وهذه أقوال أئمة المذاهب في المسألة
وهذا إجمال الأقول من الموسوعة الفقهية (وزارة الأوقاف الكويتية- صدرت في سنوات متعددة) ج22 ص279:
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَة ُ فِي الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيَّ ةُ فِي قَوْلٍ : إِلَى أَنَّ رَفْضَ نِيَّةِ الصَّوْمِ يُبْطِلُ الصَّوْمَ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ . وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ : إِلَى أَنَّ رَفْضَ نِيَّةِ الصَّوْمِ لا يُبْطِلُ الصَّوْمَ إِلا بِمُبَاشَرَةِ مَا يُفْطِرُ .اهـ
وهذا تفصيل كل قول
قال الكسائي في بدائع الصنائع (دار الكتب العلمية-الطبعة الثانية-1406هـ-1986م) ج2 ص92 :
وَلَوْ نَوَى الصَّائِمُ الْفِطْرَ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا آخَرَ سِوَى النِّيَّةِ فَصَوْمُهُ تَامٌّ ... وَلَنَا أَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لا عِبْرَةَ بِهِ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الْفِعْلُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَفَا عَنْ أُمَّتِي مَا تَحَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا ، أَوْ يَفْعَلُوا " وَنِيَّةُ الإِفْطَارِ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا الْفِعْلُ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَا نَقَضَ نِيَّةَ الصَّوْمِ بِنِيَّةِ الْفِطْرِ لأَنَّ نِيَّةَ الصَّوْمِ نِيَّةٌ اتَّصَلَ بِهَا الْفِعْلُ فَلا تَبْطُلُ بِنِيَّةٍ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا الْفِعْلُ ، عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطُ انْعِقَادِ الصَّوْمِ لا شَرْطُ بَقَائِهِ مُنْعَقِدًا أَلا تَرَى أَنَّهُ يَبْقَى مَعَ النَّوْمِ ، وَالنِّسْيَانِ ، وَالْغَفْلَةِ ؟ . اهـ
وهذا قول مالك كما في المدونة (دار الكتب العلمية-الطبعة لأولى-1415هـ-1994م) ج1 ص286:
سئل ابن القاسم: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلا أَصْبَحَ وَنِيَّتُهُ الإِفْطَارُ فِي رَمَضَانَ وَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ ، أَوْ مَضَى أَكْثَرُ النَّهَارِ أَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ .
قُلْتُ : وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ .
قُلْتُ : وَإِنْ أَصْبَحَ يَنْوِي الإِفْطَارَ فِي رَمَضَانَ ، ثُمَّ نَوَى الصِّيَامَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ؟
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ .
قُلْتُ : أَرَأَيْتَ إنْ نَوَى الإِفْطَارَ فِي رَمَضَانَ يَوْمَهُ كُلَّهُ إلا أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ ؟ فَقَالَ : قَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ شَيْئًا فَلا أَدْرِي الْكَفَّارَةُ قَالَ وَالْقَضَاءُ ، أَوْ الْقَضَاءُ وَلا كَفَّارَةَ وَأَحَبُّ ذَاكَ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ فِيهِ مَعَ الْكَفَّارَةِ .
قُلْتُ : أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلا أَصْبَحَ يَنْوِي الإِفْطَارَ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ ثُمَّ بَدَا لَهُ الرُّجُوعُ إلَى الصِّيَامِ بَعْدَ مَا نَوَى الإِفْطَارَ ؟
قَالَ : بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ ، وَقَالَ : وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ . قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ أَصْبَحَ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ يَنْوِي الْفِطْرَ فِيهِ مُتَعَمِّدًا فِيهِ لِفِطْرِهِ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ تَرَكَ الأَكْلَ وَأَتَمَّ صِيَامَهُ ؟ فَقَالَ : لا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الْيَوْمُ . قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ ، وَقَالَ أَشْهَبُ : عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ . اهـ
قال النووي في المجموع (مكتبة الإرشاد-السعودية- ومكتبة المطيعي-د.ط-د.ت) ج6 ص309-314:
فَإِذَا دَخَلَ فِي صَوْمٍ ثُمَّ نَوَى قَطْعَهُ ، فَهَلْ يَبْطُلُ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَهُمَا ( أَصَحُّهُمَا ) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالْبَغَوِيِّ وَآخَرِينَ بُطْلانُهُ ( وَأَصَحُّهُمَا ) عِنْدَ الأَكْثَرِينَ : لا يَبْطُلُ .اهـ
قال ابن قدامة في المغني (مكتبة القاهرة-د.ط -1388هـ 1968م) ج3 ص133:
قَالَ : ( وَمَنْ نَوَى الإِفْطَارَ فَقَدْ أَفْطَرَ ) هَذَا الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ....وَلَنَا أَنَّهَا عِبَادَةٌ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ ، فَفَسَدَتْ بِنِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْهَا ، كَالصَّلاةِ ، وَلأَنَّ الأَصْلَ اعْتِبَارُ النِّيَّةِ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْعِبَادَةِ ، وَلَكِنْ لَمَّا شَقَّ اعْتِبَارُ حَقِيقَتِهَا اُعْتُبِرَ بَقَاءُ حُكْمِهَا ، وَهُوَ أَنْ لا يَنْوِيَ قَطْعَهَا فَإِذَا نَوَاهُ زَالَتْ حَقِيقَةً وَحُكْمًا ، فَفَسَدَ الصَّوْمُ لِزَوَالِ شَرْطِهِ .... وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ ، أَنَّهُ قَالَ : إذَا أَصْبَحَ صَائِمًا ، ثُمَّ عَزَمَ عَلَى الْفِطْرِ ، فَلَمْ يُفْطِرْ حَتَّى بَدَا لَهُ ، ثُمَّ قَالَ : لا ، بَلْ أُتِمُّ صَوْمِي مِنْ الْوَاجِبِ . لَمْ يُجْزِئْهُ حَتَّى يَكُونَ عَازِمًا عَلَى الصَّوْمِ يَوْمَهُ كُلَّهُ ، وَلَوْ كَانَ تَطَوُّعًا كَانَ أَسْهَلَ . وَظَاهِرُ هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ . وَقَدْ دَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ < كَانَ يَسْأَلُ أَهْلَهُ : هَلْ مِنْ غَدَاءٍ ؟ فَإِنْ قَالُوا : لا . قَالَ : إنِّي إذًا صَائِمٌ > . اهـ
قال ابن حزم في المحلى (دار الكتب العلمية-بيروت-د.ط-د.ت) ج4 ص302:
وَمَنْ نَوَى وَهُوَ صَائِمٌ إبْطَالَ صَوْمِهِ بَطَلَ ، إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ ذَاكِرًا لأَنَّهُ فِي صَوْمٍ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ وَلا شَرِبَ وَلا وَطِئَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى " فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ مَنْ نَوَى إبْطَالَ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الصَّوْمِ فَلَهُ مَا نَوَى بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الَّذِي لا تَحِلُّ مُعَارَضَتُهُ ، وَهُوَ قَدْ نَوَى بُطْلانَ الصَّوْمِ ، فَلَهُ بُطْلانُهُ ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لأَنَّهُ فِي صَوْمٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْئًا ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } . وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَنْ نَوَى إبْطَالَ صَلاةٍ هُوَ فِيهَا ، أَوْ حَجٍّ هُوَ فِيهِ ، وَسَائِرُ الأَعْمَالِ كُلِّهَا كَذَلِكَ ، فَلَوْ نَوَى ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ صَوْمِهِ أَوْ أَعْمَالِهِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ آثِمًا ، وَلَمْ يُبْطِلْ بِذَلِكَ شَيْئًا مِنْهَا ؛ لأَنَّهَا كُلَّهَا قَدْ صَحَّتْ وَتَمَّتْ كَمَا أُمِرَ ، وَمَا صَحَّ فَلا يَجُوزُ أَنْ يُبْطِلَ بِغَيْرِ نَصٍّ فِي بُطْلانِهِ ، وَالْمَسْأَلَةُ الأُولَى لَمْ يُتِمَّ عَمَلَهُ فِيهَا كَمَا أُمِرَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . اهـ