تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: من فرط في قضاء رمضان إلى أنْ دخل رمضان آخر هل عليه القضاء والكفارة أم القضاء فقط؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي من فرط في قضاء رمضان إلى أنْ دخل رمضان آخر هل عليه القضاء والكفارة أم القضاء فقط؟

    قال ابن قدامة رحمه الله: ((فَإِنْ لَمْ تَمُتْ الْمُفَرِّطَةُ حَتَّى أَظَلَّهَا شَهْرُ رَمَضَانَ آخَرَ، صَامَتْهُ، ثُمَّ قَضَتْ مَا كَانَ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَطْعَمَتْ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ فِي الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ، إذَا فَرَّطَا فِي الْقَضَاءِ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ صَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، فَلَهُ تَأْخِيرُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ رَمَضَانُ آخَرُ؛ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصِّيَامُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَمَا أَقْضِيه حَتَّى يَجِيءَ شَعْبَانُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
    وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمْ تُؤَخِّرْهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَوْ أَمْكَنَهَا لَأَخَّرَتْهُ، وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ، كَالصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ. فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ رَمَضَانَ آخَرَ نَظَرْنَا؛ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْقَضَاءُ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ إطْعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ. وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِي ُّ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَإِسْحَاقُ.
    وَقَالَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَوْمٌ وَاجِبٌ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي تَأْخِيرِهِ كَفَّارَةٌ، كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْأَدَاءَ وَالنَّذْرَ. وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُمْ قَالُوا: أَطْعِمْ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. وَلَمْ يُرْوَ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُمْ. وَرُوِيَ مُسْنَدًا مِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفٍ، وَلِأَنَّ تَأْخِيرَ صَوْمِ رَمَضَانَ عَنْ وَقْتِهِ إذَا لَمْ يُوجِبْ الْقَضَاءَ، أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ، كَالشَّيْخِ الْهَرِمِ))اهـ[1].
    قلت: والراجح – والله أعلم – أنَّ مَنْ أخر القضاء إلى دخول رمضان آخر ليس عليه إلا القضاء فقط؛ لعدم ورود الدليل الذي يلزمه بالكفارة مع القضاء.
    قال الشوكاني رحمه الله: ((وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفٌ.
    قَوْلُهُ: (وَيُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا) اسْتَدَلَّ بِهِ وَبِمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ مَنْ قَالَ: بِأَنَّهَا تَلْزَمُ الْفِدْيَةُ مَنْ لَمْ يَصُمْ مَا فَاتَ عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ حَتَّى حَالَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ وَهُمْ الْجُمْهُورُ، وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ قَالَ: وَجَدْتُهُ عَنْ سِتَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ لَا أَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا. وَقَالَ النَّخَعِيّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: إنَّهَا لَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وَلَمْ يَذْكُرْهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا قَدْ ذُكِرَتْ فِي الْحَدِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهَا قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَنَسْخُ التَّخْيِيرِ لَا يَنْسَخُ وُجُوبَهَا عَلَى مَنْ أَفْطَرَ مُطْلَقًا إلَّا مَا خَصَّهُ الْإِجْمَاعُ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: إنْ تَرَكَ الْأَدَاءَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ الْقَضَاءَ حَتَّى حَالَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا. وَأُجِيبَ عَنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يُفَرِّقْ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ، وَأَقْوَالُ الصَّحَابَةِ لَا حُجَّةَ فِيهَا، وَذَهَابُ الْجُمْهُورِ إلَى قَوْلٍ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْحَقُّ، وَالْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ قَاضِيَةٌ بِعَدَمِ وُجُوبِ الِاشْتِغَالِ بِالْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّ ةِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ النَّاقِلُ عَنْهَا وَلَا دَلِيلَ هَهُنَا، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ))اهـ[2].
    وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ((وَرُوِيَ أيضًا عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم أنه يلزمه الإطعام؛ وما ذُكِرَ عنهما فإنه محمول على أن ذلك من باب التشديد عليه؛ لئلا يعود لمثل هذا الفعل، فيكون حكمًا اجتهاديًّا، لكن ظاهر القرآن يدل على أنه لا يلزمه الإطعام مع القضاء؛ لأن الله لم يوجب إلا عدة من أيام أخر، ولم يوجب أكثر مِنْ ذلك، وقول الصحابي حجة ما لم يخالف النص، وهنا خالف ظاهر النص، فلا يعتد به، وعليه فلا نلزم عباد الله بما لم يلزمهم الله به، إلا بدليل تبرأ به الذمة، على أن ما روي عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم يمكن أن يُحمل على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب.
    فالصحيح في هذه المسألة، أنه لا يلزمه أكثر من الصيام الذي فاته إلا أنه يأثم بالتأخير))اهـ([3]).


    [1] ((المغني)) (3/ 153، 154).

    [2] ((نيل الأوطار)) (4/ 277، 278).

    [3])) ((الشرح الممتع)) (6/ 445، 446).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وقال أيضا في نيل الأوطار 4 / 317 :
    لم يثبت في ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيء ، وأقوال الصحابة لا حجة فيها ، وذهاب الجمهور إلى قول لا يدل على أنه الحق ، والبراءة الأصلية قاضية بعدم وجوب الاشتغال بالأحكام التكليفية حتى يقوم الدليل الناقل عنها ، ولا دليل ههنا ، فالظاهر عدم الوجوب .أهـ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •