قال الإمام أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى في مقدمة المغني :
فإن الله برحمته وطوله وقوته وحوله ضمن بقاء طائفة من هذه الأمة على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ، وجعل السبب في بقائهم بقاء علمائهم واقتدائهم بأئمتهم وفقهائهم ،وجعل هذه الأمة مع علمائها كالأمم الخالية مع أنبيائها ،وأظهر في كل طبقة من فقهائها أئمة يقتدى بها وينتهى إلى رأيها ، وجعل في سلف هذه الأمة أئمة من الأعلام مهد بهم قواعد الإسلام ،وأوضح بهم مشكلات الأحكام ، اتفاقهم حجة قاطعة ، واختلافهم رحمة واسعة ، تحيا القلوب بأخبارهم وتحصل السعادة باقتفاء آثارهم ،ثم اختص منهم نفراً أعلى قدرهم ومناصبهم وأبقى ذكرهم ومذاهبهم ، فعلى أقوالهم مدار الأحكام ، وبمذاهبهم يفتي فقهاء الإسلام .