تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: إلهام قلم رصاص

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    28

    افتراضي إلهام قلم رصاص

    بسم الله والحمد لله وصلى الله على نبينا محمد المبلغ عن ربه كلام ربه وعلى آل بيته وأصحابه الأطهار الأبرار.
    أما بعد: فهذه سلسلة من خواطرقلم رصاص جاد الله به على صاحبه وأجرى مداده بإذنه سبحانه وتعالى والله أسأل أن يتقبله منه وأن يلهمني فيه رشده.


    [مرحلة إنشاء الأبكار]
    ما فرحت بشيء مما أكتبُ أشدّ فرحًا من إنشاء عدة أسطر من وحي الخواطر ومن إلهام قلم رصاص قد أذِن اللهُ له بالحديث عن مكنون النفس، حينها أكون كأنما خاويتُ ابنتي وعققتُ لها بشاة وخاويتُ أخاه وعققتُ له بشاتين.
    هو كإحساس رجل جاهلي النخوة، قرشي القبيلة إذا بُشّر بولدٍ وُلد لتِمام إلى أن يكبر هذا الولد فيصير شابًا يافعًا فيشدو من الشعر ما يشدو، فيباهي به هذا الجاهلي في مقامات الناس وأنديتهم.
    حين يذحج (يرمى به) هذا المولود الصالح أكون أنا مسقط رأسه لا أحد يشهد معي مخاضه (وجع ولادته)، هو مخاض قلم رصاص وصاحبه، ولا أحد يسمع طلقه ونزغة الشيطان له إلا أنا.
    حينما يستهل صارخًا أعاجله بالتكبير في أذنه وبسؤالي الله أن يكون من المخلصين له، وأن لا يكون للشيطان في حظه منه شيء.
    كيف لا وهو ابني البكر!
    وكل ُّكلام السّفرة في نظر بعضهم أبكار.
    وإن من الكلام البكر لما يفتن صاحبه كما إن من الولد لما يفتن أباه.
    فحقّ لصاحبه بأن يعق عنه حتى لا يعقه كلامه إذا هرم وكبر.
    وحقّ لصاحبه بأن يعوّذه بالله حتى لا يُعان صاحبُه بأن يقول مثله فيما بعد.
    وحق له بأن يُؤذن في أذنيه بالتكبير لله حتى يأذن الله لنجاة صاحبه.


    [مرحلة الاقتباس]
    وحينما أقتبس من غيري وأكثر من ذلك هو نفسه إحساس الرجل الجاهلي إذا بشّر بالأنثى يمتعض إذا أكثرت بعلُه من ذلك ولم تلد له الرجال الأبكار، ويسود وجهه عند قَرَأَته وهو يعلم انتقاصهم له ومع هذا هو كظيم لا يستطيع أن يدفع عن نفسه نظرة الناظرين له ولكلامه.
    وأي سعادة يسعد بها المرء حينما يلد قلمه أحرفا ليس فيها لغيره منها شيءٌ، لم يشرك قلمه فيها لأحد سواه، عند ذلك تكون هذه الأحرف خالصة لصاحبها مدى الدهر.
    كيف لا! وهي التي كانت سببا في ترحم ودعاء الناس له حينما يطالعونها، فتسلّ دعوة من قارئها لا يستطيع دفعها عن نفسه ولا إيصالها إلا لصاحب كلامها الأول.
    وإن القلم ليحزن، وإن الخاطر ليفجع إذا أماته صاحبه بثجِّه (الصبّ بكثرة) مدار غيره.


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    28

    افتراضي

    [نشء الكتبة كنشء الأطفال]
    حينما يفعل ولدك النشء الصغير فعلاً حسنًا فإنه يحب أن يفعله أمامك أو ينتظر حضورك بعد أوبةٍ؛ لكي يعرضه عليك، فإذا أخذ صنيعه هذا منك مأخذًا حسنًا، فالحكمة تقتضي أن تثني عليه ثناء يدفعه إلى فعل الحسان، وإذا أساء وأخطأ فالحكمة تقتضي أيضا أن لا تسوؤه سوء الإسفاف بل الصواب أن يُقوّم خطؤه بالحلم والقول الحسن.
    وإن من الثناء لما يدفع بالنشء الصغير من حضيض الأرض إلى أعالي السماء، وهذا ليس نفاقًا بل مرحلته تقتضي الثناء عليه لدفعه من الحسن إلى الأحسن، ومن الخطأ إلى الصواب.
    وهكذا ناشئة الكتبة (الذين يستشفّ منهم حذق هذه الصنعة) في أوائل ما يكتبون يحتاجون إلى بعض الثناء الحسن وبعض التقويم البعيد كل البعد عن الإسفاف لهم، وهذا مجرّب فبحصول الناشيء على مدحة له من كاتب كبير أو متقدم عنه في الكتابة؛ تجعله يواصل العمل الدؤوب في المطالعة والتحصيل لكي يثبت له ولغيره من كبار الكتبة أنه يحسن ما يحسنون بل أحيانا يفوقهم.
    وإن من الشحّ والضنانة أن يبيت الرجل شبعان وجاره جائع، فكذلك من الشح أن يعلم متقدمو الكتبة في نشئهم خيرًا، ثم يضنّون بثنائهم عليهم، ويحجرون عليهم كل وصف حسن يدفعهم دفعًا إلى الإمام.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    28

    افتراضي

    [لا تخرج كراريسك الغريرة]
    إن النفس قد جعلت في شِرَّة الشباب لها قابلية للإقدام على جِسام الأمور الكبار التي يوقف لها مخلع الأضراس ومسقط الثنايا = جوامعَ عقله ولُمَّةَ شعثِه، ويظل يمجُّ خاطره بلحم نواجذه، ويعرضه على مصفاة حِجاه (عقله) حتى تستوي له القالة والمقالة على مِنَصَّة المذياع فيكشف عنها الحجب وينفض عنها تراب القِدم، فيتهيأ الجلساء والمارَّة عن غير سابقة معاد؛ للإصغاء إليه وتعطل الأسواق والبيوع؛ فترسل الأبصار والأسماع إلى منصة حديثه؛ لتقبل رأسه ولتبأبئه نفوسهم ولتكمل حديثه فوق مصنته. وإذا كتب دار مزبوره في محاريب الناس ومقاماتهم، يتلذذون بمكتوبه كما يتلذذ المحب بالنظر إلى محبوبه.
    وإن من طراوة الشباب وإقدامه أن يخرج الغرير (غير المجرب) كراريسه ومداد أقلامه القديمة غير المنقحة على منصة أكابر الناس -وهي عورة مكتملة الأركان- فيلقي أمامَ محفلٍ محاطٍ بلفيف من السادة العلماء والأدباء = مدادَ قلمٍ قديمٍ قد كُتب في غرارة أيام الطلب الأولى على بزَّته القديمة، أو يذيعه في الناس بأي صورة كانت، دون إعادة النظر فيه بالإصلاح وحسن المعارضة والمقابلة والحذف والإبقاء، ولقد كان لأسلافنا في كتبهم إخراجتان: مسودة ومبيضة، أو أكثر كما فعل ابن دريد في جمهرة اللغة. وعرفت ظاهرة غسل مداد الكتب الغريرة وسلخ أسماء مؤلفيها، أو حرقها وذرّ رمادها في الهواء، وهكذا كان صنيع كبار الشعراء فيما قرضوا من شعرهم تمنى أحدهم أن يصفو له من ذلك قدرٌ مصقول ويغسل ما أنكرته قريحته بعد كبر ورسوخ علم واستقرار نفس.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    28

    افتراضي

    [أحب الكتب إلى قلبي وحالي إذا فقدته]
    وألصق كتاب إلى نفسي هو كتاب أكثرت من وشمه بحبر مدادي وعشتُ معه في ورق الشباب وبلّته فمضينا من غيسان شبابنا أطيب العمر وأزهره فبعدما كنّا طريرين تَبَبْنا (شِخْنا) معًا في صندوق غرفتنا، يحدّق أحدنا إلى رفيق دربه كما تحدق المرأة إلى زوجها وقد طعنت وزوجها في العمر وأحدهما على فراش الموت ينتظر أحدهما الآخر أن يعدد نعم صاحبه ومحاسنه عليه.
    فيعلوني وصاحبي الخبوت والسكينة، فأذكّره بدَرَجان مشيتنا وتأبط أحدنا الآخر يوم أن عتقته من أحد أروقة الكتبية وصار الولاء لي، وأقول له معدّدًا نعمه عليّ: والله لقد نعِمتْ عيني وطاب ماؤها بالنظر إليك طيلة اجتماعنا في ظلال غرفتنا ولقد صرتَ أنت قرةَ العين وقريرها، وأنت تعلم أني ما طال نظري إلى أحد مثلما طال نظري إليك حتى ذهب مني صفاء الكريمتين والله لنعم الرفيق أنت! ولنعم النديم أنت!.
    فيقول لي: ما لي أرى من أزيز كلامك ولحن قولك إلا وقد أذنت بالبين.
    فأقول له: إذا مليء الكوب فقد فاض وإذا طمّ البئر فلا ماء.
    فيجهش كلانا بالبكاء وتنسكب منا العبرات حتى لا يكاد أحدنا يجرض ريقه من جريض (غُصّة) الفراق، فيقول لي مصبرًا إياي: والله لأنت سيدي إن الولاء لمن أعتق، إن الولاء لمن أعتق.






  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    28

    افتراضي

    [لا تبع كتابا وضعت فيه قلمك]
    وإذا ألجأتك الضرورة لبيع بعض كتبك فنحّ من قائمتك كتابًا وضعت فيه قلمك وسطرتَ فيه سوانحك واعترضت فيه على صاحبه واستدركت فيه على مؤلفه، أو كتبت في طرته اسمك أو أرّخت فيه مبتدأ قرائتك له، ووقت انتهائك منه، أو أكثرت فيه من البلاغات والتصحيحات والمقابلات على أصل أحد الأشياخ الثقات، ولا تبع كتابا شُرح لك، أو كنت شارحه أنت، أو كان رفيقك في سفر، أو ضجيعك على أريكة، أو أهداه إليك أحد الأعلام الكبار ووقع لك عليه بخطه = حتى لا تولول عليه وتقرع سنَّ نادم إليه، وتهيم في كل وادٍ لكي تحصل عليه إلى أن تلبس الوبر والصوف ويقذفك الأطفال بالحجارة واللوف ويدعي عدم معرفتهم بك ذووك ويضحك عليك كتائب الكتبية الأشرار ومناسرهم ويجعلونك سمر حديثهم وفاكهة أنسهم.






  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    28

    افتراضي

    [أبيت اللعن يا بحرُ]
    يا لك من ملك متوّج -أبيت اللعن- يا بحر، وهل لك نظير على هذه البسيطة ؟!
    يا بحر إن الناس يتوجون الحيوانات والطيور فيجعلون لها ملكًا وقد غفلت أعينهم عنك يا بحر.
    ماذا أقول لك -أبيت اللعن- يا بحر، لقد توّجك قلبي وسوّدك عليهم وحلّاك بأحلى الحلى.
    يا بحر إني أنظر إليك فأستعبر الشجن والحنين والأشواق.
    يا بحر إن لكل شيء قلبا، انظر إلى اضطراب نبض قلبك إنه يتقلب مثل قلوبنا لكنّك فُقْتَ الأنام فلا ينقص إيمانُك بربك شيئا، تسبحه بالغدو والآصال، بالليل والنهار، تطيع أمره وتغضب لغضبه.
    الغرو كله في أمرك يا بحر -أبيت اللعن- إنك تجمع بين الأضداد إنك لمجلبة للأحزان والأفراح.
    إن الناس ينظرون إليك وكل منهم يحمل من لجَّتك على قدر معرفتهم بك، فلا يُنزلكَ قدرك إلا سائرٌ في الأرض، ناظرٌ عقبةَ المتقين.
    فهذا ينظر إليك فيتذكر أيام الصبا والملاعب الأولى، وهذا ينظر إليك فتذرف مآقي عينيه وتحمر أهدابها لذكريات حبيب جمعته مرآة قلبك النابض بالألفة والسعادة.
    وآخر ينظر إليك فيتفكر ويعتبر في مخلوق من مخلوقات الله العظام فيزدد إيمانه بربه الذي لا ينقصُ في قلبِك الزاخرِ منه شيءٌ.
    -أبيت اللعن- يا بحرُ جعلك الله مقبرةً للطغاة والظلمة فأغرقت بإذنه تعالى قوم نوح، وفرعون الذي طغى، جعلتَ الكافرَ بربك يتضرع إليه إذا ظنّكَ مغرقَه، فإذا اضطربت نبضات قلبك دعى ربه مخلصا إليه؛ تاركًا كلَّ ما كان يعبد في بره وكل متعلق بقلبه فيطلب منه النجاة منك يا ملك الأفلاك.
    الغرو كله فيك يا بحر، أبيت اللعن يا بحر.
    انظر إلى تراب شاطئك يا بحر، لا يساوي عند من يقف عليه شيئا، لكنّه يساوي عند غريقك ملء الأرض ذهبًا؛ ليفتدي به نفسه. لكنّه يساوي مالاً لبدًا عند مهاجر متعلق بشعار فلكه يترقب اللحظة التي ترسو فيه سفينته مرسى شاطئك؛ ليرجع إلى أهله وملاعب صباه، قل لي بربك يا بحرُ -أبيت اللعن- ما هو السر الذي أودعك ربك كل هذه الحسان؟
    ما هذا الكبرياء الذي يظهر على مرآة قلبك النابض! إنهم لا يستطيعون أن ينظروا إليك إلا وهم ناكسو رؤوسهم إليك، لا يرفع أحد رأسه في حضرتك، أأنت سماؤهم أم هم أرضك؟ !
    أبيت اللعن يا بحر، الغرو كله في أرض بحرك النابض المضطرب.
    لا أدري أي شيء أفضل؟ ! السماء التي رفعها الله بغير عمد، أم مرآة وجهك الذي لا يأتي إلا بالخير للمؤمنين، البادي جبهة ضيغم للمعتدين، المكفهر على الكافرين؛ أنك لمطأطئ رؤوسهم إليكَ إلا إذا غضبتَ وزمجرتَ وجهك لهم، حينئذ بأمرك ترفع وجوهم وأيديهم إلى خالقهم بالدعاء الصالح.
    ليت شعري من أفضّل السماء أم أنت يا بحر الخير؟
    لا لا لن أفضّل على هذه البسيطة أحدًا سواكَ يا بحر فأنت المتوّج فلتكن ملك البسيطة، فلتكن ملك البسيطة، أبيت اللعن يا بحر، أبيت اللعن يا بحر.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    28

    افتراضي

    [الشباب والهرم]
    قال لي القلم: إني أريد أن أكتب؟ قلت: عن أي شيء تريد أن تكتب؟
    قال: عن الشباب والهرم، عن الحداثة والكبر، فحدّثني عنهما بعدما بترتَ عقدك الثالث من عمرك.
    قلت له: ائتِ بالصحيفة وإني مُمْليكَ فاكتبْ وأحسن الإملاء. قال: أفعلُ إن قدر الله.
    قلت: أما الشباب فهو رأس ممتلئة بالآمال والأحلام، وقلبٌ ينبض فيه الصفاء فتجري فيه الدماء الحمراء فلا يعكر نعمانَها (حمارها) سؤرُ بغضاء ولا آجِنَةُ حسداء.
    هو الذي يستنطق بقلمه وحسّه ما تراه عينه وما لا تراه (خياله).
    يعيش في رأسه القرون ويبيت عنده العبر والدهور فيحادث الأعلام، ويشافه الآنام وقد بليتْ عظامهم وبقيت آثارهم، لكنه يستحضر منهم ما يريد ويجالسهم فيستفيد.
    فمن كان كذلك فهو الشاب اليافع ولو أَمْأَى عمرَه ولو جاءه النذير واكتسى كساء المقت ولو ذرأت مجاليه واحدودب ظهره وتأبط يدَه غيرُه ولو جعل العصا تُكأةً له.
    أما الشائخ يا خليلي: هو الذي لا يعرف غده من أمسه، هو الذي لا يعرف الصفاء فكلامُه مكدَّر، ولسانُه محجَّر، وقلبُه منكَّت.
    الشائخ: هو الذي لا يروي شجرةً أظلته. وشجرتُه ذاتُه، وظلُّه عمرُه، ورويُه عقلُه.
    الشائخ: هو الذي لا يجالس ويشافه قرونًا وحقبًا قد مضت وانصهرت.
    ولو لمع سواد شعره ولو كان أسيل الخدين، أحمر الديباجة مُعتدِل القَناةِ، سَوِيّ العصا، يتأبط غيرَه.

    [نحِّ قلمَك قلمَ غيرِك]
    لا تكثر بثجِّ (الصب الكثير) مدادِ غيرك فيما تكتب، فحبرك أولى وأغلى من حبره.
    لا تكثر من النقل إذا نقلتَ، وحاول تعلق عليه بكلام لك، وتكلم حتى نعرف من أنت فالصواب تُحمد عليه والخطأ تُقوّم فيه.
    إذا نقلتَ فاكتبْ الجزء والصفحة مع الناشر.
    ولو نقلت بالمعنى قلْ بتصرف أو بتصريف مني، ولو نقلت نقلا حرفيا ضعْ علامة التنصيص «».
    درِّبْ نفسَك على الإنشاء والكتابة فيما أنت مشغولٌ به.
    اجعلْ معك مفكّرة صغيرة أو عدة أوراق وقلمًا واكتب ما يعنّ لك من خواطر في طريقك، واستيقظ لو كنت نائما واكتب ما خطر لك لا تدري متى تأتي الإغارة على الجهل.
    فبعض الناس يريدون منا أن لا نستخدم من المعجم العربي إلا مادة (قول) قال يقولون، حتى الزعم إياك أن تستعمله فيما تكتب إلا إذا كان المقصود به القول كما في لغة بعض العرب، إياك أن تتيمم به التشكيك أو التخطئة.
    أما أن تسند القول إلا تاء الفاعل (قلتُ) فقولك مطلولٌ عليك. غير مقبول منك !
    تريدون أن تقتلوا فينا القول بعلم وعدل وإنصاف
    اطمئنوا سوف نستخدم كل مواد المعجم العربي وتقاليبها بتاء الفاعلية وغيرها، ما أتى علينا تباشير صبح بعد سبات بليل.

