تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 41 إلى 50 من 50

الموضوع: تأملات في العقائد السلفية ... {فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} ... (2) مناقشة كلام شيخ الإسلام

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    70

    افتراضي رد: تصحيح العقائد السلفية ... {فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} ... (2) مناقشة كلام شيخ الإسلام

    الشيخ عيد(وفقك الله) لقدذكرت أثناءنقلك لكلام ابن القيم (رحمه الله):
    ((ولهذا ذكرها بعد الرد على من جعل له ولدا فقال تعالى"وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض"
    ملاحظة:الآية في سورة البقرة بلفظ ((الله)) بدل ((الرحمن)) (الآية 116 من سورة البقرة)

  2. #42

    افتراضي رد: تصحيح العقائد السلفية ... {فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} ... (2) مناقشة كلام شيخ الإسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبدالرحمن الطائي مشاهدة المشاركة
    بارك الله في الأخ الشيخ عيد فهمي على بيانه وجهده في حشد هذه النصوص الطيبة المباركة، غير أني أرى أنه حجّر واسعاً وما أنصف شيخ الإسلام ابن تيمية في مناقشته هذه، لذا سجلت هذه الملاحظات عسى أن تقع منه موقع الرضا.
    قول الأخ الفاضل عيد: هذا تأويل صريح للآية، ومخالف لما ورد عن السلف فيها، ونسبة هذا التفسير لجمهور السلف غير صحيح بل لا وجود له عن غير مجاهد ومقاتل وسوف نذكر ذلك في موضعه.
    قلت: هذا ليس تأويلاً، بل تفسير لسياق الآية، ولم يتفرد به شيخ الإسلام، بل ورد كذلك عن جهابذة كبار، كما سيأتي.
    ثم قولك: إنه لا وجود له عن غير مجاهد ومقاتل، فيه حصرٌ غير مرضي، فقد نقل هذا عن جمعٍ من السلف والخلف، كما في النقولات الآتية بعدُ.
    قوله: وكلام شيخ الإسلام رحمه الله يُرد عليه من وجوه:
    الأول: لا يعرف إطلاق وجه الله على القبلة لغة ولا شرعا ولا عرفا بل القبلة لها اسم يخصها والوجه له اسم يخصه فلا يدخل أحدهما على الآخر ولا يستعار اسمه له.
    قلت: هذه إن كانت من عند أخينا الشيخ عيد لم نقبلها منه ـ فنحن: القارئَ والكاتبَ ـ ممن لا أهلية له لمثل هذا النفي في مثل عصرنا هذا، وإن كان نقله عن الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، فكان ينبغي نسبة القول إليه، فذلك من بركة العلم.
    وعندها سنقول: إن كلام الإمام ابن القيم نفيٌ ينازع فيه، والله أعلم.
    وكذلك ما جاء في الوجه الثاني والثالث، فلعله مما اقتبسه الشيخُ من كلام ابن القيم، فَيَرِدُ عليه ما مرَّ آنفاً.
    قوله في الوجه الرابع: أن الأحاديث الصحيحة جاءت مفسرة للآية مشتقة منها، ثم ذكر ثلة من الأحاديث الطيبة في هذا المعنى.
    قلت: ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ ممن يَستدِلُّ بمثل هذا الأحاديث وغيرها على إثبات صفة الوجه لله تعالى، وما كانت خافية عليه، بل إنه ممن يستدل بالآية ذاتها على إثبات صفة الوجه له سبحانه.
    قوله في السادس: ما جاء عن الشافعي فهو وجادة للبيهقي بغير إسناد ومن أنعم النظر في الكلمة المنقولة عنه أيقن أنها ليست من كلامه وهي قوله: "فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ }يَعْنِي -وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- : فَثَمَّ الْوَجْهُ الَّذِي وَجَّهَكُمْ اللَّهُ إلَيْهِ" فما هذا بأسلوب الشافعي خاصة قوله: (والله أعلم) بين ثنايا كلامه، وكتبه شاهدة بذلك، ولعلها مدرجة بين ثنايا كلامه ممن روى عن المزني هذه النسخة أو مِن بعض مَن امتلكها فلا حجة فيها
    وعلى فرض ثبوتها -وهو بعيد- فالأولى حملها على التفسير باللازم لموافقة جمهور السلف الذين عدوها من آيات الصفات.
    قلت: على هذا الكلام مآخذ:
    منها: التشكيك بنسبة هذا الكلام للشافعي، بدعوى الوجادة، وهذا غريب جداً، فأي وجادة أثبت من وجادة البيهقي ـ أخبر الناس بمؤلفات الشافعي ـ، وهذا يجرنا للطعن بكثير مما هذا حاله!
    ومنها قولك « ومن أنعم النظر في الكلمة المنقولة عنه أيقن أنها ليست من كلامه » قلت: أنعمنا النظر فما أيقنا أنها ليست من كلامه!!
    وقولك: « فما هذا بأسلوب الشافعي خاصة قوله: (والله أعلم) بين ثنايا كلامه، وكتبه شاهدة بذلك »
    أقول استقرأتَ كتبَ الإمام الشافعي، فتوصلتَ إلى ذلك؟ أم هي رمية من غير رام؟ فكتب الإمام الشافعي مليئة بمثل هذا الأسلوب، فخذ ثلة من الشواهد على ذلك:
    قال الشافعي في «الأم» 1/40 ـ ط المعرفة : «فكان فَرْضُ الله الغُسلَ مطلقًا لم يذكر فيه شيئا يبدأ به قبل شيء، فإذا جاء المغتسِل بالغسل أجزأه ـ والله أعلم ـ كيفما جاء به ».
    وقال في «الأم» 1/71: «حكم الله عز وجل في كتابه أن فرض الصلاة موقوت، والموقوت - والله أعلم - الوقت الذي يصلى فيه وعددها ».
    وقال في 1/92: «وبهذا نأخذ، ومعناه عندنا - والله أعلم - على ما يعرف من مراح الغنم وأعطان الإبل أن الناس يريحون الغنم في أنظف ما يجدون من الأرض لأنها تصلح على ذلك والإبل تصلح على الدفع من الأرض فمواضعها التي تختار من الأرض أدقعها وأوسخها».
    وقال في 1/114: «ولو سجد على بعض جبهته دون جميعها كرهت ذلك له ولم يكن عليه إعادة لأنه ساجد على جبهته ولو سجد على أنفه دون جبهته لم يجزه لأن الجبهة موضع السجود وإنما سجد ـ والله أعلم ـ على الأنف لاتصاله بها ومقاربته لمساويها».
    إلى غير ذلك في عشرات المواضع.
    وليس بمثل ذلك تُرَدُّ النصوص الثابتة عن الأئمة.
    قوله في الوجه السابع: اعتماد قول مجاهد في تفسير الآية غير مقبول.
    قلت: نُقِل قول مجاهد كوجه من وجوه تفسير هذه الآية، ولم يَرُدَّه أحد على مجاهد، بل جعلوه وجهاً للاختلاف في تفسير الآية المذكورة.
    قوله في الثامن من الوجوه: قد توارد سلف الأمة الذين صنفوا في العقيدة خاصة على عدّ هذه الآية من آيات الصفات، فقول ابن تيمية السابق: ((ومن عدّها في الصفات فقد غلط)) فيه ما فيه، فقد عدّها في الصفات الإمام أحمد وابنه الإمام عبد الله بن أحمد والإمام عثمان بن سعيد الدارمي والإمام ابن خزيمة والإمام ابن بطة والإمام اللالكائي والإمام البربهاري والإمام الطبري والإمام ابن عبد البر والإمام ابن القيم والإمام السعدي وابن عثيمين وغيرهم كثير ممن سبقوه أو لحقوه أو عاصروه. فهل يقال: كل هؤلاء غلطوا وخالفوا جمهور السلف؟ ومَن السلف غيرهم؟
    قلت: شيخ الإسلام غلَّط من عدَّ هذه الآية من آيات الصفات، وصَدَقَ من وجهٍ ـ رحمه الله ـ ، غير أنه لم يُغلِّط من استدل بها على إثبات الوجه، فهذا لا يلغي جواز الاستدلال بهذا الآية في إثبات الوجه لله تعالى. إذ فرقٌ بين إثبات الصفة، وتوجيه معناها الوارد ضمن السياق، وهذا شبيه بقوله تعالى: ﴿فأتى الله بنيانهم من القواعد﴾ وقوله ﴿فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا﴾ وقوله سبحانه: ﴿ونحن أقرب إليه من حبل الوريد﴾ وقوله سبحانه: ﴿فأخذنا منه باليمين﴾ وغيرها، إذ فُسِّرت بدلالة السياق والقرينة، فالذين يثبتون الإتيان والمجيء ويمين الله ونحو ذلك، غير مَستَنكَر منهم بيانُ ظاهر ما تحويه هذه الآيات من معاني إتيان العذاب، والقوة، والبطش، وهذا واضح جلي ، والله أعلم.
    فلا عجب ـ بعدُ ـ أن نجد الأئمة أثبتوا الوجه لله بهذه الآية ـ ومنهم ابن تيمية ـ وفسروها بالجهة، فلا تعارض، ولا حاجة أن أضرب كلامهم بكلام شيخ الإسلام وأتصور مخالفته إياهم.
    يقول الشيخ عبد الرحمن بن صالح المحمود: الاحتجاج بهذه الآية على إثبات صفة الوجه لله صحيح لأن هذه الآية وإن سيقت مساق بيان القبلة، إلا أنه لا يعبر فيها بنسبة الصفة إلى الله إلا ما صح أن يكون صفةً لله. وعليه فقوله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله) سياقها ومعناها يدل على القبلة لكن لما قال (وجه الله) دلَّ على أن الله سبحانه وتعالى له وجه يليق بجلاله وعظمته. اهـ.
    قوله: وسأقتصر على ذكر كلام واحد منهم فقط لشدّة صلته بابن تيمية ألا وهو خريجه وحامل علمه وناشر أقواله الإمام ابن القيم.
    قلت: فبان لي أن كلامك ـ أخانا المكرم عيد ـ مستقى من هذا المصدر الطيب المبارك الآن، لكن سأترك ما تعقبتُه عليك على حاله، فقد كنت أتمنى منكَ أن تذكره أولاً.
    ثم إني سائقٌ ـ كما سقتَ ـ جملةً مما قيل في هذا الآية، والله الهادي:
    أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره 1/212 (1124) بسند جيد، ولم أقف له على علة، عن ابن عباس قال: ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ : قبلة الله، أينما توجهت شرقاً أو غرباً.
    قلت: إسناده جيد قوي، ولا يضر الإسنادَ جعل النضر بن عربي روايته عن مجاهد تارة، وعن عكرمة عن ابن عباس أخرى، فهو وارد عند مثل هذه الطبقة، إذا لا غرابة أن يسمعه من مجاهد من قوله، ويسمعها من عكرمة عن ابن عباس، والله أعلم.
    أخرج الطبري في تفسيره 2/451 بسند جيد قول قتادة: في قوله ﴿فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ قال: هي القبلة.
    وقد ذكر الطبري 2/456 أن الآية تثبت أن لله وجهاً حقيقة، ثم بيّن أن مما يحتمله معنى الآية أن تكون بمعنى قبلة الله، وهو أحد الوجوه التي ذكرها بعدُ في 1/459 ـ 460.
    وقد مضى على متابعة شيخ الإسلام أفاضل العلماء والأئمة.
    من ذلك: ما ورد عن اللجنة الدائمة للإفتاء والدعوة والإرشاد، فقد سُئلت في الفتوى رقم (11865) عن بعض الصفات وما ورد بشأنها في كتاب الله تعالى، ومنها: ما المراد بالوجه في كل نص من النصوص الآتية : { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ }، { وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ }.
    فأجابت: كلمة (وجه الله) في الجملة الأولى يراد بها قبلة الله كما ذكر مجاهد والشافعي رحمهما الله تعالى ، فإن دلالة الكلام في كل موضع بحسب سياقه ، وما يحف به من قرائن ، وقد دل السياق والقرائن على أن المراد بالوجه في هذه الجملة (القبلة) ؛ لقوله تعالى : { وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ }، فذكر تعالى الجهات والأماكن التي يستقبلها الناس ، فتكون هذه الآية كآية { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا }، وإذن فليس الآية من آيات الصفات المتنازع فيها بين المثبتة والنفاة ، وأما كلمة (وجه) في الجمل الباقية في السؤال ، فالمراد بها إثبات صفة الوجه لله تعالى حقيقة على ما يليق بجلاله سبحانه ؛ لأن الأصل الحقيقة ولم يوجد ما يصرف عنها ، ولا يلزم تمثيله بوجه المخلوقين ، لأن لكل وجها يخصه ويليق به .
    ومنهم الإمام العلامة العثيمين، فقد ذكر في تفسيره اختلاف المفسرين من السلف والخلف فيها، ثم رجح انه وجه الله حقيقة.
    وقال في «شرح السفّارينية»: «وأما قوله تعالى : { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله } ( البقرة 115 ) .
    ففيها قولان للسلف :
    القول الأول : أن المراد بوجه الله وجه الله الحقيقي ، وقالوا : إن الآية نزلت في الصلاة والمصلي أينما توجه فالله قبل وجهه [45] .
    وقال آخرون : بل المراد بالوجه : الجهة ، كقوله تعالى : { ولكلٍّ وجهةٌ هو موليها } ( البقرة 148 ) [46] ، فالمراد أينما تكونوا فثم جهة الله التي أمركم باستقبالها وتكون الآية نزلت فيمن اشتبهت عليه القبلة فاتجه إلى غير القبلة وهو يريد القبلة .
    فنقول : هذه جهة صحيحة لأنك اجتهدت وأداك اجتهادك إلى ذلك أو لصلاة النافلة على السفر فإنك تصلي حيث كان وجهك لكن بقية الآيات لا يراد بها إلا الوجه». اهـ.
    كذلك فقد سئل ـ رحمه الله ـ في سلسلة لقاءات الباب المفتوح: ورد في مختصر الصواعق المرسلة للإمام ابن القيم رحمه الله حين أتى إلى قوله عز وجل: { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } [البقرة:115] ذكر أنه ورد عن بعض السلف ومنهم الشافعي بأن المعنى في قوله: (وَجْهُ اللَّهِ) أي: قبلة الله, ثم نقض ذلك ترجيحاً من عدة وجوه, وقال من بينها: ما بالكم أخذتم هذه على قبلة الله, مع أنه في كل النصوص التي وردت فيها وجه الله هي إضافة الصفة إلى الموصوف, فرجح من عدة أوجه -كما قلت- قوله: إن تفسيرها نعني به إحاطة الله التامة والمطلقة, فكما تعلم الأشاعرة يؤولون قضية الدعاء ورفع الأيدي إلى السماء بقولهم: إن هذه قبلة الدعاء, وأنكر السلف عليهم ذلك وقالوا: إن هناك قبلة واحدة للصلاة وللدعاء, فهل للأشاعرة أن يقولوا: إن القول في قبلة الله في هذا التفسير أيضاً يستلزم عدة قبلات لله عز وجل, فأرجو من فضيلتكم إزالة مثل هذه الشبهة مأجورين وجزاكم الله خيراً؟
    فأجاب:
    أولاً: أنا أرجو من الإخوان الحاضرين أن لا يوردوا مثل هذا السؤال المطول المعقد, وأكثر الإخوة الآن قد لا يفهمون هذا إطلاقاً ولا طرأ على بالهم إطلاقاً, فمثل هذا يكون بيني وبين السائل.
    لكن الآية الكريمة فيها قولان للسلف : القول الأول: أن المعنى: فأينما تولوا فثم وجهة الله، أي: قبلته, بمعنى: أنك إذا أشكل عليك القبلة, ثم صليت وأنت في البر, صليت إلى جهة ظننتها القبلة ثم تبين إنها ليست القبلة فصلاتك صحيحة, لأن هذه الآية ذكرت كمقدمة لقوله تعالى: { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [البقرة:142] فهذه الآية كقوله: { قُل لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ } [البقرة:142] و { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } [البقرة:115] أي: إن اتجهتم إلى الكعبة فأنتم مولون وجه الله, وإن اتجهتم إلى بيت المقدس كما انتقدكم اليهود فأنتم مولون إلى وجه الله: { لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [البقرة:142] وهذا قول له قوته.
    القول الثاني: { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } [البقرة:115] أي: فالله تعالى قبل وجوهكم, ويؤيد هذا القول قول النبي صلى الله عليه وسلم في المصلي: إنه لا يبصق قبل وجهه, قال: ( فإن الله قبل وجهه ).
    فالآية محتملة لهذا ولهذا, ومعناها صحيح على كلا القولين.أما الأشاعرة وقولهم: إن هذا قبلة الدعاء, فيقال لهم: أنتم هل تدعون السماء أم تدعون رب السماء؟ فإذا رفعتم أيديكم إلى السماء وقلتم: يا ألله، فإنما تنادون الله عز وجل, فإذاً الله هناك, لستم تقولون: يا سماء، وكونهم يقولون: إن السماء قبلة الداعي، خطأ, لأن قبلة الداعي هي الكعبة, فإن العبادة التي يشرع فيها استقبال القبلة إنما يشرع إلى الكعبة.
    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أهـ.
    والشيخ عبد الله الغنيمان، فقد سئل في شرحه للواسطية: ما معنى قول الله تعالى: { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } [البقرة:115] ؟
    فأجاب: الصواب أن هذه الآية في القبلة، يعني: الاتجاه والجهة التي يصلى إليها، فإذا كان الإنسان في مكان وكان يعرف جهة القبلة، فذاك وإن كان لا يعرف جهة القبلة فأي وجهة صلى إليها فهي صحيحة إذا اجتهد ونظر. اهـ.
    والشيخ عبد الرحمن بن صالح المحمود، فقد سئل أثناء شرحه لكتاب لمعة الاعتقاد : كيف نرد على من يستدل بقوله تعالى: { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } [البقرة:115] على أن الله تعالى في كل مكان؟
    فأجاب:
    نرد عليه بأن هذه الآية إنما هي في القبلة، أي: أينما تولوا في صلاتكم فإنما تستقبلون قبلة الله سبحانه وتعالى، وليس كل آية فيها إحاطة الله سبحانه وتعالى تدل على أن الله في كل مكان، وإلا فهم قد احتجوا قبل ذلك بمثل قوله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ } [الزخرف:84]، فقالوا: قوله: (وفي الأرض إله) يدل على أنه أيضاً يكون في الأرض، وهذا لا حجة فيه. اهـ.
    وقول العلامة صالح آل الشيخ في شرحه للحموية: «قوله جل وعلا في سورة البقرة: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾[البقرة:115]، هنا فسر السلف الوجه بالقبلة؛ لأن الوجه من حيث اللفظ يطلق على الجهة ويطلق على الصفة، وجه بمعنى وِجهة، والوجه وجه الله بمعنى الصفة التي هي الوجه المعروفة، هنا ما حُمل على الصفة مع أنها إضافة وجه الله، إضافة صفة إلى متصف، وذلك لدلالة السياق لدلالة التركيب، وهذا ظاهر لقوله (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) لسياق الآيات في القبلة (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) يعني القبلة؛ ولهذا خرجت هذه الآية من أن تكون من آيات الصفات».
    ـ وقال بعدُ: «قول الله جل وعلا ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾[البقرة:115]، ظاهر هذه الآية واضح في أنها ليست من آيات الصفات وإنما المقصود بها الكلام عن القبلة، ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ يعني الوُجْهَة ـ وُجْهَة الله ـ وهي القبلة».
    قلت: وفي مصنفات العلماء تفصيل لكل ذلك، ما أحببت الزيادة على ما هنا لضيق الوقت وقلة الزاد، وأستغفر الله وأستزيده من فضله.
    بوركتم، لا فض فوك، وزادك أدبا وعلما.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيد فهمي مشاهدة المشاركة
    ولولا هذا الفعل من صاحب هذا الردّ لرددتُ على ما ذكره ردًّا علميًّا مفصلا.
    لكن ما الحاجة في الردّ إن كان سيقرأ منه ما يحلو له، ويعرض عما لا يروق إليه قصدا؟
    والله المستعان
    لو تركت هذا جانبا، ورردت ردا علميا مفصلا، لكان أنفع لنا.
    قال أبو سليمان الداراني: ربما تقع في قلبي النكتة من نكتة القوم أياماً فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين، الكتاب والسنة.

  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    70

    Exclamation رد: تصحيح العقائد السلفية ... {فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} ... (2) مناقشة كلام شيخ الإسلام

    فقد نقل صاحب شرح قصيدة ابن القيم (2/303- 307) كلام الإمام ابن القيم في الصواعق -وهو أوعب ما وجدته في الكلام على هذه الآية-((.....وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا فالنعيم والملك ثَمَّ، لا إنه نفس الظرف.والوجه لو كان المراد به الجهة نفسها لم يكن ظرفا لنفسها فإن الشيء لا يكون ظرفا لنفسه فتأمله ألا ترى أنك إذا أشرت الى جهة الشرق والغرب لا يصح أن تقول ثم جهة الشرق، ثم جهة الغرب، بل تقول هذه جهة الشرق، وهذه جهة الغرب، ولو قلت هناك جهة الشرق والغرب لكان ذكر الظرف لغوا وذلك لأن "ثَمَّ" إشارة الى المكان البعيد فلا يشار بها الى قريب والجهة والوجهة مما يحاذيك الى آخرها فجهة الشرق والغرب وجهة القبلة مما يتصل الى حيث ينتهي فكيف يقال فيها "ثَمَّ" اشارة الى البعيد؟ بخلاف الاشارة الى وجه الرب تبارك وتعالى...))
    رأيي أن قول ابن القيم هنا يكفي في فض النزاع .
    ثم الذي يوجه الاتهام إلى الشيخ عيد فيقول (ما أنصف شيخ الإسلام ابن تيمية في مناقشته هذه)
    أقول له: كلامك يقتضي أن ابن القيم أيضا لم ينصف شيخ الإسلام ابن تيمية في مناقشته هذه.
    إني أذكر المعارض لابن القيم بأنه لن يغلبه في متابعته لأستاذه ابن تيمية ولا في دفاعه عنه ولا في فهمه لآراءه. تأمل كلامه عنه على هذا الرابط http://majles.alukah.net/showthread....128#post395128
    لكن ليت المعارض يتذكر أن ابن تيمية - رحمه الله - سيكون أسعد حين نترك قوله في سبيل متابعة الحق . والله الهادي إلى السبيل .

  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    82

    افتراضي رد: تصحيح العقائد السلفية ... {فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} ... (2) مناقشة كلام شيخ الإسلام

    جزاك الله خيرا اخي

  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Aug 2010
    المشاركات
    70

    Lightbulb رد: تصحيح العقائد السلفية ... {فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} ... (2) مناقشة كلام شيخ الإسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم حكيم مشاهدة المشاركة
    فقد نقل صاحب شرح قصيدة ابن القيم (2/303- 307) كلام الإمام ابن القيم في الصواعق -وهو أوعب ما وجدته في الكلام على هذه الآية-((.....وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا فالنعيم والملك ثَمَّ، لا إنه نفس الظرف.والوجه لو كان المراد به الجهة نفسها لم يكن ظرفا لنفسها فإن الشيء لا يكون ظرفا لنفسه فتأمله ألا ترى أنك إذا أشرت الى جهة الشرق والغرب لا يصح أن تقول ثم جهة الشرق، ثم جهة الغرب، بل تقول هذه جهة الشرق، وهذه جهة الغرب، ولو قلت هناك جهة الشرق والغرب لكان ذكر الظرف لغوا وذلك لأن "ثَمَّ" إشارة الى المكان البعيد فلا يشار بها الى قريب والجهة والوجهة مما يحاذيك الى آخرها فجهة الشرق والغرب وجهة القبلة مما يتصل الى حيث ينتهي فكيف يقال فيها "ثَمَّ" اشارة الى البعيد؟ بخلاف الاشارة الى وجه الرب تبارك وتعالى...))
    رأيي أن قول ابن القيم هنا يكفي في فض النزاع .
    ثم الذي يوجه الاتهام إلى الشيخ عيد فيقول (ما أنصف شيخ الإسلام ابن تيمية في مناقشته هذه)
    أقول له: كلامك يقتضي أن ابن القيم أيضا لم ينصف شيخ الإسلام ابن تيمية في مناقشته هذه.
    إني أذكر المعارض لابن القيم بأنه لن يغلبه في متابعته لأستاذه ابن تيمية ولا في دفاعه عنه ولا في فهمه لآراءه. تأمل كلامه عنه على هذا الرابط http://majles.alukah.net/showthread....128#post395128
    لكن ليت المعارض يتذكر أن ابن تيمية - رحمه الله - سيكون أسعد حين نترك قوله في سبيل متابعة الحق . والله الهادي إلى السبيل .
    أرجو المعذرة لقد نسيت في مشاركتي السابقة أن أوضح الاقتباس وهو الملون الآن باللون الأزرق وهو مقتبس من موضوع الشيخ عيد فتح الله عليه وجزاه خيرا .

  6. #46
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    443

    افتراضي رد: تصحيح العقائد السلفية ... {فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} ... (2) مناقشة كلام شيخ الإسلام

    السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

    بارك الله فيك شيخنا الفاضل
    قياس الحياة ليس في طول بقائها و لكن في قوة عطائه

  7. #47
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    المشاركات
    58

    افتراضي رد: تصحيح العقائد السلفية ... {فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} ... (2) مناقشة كلام شيخ الإسلام

    بارك الله فيكم
    زادكم الله علما وحرصا , فليس غير السلفيين يجوز لهم أن يختلفوا بينهم ويناقشوا الموضوع بهذه الطريقة العلمية ,
    فكل المخالفين يناقش بحذر أن يخالف أربابه

    والله المستعان ولكن آثرني كلام الأخ أبا الفداء في مسأله النزول والحلول ...فقد سمعت بعض المنتسبين للإسلام من جهمية العصر من أتباع الهرري الحبشي لا رحم الله في مغرز إبرة ...يقول نفس هذا الكلام

    هلا بينت لي أخي كيف هذا ؟

  8. #48
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,278

    افتراضي رد: تصحيح العقائد السلفية ... {فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} ... (2) مناقشة كلام شيخ الإسلام

    والله المستعان ولكن آثرني كلام الأخ أبا الفداء في مسأله النزول والحلول ...فقد سمعت بعض المنتسبين للإسلام من جهمية العصر من أتباع الهرري الحبشي لا رحم الله في مغرز إبرة ...يقول نفس هذا الكلام
    إن كنت تقصد قولي بأن النزول الحقيقي لا يلزم منه الحلول (بمعنى الامتزاج بالعالم المخلوق والدخول فيه)، فليس هذا قول الجهمية بارك الله فيك، وإنما هو قول أهل السنة دفعا لشبهات الجهمية!
    أبو الفداء ابن مسعود
    غفر الله له ولوالديه

  9. #49

    افتراضي رد: تصحيح العقائد السلفية ... {فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} ... (2) مناقشة كلام شيخ الإسلام

    جزى الاخوة خيرا على ما قدموا من العلم والاخلاق والطرافة وشكرا لخلوصي على سهولته وعاميته

  10. #50
    تاريخ التسجيل
    Dec 2019
    المشاركات
    303

    افتراضي رد: تصحيح العقائد السلفية ... {فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} ... (2) مناقشة كلام شيخ الإسلام

    كلامك فيه نظر وقول مجاهد قول معتبر بل هو الصواب وعلي ذلك يدل سياق الاية ويدل علي ذلك ايضا سبب نزولها فقد ثبت في صحيح مسلم عن ابن عمر انها نزلت في الرجل يصلي النافلة حيثما توجهت به راحلته
    بالنسبة للعنوان فسئ فالعقيدة السلفية صحيحة لا تصحح

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •