تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: وصية فيها الحث على عداوة من حاد الله ورسوله للشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    320

    افتراضي وصية فيها الحث على عداوة من حاد الله ورسوله للشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله

    وصية فيها الحث على عداوة من حاد الله ورسوله
    قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن، رحمهم الله تعالى:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    من إسحاق بن عبد الرحمن، إلى من يراه من الإخوان، وكافة الرؤساء في ساحل عمان، ومن يليهم، ومن على سليم من أهل فارس وجعلان، من المنتسبين إلى السنة والإيمان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    أما بعد، فإن الله تعالى أوجب علينا التعاون على البر والتقوى، والتناصر في ذاته على الأعداء؛ وكل إنسان عليه من العبودية بحسبه، فحيث لا عذر عن قبول الحق، فكذلك لا عذر عن تبليغه. وقد سبقت الإشارة من بعض الإخوان بطلب النصيحة، وما لا يدرك كله لا يترك كله.
    فمن أجل ذلك، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، والتقوى: كلمة جامعة لخصال الخير، أمراً ونهياً؛ وأعظمها مشقة: عداوة من حاد الله ورسوله، وألحد في أسمائه وصفاته، وأشرك في توحيده وتعلمون أن سر الخلق والأمر، هو: أن يُعرف الله بأسمائه وصفاته، ويُقصد وحده سبحانه بأنواع العبادة، وأن لا يشرك به أحد سواه، كائناً من كان، وأن يقوم الناس بالقسط؛ فأنزل الحديد آلة يستعان بها على جهاد من خرج عن القسط.
    وقد لاح في أوائل هذا القرن علم التوحيد، وأغمدت سيوف الجهاد في هامات من حاد عنه، من شيع الكفر والتنديد، وأقيمت الحدود الشرعية في كافة بلدان المسلمين، وحصل القيام التام بواجبات الدين، وذلك أمر لا يخفى، وحصل لأسلافنا وأسلافكم، من التعاون على ذلك ما أرغم الله به أنوف الأعداء، حتى صارت دياركم معقل الإسلام، ومهاجر السادات الأعلام.
    ولم يزل في هاتيك الجهات - لا زال فيها للحق دعاة - من يلهج بتحقيق توحيد المرسلين، ويرشد به الحيارى الجاهلين، وينكر أوضاع الجهمية المبتدعين الملحدين في رب العالمين.
    فالتبس هذا الأصل على كثير من الخلق، حتى آن اندراسه ، وانقلع - إلا ما شاء الله - أساسه، وكثر الطعن في الدعوة الإسلامية، والملة الحنيفية المحمدية، وفاه بين العوام: أن من تكلم بالشهادتين، فهو من أهل الإسلام، وخفي عليهم ما وضعت له من إخلاص العبادة لله، والكفر بما يعبد من دون الله، ونودي بالمسالمة لمن لاذ بالأوهام، وألحد في الدين وعادى المسلمين، عمياء صماء ظلماء، يحاول دعاتها، إطفاء ما استبان من هذا الدين المتين، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ويعلي كلمته.
    وفي خلال تلك الفرقة، حصل الابتلاء بتداعي الأمم علينا، عقوبة إعراضنا عن هذا الأمر، وفي الحديث عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يوشك أن تتداعى عليكم الأمم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل. لينزعنّ الله عن صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنّ في قلوبكم الوهن. قال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهة الموت "، فدل الحديث: على أن الرغبة في الدنيا والإعراض عن الأخرى، سبب الهلاك والدمار، وتسلط الأعداء، وفشل الأعمار.
    وعن ثوبان أيضاً مرفوعاً: "ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان " أحمد (5/278).

