إِنْ كَانَتْ لَكَ وَالِدَةٌ، فَقُلْ لَهَا تَدعُو لَكَ!
____________
"وَقَالَ سَهْلُ بنُ بِشْرٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمٌ-وهو ابن أيوب الرازي-:
أَنَّهُ كَانَ فِي صِغَرِه بِالرَّيِّ، وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ، فَحَضَرَ بَعْضَ الشُّيُوْخِ وَهُوَ يُلقِّنُ، قَالَ: فَقَالَ لِي: تَقدَّمْ، فَاقرَأْ. فَجهدْتُ أَنْ أَقرَأَ الفَاتِحَةَ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ؛ لانْغِلاَقِ لِسَانِي، فَقَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: قُلْ لَهَا تَدعُو لَكَ أَنْ يَرزُقَكَ اللهُ قِرَاءةَ القُرْآنِ وَالعِلْمَ. قُلْتُ: نَعَمْ.
فَرَجَعتُ، فَسَأَلتُهَا الدُّعَاءَ، فَدَعتْ لِي، ثُمَّ إِنِّيْ كَبِرتُ، وَدَخَلتُ بَغْدَادَ، قَرَأتُ بِهَا العَرَبِيَّةَ وَالفِقْهَ، ثُمَّ عُدتُ إِلَى الرَّيِّ، فَبَيْنَا أَنَا فِي الجَامعِ أُقَابِلُ (مُخْتَصَر المُزَنِيِّ) ، وَإِذَا الشَّيْخُ قَدْ حَضَرَ، وَسلَّمَ عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَعْرِفُنِي، فسَمِعَ مُقَابَلَتَنَا وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ مَاذَا نَقُوْلُ، ثُمَّقَالَ: مَتَى يُتَعَلَّمُ مِثْلُ هَذَا؟
فَأَردتُ أَنْ أَقُوْلَ: إِنْ كَانَتْ لَكَ وَالِدَةٌ، فَقُلْ لَهَا تَدعُو لَكَ، فَاسْتَحيَيتُ".
"سير أعلام النبلاء" (17/645-646) (ترجمة سليم بن أيوب الرازي).