الحمدُلله وحده، والصَّلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده... وبعد
ففي الحديث الصَّحيح عند مسلمٍ عن عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله وهو على المنبر يقول: ((وأعدَِّوا لهم ما استطعتم من قوَّةٍ)): ألا إنَّ القوَّة الرَّمي.. ألا إنَّ القوَّة الرَّمي.. ألا إنَّ القوَّة الرَّمي)).
فذكر أنَّ المقصود بالقوَّة ههنا :الرَّمي.
قال القرطبي رحمه الله: "إْن قيل: إنْ قوله (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) كان يكفي، فلِمَ خَصَّ الرَّمي والخيل بالذِّكر؟
قيل له: إنَّ الخيل لما كانت أصل الحروب وأوزارها التي عقد الخير في نواصيها، وهي أقوى القوَّة وأشدُّ العُدَّة وحصون الفُرسان، وبها يُجال في الميدان، خصَّها بالذِّكر تشريفًا، وأقسم بغبارها تكريمًا، فقال: ((والعاديات ضبحا)).
ولمَّا كانت السِّهام من أنجع ما يتعاطى في الحروب، والنِّكاية في العدو، وأقربها تناولاً للأرواح =خصَّها رسول الله بالذِّكر لها، والتَّنبيه عليها".
والفائدة التي يلحظها من عاش في هذا العصر، ورأى ما وصل إليه التطوُّر في القتال والأسلحة الفاعلة فيها =عَلِمَ مصداق ما قاله ؛ إذْ ما من سلاحٍ -غالبًا- في ذا العصر إلاَّ وهو قائمٌ على الرَّمي، بشتَّى أنواعه، وهو أقيم مقام السِّهام والرِّماح.
فالأسلحة الخفيفة والفرديَّة بأنواعها، من مدافع، وقذائف، وبنادق، وهاون، وقنابل يدويَّة... قائمةٌ -استخدامها- كلُّها على (استراتجيَّة) الرَّمي.
والأسلحة الجماعيَّة والثَّقيلة بأنواعها، كالصَّواريخ، والطَّائرات، والدبابات، والغازات، والقنابل الضخمة = قائمةٌ -استخدامها- كلُّها على (استراتجيَّة) الرَّمي.
نعم.. ثمَّة أمور لا رمي فيها لكنَّها قليلة.
فصلَّى الله عليك يا رسول الله، لم تنطق عن الهوى، وجمعنا بك في دار النَّعيم، مع الصِّدِّيقين، والأنبياء، والشُّهداء، والصَّالحين.