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    320

    افتراضي

    وقد اتسعت الفتنة بهم، وعظم الخطب، ودب الشوم على عقائد أهل الإسلام وإيمانهم، والتحق بهم من ليس له بصيرة ولا قدم صدق، ولا معرفة بالحق، وظنوا أنهم بالتزامهم بعض أركان الإسلام، من دون هذا الركن الأعظم، على هدى مستقيم.
    وليس الأمر كذلك، بل هو كما قال أبو الوفاء ابن عقيل، رحمه الله:
    إذا أردت أن تعرف محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى ازدحامهم في أبواب المساجد، ولا إلى ضجيجهم بـ"لبيك"، ولكن انظر إلى مواطأتهم لأعداء الشريعة فاللجا اللجا إلى حصن الدين! والاعتصام بحبل الله المتين! والانحياز إلى أوليائه المؤمنين! والحذر الحذر من أعدائه المخالفين!
    فأفضل القرب إلى الله تعالى: مقت من حاد الله ورسوله، وجهاده باليد واللسان والجنان بقدر الإمكان، وما ينجي العبد من النيران؛ ومن كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، فلا بد أن ينقاد لأوامر القرآن والسنة، ويتبرأ من كل معتقد يخالف ما عليه السلف الصالح من سادات الأمة ، وهل زال الإسلام، وغيرت الأحكام، وابتدع في الدين ما لم يأذن به الملك العلام، إلا بدعاة أبواب جهنم، يصدون الناس عن دينهم.
    فاتقوا الله عباد الله! ولا تذهب بكم الدنيا كل الذهاب، فإنها رأس كل خطيئة، وليست من أولها إلى آخرها عوضا – والله - عن ذرة من ذرات الآخرة. وكل ما صدر ممن يدعي الإسلام من الإعراض عن هذا الأمر، وتولى المشركين، والطعن على المسلمين، واستعجال الراحة، والرضى عن النفس، والتزيين، هو بعينه نفس العقوبة، وسبب الخذلان، ومركب الندم والهوان، قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} سورة الأنفال .
    فكيف يخلد إلى الدنيا، ويصادق الأعداء، وينسى عهود الحمى، من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويخاف سوء الحساب، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [سورة المائدة آية: 51] .
    قال حذيفة رضي الله عنه: "ليتق أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يشعر"، وتلا هذه الآية.

    وعاتب عمر رضي الله عنه أبا موسى، في جعل النصراني كاتباً، وقال: "ما لك؟ قاتلك الله! أما اتخذت حنيفاً مسلماً؟ "، وتلا هذه الآية، وهذا مع استخدامه، فكيف بموالاته وإكرامه؟! وقد نفى الله تعالى الإيمان عمن وادّ المشركين، فقال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية [سورة المجادلة آية: 22] .
    ومن المعلوم: أن من وادَّ أحداً فهو عنه راض، فإذا رضي عنه رضي بدينه، فصار من أهل ملته وهو لا يشعر وأكثر الناس يفطن للمعصية ووسائلها، ولا يفطن للشرك ووسائله، ولما نهى الله عن موالاة أعدائه من الكفار والمشركين، وأباح التقية مع الإكراه، قال: {وَيُحَذِّرُكُم اللَّهُ نَفْسَهُ} ، وهذا من أعظم الوعيد والتهديد لمن تدبر كتاب الله، وعقل عن الله أمره.
    نعم، خف أمر أهل الملل عندنا، لما سمعنا بمن جاسوا خلال الدين، وهموا باختلاس عقائد المسلمين، وأدخلوا الشبه ليصدوا بها الناس عن الحق الواضح المستبين، من أحسائي ذي غلّ، وفارسي مضل، فتقربوا إلى الله تعالى بالبعد عن داعي الشبهات، واطلبوا علم التوحيد بدليله من البينات.

    قال بعض السلف: إن الله يحب البصر الناقد عند ورود الشبهات، والعقل الكامل عند ورود الشهوات; فأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين، واقبلوا نصيحة مشفق بالمسلمين.
    وهنا مقام آخر، وهو مقام استجلاب النعم، واستدفاع حلول النقم، ولا يحصل إلا بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والأخذ على يد السفيه. وقد ذم الله من ليس فيهم بقية ينهون عن الفساد في الأرض، فقال جل من قائل: {فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ} [سورة هود آية: 116] ، وقال تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} الآية [سورة الأعراف آية: 165] ، وقال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة آل عمران آية: 104] .
    فدلت الآيات على وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وأنه لا نجاة إلا لمن قام بذلك، وأن اتباع الشهوات، وإيثار اللذات، يوجب الكون في جملة المجرمين. والآيات في هذا المعنى والأحاديث، أكثر من أن تحصر، ومن كان الله وحده مراده، ومعبوده ومحبوبه، انقاد لأوامره ونواهيه، ولم يداهن أحداً فيه.
    وفقنا الله وإياكم لشكر نعم الله، والصبر على طاعته، والبعد عن موجبات غضبه وعقابه، وجهاد النفس على عداوة أعدائه، ومحبة أحبابه.
    وصلى الله على عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، محمد وآله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.........

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    320

    افتراضي

    وسئل: عن الهجر
    فأجاب: الهجر المشروع قد قام الدليل عليه، وأشار جل من السلف إليه، وهو مراتب، وله أحوال وتفاصيل، على القلب واللسان والجوارح، قال الله تعالى عن الخليل عليه السلام: {وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي} [سورة مريم آية: 48] ، وقال تعالى عن أصحاب الكهف: {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوه ُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} [سورة الكهف آية: 16] . وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة، وقصتهم مشهورة. وقد ذكر ابن القيم، رحمه الله في الهدي، في فقه القصة ما يكفي.
    وأصل الهجر: الترك والفراق والبغض، وشرعاً: ترك ما نهى الله عنه، ومجانبته والبعد عنه. وهو عام في الأفعال والأشخاص، وهو في المشركين، ومن لاذ بهم، واستحسن ما هم عليه، وخدمهم، وازدراء أهل الإسلام أعظم، لأن قبح الشيء من قبح متعلقه؛ وهذه الجملة فيها أقسام، ولها تفاصيل.
    منها: هجر الكفار والمشركين: والقرآن من أوله إلى آخره ينادي على ذلك؛ ومصلحته: تمييز أولياء الله من أعدائه. وقريب من هذا: هجر أهل البدع والأهواء.
    وقد نص الإمام أحمد وغيره من السلف، على البعد عنهم، ومجانبتهم، وترك الصلاة عليهم،
    وقال: أهل البدع إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم؛ فتجب مفارقتهم بالقلب، واللسان، والبدن، إلا من داع إلى الدين مجاهد عليه بالحجة، مع أمن الفتنة، قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} الآية [سورة النساء آية: 140] .
    والآيات والأحاديث، وكلام العلماء في هذا كثير
    .
    قال بعض المحققين: ويكفي العاقل قوله تعالى، بعد نهيه عن موالاة المشركين: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} الآية [سورة آل عمران آية: 30] .
    وقد حكى ابن كثير، رحمه الله تعال،: الإجماع على أن تارك الهجرة عاص، مرتكب محرماً على ترك الهجرة.
    ولا يكفي بغضهم بالقلب، بل لا بد من إظهار العداوة والبغضاء، قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [سورة الممتحنة آية: 4
    ] .
    فانظر إلى هذا البيان الذي ليس بعده بيان، حيث قال: {وَبَدَا بَيْنَنَا} أي: ظهر؛ هذا هو إظهار الدين، فلا بد من التصريح بالعداوة، وتكفيرهم جهاراً، والمفارقة بالبدن.
    ومعنى العداوة: أن تكون في عدوة، والضد في عدوة أخرى
    .
    كان أصل البراءة: المقاطعة بالقلب واللسان والبدن وقلب المؤمن لا يخلو من عداوة الكافر،
    وإنما النزاع في إظهار العداوة: فإنها قد تخفى لسبب شرعي، وهو الإكراه مع الاطمئنان.
    وقد تخفى العداوة من مستضعف معذور، عذره القرآن
    وقد تخفى لغرض دنيوي، وهو الغالب على أكثر الخلق، هذا إن لم يظهر منه موافقة.
    ودعوى من أعمى الله بصيرته، وزعم: أن إظهار الدين، هو عدم منعهم ممن يتعبد، أو يدرس، دعوى باطلة؛ فزعمه مردود عقلاً وشرعاً وليهن من كان في بلاد النصارى، والمجوس والهند ذلك الحكم الباطل، لأن الصلاة والأذان والتدريس، موجود في بلدانهم، وهذا إبطال للهجرة والجهاد، وصد للناس عن سبيل الرشاد.
    والثاني: مسلم ترخص لنفسه، وآثر دنياه، واختار أوطانهم لعذر من الأعذار الثمانية؛ فهجر هذا الصنف من الناس، هو من باب هجر أهل المعاصي، الذي ترجم له البخاري وغيره. ولا يهجر هجر الكفار؛ بل له حقوق في الإسلام، منها مناصحته والدعاء له، إلا أنا لا نظهر له محبة وملاطفة، كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، بحيث إنه لا يرى له ذنباً، ويغتر به غيره.
    وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة، مع إيمانهم، وأجلى عمر صبيغاً إلى وطنه، وأمر بهجره، ونهى الناس عن كلامه.
    ولم يزل الصحابة، رضي الله عنهم، يهجرون في أقل من هذا وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود والترمذي، والدارقطني والطبراني، من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أنا بريء من مسلم يقيم بين ظهراني المشركين " ، وأخرجه أيضا ابن ماجة، ورجال إسناده ثقاة، وله شاهد من حديث معاوية بن حيدة مرفوعاً: "لا يقبل الله من مسلم عملاً، أو يفارق المشركين"، أخرجه النسائي، وحديث سمرة مرفوعاً: " من جامع المشرك ... إلخ"، رواه أبو داود.
    ويشهد لصحة هذه الأحاديث، قوله تعالى: {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} [سورة النساء آية: 140] .
    فنحن نتبرأ مما تبرأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ونجانبه، شاء العاصي أم أبى
    .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    320

    افتراضي

    وقد ذكر محيي السنة البغوي كلاما يحسن ذكره هاهنا، قال: فأما هجر أهل العصيان، وأهل الريب في الدين، فيشرع إلى أن تزول الريبة عن حالهم، وتظهر توبتهم; قال كعب بن مالك - حين تخلف عن غزوة تبوك -: "ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا"، وذكر خمسين ليلةوجعل محمد بن إسماعيل، رحمه الله، حداً لتبين توبة العاصي; وقال عبد الله بن عمر: "لا تسلموا على شربة الخمر"، وقال أبو الدرداء:? "لن تفقه كل الفقه، حتى تمقت الناس في ذات الله، ثم تقبل على نفسك، فتكون لها أشد مقتاً". انتهى كلامه، رحمه الله.
    والأصل الجامع لهذا:
    أن معرفة استحقاقه سبحانه وتعالى، أن يعبد خوفاً ورجاء، وإجلالاً ومحبة وتعظيماً، لا تبقى في القلب السليم محبة لأعدائه وموادة، لأن المحبة أصل كل عمل من حق وباطل؛ فأصل الأعمال الدينية: حب الله ورسوله، كما أن أصل الأقوال الدينية: تصديق الله ورسوله، فلما غلب على الناس حب الدنيا، وإيثارها، أنكروا هذا، ونسوا ما كانوا عليه أولاً، {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} [سورة غافر آية: 5] جهلاً منهم بحقيقة الإسلام، ولوازمه وقواعده العظام ولو لم يكن في هذا إلا سد الذرائع المفضية إلى عقد المصالحة بين المسلم والمشرك، لكان كافياً، ولكن لغلبة الجهل، وقلة العلم، وإيثار الدنيا، فتح بعض المنتسبين أبواباً على حصن الإسلام، إيثاراً لموافقة العوام؛ وليت هؤلاء احتاطوا لأديانهم، بعض ما احتاطوا لرياساتهم وأموالهم، وما أحسن ما قيل:
    قد كنت عدتي التي أسطو بها ... ويدي إذا عض العدو ساعدي
    فدُهيت منك بضد ما أمّلته ... والمرء يشرق بالزلال الباردِ

    وأما من يسافر إلى بلدان المشركين للتجارة، فهؤلاء إن لم يصدر منهم موالاة ومداهنة، وملاطفة للمشركين والمرتدين، فهم أخف حالاً ممن تقدم ذكرهم، وهم مشتركون معهم في التحريم، متفاوتون في العقوبة، لأن الإقامة تصدق على القليل والكثير؛ والحكم منوط بالإقامة والمجامعة في النصوص، لكن كلما خفت المفسدة خف الحكم.
    وقد يكون المسافر أخبث من المقيم وشاهدنا من فسقة المسافرين من أهل القصيم وغيره، من المنكرات العظيمة ما لا يحصى، من ترك الصلاة، وشرب المسكرات، وتحسين طرائق المشركين، والطعن في أهل الدين، ما لا يحكم لأكثرهم معه بإسلام، حتى إن الترك وبعض أهالي مصر، يتحاشون من فعل فسقة نجد.
    ولا شك أن بغض هذا الصنف ومقته، والنفرة منه، هو عين المصلحة. وليس هجر هذا الجنس من الهجر المندوب، بل من الواجب، لأن المفسدة عظمت بهم؛ فهم ومن يترخص لهم من المنتسبين، أعظم بلية من العدو البعيد.
    والقاعدة الكلية في هذا: ترجيح ما يفضي إلى ضعف الشر وخفته، وإعزاز الحق وقمع الباطل، وارتداع المخالف، قال شيخ الإسلام - لما ذكر هذه القاعدة -: ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يتألف أقواماً، ويهجر آخرين. ولبعضهم شعراً:
    صعبت تكاليف الشريعة فانثنى ... وسطا عليها كل خبٍّ لاهِ
    فاشدد يديك بحبل ملة أحمد ... لا تخدعن بمنصب أو جاهِ
    واسلك طريق اللطف في تبليغها ... متجرداً فيها لوجه الله

    ......

  5. #5

    افتراضي

    بارك الله فيكم أبا عمر ونفعك الله ونفع بك

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    320

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الله المسعودي مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم أبا عمر ونفعك الله ونفع بك
    اللهم آمين
    جزاكم الله خير الجزاء


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    المشاركات
    17,333

    افتراضي


    جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

    فما أشبه أحوال الناس آنذاك بأحوالهم اليوم فقد مرق كثير منهم من الإسلام
    ورَقَّ الدين لدى الكثير من المنتسبين إلى الإسلام فوالوا أهل الصلبان والقبور وعادوا أهل التوحيد
    يوادُّون المشركين ويذلون لهم ويشتدون ويبغضون أهل التوحيد والجهاد

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    320

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد البكري مشاهدة المشاركة

    جزاك الله خيرا وبارك الله فيك
    فما أشبه أحوال الناس آنذاك بأحوالهم اليوم فقد مرق كثير منهم من الإسلام
    ورَقَّ الدين لدى الكثير من المنتسبين إلى الإسلام فوالوا أهل الصلبان والقبور وعادوا أهل التوحيد
    يوادُّون المشركين ويذلون لهم ويشتدون ويبغضون أهل التوحيد والجهاد
    وجزاكم وفيكم بارك الله
    لا يطعن في الموحدين أو المُجاهدين إلا من كان في قلبه مرض ونحن لا نعتقد العصمة في أحد ، الخطأ موجود وكذلك الصواب وقد أخطأ أفضل الناس بعد الأنبياء ، وإنما ذلك لكونهم بشر يعتريهم ما يعتري غيرهم إلا أنهم أفضل الأمة بعد الأنبياء والمُرسلين ولا نزيد عن ذلك القول فيهم رضي الله عنهم وجمعنا بهم في جنته ( اللهم آمين ) ، وكذلك لا يفرح بإذاء علماء التوحيد وصحيح المُعتقد إلا من فسد اعتقاده فظّن أن ذلك نهاية للشر وحقيقة الأمر أن الشر موصولُُ ُإليه وهو لايدري .
    وكذلك نحن لانربط الحق بطائفة أو جماعة أو علماء ولكن نربط الحق بمنهج نسير عليه ونوالي عليه ونُعادي عليه ، لانوالي أو نُعادي علي مُسميات وجماعات أو علماء .
    نسأل الله أن يُحيينا ويتوفنا علي الإيمان ( اللهم آمين )

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •