلقاً ؛ إنما حكم بالكفرة والردة على بعض أحواله ، أو بعض مقالاته ، أو بعض تصانيفه .
    والعبرة إنما هي بما يموت عليه الإنسان ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالخواتيم ) رواه ابن حبان (340) ، وصححه الألباني .
    وقد كانت خاتمة الرازي حسنة ، حيث وفقه الله تعالى للتوبة والرجوع إلى مذهب السلف ، ولذلك كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يترحم عليه .
    ثم إن يجب التنبه إلى أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لا يكفر أحدا من الأشاعرة بسبب كونه أشعريا ، لا الرازي ولا غيره ؛ فإن شيخ الإسلام لا يكفر الأشاعرة ، بل يقول عنهم : إنهم " ليسوا كفارا باتفاق المسلمين " انتهى من " مجموع الفتاوى "(35/101) .
    والله أعلم .
    http://islamqa.info/ar/225849
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    976

    افتراضي

    احسنت على التفصيل وازالة اللبس .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الكيلاني مشاهدة المشاركة
    احسنت على التفصيل وازالة اللبس .
    بارك الله فيكم
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    المشاركات
    1,054

    افتراضي

    بارك الله فيكم ..
    ومهم جدا بيان موقفه أيضا من البكري والسبكي ... فياحبذا لو أن أحدا بين لنا كلامه رحمه الله تعالى .. فأنا قرأت أنه مع رده عليهما الشرك الذي دعَوَا له لم يكفرهما !

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    المشاركات
    1,054

    افتراضي

    وللفائدة العامة .. هذا نقل من رابط .. جزى الله كاتبه عنا خيرا ...

    ولم يكتف ابن تيمية بالتنظير في التحذير من التكفير والتحوط الشديد فيه, بل مارس ذلك في حياته العملية, فقد كان يخاطب علماء الجهمية الغلاة –وهم عنده قد وقعوا في الكفر المحقق– فيقول لهم: "أنا لو وافقتكم كنت كافرا لأني أعلم أن قولكم كفر, وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال, وكان هذا خطابا لعلمائهم وقضاتهم و شيوخهم وأمرائهم"([13]).
    ولم يكن يكفِّر تقي الدين السبكي, الذي اجتهد في بيان كون الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم جائزة, وعقد لبيان ذلك بابا قال فيه: "الباب الثامن في التوسل والاستغاثة به صلى الله عليه وسلم" وقرر فيه جواز الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم بعد موته بتفصيل مطول([14]), بل قال عن نفسه: "إن الله يعلم أن كل خير أنا فيه, ومنّ علي به, فهو بسبب النبي صلى الله عليه وسلم والتجائي إليه, واعتمادي في توسلي إلى الله في كل أموري عليه, فهو وسيلتي في الدنيا والآخرة"([15]).
    ومع هذا كله لم يكن ابن تيمية يحكم عليه بالكفر, بل كان يعامله معاملة المسلم, وكان يجله ويقدمه ويثني عليه كثيرا, ويعده من كبار علماء الإسلام, ولم يكن يعظم أحدا من أهل عصره كتعظيمه للسبكي([16]).
    فهل كان ابن تيمية محابيا في دين الله أو كان ممن دخلت عليه شبهة من الإرجاء أو كان فيه مادة من التجهم؟!!
    والأعجب من ذلك أنه لم يكن يكفر البكري, وهو من أشد العلماء الذين دافعوا عن الاستغاثة الشركية بالنبي صلى الله عليه وسلم, وناظر ابن تيمية فيها([17]), بل قال عنه: "لم نقابل جهله وافتراءه بالتكفير بمثله, كما لو شهد شخص بالزور على شخص آخر أو قذفه بالفاحشة كذبا عليه, لم يكن له أن يشهد عليه بالزور ولا أن يقذفه بالفاحشة"([18]).
    فهذه المواقف تدل على شدة احتياط ابن تيمية في باب التكفير وخوفه الشديد من الولوج فيه, ولو وُجد في زماننا هذا رجل مثل البكري أو السبكي لوجدت كثيرا من الشباب يسارع إلى تكفيره, ويتهم كل من لم يكفره بأنه مرجئ أو جهمي أو متخاذل!!.

    الرابط http://majles.alukah.net/t122117/

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2015
    المشاركات
    9

    افتراضي

    بارك الله فيك

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    بارك الله فيكم .
    ومن النقولات عن شيخ الإسلام في حق الرازي ( مجموع الفتاوى 16 / 213 - 214 ) :
    وهكذا الجهمية ترمي الصفاتية بأنهم يهود هذه الأمة . وهذا موجود في كلام متقدمي الجهمية ومتأخريهم مثل ما ذكره أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي الجهمي الجبري وإن كان قد يخرج إلى حقيقة الشرك وعبادة الكواكب والأوثان في بعض الأوقات ، وصنف في ذلك كتابه المعروف في السحر وعبادة الكواكب والأوثان ، مع أنه كثيرا ما يحرم ذلك وينهى عنه متبعا للمسلمين وأهل الكتب والرسالة ، وينصر الإسلام وأهله في مواضع كثيرة ،كما يشكك أهله ويشكك غير أهله في أكثر المواضع . وقد ينصر غير أهله في بعض المواضع . فإن الغالب عليه التشكيك والحيرة أكثر من الجزم والبيان .أهــ


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •