الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :
في الحادي عشر من شهر ديسمبر لسنة ألفٌ وثماني وتسعين للميلاد 11 _ 12_ 1.98 م / الموافق سنة أربعمائة وإحدى وتسعين 491 هـ ؛ استسلم أهالي معرة النعمان1 للصليبيين , وذلك بناءً على الأمان والعهد الذي أعطاه الفرنجة لهم , ولكن أنَّا لبرابرة الغرب أن يوفوا بالعهد , فدخلوا المدينة وغدروا بأهلها ورفعوا الصُلبان فوق أسوار المدينة , ونهبوها وعاثوا فيها قتلًا وتخريبًا وتحريقًا , حتى أن المصادر الصليبية قد أقرَّت أن الفرنجة عندما دخلوا المعرة أحرقوها أولًا عن آخر 2 ؛ وقد قدَّر ابن القلانسي بأن عدد قتلى المُسلمين في معرة النعمان بأكثر من عشرين ألف من بينهم الرجال والنساء والشيوخ والأطفال 3 ؛ في حين قدَّر ابن الأثير عدد القتلى بما يزيد عن مائة ألف 4 , يقول المُستشرق الأمريكي غوستاف لوبون في كتابه ( حضارة العرب ) : في المعرة قَتل الصليبيون جميع من كان فيها من المسلمين اللاجئين في الجوامع و المختبئين في السراديب ، فأهلكوا صبرًا ما يزيد على مائة ألف إنسان - في أكثر الروايات - و كانت المعرة من أعظم مدن الشام بعدد السكان بعد أن فرَّ إليها الناس بعد سقوط أنطاكية و غيرها بيد الصليبيين 5 .
يقول المؤرخ الفرنجي ( راؤل دي كين ) : كان جماعتنا في المعرَّة يغلون الوثنيين _ يقصد المسلمين _ البالغين في القدور ، ويَشكّون الأولاد في سفافيد _ أسياخ _ ويلتهمونهم مشويّين .
بينما يقول المؤرخ الفرنجي ( ألبير دكس ) الذي شارك في معركة المعَرَّة : لم تكن جماعتنا لتأنف وحسب من أكل قتلى الأتراك والعرب بل كانت تأكل الكلاب أيضًا ! 6 .
وقد أرسل قادة الحملة الصليبية في سنة 1098 م ، رسالة إلى البابا ومما جاء فيها : أن الجيش اجتاحتهُ مجاعة فظيعة في المعرَّة ألجأتهم إلى ضرورة جائرة ، وهي التقوّت بجُثث المُسلمين ! 7 .
_ فأي إنسانية يتغنى بمثلها هؤلاء ؟! ...
كتبه : أبو الليث الصنهاجي ...
19 رجب 1436 هـ
8 مايو 2015 م
_______________________
1 - تقع جنوبي إدلب , وتبعد عن حلب 84 كم .
2 - الحركة الصليبية : د . سعيد عبد الفتاح عاشور / ج 1 ، ص 182 _ ط : دار الفكر .
3 - ذيل تاريخ دمشق / ص136 ، تحقيق : سهيل زكار _ ط : دار حسان .
4 - الكامل في التاريخ : اعتنى به : أبو صهيب الكرمي / ص 1533 _ ط : بيت الأفكار الدولية .
5 - ص396 ، ترجمة : عادل زعيتر _ ط : مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه .
6 - الحروب الصليبية كما رآها العرب : أمين معلوف / ص 63 ، ترجمة : د . عفيفة دمشقية _ ط : دار الفارابي .
7 - الحروب الصليبية كما رآها العرب / ص 64 .
8 - المرجع السابق نفسه .