منقول من مدونة الأخ حمود الكثيري
[من عيون حكايات العفاف] فاطمة بنت رسول اللهﷺ والحرص على الستر بعد الموت
حديث
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فمن عيون قصص العفاف ومحبة الستر، ما جاء عن سيدة نساء أهل الجنة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، عندما قرب نزول الموت في ساحتها، ركبها الهم من أمر لا تفكر فيه النساء عادة إليكم خبرها رضي الله عنها :
قال ابن شبة في تاريخ المدينة[1/108]:
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ قَالَ: حَدَّثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ قَالَ: " كَمِدَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهَا سَبْعِينَ بَيْنَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَقَالَتْ: إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنْ جَلَالَةِ جِسْمِي إِذَا أُخْرِجْتُ عَلَى الرِّجَالِ غَدًا - وَكَانُوا يَحْمِلُونَ الرِّجَالَ كَمَا يَحْمِلُونَ النِّسَاءَ - فَقَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، أَوْ أ ُمُّ سَلَمَةَ: إِنِّي رَأَيْتُ شَيْئًا يُصْنَعُ بِالْحَبَشَةِ، فَصَنَعَتِ النَّعْشَ، فَاتُّخِذَ بَعْدَ ذَلِكَ سُنَّةً "
أقول:وهذا إسناد صحيح إلى يزيد بن عبد الله الشخير وهو مولود في خلافة عمر رضي الله عنه فتكون روايته هذه مرسلة لأن فاطمة رضي الله عنها ماتت بعد أشهر من موت النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو نعيم في الحلية[2/43]:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْمَخْزُومِيُّ ، عَنْ عَوْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ جَعْفَرٍ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ أُمِّ جَعْفَرٍ: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: " يَا أَسْمَاءُ، إِنِّي قَدِ اسْتَقْبَحْتُ مَا يُصْنَعُ بِالنِّسَاءِ أَنْ يُطْرَحَ عَلَى الْمَرْأَةِ الثَّوْبُ فَيَصِفُهَا فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: يَا ابْنَةَ رَسُولِ اللهِ أَلَا أُرِيكِ شَيْئًا رَأَيْتُهُ بِالْحَبَشَةِ فَدَعَتْ بِجَرَائِدَ رَطِبَةٍ فَحَنَتْهَا، ثُمَّ طَرَحَتْ عَلَيْهَا ثَوْبًا فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ[لا][1]تُعْرَفُ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ فَإِذَا مِتُّ أَنَا فَاغْسِلِينِي أَنْتِ وَعَلِيٌّ وَلَا يَدْخُلْ عَلَيَّ أَحَدٌ فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ غَسَّلَهَا عَلِيٌّ وَأَسْمَاءُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا "
وقد أخرجه البيهقي الكبرى [6930] من طريق قتيبة بن سعيد وحسن إسناده ابن حجر في التلخيص الحبير[2/285]
وأخرجه الجورقاني في الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير[449]وقال بعده:
"هذا حديث مشهور حسن، رواه عن أم جعفر عمارة بن المهاجر"
قال الحاكم في مستدركه[4763 ]:
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ابْنِ أَخِي طَاهِرٍ الْعَقِيقِيِّ الْعَلَوِيِّ بِبَغْدَادَ، ثنا جَدِّي يَحْيَى بْنُ الْحَسَنِ، ثنا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " قَدْ مَرِضَتْ فَاطِمَةُ مَرَضًا شَدِيدًا فَقَالَتْ لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ: أَلَا تَرَيْنَ إِلَى مَا بَلَغْتُ أُحْمَلُ عَلَى السَّرِيرِ ظَاهِرًا؟ فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: أَلَا لَعَمْرِي، وَلَكِنْ أَصْنَعُ لَكِ نَعْشًا كَمَا رَأَيْتُ يُصْنَعُ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، قَالَتْ: فَأَرِنِيهِ، قَالَ: فَأَرْسَلَتْ أَسْمَاءُ إِلَى جَرَائِدَ رَطْبَةٍ، فَقُطِّعَتْ مِنَ الْأَسْوَافِ وَجُعِلَتْ عَلَى السَّرِيرِ نَعْشًا وَهُوَ أَوَّلُ مَا كَانَ النَّعْشُ، فَتَبَسَّمَتْ فَاطِمَةُ، وَمَا رَأَيْتُهَا مُتَبَسِّمَةً بَعْدَ أَبِيهَا إِلَّا يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ حَمَّلْنَاهَا وَدَفَنَّاهَا لَيْلًا "
أقول:محمد بن عمر هو الواقدي متروك، وفيما سبق من الروايات الغنية.
وأقول معلقاً على الخبر: رضي الله عن السيدة الهاشمية
ميته..
وانقطع التكليف عنها ...
وأقبلت على ربها ...
والكفن كفيل بسترها !
ومع هذا فقد أهمّها وأشغل بالها احتمال نظر الرجال إلى الكفن الذي قد يصفها !!
فما بال نساء المسلمين تخرج الواحدة منهن وقد لبست الضيق والقصير ولم تخف من القوي العزيز القدير !
ومثلها في الجرأة والتبرج من لعب الشيطان عليها بحيلة خبيثة، فوسوس لها أن عباءة الكتف التي تضيق تارة وتزيّن تارة أخرى هو ما أمر الله به من الستر وأن من فعلت ذلك قد أتت بما أُمرت به !
فيا لله كيف فتن الشيطان النساء فأخرجهن عن سواء السبيل الذي أمر به الرب الجليل؟!!
فيا نساء المسلمين أليس في فاطمة رضي الله عنها قدوة وأسوة حسنة في طلب الستر والعفاف؟!
[1] -ما بين المعقوفين من عندي ليستقيم المعنى، فبحسب النسخة التي عندي لا يوجد [لا]ورأيت في تحقيق مؤسسة الرسالة لمسند الإمام[20/44]أحمد في التخريج نقلهم هذه الرواية عن الحلية مع إثبات [لا] في الرواية فيبدو أنها سقطت من النسخة التي عندي والله أعلم.