الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين.
وبعد، فلا شك أنَّ الصلاةَ أحدُ أركان الإسلام الخمسة، وعمودُ الدين، كما أنها العهدُ الذي بين العبد وربه.
لذا، كان واجبا على كل مسلم أن يتعلم من الصلاة شروطَها وأركانَها وواجباتِها، وإلا بطلت صلاتُه عياذا بالله!
فمن ذلك: الوضوءُ للصلاة، الذي هو أحد شروط الصلاة، فمن أخلَّ بشيء من فُروضِ الوضوء: لم يُقبل وضوءه، ومن لم يُقبل وضوءه، لم تُقبل صلاتُه.
ومن خلال هذا، فإن بعض المسلمين (للأسف) لم يزالوا يجهلون صفةَ الوضوءِ الصحيحِ، وذلك من خلال عدم تفريقهم بين غَسل الكفين وبين غسل اليدين في الوضوء.
فغسل الكفين في أول الوضوء سنة، وغسل سائر اليدين فرض لا يصح الوضوء إلا به.
وهذا ممَّا أجمع عليه أهلُ العلم.
كما قال تعالى: "يا أيها الذين أمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهَكم وأيديَكم إلى المرافق وامسحوا برؤسِكم وأرجلَكم إلى الكعبين" (المائدة ٦).
وقال : "لا تُقبل صلاةٌ بغير طُهُور، ولا صدقةٌ من غُلول"، وفي رواية: أنه رأى رجلا لم يَغسل عَقِبيْه، فقال: "ويلٌ للأعقاب من النار! أسبغوا الوضوء"، وفي رواية : أنه عليه الصلاة والسلام رأى رجلا توضأ، فترك موضعَ ظُفُرٍ على قدمه، فقال له: "ارجع، فأحسن وضوءك"، فرجع، ثم صلَّى، رواها كلها مسلم.
والاسباغ: هو الإنقاء مع تعميم أعضاء الوضوء بالماء.
يوضحه، أن بعض المسلمين إذا توضأ للصلاة: غسل كفيه عند أول وضوئه، ثم إذا وصل عند غسل يديه: اقتصر على غسل ساعديه وذراعيه دون غسل كَفَّيه!
وهو بهذا الفعل قد ترك فرضاً من فروض الوضوء الذي هو غَسل اليدين.
وصفة غَسْل اليدين الشرعي: هو غَسلها من أطراف أصابع الكفين إلى المرفقين.
أي: غسل الكفين والساعدين والذراعين جميعا.
فمن أخلَّ بشيء من ذلك، فوضوءُه باطلٌ، ومن بطل وضوءُه، بطلت صلاتُه.
وأمّا من كان جاهلا أو ناسيا أو عاجزا: فمعذور فيما مضى، ومأمور أن يتعلم الوضوء الصحيح فيما بقى.
وأما من كان عالما ذاكرا قادرا: فإن وضوءَه باطلٌ، وصلاتَه التي صلَّى بها باطلةٌ، وعليه القضاء كما هو قول جمهور أهل العلم، وقال بعض المحققين: لا تُقبل صلاتُه ولو قضاها، لأنه أبطلها عمدا، وعليه التوبة فقط.
لأجل هذا، فإنه يجب على أهل العلم، وطلاب العلم، وأئمة المساجد: أن يُبيِّنوا للمسلمين صفةَ الوضوء الشرعي الصحيح.
كما يجب على كلَّ أبٍ ومسئولٍ: أن يُعلِّمَ أهلَ بيته الوضوءَ الصحيح.
أما إذا سألت أخي المسلم عن وضوء النبي ، فهو ما أخبر به عثمان بن عفان : "أنه دعا بوَضُوء فأفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مرات، ثم أدخل يمينه في الوضوء، ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثا، ويديه إلى المرفقين ثلاثا، ثم مسح برأسه، ثم غسل كلَّ رِجْلٍ ثلاثا، ثم قال: رأيت النبي يتوضأ نحو وضوئي هذا، وقال : "من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يُحدِّثُ فيهما نفسَه غفر الله له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه.


وكتبه
الشيخ الدكتور
ذياب بن سعد الغامدي

(١٢/ ٩/ ١٤٣٦)