03-03-2015 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث وفي هذا الإطار نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسيّة تقريرًا حول تزايد إقبال شباب المجتمعات الغربية على اعتناق الإسلام، كتبه أستاذ الاقتصاد كلود سيكار، مؤلف كتابين يتناولان الإسلام في علاقته بـ"المسيحيّة" وبأوروبا.
مع تزايد إقبال الأوروبيين على اعتناق الدين الحنيف، وانتشار الإسلام في القارة العجوز بشكل واسع وفي فترة زمنية قياسية، حتى أكدت إحدى الدراسات أن الإسلام أضحى الديانة الثانية بعد المسيحية في فرنسا، وأن أوروبا قد تغدو قارة إسلامية بحلول عام 2050م، دق الغرب ناقوس الخطر، وبدأت الكثير من الإجراءات للحد من التمدد الإسلامي هناك.
وإذا كانت حملات تشويه صورة الإسلام إعلاميا، من خلال الطعن بمبادئه وثوابته، والتشكيك بكثير من أحكامه، ناهيك عن محاولة إلصاق تهمة الإرهاب والعنف فيه وبأتباعه، هي إحدى إجراءات الغرب للحد من ظاهرة انتشار الإسلام في عقر داره، فإن ذلك لا يعني الغفلة عن دراسة أسباب إقبال الشباب الغربي على الإسلام، وعزوفه عن المسيحية أو العلمانية والإلحاد السائد هناك.
وفي هذا الإطار نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسيّة تقريرًا حول تزايد إقبال شباب المجتمعات الغربية على اعتناق الإسلام، كتبه أستاذ الاقتصاد كلود سيكار، مؤلف كتابين يتناولان الإسلام في علاقته بـ"المسيحيّة" وبأوروبا.
وقال التّقرير: إن السّنوات الأخيرة شهدت اعتناق عدد كبير من شباب المجتمعات الغربيّة للإسلام، و"أمام هذا الواقع لا يملك الغرب إلاّ أن يتساءل حول الأسباب التي دفعتهم للقيام بهذا الاختيار.
ويقول الكاتب عن الأسرار التي تؤدّي لهذا الانجذاب: "إن الإنسان يحتاج لتحفيز نفسه عبر إيجاد مغزى من الحياة، وقيم نبيلة، وأهداف سامية يكافح من أجلها، ويحتاج أيضًا للشّعور بأنّ له كرامة ودورًا في هذا العالم.
ولكن المشكلة أنّ المجتمعات الحديثة تنحصر اهتماماتها في السّعي وراء الحاجيّات الماديّة للفرد ورغباته الأنانيّة، وبحثه عن السّعادة الشخصيّة، وهذه الأنماط هي ما يسمّيها علماء الأنثروبولوجيا بالمجتمعات الفرديّة والماديّة، وهي تلك التي لا يجد فيها الشّباب فرصة لإشباع حاجاتهم الرّوحانيّة".
والحقيقة أن هذا السبب قد يكون جوهريا في إقبال الشباب الغربي على الإسلام، فالناحية الإيمانية مفقودة تماما في مجتمع تسوده المادية المقيتة، بالإضافة إلى أن المسيحية المحرفة لا يمكن أن توفر هذا الجانب بأي شكل من الأشكال، فضلا عن العلمانية السائدة في أوروبا و التي تقصي الدين تماما عن الحياة، وهي أقرب ما تكون إلى الإلحاد.
وأضاف التقرير سببا آخر لإقبال الشباب الغربي على الإسلام، وهو الفرق بين التربية الغربية التي تقوم على الدلال والكسل، وليس على النُّبل والبذل، وبين التربية الإسلامية التي تقوم على التربية الإيمانية، ثم تساءل كاتب التقرير: "هل يمكننا أن نطلب من شبابنا أن يضحوا بحياتهم من أجل الدفاع عن مفاهيم حديثة كالعلمانيّة مثلًا؟!.
وتساءل التقرير أيضا : لماذا يجد الكثير من شباب الدول الغربية في الدّين الإسلامي إجابةً عمّا يبحثون عنه؟ والجواب واضح وضوح الشمس، فالدين الإسلامي هو من عند الله بحق، لم يعتريه تحريف أو تبديل، وما كان من عند الله فلا شك أن فيه الأجوبة الشافية للأسئلة المصيرية الملحة التي تعتري كل إنسان.
ومن الأسباب التي ذكرها التقرير أيضا أنّ الإسلام هو دين حيّ ومتجدّد يحفّز النّاس ويشجعهم، فهو لا يكتفي بدعوة النّاس إلى التوحيد والعبادة، بل يأمرهم بأن ينشروا الدّعوة في كافة أنحاء العالم خدمةً للإنسانيّة جمعاء.
وأضاف التقرير سببا رابعا لاعتناق شباب الغرب الإسلام، ألا وهو "التوازن" الموجود في هذا الدين الحنيف، فهو يعترف بالاحتياجات الغرائزية للإنسان وينظمها ويضبط لها حدودا، وهو أمر تفتقده الدّيانة "المسيحيّة" باعتراف التقرير.
وإذا كان التقرير في النهاية قد حمّل المفكّرين الغرب مسؤولية تحديد أسباب فقدان الديانة "المسيحيّة" قدرتها على ملء الفراغ الذّي يعيشه الجيل الجديد في أوروبا، فإن المسلمين يستطيعون تحديد هذه الأسباب دون حاجة لانتظار إجابة المفكرين الغربيين.
فالمسيحية الحالية ليست هي النصرانية التي أنزلت على نبي الله عيسى عليه السلام، ولا يمكن لأي دين سوى الإسلام أن يملئ الفراغ الروحي والنفسي الذي يعيشه الجيل الجديد في أوروبا والعالم أجمع.