    [حالي مع الكتب الجديدة في مكتبتي]
    ومن لوازمي قبل أن يأتيني النوم أصفف مجموعة كبيرة من الكتب الحديثة والتي لم أتصفحها بعد على أريكة نومي، فلا يزال تناول أطراف الحديث بيننا حتى يحضرنا السبات والوسن معا فيعانق كلانا الآخر ونذهب في نومة قليلة لأن كتابي لا ينام إلا غِرارًا، وفي حضوره لا أمضمض عيني بنوم إلا لماما، وهو مع ذلك لا يفارقني حلم نومي فلا يزال يعارضني وأعارضه ويجادلني وأجادله حتى أؤب من موتتي الصغرى وأنا أحمله على يدي كما تحمل الأم طفلها الرضيع التي لا ترى في الدنيا أحسن منه منظرًا ولا أبهى منه صورةً، إلى أن أنزله من يدي منزلاً محفوفًا بأبهة الملك والأمراء؛ لأسطر ما دار بيننا من تناول الأحاديث والقصص وأنا أمين كل الإمانة في نسبة كلامي إلى كلامه فأعزو في كراريسي ما له عما هو لي، صريح مع قلمي إذا كانت غلبة سجال الحديث له فأنصفه في ذلك كل الإنصاف إلى أن تأتيه نوبة غلبتي له فأذكره بها وأقول له: هذه بتلك، فيضحك كلانا قائلين قالة أبي سفيان بن حرب: الحرب سجال، يوم لك ويوم عليك.

    [الحمار المنفوج الذي لا يكف عن النهيق]
    «لقد أغرب حمارك وأشرق أتانك». هو مثل لي.
    ومن الناس من تحتاج إلى أن تقول له: لقد أغرب حمارك، وأشرق أتانك حتى يعضّ أضراسه ويشحذ عقله وينصب ظهره؛ ليوقظ راكبه (شيطانه) والحمار الذي بداخلة إزاره، ويلبسه إكافه وسرجه، وهو مع حماره المغرّب وأتانه المشرّق لا يفرغ من نهقٍ، ألبتة؛ لأنه بصحبة شيطان وحماره إلى أن يشهد أذانَ صلاةٍ قد حضر وقتها، فيكف عن النهق قليلا، وحين يفرغ المؤذن من أذانه يعود مرة أخرى إلى نهقه وهكذا دواليك، فيألّب الساهرة كلها عليك ويذيع في الناس اعوجاج فكرك وطراوة نضجك حتى تصير أنت عمله الدارب. فإن قلت له: بلَّ ريقك، اخفض صوتك، إن أنكر الأصوات لصوت الحمير فلا يلتفت ويعلي أجراس النهيق، وكأنّه في مسابقة: (أفضل ناهق لا يفرغ من نهقه)! فلا تقع عينه إلا على أقذار الناس وما غفلت أعينهم عنه ولا يستنشق وحماره إلا دَفَر (نتن) الناس، ولو نظر إلى خروق ثوبه ورفأها وأحسن التئامها لكان خيرا له وأصلح، ولكنَّ الحمارَ المغرّب والأتان المشرّق لا يكف عن النهيق إذا حضره شيطانه.











  8. #8

    افتراضي

    بارك الله فيكَ ، و نفع بكََ !
    لى اعتراض على استعمالكَ لكلمة إلهام ، لا داعى لذكره !

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2011
    المشاركات
    28

    افتراضي

    حياك الله أخي
    لا بأس بها هي كعنوان كتاب (وحي القلم) للرافعي، بل على كلامك هذا كلمة وحي أشد، والوحي لغة هو الإعلام. ولا علاقة بالإلهام هنا الملهم والمحدث والفراسة إلخ.
    إلهام قلم أي إعلام قلم، وأنا قلت جاد الله به على صاحبه حتى لا يعترض علي معترض.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    بالفعل القلم يحركه خلجات القلوب لا أنامل الأصابع.

    أحسنت أحسن الله إليك ...
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •